الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ترك مِنَ الخُطبَة اسمَ الحَافِظ، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ، وَقطع الأَذَان بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، فَنفرتْ مِنْهُ الرَّعِيَّةُ، وَغَالِبُهُم شيعَة، فَقُتِلَ وَهُوَ يَلعب بِالكُرَة، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) ، وَجدَّدُوا البَيْعَة حِيْنَئِذٍ لِلْحَافظ، فَمَاتَ الوَزِيْر يانس بَعْد ثَلَاث سِنِيْنَ، فَوزر وَلِيُّ العَهْدِ حسنُ ابنُ الحَافِظ.
295 - البُرْسُقِيُّ قَسِيمُ الدَّوْلَة أَبُو سَعِيْدٍ آقسُنْقُرُ *
الملكُ، قسيمُ الدَّوْلَة، أَبُو سَعِيْدٍ آقسُنْقُر مَمْلُوْك بُرْسُق، غُلَامُ السُّلْطَان طُغْرُلْبَك.
وَلِي المَوْصِل وَالرَّحبَة، وَقَدْ وَلِيَ شِحنكيَة (3) بَغْدَاد، وَكَانَ بَلَك (4)
(1) وكان مقتله على يد أبيه، وضع له من دس له السم، فمات سنة 529، قال ابن الأثير في " الكامل ": 11 / 23، 24: وكان حسن سيئ السيرة ظالما جريئا على سفك الدماء، وأخذ الاموال، فهجاه الشعراء، فمن ذلك ما قاله المعتمد بن الأنصاري صاحب الترسل المشهور:
لم تأت يا حسن بين الورى حسنا * ولم تر الحق في دنيا ولا دين
قتل النفوس بلا جرم ولا سبب * والجور في أخذ أموال المساكين
لقد جمعت بلا علم ولا أدب * تيه الملوك وأخلاق المجانين
(2)
انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 673.
(*) المنتظم: 9 / 254، الكامل في التاريخ: 10 / 633 - 635، وفيات الأعيان: 1 / 242 - 243، معجم الألقاب: 4 / 3: 588، تاريخ الإسلام: 4 / 240 / 2، العبر: 4 / 46، تتمة المختصر: 2 / 53، عيون التواريخ: 13 / 449، البداية والنهاية: 12 / 195، النجوم الزاهرة: 5 / 230، شذرات الذهب: 4 / 61، معجم الأنساب
والاسرات الحاكمة: 6، 46، 337.
(3)
من الشحنة: وهم أعوان الأمير الذين يتولون ضبط أمور البلد، وحفظ الرعية.
(4)
هو بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب، وقد تم قتله سنة 518 هـ، انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 619.
قَدْ قتل بِمَنْبِج، فَتملَّك ابْنُ عَمِّهِ تَمرتَاش بن إِيلغَازِي حلب (1) ، وَكَانَ بَلَك قَدْ أَسر بغدوين صَاحِبَ القُدْس، فَاشْتَرَى نَفْسَه، وَهَادَنَهُ، فَغَدَرَ بغدوين، وَحَاصَرَ حلبَ، هُوَ وَدُبَيس الأَسَدِيّ (2) ، وَمَعَهُمَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَاحِب حلب رضوَان بن تُتُش السَّلْجُوْقِي، فَهلك أَهْلُهَا جُوعاً وَموتاً، فَخَرَجَ فِي اللَّيْلِ قَاضيهَا أَبُو غَانم، وَالشَّرِيْفُ زُهْرَة، وَآخر إِلَى تَمرتَاش بِمَاردين، وَفَاتُوا الفِرَنْجَ، فَأَخَذَ يُمَاطِلُهُم تَمرتَاش، فَانْملسُوا مِنْهُ إِلَى المَوْصِل، فَوَجَدُوا البُرْسُقِي مَرِيضاً، فَقُلْنَا: عَاهدِ اللهَ إِن عَافَاك أَنْ تَنْصُرَنَا، فَقَالَ: إِي وَاللهِ، فَعُوفِي بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَنَادَى الْغُزَاة، وَلَمَّا أَشْرَف عَلَى حلب، تَقهقرتِ الفِرَنْجُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مُقَاتِلتُهَا، وَحَملُوا عَلَى العَدُوّ هزموهُم، وَرتَّبَ أُمُوْرَ الْبَلَد، وَأَمدَّهُم بِالغلَاّت، فَبَادرُوا، وَبذرُوا فِي آذَار، وَنقعُوا الْقَمْح وَالشَّعيرَ، فَرتب بِهَا ابْنَه وَرجع (3) ، وَكَانَ قَدْ أَبَاد فِي الإِسْمَاعِيْليَّة، فَشدَّ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ بِالجَامِع، فَقَتَلَ بِيَدِهِ مِنْهُم ثَلَاثَة، وَقُتِلَ رحمه الله فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، كَانُوا بزِيِّ الصُّوْفِيَّة، نَجَا مِنْهُم وَاحِد (4) .
(1) انظر " زبدة الحلب ": 2 / 220، " ونهر الذهب ": 3 / 86، و" تاريخ حلب ": 1 / 450 للطباخ.
(2)
صاحب الحلة، وكان قد وصل إلى الصليبيين - حين ملكوا مدينة صور، تشوفت أنفسهم إلى الاستيلاء على بلاد الشام - فانضم إليهم وأطمعهم في حلب، وقال لهم: إن أهلها شيعة، وهم يميلون إلى لاجل المذهب، فمتى رأوني سلموا البلد إلي، وبذل لهم على مساعدته بذولا كثيرة، وقال: إنني أكون ها هنا نائبا عنكم، ومطيعا لكم، فساروا معه
…
" الكامل في التاريخ ": 10 / 623.
(3)
" الكامل في التاريخ ": 10 / 623، 624، " نهر الذهب ": 3 / 86، 87، " تاريخ حلب ": 1 / 455، 461 للطباخ، " زبدة الحلب ": 2 / 230.
(4)
" الكامل في التاريخ ": 10 / 633، 634.
وَكَانَ رحمه الله ديناً عَادِلاً، حسنَ الأَخلَاق، وَصَّى قَاضِيَه بِالعَدْل، بِحَيْثُ إِنَّهُ أَمرَ زَوجته أَنْ تدَّعِي عَلَيْهِ بِصدَاقهَا، فَنَزَلَ إِلَى قَاضِيه، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَأَدَّب كُلُّ أَحَد (1) .
(1) ووصفه ابن الأثير في " الكامل ": 10 / 634، فقال: كان خيرا يحب أهل العلم والصالحين، ويرى العدل ويفعله، وكان من خير الولاة يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجدا، حكى لي والدي رحمه الله عن بعض من كان يخدمه، قال: كنت فراشا معه، فكان يصلي كل ليلة كثيرا، وكان يتوضأ هو بنفسه، ولا يستعين بأحد
…