الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحُصرِي، المُقْرِئ، الضّرِيرُ، مِنْ كِبَارِ الشُّعَرَاء، وَلَهُ تَصَانِيْف فِي القِرَاءات (1) .
وَقَدْ مَدحَ المُلُوْكَ، وَأَخَذَ جَوَائِزَهُم، وَلَهُ فِي ابْنِ عَبَّادٍ قصَائِدُ، وَنظمُهُ عَذْبٌ جَزْلٌ (2) .
اتَّفَقَ مَوْتُه: بِطَنْجَة، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ المُعتمِد بن عَبَّادٍ بَعَثَ إِلَيْهِ خَمْس مائَة دِيْنَارٍ لِيَفِدَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ:
أَمرْتَنِي بِرُكُوبِ البَحْرِ أَقْطَعُه
…
غَيْرِي لَكَ الخَيْر فَاخصُصْهُ بِذَا الرَّائِي
مَا أَنْتَ نُوْحٌ فَتُنْجِينِي سَفِيْنَتُهُ
…
وَلَا المَسيحُ أَنَا أَمْشِي عَلَى المَاءِ (3)
17 - ظَهِيْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الرُّوذْرَاوَرِيُّ *
الوَزِيْرُ العَادلُ، ظَهِيرُ الدِّين، أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ بنِ
(1) منها القصيدة الرائية الحصرية في قراءة نافع، عدد أبياتها مئتان وتسعة أبيات.
(2)
وهو صاحب القصيدة السائرة التي أولها: يا ليل الصب متى غده * أقيام الساعة موعده رقد السمار فأرقه * أسف للبين يردده.
وقد عارضها غير واحد من الشعراء، منهم أمير الشعراء أحمد شوقي، ومطلع قصيدته: مضناك جفاه مرقده * وبكاه ورحم عوده وانظر ما كتب د. زكي المبارك في الموازنة بين القصيدتين.
(3)
البيتان في وفيات الأعيان: 3 / 334.
(*) المنتظم: 9 / 90 - 94، الخريدة: 1 / 77، الكامل في التاريخ: 10 / 250، وفيات الأعيان: 5 / 134 - 137، الفخري: 297 - 299، الوافي بالوفيات: 3 / 3 - 4، طبقات السبكي: 4 / 136، 140، البداية: 2 / 150 - 151، الاعلام (خ) حوادث: 488، كشف الظنون: 344، معجم الأنساب:9.
مُحَمَّد (1) الرُّوذْرَاوَرِي (2) .
مَوْلِدُهُ: بِقَلْعَة كَنْكُور (3) ، مِنْ أَعْمَالِ هَمَذَان، سَنَة سَبْعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: تَغَيَّر القَائِمُ عَلَى وَزِيْره أَبِي نَصْرٍ بن جَهير، فَصرفه بِأَبِي يَعْلَى الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَخَدَم وَلدُه أَبُو شُجَاعٍ صهرُ ابْن رضوَان القَائِم بِثَلَاثِيْنَ أَلف دِيْنَارٍ.
فَعزلَ ابْنَ جَهير سَنَةَ سِتِّيْنَ، وَمَاتَ حِيْنَئِذٍ أَبُو يَعْلَى، فَعُوِّضَ وَلدُه أَبُو شُجَاعٍ عَنِ المَال بِدَارِ البسَاسيرِي، فَبَاع مِنْهَا بِأَضعَافِ ذَلِكَ المَالِ، وَتَكَسَّب، وَتَعَانَى العَقَار، ثُمَّ خَدَمَ وَلِيَّ العَهْدِ الْمُقْتَدِي، وَصَارَ صَاحِبَ سِرِّهِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ، عَظُمَ أَبُو شُجَاعٍ، فَسَمِعَ نِظَامُ الْملك، فَكَاتَب الْمُقْتَدِي فِي إِبْعَاده، فَكَتَبَ الْمُقْتَدِي إِلَى النِّظَام بخطِّه يُعرِّفه مَنْزِلَةَ أَبِي شُجَاع لَدَيْهِ، وَيَصِفُ دينه وَفضلَه، ثُمَّ أَمر أَبَا شُجَاع بِالمضِيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَبَعَثَ فِي خدمته خَادمَه مختصاً، فَخضع النِّظَام، وَعَاد لأَبِي شُجَاع بِالودِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ عَزَل الْمُقْتَدِي ابْنَ جَهير فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا شُجَاع (4) ، وَأَقْبَلت سعَادتُه، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْمُقْتَدِي تَمكُّناً عجيباً، وَعزَّت الخِلَافَةُ، وَأَمِنَ النَّاسُ، وَعُمِرَتِ العِرَاق، وَكَثرت المكَاسبُ.
وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلَاوَة وَالتَّهجُّد، وَيَكْتُب مَصَاحِفَ، وَيَجْلِس لِلمَظَالِمِ،
(1) في " المنتظم " و" الكامل " و" الوافي ": محمد بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم.
(2)
بضم الراء، وسكون الواو، والذال المعجمة، وفتح الراء والواو بينهما ألف في آخرها راء أخرى: نسبة إلى روذراور: بليدة بنواحي همذان.
(3)
ضبطت في الأصل بفتح الكافين، أما ياقوت، فقد ضبطها في معجمه بكسرهما.
(4)
انظر " الكامل " لابن الأثير: 10 / 122، 130.
فَيغتصُّ الدِّيْوَان بِالسَّادَة وَالكُبَرَاء، وَيُنَادِي الحُجَّاب: أَيْنَ أَصْحَابُ الحوَائِج؟ فِيُنْصِفُ المَظْلُوْم، وَيُؤَدِّي عَنِ المَحْبُوس، وَلَهُ فِي عدله حِكَايَاتٌ فِي إِنصَاف الضَّعِيْف مِنَ الأَمِيْرِ (1) .
وَخَلعت عَلَيْهِ بِنْتُ السُّلْطَان ملكشَاهُ حِيْنَ تَزَوَّجت بِالمقتدي، فَاسْتعفَى مِنْ لُبس الحَرِيْر، فَنفَّذت لَهُ عِمَامَةً وَدَبِيقيَّةً (2) بِمائتين وَسَبْعِيْنَ دِيْنَاراً، فَلبسهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَمر لَيْلَةً بِعَمَل قطَائِف، فَلَمَّا أُحْضِرَت، تذكَّر نُفُوْسَ مسَاكين تَشتهيهَا، فَأَمر بِحملهَا إِلَى فُقَرَاء وَأَضرَّاء (3) .
وَقِيْلَ: أُحصي مَا أَنفقه عَلَى يَد كَاتِبٍ لَهُ، فَبَلَغَ أَزْيدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ (4) .
قَالَ الكَاتِب: وَكُنْتُ وَاحِداً مِنْ عَشْرَة يَتَوَلَّوْنَ صَدَقَاتِهِ (5) .
وَكَانَ كَامِلاً فِي فُنُوْن، وَلَهُ يَدٌ بيضَاء فِي البلاغَة وَالبيَان، وَكِتَابَتُه طَبَقَةٌ عَالِيَة عَلَى طرِيقَة ابْنِ مُقلَة (6) .
وَلَقَدْ بَالغ ابْنُ النَّجَّار فِي اسْتيفَاء تَرْجَمَته.
(1) قال العماد في " الخريدة ": وكان عصره أحسن العصور، وزمانه أنضر الازمان، ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين وقانون الشريعة مثله، صعبا شديدا في أمور الشرع، سهلا في أمور الدنيا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
وانظر " المنتظم ": 9 / 91، و" طبقات السبكي ": 4 / 137.
(2)
نوع من الثياب تنسب إلى دبيق، بليدة بين الضرما وتنيس من أعمال مصر، معجم البلدان: 2 / 438، والقاموس في مادة دبق.
(3)
" المنتظم ": 9 / 91.
(4)
" المنتظم ": 9 / 90.
(5)
" المنتظم ": 9 / 90.
(6)
هو أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الوزير الكاتب المشهور الذي يضرب بحسن خطه المثل، ولد في بغداد، وولي جباية الخراج في بعض أعمال فارس، =
وَزر سَبْعَ سِنِيْنَ وَسَبْعَةَ أَشهر، ثُمَّ عُزِلَ بِأَمر السُّلْطَان مَلِكشَاهُ لِلْخَلِيْفَة لِمَوْجِدَةٍ، فَأَنْشَدَ أَبُو شُجَاعٍ:
تَولَاّهَا وَلَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ
…
وَفَارَقَهَا وَلَيْسَ لَهُ صَدِيْقُ (1)
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الجُمُعَةِ، فَضجَّتِ العَامَّةُ يَدعُوْنَ لَهُ، وَيُصَافحونه، فَأُلزم لِذَلِكَ بِأَنْ لَا يَخْرُج مِنْ دَاره، فَاتَّخَذَ فِي دِهليزه مَسْجِداً، ثُمَّ حَجَّ لِعَامِهِ، وَرجع، فَمُنِعَ مِنْ دُخُوْل بَغْدَاد، وَبُعِثَ إِلَى رُوذْرَاور، فَبقِي فِيْهَا سنتَيْن، ثُمَّ حَجَّ بَعْد مَوْتِ النّظَام وَالسُّلْطَان وَالخَلِيْفَة، وَنَزَلَ المَدِيْنَة وَتَزَهَّد، فَمَاتَ خَادِمٌ، فَأَعْطَى الخدَامَ ذهباً، حَتَّى جُعِلَ مَوْضِعَ الخَادِم، فَكَانَ يَكنُس وَيُوقِدُ (2) ، وَلَبِسَ الخَام، وَحَفِظَ القُرْآن هُنَاكَ، وَطلب مِنْهُ أَبُو عَلِيٍّ العِجْلِيّ أَنْ يَقرَأَ عَلَيْهِ دِيْوَانَه، فَامْتَنَعَ، وَأَنشده بعضه (3) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الهَمَذَانِيّ: دُفِنَ بِالبَقِيْع، فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَة، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَخَلَّف مِنَ الوَلَد الصَّاحبَ نظَامَ الدِّين، فَتُوُفِّيَ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَهُوَ وَالِدُ الوَزِيْر المُعْظَم ظهِيرِ الدّين مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ حُسَيْن ابْن الوَزِيْر أَبِي شُجَاع.
= واستوزره المقتدر العباسي سنة 316 هـ، ثم تقلب به الدهر من حال إلى حال، إلى أن توفي في سنة 328 هـ.
تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (86) .
(1)
البيت غير منسوب في " الكامل " لابن الأثير: 10 / 187، و" وفيات الأعيان ": 5 / 135، و" الوافي بالوفيات ": 3 / 3.
(2)
انظر " المنتظم ": 9 / 93، و" طبقات السبكي ": 4 / 39.
(3)
وقد أورد له ابن خلكان، والعماد، وابن الجوزي، والصلاح الصفدي جملة من شعره.