الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يكن المسجد موضعًا لأداء الصلوات الخمس فحسب، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ويجتمعون فيه، وتلتقي فيه العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية وحروبها وقاعدة لإدارة جميع الشؤون، وبثِّ الانطلاقات، وموضعًا لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية.
ولهذا ما أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان في المدينة إلا كان أول ما يفعله بناء مسجد يجتمع فيه المؤمنون، فقد أقام مسجد قباء حين أقام فيها، وصلى الجمعة في بني سالم بن عوف، بين قباء والمدينة، في بطن وادي (رانوناء) فلما أن وصل إلى المدينة كان أول عمل عمله بناء المسجد فيها (1).
2 -
دعوة اليهود إلى الإسلام بالقول الحكيم:
ومن قواعد الإصلاح والتأسيس التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: السيرة النبوية دروس وعبر، ص74، وفقه السيرة ص189، وهذا الحبيب يا محب ص180.
- بعد أن دخل المدينة - الاتصال باليهود بواسطة عبد الله بن سلام رضي الله عنه ودعوتهم إلى الإسلام.
فعن أنس رضي الله عنه قال: «بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأتاه، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خبَّرني بهن آنفًا جبريل" قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها"[قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله]، قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهْتٌ، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُوني عندك، [فأرسل نبي الله
صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر اليهود، ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا"، قالوا: ما نعلمه، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم قالها ثلاث مرات - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ " قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قالوا حاشا لله ما كان ليسلم، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم، قال:"يا ابن سلام اخرج عليهم"، فخرج فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق، فقالوا: كذبت، [شرنا، وابن شرنا]، ووقعوا فيه» (1).
(1) البخاري مع الفتح، في كتاب أحاديث الأنبياء 6/ 362، برقم 3329، وفي كتاب مناقب الأنصار 7/ 250 (رقم 3911)، 7/ 272 (رقم 3938)، والألفاظ من = = المواضع الثلاثة، وانظر أيضاً: البخاري مع الفتح 8/ 165، برقم 4480، والبداية والنهاية 3/ 210.