الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَ عَسُوَفاً لِلرَّعِيَّة، تَملَّك دِمَشْق بَعْدَهُ ابْنُه شَمْسُ المُلُوْك دُقَاقُ (1) وَغَيْرُهُ، ثُمَّ مَمْلُوْكُه طُغْتِكين (2) وَأَوْلَادُهُ، إِلَى أَنْ تَملَّكهَا العَادِلُ نورُ الدّين السَّلجوقِي (3) ، ثُمَّ صلَاحُ الدّين وَابْنُه، ثُمَّ أَخُوْهُ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، ثُمَّ مَوَاليهِم، وَإِلَى اليَوْمِ.
47 - الحَمَوِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ بكرَانَ الشَّامِيُّ *
الإِمَامُ، المُفْتِي، شَيْخُ الشَّافعيَةِ، قَاضِي القُضَاةَ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّر بن بَكرَان الشَّامِيُّ، الحَمَوِيُّ، الشَّافِعِيّ، الزَّاهِدُ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدِمَ بَغْدَاد شَابّاً.
فَسَمِعَ مِنْ: عُثْمَانَ بن دُوسْت العَلَاّف، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ بِشْرَان، وَطَبَقَتِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن طَاوُوْسٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ أَحَد المُتْقِنِيْنَ لِلمَذْهَب، وَلَهُ اطِّلاعٌ عَلَى أَسرَارِ
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (129) .
(2)
سترد ترجمته برقم (302) من هذا الجزء.
(3)
سترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (340) .
(*) الأنساب: 4 / 229، المنتظم: 9 / 94 - 96، معجم البلدان: 2 / 301، اللباب: 1 / 391، الكامل في التاريخ: 10 / 253، طبقات ابن الصلاح: الورقة: 24 / ب، دول الإسلام: 2 / 17، العبر: 3 / 322 - 323، عيون التواريخ: 13 / لوحة 51، الوافي بالوفيات: 5 / 34 - 35، طبقات السبكي: 4 / 202 - 205، طبقات الاسنوي: 2 / 95 - 96، تاج التراجم: 50، كشف الظنون: 1 / 264، شذرات الذهب: 3 / 391 - 392، هدية العارفين: 2 / 76، إيضاح المكنون: 1 / 206.
الفِقْه، وَكَانَ وَرِعاً زَاهِداً، مُتَّقِياً سَديد الأَحكَام، وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ بَعْد أَبِي عَبْدِ اللهِ الدَّامغَانِي مُدَّةً إِلَى أَنْ تَغَيَّر عَلَيْهِ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتدي، فَمَنَعَ الشُّهُودَ مِنْ حُضُوْرِ مَجْلِسه مُدَّةً، فَكَانَ يَقُوْلُ: مَا أَنْعزلُ مَا لَمْ يَتحقَّق عليَّ فِسْقٌ، ثُمَّ إِنَّ الْمُقْتَدِي رضِيَ وَخَلَعَ عَلَيْهِ (1) .
وَشَهِدَ عِنْدَهُ المشطَّب الفَرْغَانِي (2) ، فَلَمْ يَقبله، لِكَوْنِهِ يَلْبَسُ الحَرِيْرَ، فَقَالَ: تردُّنِي، وَالسُّلْطَانُ وَوزِيْرُهُ نِظَامُ المُلْك يَلْبَسَانِهِ؟!
فَقَالَ: وَلَوْ شَهِدَا، لَمَا قَبِلتُهُمَا (3) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: تَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي الطَّيِّب (4) ، وَحَفِظَ تَعليقهَ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى القَضَاءِ رِزْقاً، وَلَا غَيَّرَ مَأْكَلَهُ وَلَا مَلْبسَهُ، وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَ النَّاس، فَانقَلْب عَلَيْهِ الكُبَرَاء، وَكَانَ نَزِهاً وَرِعاً عَلَى طرِيقَة السَّلَف لَهُ كَارك (5) يُؤجِّرُه كُلَّ شهرٍ بدِيْنَارٍ وَنِصْف، كَانَ يَقْتَاتُ مِنْهُ، فَلَمَّا وَلِيَ القَضَاءَ، جَاءَ إِنْسَانٌ، فَدَفَعَ فِيْهِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيْر، فَأَبَى، وَقَالَ: لَا أُغَيِّرُ سَاكِنِي، وَقَدِ ارْتبتُ بِكَ، هَلَاّ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ قَبْل القَضَاء (6) ؟!
(1) طبقات السبكي: 4 / 202 - 203.
(2)
هو أبو المظفر المشطب بن محمد بن أسامة بن زيد بن النعمان الفرغاني، من فرغانة ما وراء نهر جيحون، كان من فحول المناظرين، وكانت له يد باسطة في النظر والجدل، وكان مختلطا بالعسكر، وكان لا يفارقهم.
انظر " الأنساب ": 9 / 275.
(3)
المنتظم: 9 / 96، وابن الأثير: 10 / 253، والسبكي: 4 / 204، 205، وفيه عندهم: ولو شهدوا عندي في باقة بقل، ما قبلت شهادتهما.
(4)
هو طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري البغدادي، وقد تقدمت ترجمته برقم (462) في الجزء السابع عشر.
(5)
الكلمة فارسية، ومعناها: البيت كما يفهم من هذا السياق، وكذلك وردت عند السبكي: 4 / 205، وفي " المعجم الذهبي ": كارك: عمل صغير، وكاركاه: معمل، مصنع، دكان، قصر.
(6)
طبقات السبكي: 4 / 205.
وَكَانَ يَشُدُّ فِي وَسطه مئزراً، وَيَخلَعُ فِي بَيْته ثيَابَه وَيَجْلِس، وَقَالَ: مَا دَخَلتُ فِي القَضَاءِ حَتَّى وَجَب عليَّ (1) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ: هُوَ وَرِعٌ زَاهِدٌ.
وَأَمَّا الفِقْه، فَكَانَ يُقَالُ: لَوْ رُفِعَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيّ، لأَمْكنه أَنْ يُمْلِيَهِ مِنْ صَدْره (2) .
علق عَنْهُ: القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: كَانَ قَاضِي القُضَاة الشَّامِيّ حَسنَ الطَّرِيقَة، مَا كَانَ يَتبسَّمُ فِي مَجْلِس قضَائِهِ (3) .
قُلْتُ: كَانَ قُدُومُه بَغْدَاد فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الفِقْه، وَقَدْ صَنَّفَ (البيَان فِي أُصُوْل الدّين (4)) يَنْحُو فِيْهِ إِلَى مَذْهَب السَّلَف.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الآبَنُوسِي: كَانَ لِقَاضِي القُضَاة الشَّامِيّ كِيْسَانِ، أَحَدهُمَا يَجعل فِيْهِ عِمَامَته، وَقمِيْصاً مِنَ القُطنِ الحَسَن (5) ، فَإِذَا خَرَجَ لَبِسَهُما، وَالكيس الآخر فِيْهِ فَتيتٌ يَجعل مِنْهُ فِي قَصْعَة وَيَقتَاتُ مِنْهُ (6) .
وَعَنْهُ، قَالَ: أَعصي إِنْ لَمْ أَلِ القَضَاء، وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ - فِيمَا
(1) طبقات السبكي: 4 / 205.
(2)
طبقات السبكي: 4 / 203، طبقات الاسنوي: 2 / 95، عيون التواريخ: 13 / الورقة 51.
(3)
طبقات السبكي: 4 / 203.
(4)
ذكره في كشف الظنون: 1 / 264، وهدية العارفين: 2 / 76، وإيضاح المكنون: 1 / 206.
(5)
في الطبقات: الخشن.
(6)
طبقات السبكي: 4 / 205.