الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاع، قوِيَّ الْبدن، ثَبْتاً، كَثِيْرَ الذِّكْرِ، دَائِمَ التِّلَاوَةِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ زوج الحرّة، قَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَكُنْت أَجِيْءُ (1) إِلَيْهِ فِي الحَرِّ، فَنصعدُ سطحَ المَسْجَد، فَيسبقنِي فِي الدّرج.
مَاتَ: فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: ذَهَبَ بَصَرُهُ، ثُمَّ عَادَ بَصِيْراً.
344 - حَمَّادُ بنُ مُسْلِمِ بنِ ددُّوْهُ *
الشَّيْخُ الْقدَم، علمُ السَّالكين، أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّبَّاس، الرَّحَبِيّ؛ رَحْبَةُ مَالِك بن طَوْق.
نشَأَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ يَجلسُ فِي غُرفَة كَاركه (2) الدّبس، وَكَانَ مِنْ أَوليَاء الله أُولِي الكرَامَاتِ، انْتفع بصُحبَتِه خلقٌ، وَكَانَ يَتَكَلَّم عَلَى الأَحْوَال، كَتَبُوا مِنْ كلَامه نَحْواً مِنْ مائَة جُزْء، وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْم أُمِّيّاً.
فَعَنْهُ قَالَ: مَاتَ أَبوَاي فِي نَهَارٍ وَلِي ثَلَاث سِنِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجيلِي: سَمِعَ مِنْ أَبِي الفَضْلِ بنِ خَيْرُوْنَ،
(1) في الأصل: وكتب أخي إليه في الجزء، وهو تصحيف قبيح وقع للناسخ، والنص في " المنتظم ": وكنت أجئ إليه في الحر، فيقول: نصعد إلى سطح المسجد فيسبقني في الدرجة، وكذلك ورد على الصواب عند المصنف في " معرفة القراء " رقم (430) .
(*) المنتظم: 10 / 22 - 23، الكامل في التاريخ: 10 / 671، تاريخ الإسلام: 4: 266 / 1 - 2، دول الإسلام: 2 / 47، العبر: 4 / 64، تتمة المختصر: 2 / 59، مرآة الزمان: 8 / 85، البداية: 12 / 202، النجوم الزاهرة: 5 / 246، شذرات الذهب: 4 / 73 - 74، منتخبات التواريخ:473.
(2)
الكلمة فارسية، ومعناها المعمل أو المصنع، أو الدكان أو القصر.
وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى آفَاتِ الأَعْمَال، وَالإِخلَاصِ، وَالوَرَعِ، قَدْ جَاهدَ نَفْسَه بِأَنْوَاعِ المُجَاهِدَاتِ، وَزَاوَلَ أَكْثَرَ المِهَنِ وَالصَّنَائِع فِي طَلَبِ الحَلَال، وَكَانَ مكَاشفاً.
فَعَنْهُ قَالَ: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عبداً، أَكْثَر هَمَّهُ فِيمَا فَرَّط، وَإِذَا أَبغض عَبداً، أَكْثَرَ هَمَّه فِيمَا قَسَمَه لَهُ.
وَقَالَ: العِلْمُ مَحَجَّةٌ، فَإِذَا طلبتَهُ لِغَير الله، صَارَ حُجَّة.
وَقِيْلَ: كَانَ يَقْبَلُ النَّذر، ثُمَّ تَركه، لِقَوْل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَخِيْلِ (1)) ، ثُمَّ صَارَ يَأْكُلُ بِالمَنَام (2) .
قَالَ المُبَارَكُ بن كَامِلٍ: مَاتَ العَارِفُ الوَرِعُ النَّاطق بِالحِكْمَة حَمَّاد فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، كَانَ بِزِيِّ الأَغنِيَاء، وَتَارَةً بزِيِّ الفُقَرَاء.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) :كَانَ يَتصَوَّفُ، وَيَدَّعِي المَعْرِفَة وَالمكَاشفَة، وَعُلُوْمَ البَاطِن، وَكَانَ عَارِياً عَنْ علمِ الشَّرع، وَنَفَقَ عَلَى الجهَال، كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْهُ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعطِي المَحمُومَ لَوْزَةً وَزبِيْبَة ليبرَأَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ عُدْتَ لِهَذَا ضربتُ عُنُقَك، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ.
(1) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر البخاري (6693) ومسلم (1639) كلاهما في النذر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال:" إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل "، وأخرجه من حديث أبي هريرة مسلم " 1640) بلفظ " لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل ".
(2)
في " المنتظم ": 1 / 23، فصار يأكل بالمنامات، وكان يجئ الرجل، فيقول: قد رأيت في المنام: أعط حمادا كذا، فاجتمع له أصحاب ينفق عليهم ما يفتح له.
(3)
المنتظم: 10 / 22.