الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَسَخَ بِخطِّه المَلِيْحِ لِلنَّاسِ كَثِيْراً (1) ، وَمَدَحَ الأُمَرَاء، وَكَتَبَ لِبَعْضِهِم، وَلَهُ (دِيْوَانٌ) مَشْهُوْر (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَة.
268 - الحَرِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلَاّمَةُ، البَارعُ، ذُو البلاغتين، أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِم بن عَلِيِّ بنِ
(1) وصفه ابن خلكان: 3 / 93 بأنه كان قليل الحظ إلا من الحرمان، لم يسعه
مكان، ولا اشتمل عليه سلطان، وذكر ابن بسام في " الذخيرة ": 2 / 2 / 835 أنه كان يتبلغ بالوارقه وله منها جانب، وبها بصر ثاقب، فانتحلها على كساد سوقها، وخلو طريقها، وفيها يقول:
أما الوراقة فهي أيكة حرفة * أوراقها وثمارها الحرمان
شبهت صاحبها بصاحب إبرة * تكسو العراة وجسمها عريان
(2)
وقد أورد طائفة من شعره في " الذخيرة ": و" نفح الطيب "، و" قلائد العقيان "، و" الخريدة "، وغيرها من المصادر التي ترجمت له، ومما أنشده له المقري في " نفح الطيب ": 4 / 345 قوله:
بنو الدنيا بجهل عظموها * فجلت عندهم وهي الحقيره
يهارش بعضهم بعضا عليها * مهارشة الكلاب على العقيره
وقوله:
أي عذر يكون لا أي عذر * لابن سبعين مولع بالصبابه
وهو ماء لم تبق منه الليالي * في إناء الحياة إلا صبابه
وقوله:
ولقد طلبت رضى البرية جاهدا * فإذا رضاهم غاية لا تدرك
وأرى القناعة للفتى كنزا له * والبر أفضل ما به يتمسك
وقوله:
يا من تعرض دونه شحط النوى * فاستشرفت لحديثه أسماعي
إني لمن يحظى بقربك حاسد * ونواظري يحسدن فيك رقاعي
لم تطوك الايام عني إنما * نقلتك من عيني إلى أضلاعي
(*) الأنساب: 4 / 95 و121، نزهة الالباء 379 - 381، المنتطم: 9 / 241، شرح الشريشي: 1 / 3، معجم البلدان: 2 / 235، معجم الأدباء: 16 / 261 - 293، =
مُحَمَّد بن عُثْمَانَ البَصْرِيّ، الحرَامِي (1) ، الحَرِيْرِيّ، صَاحِبُ (المقَامَات) . وُلِدَ: بقَرْيَة المَشَانِ، مِنْ عمل البَصْرَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي تَمَام مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي القَاسِمِ الفَضْلِ القصَبَانِي، وَتَخَرَّجَ بِهِ فِي الأَدب.
قَالَ ابْنُ افْتخَارٍ: قَدِمَ الحَرِيْرِيُّ بَغْدَاد، وَقرَأَ عَلَى عَلِيِّ بنِ فَضَال المُجَاشِعِيّ، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ الصَّبَّاغ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِي، وَقرَأَ الفَرَائِضَ عَلَى الخَبْرِيِّ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ خَمْس مائَة، وَحَدَّثَ بِهَا بِجُزْءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ وَبِمقَامَاتِهِ، وَقَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ فِيْهَا ابْنُ الخَشَّابِ (2) أَوْهَاماً يَسِيْرَة
= اللباب: 352 - 353 - 360، الكامل في التاريخ: 10 / 596، طبقات ابن الصلاح: الورقة: 74، إنباه الرواة: 3 / 23 - 27، وفيات الأعيان: 4 / 63 - 68، مختصر دول الإسلام لابن العبري: 2 / 30، المختصر في أخبار البشر: 2 / 235 - 236، تاريخ الإسلام: 4: 225 / 1 - 226 / 2، دول الإسلام: 2 / 43، العبر: 4 / 38، تذكرة الحفاظ: 4 / 1257، تتمة المختصر: 2 / 47 - 49، تلخيص ابن مكتوم: 194، عيون التواريخ: 13 / 406 - 414، مرآة الجنان: 3 / 213 - 221، مرآة الزمان: 8 / 67، طبقات السبكي: 7 / 266 - 270، طبقات الاسنوي: 1 / 429 - 432، البداية والنهاية: 12 / 191، 192، وفيات ابن قنفذ: 269 - 270، طبقات ابن قاضي شهبة: الورقة: 479، النجوم الزاهرة: 5 / 235، بغية الوعاة: 2 / 257 - 259، مفتاح السعادة: 1 / 223، معاهد التنصيص: 3 / 270 - 277، كشف الظنون: 507 - 789، شذرات الذهب: 4 / 50 - 53، خزانة الأدب: 3 / 117، نزهة الجليس: 2 / 2 - 5، الفلاكة والمفلوكون: 118 - 119، روضات الجنات: 527 - 528، هدية العارفين: 1 / 827، كنوز الاجداد: 282 - 290، دائرة المعارف الإسلامية: 7 / 365 - 367.
(1)
نسبة إلى محلة بالبصرة، وبنو حرام قبيلة من العرب سكنوا في هذه المحلة، فنسبت إليهم.
(2)
هو عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر البغدادي النحوي اللغوي المتوفى سنة 567 هـ، وسترد ترجمته برقم (337) في الجزء العشرين.
اعْتذر عَنْهَا ابْنُ بَرِّي (1) .
قُلْتُ: وَأَملَى بِالبَصْرَةِ مَجَالِسَ، وَعَمِلَ (دُرَّةَ الغَوَّاصِ فِي وَهْمِ الخَوَاصِ)(2) ، وَ (المُلْحَةَ) وَشَرَحَهَا (3) ، وَ (دِيْوَاناً) فِي الترسُّل، وَغَيْر ذَلِكَ، وَخَضَعَ لنثره وَنظمه البُلغَاءُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ، وَالوَزِيْرُ عَلِيّ بن طِرَاد، وَقِوَامُ الدّين عَلِيُّ بن صَدَقَةَ، وَالحَافِظُ ابْنُ نَاصر، وَأَبُو العَبَّاسِ المَنْدَائِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْعَد العِرَاقِي، وَالمُبَارَكُ بن أَحْمَدَ الأَزَجِي، وَعَلِيُّ بنُ المُظَفَّر الظهيرِي، وَأَحْمَد بن النَّاعم، وَمَنُوجَهر بن تُركَانشَاه، وَأَبُو الْكَرم الكَرَابِيسِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ المُتَوَكِّل، وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ الَّذِي أَجَازَ لِشُيُوْخنَا، فَعن الحَرِيْرِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو زَيْد السَّرُوجِي شَيْخاً شَحَّاذاً بَلِيْغاً، وَمُكْدِياً (4) فَصِيْحاً، وَرَدَ البَصْرَةَ عَلَيْنَا، فَوَقَفَ فِي مَسْجِدِ بَنِي حَرَام، فَسَلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَ، وَكَانَ الوَالِي حَاضِراً، وَالمَسْجَدُ غَاصٌّ بِالفُضَلَاء، فَأَعْجَبتهُم فَصَاحَتُهُ، وَذَكَرَ أَسْرَ الرُّوْم وَلدَه كَمَا ذكرنَا فِي (المقَامَة الحرَامِيَة) فَاجتمع عِنْدِي جَمَاعَةٌ، فَحكيتُ أَمرَه، فَحكَى لِي كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ شَاهَدَ مِنْهُ فِي مَسْجِدٍ مِثْل مَا شَاهدتُ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ مَعْنَى
(1) هو أبو محمد عبد الله بن بري المقدسي المصري، أحد أئمة اللغة والنحو،
المتوفى سنة 576 أو 582 هـ.
وسترد ترجمته عند المؤلف.
(2)
ولها شروح كثيرة اجتمع منها عند البغدادي صاحب الخزانة: 3 / 117 خمسة شروح.
(3)
في الاعراب، قال البغدادي: وهو عند العلماء يعد ضعيفا في النحو.
(4)
من الكدية، وهو سؤال الناس، يقال: أكدى: ألح في المسألة.
فِي فَصل، وَكَانَ يُغَيِّر شكلَه، فَتَعجَّبُوا مِنْ جَرَيَانه فِي مَيدَانه، وَتَصرُّفِهِ فِي تَلُوُّنِهِ، وَإِحسَانه، وَعَلَيْهِ بَنَيْتُ هَذِهِ المقَامَات.
نَقل هَذِهِ القِصَّة التَّاج المَسْعُوْدِيّ، عَنِ ابْنِ النَّقُّوْرِ، عَنْهُ.
قُلْتُ: اشتهرتِ المقَامَاتُ، وَأَعْجَبت وَزِيْرَ المُسْترشد شرفَ الدّين أَنوشِروَان القَاشَانِي (1) ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِإِتمَامهَا، وَهُوَ القَائِلُ فِي الخطبَة: فَأَشَارَ مَنْ إِشَارته حُكْمٌ، وَطَاعته غُنْمٌ.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ الرَّاوِي لَهَا بِالحَارِثِ بنِ هَمَّامٍ، فَعَنَى بِهَا نَفْسَه أَخْذاً بِمَا وَرَدَ فِي الحَدِيْثِ:(كُلُّكُمْ حَارِثٌ، وَكُلُّكُم هَمَّامٌ (2)) فَالحَارِثُ: الكَاسب، وَالهمَّام: الكَثِيْرُ الاهتمَامِ، فَقصَدَ الصِّفَة فِيْهِمَا، لَا العَلَمِيَّة.
وَبنُو حَرَام: بِحَاء مَفْتُوْحَة وَرَاءٍ، وَالمشَان بِالفَتْح: بُليدَة فَوْقَ البَصْرَة مَعْرُوْفَة بِالوخم.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان (3) :وَجَدْت فِي عِدَّة تَوَارِيخَ أَنَّ الحَرِيْرِيَّ صَنَّفَ
(1) مترجم في " المنتظم ": 10 / 77، و" البداية والنهاية ": 12 / 191، وشذرات الذهب: 4 / 101.
(2)
لا يعرف بهذا اللفظ، ويقرب منه ما أخرجه أحمد: 4 / 345، وأبو داوود (495) في الأدب: باب تغيير الأسماء، والنسائي: 6 / 218، 219 في الخيل: باب ما يستحب من شية الخيل، والبخاري في " الأدب المفرد ": 2 / 277 من طريق عقيل بن شبيب، عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة، قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمان، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة " وعقيل بن شبيب لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وله شواهد من حديث المغيرة بن شعبة عند مسلم (2135) ، ومن حديث ابن عمر عند مسلم (2132) أيضا، ومن حديث عبد الله بن عمر اليحصبي مرسلا عند ابن وهب في " الجامع ": ص: 7، وسنده صحيح.
(3)
في " وفيات الأعيان ": 4 / 64.
(المقَامَاتِ) بِإِشَارَة أَنو شروَان، إِلَى أَنْ رَأَيْتُ بِالقَاهِرَةِ نسخَةً بِخَطِّ المصَنّف، وَقَدْ كتب أَنَّهُ صنفهَا لِلوزِيْر جلَال الدّين أَبِي عَلِيٍّ بنِ صَدَقَةَ وَزِيْرِ المُسْترشدِ، فَهَذَا أَصَحُّ، لأَنَّه بِخَطِّ المُصَنِّفِ.
وَفِي (تَارِيخ النُّحَاةِ (1)) لِلْقِفطِيِّ: أَنَّ أَبَا زَيْدٍ السَّروجِي اسْمُهُ مُطهَّر بن سلَاّر، وَكَانَ بَصْرِيّاً لغوياً، صَحِبَ الحَرِيْرِيّ، وَتَخَرَّج بِهِ، وَتُوُفِّيَ بَعْد عَامِ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، سَمِعَ أَبُو الفَتْحِ المَنْدَائِيُّ مِنْهُ (المُلحَة) بِسمَاعه مِنَ الحَرِيْرِيّ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الحَرِيْرِيّ عَمِلَ المقَامَات أَرْبَعِيْنَ وَأَتَى بِهَا إِلَى بَغْدَادَ، فَقَالَ بَعْضُ الأَدبَاء: هَذِهِ لِرَجُلٍ مَغْرِبِي مَاتَ بِالبَصْرَةِ، فَادَّعَاهَا الحَرِيْرِيُّ، فَسَأَلَهُ الوَزِيْرُ عَنْ صنَاعته، فَقَالَ: الأَدبُ، فَاقترح عَلَيْهِ إِنشَاءَ رِسَالَةٍ فِي وَاقعَةٍ عَيَّنهَا، فَانْفرد وَقَعَدَ زَمَاناً لَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِ بِمَا يَكتُبُه، فَقَامَ خجلاً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَفلح الشَّاعِر:
شَيْخٌ لَنَا مِنْ رَبِيْعَةَ الفَرَسِ
…
يَنْتِفُ عُثْنُونَه مِنَ الهَوَسِ
أَنْطَقَهُ اللهُ بِالمَشَانِ كَمَا
…
رَمَاهُ وَسْطَ الدِّيْوَانِ بِالخَرَسِ
وَكَانَ يذكر أَنَّهُ مِنْ رَبِيْعَة الفَرَس، وَكَانَ يَعْبَثُ بِلحيته، فَلَمَّا ردَّ إِلَى بَلَده، كَمَّلَهَا خَمْسِيْنَ وَنفَّذهَا، وَاعْتَذَرَ عَنْ عِيِّهِ بِالهَيْبَةِ (2) .
وَقِيْلَ: بَلْ كَرِهَ المُقَامَة بِبَغْدَادَ، فَتَجَاهَلَ، وَقَبَّل صغِيراً بحَلْقَة،
(1) 3 / 276 في ترجمة المطهر بن سلار.
(2)
" وفيات الأعيان ": 4 / 65، 66، والعثنون: طرف اللحية، والهوس محركة: طرف من الجنون وخفة العقل.
وقال البغدادي في " خزانة الأدب ": 3 / 117 عن مقامات الحريري: اشتملت على شيء كثير من كلام العرب من لغاتها وأمثالها، ورموز أسرار كلامها، ومن عرفها حق معرفتها، استدل بها على فضله، وكثرة اطلاعه، وغزارة مادته.