الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْبَعَ مائَة فَقير، وَكَانَ قَدْ كَفَّ مَمَاليكَه عَنِ الظُّلْمِ، وَدَخَلَ يَوْماً إِلَى قُبَّةِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَأَغلقَ عَلَى نَفْسِهِ يُصَلِّي وَيَدعُو.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ خَلَّف مِنَ الذَّهَبِ العِينِ أَحَدَ عَشَرَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: صَاحِبُ قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَصَاحِبُ القُدْس بغدوين - لعنهُمَا الله -.
وَقَدْ حَارب الإِسْمَاعِيْليَّة، وَأَبَادَ مِنْهُم، وَأَخَذَ مِنْهُم قَلْعَة أَصْبَهَان، وَقَتَلَ ابْنَ غطَّاش مَلِكَهُم (1) ، ثُمَّ تَعلل مُدَّة، وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة، بِأَصْبَهَانَ، وَدُفِنَ بِمدرسَة كَبِيْرَةٍ لَهُ، وَخَلَّفَ أَمْوَالاً لَا تُحصَى، وَقَدْ تَزَوَّجَ المقتفِي بِابْنتِه فَاطِمَة (2) ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنُهُ مَحْمُوْد.
294 - أَمِيْرُ الجُيُوْش الأَفْضَلُ شَاهنشَاه بنُ بَدْرٍ الجمَالِيُّ *
الملكُ الأَفْضَلُ، أَبُو القَاسِمِ شَاهِنشَاهُ ابْنُ الْملك أَمِيْر الجُيُوْش بَدْر الجمَالِي، الأَرمنِيُّ.
= العامل، وأمره بإيصال أموالهم، والجعل الثقيل، ونكل به حتى يمتنع غيره عن مثل فعله، ثم إنه كان يقول بعد ذلك: لقد ندمت ندما عظيما حيث لم أحضر معهم مجلس الحكم، فيقتدي بي غيري، ولا يمتنع أحد عن الحضور فيه وأداء الحق.
قال: وعلم الامراء سيرته، فلم يقدم أحد منهم على الظلم، وكفوا عنه.
(1)
انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 430 - 434.
(2)
قال ابن خلكان: 5 / 73: وكان الوكيل في قبول النكاح الوزير شرف الدين أبو القاسم علي بن طراد الزينبي، وذلك في سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، وحضر أخوها مسعود العقد، ونقلت إلى دار الخلافة للزفاف سنة أربع وثلاثين، ويقال: إنها كانت تقرأ وتكتب، ولها التدبير الصائب، وتوفيت في عصمته يوم السبت الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
(*) الإشارة إلى من نال الوزارة: 57، تاريخ ابن القلانسي: 323 الكامل في التاريخ: =
كَانَ أَبُوْهُ نَائِباً بِعَكَّا، فَسَارَ فِي البَحْر فِي تَرمِيمِ دَوْلَةِ المُسْتَنْصِرِ العُبيدي، فَاسْتولَى عَلَى الإِقْلِيْم، وَأَبَادَ عِدَّة أُمَرَاء، وَدَانت لَهُ المَمَالِك إِلَى أَنْ مَاتَ، فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُه هَذَا، وَعظم شَأْنُهُ، وَأَهْلك نِزَاراً وَلَدَ المُسْتَنْصِرِ صَاحِبِ دَعْوَة البَاطِنِيَّة وَأَتَابِكَه أَفتكين مُتَوَلِّي الثَّغْر، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، وَافِرَ الهيبَة، عَظِيْمَ الرُّتبَة، فَلَمَّا هَلَكَ المُسْتعلِي، نصبَ فِي الإِمَامَة ابْنَه الآمِرَ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ وَقَمَعَه، وَكَانَ الآمرُ طيَاشاً فَاسِقاً، فَعمِلَ عَلَى قتل الأَفْضَل، فَرتب عِدَّة وَثبُوا عَلَيْهِ، فَأَثخنوهُ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ الآمِرُ، تَوَجَّع لَهُ، فَلَمَّا قضَى، اسْتَأْصل أَمْوَالَه، وَبَقِيَ الْآمِر فِي دَارِهِ أَرْبَعِيْنَ صَبَاحاً وَالكَتَبَة تَضْبِطُ تِلْكَ الأَمْوَال وَالذَّخَائِر، وَحَبَسَ أَوْلَادَه، وَكَانَتْ أَيَّامُه ثَمَانِياً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَتِ الأُمَرَاء تَكرهُهُ لِكَوْنِهِ سُنِّياً، فَكَانَ يُؤذِيْهِم، وَكَانَ فِيْهِ عدل، فَظَهَرَ بَعْدَهُ الظُّلمُ وَالبدعَةُ، وَوَلِيَ الوزَارَة بَعْدَهُ المَأْمُوْن البطَائِحِي.
قتلُوْهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي (تَارِيْخِهِ) :قَالَ صَاحِبُ الدُّول المُنْقَطِعَة: خلَّف الأَفْضَلُ سِتَّ مائَةِ أَلْفِ أَلفِ دِيْنَار، وَمائتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ إِردَبّاً مِنَ الدَّرَاهِم، وَخَمْسِيْنَ أَلفَ ثَوْبِ دِيبَاج، وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ ثَوْبِ حَرِيْر،
= 10 / 589 - 591، وفيات الأعيان: 2 / 448 - 451، تاريخ الإسلام: 4: 218 / 2 - 219 - 2، دول الإسلام: 2 / 42 - 43، العبر: 34 - 35، تتمة المختصر: 2 / 46، عيون التواريخ: 13 / 396 - 398، مرآة الزمان: 8 / 64، البداية والنهاية: 12 / 188 - 189، اتعاظ الحنفا: 281، النجوم الزاهرة: 5 / 222، شذرات الذهب: 4 / 47، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة:149.
وَثَلَاثِيْنَ رَاحِلَة كَذَا وَكَذَا، وَدوَاةً مُجَوْهَرَة بِاثْنَيْ عشرَ أَلفَ دِيْنَار، وَعَشْرَة مَجَالِس؛ فِي المَجْلِسِ مَضْرُوب عَشْرَة مسَامِيْر مِنَ الذّهب، عَلَى المسمَار منْدِيل مشدودٌ فِيْهِ بدلَة ثِيَاب، وَخَمْس مائَة صُنْدُوق، فِيْهَا كِسْوَة وَمَتَاع، سِوَى الدَّوَابّ وَالمَمَالِيْك وَالبقر وَالغنم، وَلبن موَاشيه يُبَاع فِي السَّنَةِ بِثَلَاثِيْنَ أَلف دِيْنَار (1) .
قُلْتُ: هَذِهِ الأَشيَاء مُمْكِنَة، سِوَى الدَّنَانِيْرِ وَالَدّرَاهِم، فَلَا أُجَوِّز ذَلِكَ، بَلْ أَسْتبعد عُشره، وَلَا رِيبَ أَنَّ جَمعه لهَذِهِ الأَمْوَال موجبٌ لضعف جَيْشِ مِصْر، فَفِي أَيَّامِهِ اسْتولت الفِرَنْجُ عَلَى القُدْس وَعكَّا، وَصُوْر وَطَرَابُلُس وَالسَّوَاحل، فَلَو أَنفق ربعَ مَاله، لَجَمع جَيْشاً يَملأُ الفضَاء، وَلأَبَاد الفِرَنْجَ، وَلَكِن ليقضِي الله أَمراً كَانَ مَفْعُوْلاً.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن القلَانسِي (2) :كَانَ الأَفْضَلُ حسنَ الاعتقَاد، سُنِّياً، حَمِيْد السِّيرَة، كَرِيْمَ الأَخلَاق، لَمْ يَأْت الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ.
قُلْتُ: وصُلِبَ البطَائِحِي المُتولِّي بَعْدَهُ سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ.
وَوزر بَعْد هَلَاكِ الآمرِ أَمِيْرُ الجُيُوْش أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن الأَفْضَل، وَكَانَ شَهْماً مُطَاعاً، وَبطلاً شُجَاعاً، سَائِساً سُنِّياً، كَأَبِيْهِ وَجدِّه، فَحجر عَلَى الحَافِظ، وَمَنَعه مِنْ أَعبَاءِ الأُمُوْر، فَشدَّ عَلَيْهِ مَمْلُوْكٌ لِلْحَافظ إِفرنجِي، فَطعنه قَتَلَه، وَوَزَرَ ياَنس الحَافِظِي (3) ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد قَدْ بَالغ فِي الاحْتِجَار عَلَى الحَافِظ، وَحَوَّل ذخَائِر القَصْر إِلَى دَارِهِ، وَادَّعَى أَنَّهَا أَمْوَال أَبِيْهِ.
(1)" وفيات الأعيان ": 2 / 451.
(2)
ص 325.
(3)
انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 672 - 673.