الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أباه (1) فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربًّا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه (2). فلما دُفن قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس! أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟» (3).
[الدروس والفوائد والعبر]
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة ومنها:
1 -
استحباب الرقية بالقرآن، وبالأذكار، وإنما جاءت الرقية بالمعوذات؛ لأنها جامعة للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلًا، ففيها الاستعاذة من شر ما خلق الله عز وجل، فيدخل في ذلك كل شيء، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر السواحر، ومن شر
(1) لم ترفع صوتها رضي الله عنها بذلك، وإلا لنهاها صلى الله عليه وسلم. انظر: الفتح 8/ 149.
(2)
ننعاه: نَعَى الميت إذا أذاع موته وأخبر به.
(3)
البخاري برقم 4462.
الحاسدين، ومن شر الوسواس الخناس (1).
2 -
عناية النبي صلى الله عليه وسلم ببنته فاطمة ومحبته لها؛ ولهذا قال: "مرحبًا بابنتي" وقد جاءت الأخبار أنها كانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبَّلها، وأجلسها في مجلسه، وإذا دخل عليها فعلت ذلك رضي الله عنها، فلما مرض دخلت عليه وأكبَّتْ عليه تقبله (2).
3 -
يؤخذ من قصة فاطمة رضي الله عنها أنه ينبغي العناية بالبنات، والعطف عليهن، والإحسان إليهن، ورحمتهن، وتربيتهن التربية الإسلامية، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأن يختار لها الزوج الصالح المناسب.
4 -
عناية الولد بالوالد كما فعلت فاطمة رضي الله عنها، فيجب على الولد أن يحسن إلى والديه، ويعتني ببرهما، ولا يعقهما، فيتعرض لعقوبة الله تعالى.
(1) انظر: شرح النووي 14/ 433، والأبي 7/ 375.
(2)
انظر: فتح الباري 8/ 135، 136.
5 -
معجزة النبي صلى الله عليه وسلم التي تدل على صدقه وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أنه أخبر أن فاطمة أول من يلحقه من أهله، فكانت أول من مات من أهله بالاتفاق.
6 -
سرور أهل الإيمان بالانتقال إلى الآخرة، وإيثارهم حب الآخرة على الدنيا لحبهم للقاء الله تعالى، ولكنهم لا يتمنون الموت لضر نزل بهم؛ لرغبتهم في الإكثار من الأعمال الصالحة؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كما بين النبي عليه الصلاة والسلام.
7 -
المريض إذا قَرُبَ أجله ينبغي له أن يوصي أهله بالصبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "فاتقي الله واصبري".
8 -
فضل فاطمة رضي الله عنها وأنها سيدة نساء المؤمنين.
9 -
المرض إذا احتسب المسلم ثوابه، فإنه يكفر الخطايا، ويرفع الدرجات، وتزاد به الحسنات، وذلك عام في الأسقام، والأمراض ومصائب الدنيا، وهمومها
وإن قَلَّت مشقتها، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم أشد الناس بلاء، ثم الأمثل فالأمثل؛ لأنهم مخصوصون بكمال الصبر والاحتساب، ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ليتم لهم الخير ويضاعف لهم الأجر، ويظهر صبرهم ورضاهم، ويُلحق بالأنبياء الأمثل فالأمثل من أتباعهم؛ لقربهم منهم وإن كانت درجتهم أقل، والسر في ذلك والله أعلم أن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر كان بلاؤه أشد؛ ولهذا ضوعف حد الحُرِّ على حد العبد، وقال الله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] والقوي يُحمَّل ما حمل، والضعيف يرفق به، إلا أنه كلما قويت المعرفة هان البلاء، ومنهم من ينظر إلى أجر البلاء فيهون عليه البلاء، وأعلى من ذلك من يرى أن هذا
تصرف المالك في ملكه فَيُسلِّم ويرضى ولا يعترض (1).
10 -
التحذير من بناء المساجد على القبور ومن إدخال القبور والصور في المساجد، ولعن من فعل ذلك، وأنه من شرار الخلق عند الله تعالى يوم القيامة، وهذا من أعظم الوصايا التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمسة أيام (2).
(1) انظر: فتح الباري 8/ 136، و10/ 112، و3/ 208.
(2)
انظر: فتح الباري 8/ 136، و10/ 112، و3/ 208.