الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
302 - طُغْتِكِين أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَتَابك *
صَاحِبُ دِمَشْق، الْملك، أَبُو مَنْصُوْرٍ طُغْتِكِين الأَتَابك، مِنْ أُمَرَاءِ السُّلْطَان تُتُش بن أَلب أَرْسَلَان السَّلْجُوْقِي، فَزَوَّجَهُ بِأُمِّ وَلده دُقَاق، فَقتل السُّلْطَان، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ دُقَاق، وَصَارَ طُغْتِكِين مُقَدَّم عَسْكَره، ثُمَّ تَملَّكَ بَعْدَ دُقَاق.
وَكَانَ شَهْماً شُجَاعاً، مَهِيْباً مُجَاهِداً فِي الفِرَنْج، مُؤثراً لِلْعدل، يُلَقَّبُ ظهيرَ الدّين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن القلَانسِي (1) :مَرِضَ وَنَحُلَ، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَأَبْكَى العُيُونَ، وَأَنكَأَ القُلُوْبَ، وَفَتَّ فِي الأَعضَادِ، وَفتت الأَكبَادَ، وَزَادَ فِي الأَسَفِ - فَرَحِمَهُ اللهُ، وَبرَّدَ مَضْجَعه - ثُمَّ مَاتَتْ زوجتُهُ الخَاتُوْنُ أُمُّ بُورِي بَعْدَهُ بِأَيَّام، فَدُفِنَتْ بِقُبَّتِهَا خَارِجَ بَابِ الفَرَادِيْس (2) .
قُلْتُ: لَوْلَا أَنَّ اللهَ أَقَامَ طُغْتِكِين لِلإِسْلَام بِإِزَاء الفِرَنْج، وَإِلَاّ كَانُوا غلبُوا عَلَى دِمَشْقَ، فَقَدْ هزمهُم غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنجده عَسْكَرُ المَوْصِلِ، مَعَ مَوْدُوْد، وَمَعَ البُرسُقِي، وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ هُوَ إِلَى خدمَة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه، فَبَالغ فِي احترَامه وَإِجلَاله.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: تَملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ الكَبِيْر تَاجُ المُلُوْك بُورِي بعهدٍ مِنْهُ.
(*) الكامل في التاريخ: 10 / 37 و248 و375 و376 و389 و394 و399 و400 و452 و467 - 469 و487 - 490 و495 - 497 و503 و516 و543 و568 و587 و594 و652، تاريخ الإسلام: 4: 251 / 1، دول الإسلام: 45، العبر: 4 / 51، تتمة المختصر: 2 / 55، عيون التواريخ: 13 / 481 - 482، البداية والنهاية: 12 / 199، النجوم الزاهرة: 5 / 234، شذرات الذهب: 4 / 65 - 66، تهذيب تاريخ دمشق: 7 / 58، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة:340.
(1)
ص 347 - 348.
(2)
أحد أبواب دمشق، ويقع شمال الجامع الأموي، ويقال له: الآن باب العمارة.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ طُغْتِكِين شَهْماً عَادِلاً، حَزِنَ عَلَيْهِ أَهْلُ دِمَشْقَ، فَلَمْ تَبق محلَةٌ وَلَا سُوْق إِلَاّ وَالمَأْتَمُ قَائِمٌ فِيْهِ عَلَيْهِ لِعَدله، وَحُسْنِ سيرَته، حكم عَلَى الشَّامِ خَمْساً وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً، وَسَارَ ابْنُهُ بِسِيرَتِهِ مُديدَة، ثُمَّ تَغَيَّرَ وَظَلَم.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ طُغْتِكِين سَيْفاً مسلَوْلاً عَلَى الفِرَنْج، وَلَكِن لَهُ خَرْمَةٌ كَانَ قَدِ اسْتفحل البَلَاءُ بدَاعِي الإِسْمَاعِيْليَّة بَهْرَامَ بِالشَّامِ، وَكَانَ يَطُوْفُ المَدَائِن وَالقِلاع متخفِياً، وَيُغوِي الأَغتَام وَالشُّطَار، وَيَنْقَادُ لَهُ الجُهَّال، إِلَى أَنْ ظَهَرَ بِدِمَشْقَ بتقرِير قرَّره صَاحِبُ مَاردين إِيلغَازِي مَعَ طُغْتِكِين، فَأَخَذَ يُكرمه، وَيُبَالغ اتِّقَاءً لِشرِّه، فَتبعه الغَوْغَاءُ، وَالسُّفَهَاء، وَالفلَاحُوْنَ، وَكَثُرُوا، وَوَافقه الوَزِيْرُ طَاهِر المزدقَانِي، وَبثَّ إِلَيْهِ سِرَّه، ثُمَّ الْتمس مِنَ الْملك طُغْتِكِين قَلْعَةً يَحتمِي بِهَا، فَأَعْطَاهُ بَانِيَاس فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) ، فَعَظُمَ الخطبُ، وَتَوَجَّعَ أَهْلُ الخَيْر، وَتَسَتَّرُوا مِنْ سَبِّهِم، وَكَانُوا قَدْ قتلُوا عِدَّةً مِنَ الكِبَارِ، فَمَا قَصَّر تَاجُ المُلُوْك فَقتل الوَزِيْرَ كَمَالَ الدّين طَاهِر بن سَعْدٍ المَذْكُور فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ بِالقَلْعَة، وَنصبَ رَأْسَه، وَركب جندُهُ، فَوضعُوا السَّيْفَ بِدِمَشْقَ فِي الملَاحدَة الإِسْمَاعِيْليَّة، فَسبَّكُوا مِنْهُم فِي الحَال نَحْواً مِنْ سِتَّة آلَاف نَفْسٍ فِي الطُّرقَات، وَكَانُوا قَدْ تَظَاهِرُوا، وَتَفَاقم أَمرُهُم، وَرَاح فِي هَذِهِ الكَائِنَة الصَّالِحُ بِالطَّالح.
وَأَمَّا بَهْرَامُ، فَتَمَرَّدَ وَعَتَا، وَقَتَلَ شَابّاً مِنْ أَهْلِ وَادِي التَّيْم اسْمه برْق، فَقَامَ عَشِيْرَتُهُ، وَتَحَالفُوا عَلَى أَخَذَ الثَّأْر، فَحَارَبَهُم بَهْرَامُ، فَكَبَسُوهُ
(1) انظر " الكامل في التاريخ ": 10 / 632، 633، 639.