الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن لفظ ابن حبان: " إن له مرضعتين في الجنة "
. فهو شاهد قوي لحديث عمرو. والله سبحانه وتعالى أعلم.
2494
- " ألا إن الفتنة ههنا، ألا إن الفتنة ههنا [قالها مرتين أو ثلاثا] ، من حيث
يطلع قرن الشيطان، [يشير [بيده] إلى المشرق، وفي رواية: العراق] ".
هو من حديث ابن عمر وله عنه طرق: الأولى: عن نافع عنه أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: فذكره. أخرجه البخاري (2 / 275
و4 / 374) ومسلم (8 / 180 - 181) وأحمد (2 / 18 و 92) من طرق عنه.
والسياق والزيادة الأولى لمسلم. وفي رواية لأحمد: " كان قائما عند باب عائشة
فأشار بيده نحو المشرق ". وهو رواية لمسلم. ولفظ البخاري في الموضع الأول
المشار إليه: " قام خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة ". وفي أخرى لمسلم: عند باب
حفصة. وهي شاذة عندي. الثانية: عن سالم عنه مثل رواية نافع الأول إلا أنه
كرر الجملة ثلاثا وقال فيها: " ها "، بدل:" ألا ". أخرجه البخاري (2 /
384 و 4 / 374) ومسلم أيضا والترمذي (2 / 44)، وقال:" حسن صحيح ".
وأحمد (2 / 23 و 40 و 72 و 140 و 143) والسياق له في رواية وكذا مسلم وفي
إحدى روايتي البخاري: " وهو على المنبر.. يشير إلى المشرق ". وفي الأخرى:
" قام إلى جنب المنبر فقال
…
". وفي أخرى لأحمد: " صلى الفجر فاستقبل مطلع
الشمس، فقال
…
". وإسناده صحيح. وفي أخرى له ولمسلم من طريق عكرمة بن
عمار عن سالم بلفظ: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال: "
رأس الكفر من ههنا
…
". لكن عكرمة فيه ضعف من قبل حفظه، فلا يحتج به فيما
يخالف الثقات. وفي أخرى لأحمد قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشير بيده يؤم العراق: ها إن الفتنة
…
" الحديث بتمامه. وهو رواية لمسلم.
ويشهد لها رواية أخرى له من طريق ابن فضيل عن أبيه قال: سمعت سالم بن عبد
الله بن عمر يقول: يا أهل العراق! ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة!
سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: فذكره مرفوعا.
الثالثة: عن عبد الله بن دينار عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشير إلى المشرق فقال: فذكره، مثل رواية سالم الأولى، إلا أنه كرر الجملة
مرتين. أخرجه مالك (3 / 141 - 142) والبخاري (2 / 321 و 3 / 471) وأحمد
(2 / 23، 50، 73، 110) ، وكرر الجملة ثلاثا في رواية له والسياق للبخاري
. الرابعة: عن بشر بن حرب: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: " اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي صاعنا ومدنا ويمننا وشامنا
. ثم استقبل مطلع الشمس فقال: من ههنا يطلع قرن الشيطان من ههنا الزلازل
والفتن ". أخرجه أحمد (2 / 126) ورجاله ثقات رجال مسلم، غير بشر هذا فإنه
لين. لكن يشهد له حديث توبة العنبري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: فذكره. إلى قوله: " وشامنا " مع تقديم وتأخير وزاد: " فقال
رجل: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ فأعرض عنه، فقال: فيها الزلازل والفتن
وبها يطلع قرن الشيطان ". أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 133) وإسناده
صحيح. وله طريق أخرى عند الطبراني في " المعجم الكبير "(3 / 201 / 1) عن
ابن عمر نحوه وفيه: " فلما كان في الثالثة أو الرابعة قالوا: يا رسول الله!
وفي عراقنا؟
…
" الحديث. وإسناد صحيح أيضا. وأصله عند البخاري وأحمد
فراجع له كتابي " تخريج فضائل الشام "(ص 9 - 10) . وقد تقدم تخريجه والذي
قبله برقم (2246) بزيادة. ثم إن للحديث شاهدا من رواية أبي مسعود مرفوعا
بلفظ: " من ههنا جاءت الفتن نحو المشرق والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين
…
" الحديث. أخرجه البخاري (2 / 382) . قلت: وطرق الحديث متضافرة على أن
الجهة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي
المشرق، وهي على
التحديد العراق كما رأيت في بعض الروايات الصريحة، فالحديث علم من أعلام نبوته
صلى الله عليه وسلم، فإن أول الفتن كان من قبل المشرق، فكان ذلك سببا للفرقة
بين المسلمين، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة كبدعة التشيع والخروج ونحوها
. وقد روى البخاري (7 / 77) وأحمد (2 / 85، 153) عن ابن أبي نعم قال:
" شهدت ابن عمر وسأله رجل من أهل العراق عن محرم قتل ذبابا فقال: يا أهل
العراق! تسألوني عن محرم قتل ذبابا، وقد قتلتم ابن بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هما ريحانتي في الدنيا
". وإن من تلك الفتن طعن الشيعة في كبار الصحابة رضي الله عنهم، كالسيدة
عائشة الصديقة بنت الصديق التي نزلت براءتها من السماء، فقد عقد عبد الحسين
الشيعي المتعصب في كتابه " المراجعات "(ص 237) فصولا عدة في الطعن فيها
وتكذيبها في حديثها، ورميها بكل واقعة، بكل جرأة وقلة حياء، مستندا في ذلك
إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد بينت قسما منها في " الضعيفة " (4963
- 4970) مع تحريفه للأحاديث الصحيحة، وتحميلها من المعاني ما لا تتحمل كهذا
الحديث الصحيح، فإنه حمله - فض فوه وشلت يداه - على السيدة عائشة رضي الله
عنها زاعما أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث - * (كبرت كلمة تخرج من أفواههم
إن يقولون إلا كذبا) * (1) معتمدا في ذلك على الروايتين المتقدمتين:
الأولى: رواية البخاري: فأشار نحو مسكن عائشة
…
والأخرى: رواية مسلم:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههنا.
.. فأوهم الخبيث القراء الكرام بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عائشة
ذاته،
(1) الكهف: الآية: 5. اهـ.