الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقلنا: إنه حمله على ذلك قوله: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل
الأعمال. فكيف وهو لم يذكره حديثا مرفوعا ولو ضعيفا؟ فكيف وهو مخالف
للحديث الصحيح؟ أفليس هذا من شؤم القول المذكور يحملهم على العمل حتى بما لا
أصل له من الحديث؟ بلى! فهل من معتبر؟ !
2460
- " إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم فيقول
: لست صاحب ذلك، ثم بموسى، فيقول كذلك، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع
بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا،
يحمده أهل الجمع كلهم ".
أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد "(ص 199) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم قال: أخبرنا أبي وشعيب قالا: أخبرنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر
قال: سمعت حمزة بن عبد الله يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال
الشيخين، غير محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وأبيه، وهما ثقتان فقيهان
بصريان. قلت: وهذا حديث عزيز في المقام المحمود وأنه شفاعته صلى الله عليه
وسلم الخاصة به. وهو أصح حديث وقفت عليه فيه وهناك أحاديث أخرى، فانظر
الحديثين المتقدمين (2369 و 2370) و " تخريج السنة "(784 و 785 و 789) .
والحديث قال الهيثمي (10 / 371) : " رواه الطبراني في " الأوسط " عن مطلب بن
شعيب عن عبد الله بن صالح،
وكلاهما قد وثق على ضعف فيه، وبقية رجاله رجال
الصحيح ". قلت: إسناد ابن خزيمة سالم من هذين المضعفين، وعبد الله بن صالح
كثير الرواية عن الليث - وهو ابن سعد - بل هو كاتبه، ولولا غفلة كانت فيه
لكانت روايته عنه من أقوى الروايات، وعلى كل حال، فهو متابع للثقتين في
رواية ابن خزيمة، ففيها قوة للحديث. والله أعلم. ثم رأيت ابن خزيمة أخرجه
بإسناد آخر عن الليث، فقال (ص 158 - 159) : " وحدثنا يونس بن عبد الأعلى
قال: حدثنا يحيى - يعني ابن عبد الله بن بكير - قال: حدثني الليث
…
" به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. (فائدة) : قوله صلى الله عليه وسلم:
" استغاثوا بآدم "، أي: طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم، ويشفع لهم عند
الله تبارك وتعالى. والأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في " الصحيحين "،
وغيرهما. وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات، كما يتوهم كثير من المبتدعة
الأموات! بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، كما في قوله تعالى:
* (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه..) * الآية (1) . ومن الواضح
البين أنه لا يجوز - مثلا - أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز: أعني! فالميت
الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه، فمن خالف، فهو إما أحمق مهبول، أو
مشرك مخذول لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير، وعلى كل شيء قدير، وهنا تكمن
الخطورة لأن الشرك الأكبر، وهو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء
(1) القصص: الآية: 15.