المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول 22/ 1/ 8 - عن عائشة رضي الله عنها - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول 22/ 1/ 8 - عن عائشة رضي الله عنها

‌الحديث الأول

22/ 1/ 8 - عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبش سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أستحاض فلا أطهر (1)، أفأدع [الصلاة؟](2)، قال:"لا (3)، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي [كنت] (4) تحيضين فيها، ثم اغتسلي، وصلي"(5).

وفي رواية: " [وليس](6) بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة،

(1) انظر: حاشية إحكام الأحكام (1/ 465) وتنبيهه عليها.

(2)

في ن ب مكررة.

(3)

انظر: حاشية إحكام الأحكام (1/ 465).

(4)

في ن ب ساقطة.

(5)

البخاري (325)، ومسلم (333)، وأبو داود (282)، والنسائي (1/ 181، 182)، ومالك في الموطأ (1/ 62)، وابن ماجه (626)، والترمذي (125)، وأحمد في المسند (6/ 194)، والدارمي (1/ 198).

(6)

في إحكام الأحكام "وليست".

قال في الحاشية: لا أدري لم زاد "في رواية" فإن هذا اللفظ في الصحيحين معًا في باب الاستحاضة في سياق واحد من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وكأنه يشير إلى أنه لفق عن روايات منها. نعم للبخاري =

ص: 175

فاتركي الصلاة (1)[فيها،](2) فإذا ذهب قدرها (3) فاغسلي عنك الدم وصلي" (4).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: في التعريف براويه وقد [سلف](5) في الطهارة.

ثانيها: فاطمة هذه والدها قيس بن المطلب- ووقع في أكثر نسخ مسلم عبد المطلب وهو غلط [بن](6) أسدبن عبد العُزَّى بن قصي، القرشية الأسدية.

ووقع في مبهمات الخطيب أنها [أنصارية](7)، وهي غير فاطمة بنت قيس الآتية في كتاب النكاح، ولا يعرف [للمذكورة](8) هنا أعني في باب الحيض غير هذا الحديث.

= في باب غسل الدم بلفظ: "وليس بحيض"، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي". اهـ.

(1)

قال في الحاشية "فاتركي الصلاة" هو لفظ البخاري في هذا الباب، ولفظه في باب غسل الدم "فدعي"، وهو لفظ مسلم هنا، فلو أتى به لكان أولى لأنها مما اتفقا على لفظه أيضًا.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

انظر: حاشية إحكام الأحكام حيث ذكر لفظة "فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم".

(4)

البخاري رقم (306).

(5)

في ن ب (تقدم).

(6)

في ن ب (من)، انظر: مسلم مع النووي (4/ 18).

(7)

في ن ب (الضارية). انظر: مبهمات الخطيب (254)، والإِصابة (4/ 369).

(8)

في الأصل (للمذكور)، وما أثبت من ن ب.

ص: 176

وحبيش: بضم الماء المهملة، ثم باء موحدة، ثم مثناة تحت، ثم شين معجمة. وتشتبه بأشياء ذكرتها في مشتبه النسبة.

وذكر الحربي: أن فاطمة هذه تزوجت بعبد الله بن جحش فولدت له محمدًا وهو صحابي هاجرت رضي الله عنها وهي

إحدى المستحاضات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

والثانية: حمنة بنت جحش زوج طلحة بن [عبيد الله](1) أخت زينب أم المؤمنين، وقيل: إنها استحيضت أيضًا، وهو وهم (2).

(1) في الأصل (عبد الله)، وما أثبت من ن ب.

(2)

تنبيه: في فتح الباري (1/ 427) بتصرف: جاء الوهم في أن زينب أم المؤمنين استحيضت بأنها وافقت في الاسم زينب زوجة عبد الرحمن ابن عوف فإنها اسمها زينب واشتهرت بكنيتها أم حبيبة أو حبيب وزينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمها برّة. فسميت زينب باسم أختها لكون أختها غلبت عليها الكنية فأمن اللبس: وسيأتي زيادة إيضاح بعده. قال النووي رحمه الله تعالى. في شرح مسلم (4/ 23): قال القاضي: اختلف أصحاب الموطأ في هذا عن مالك وأكثرهم يقولون: زينب بنت جحش وكثير من الرواة يقولون عن ابنة جحش. وهذا هو الصواب وبين الوهم فيه قوله وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف. وزينب هي أم المؤمنين لم يتزوجها عبد الرحمن بن عوف قط. إنما تزوجها أولًا زيد بن حارثة. ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف هي أم حبيبة أختها وقد جاء مفسرًا على الصواب في قوله "ختنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت عبد الرحمن بن عوف. وفي قوله: كانت تغتسل في بيت أختها زينب. قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى. قيل: إن بنات جحش الثلاث. زينب وأم حبيبة وحمنة زوج طلحة بن عبد الله كن يستحضن =

ص: 177

ووقع في "الموطأ" كما نبه عليه ابن العربي (1)، قال: ووقع في

= كلهن. وقيل: إنه لم يستحض منهن إلا أم حبيبة. وذكر القاضي يونس بن عبد المغيث في كتابه الموعب في شرح الموطأ مثل هذا. وذكر أن كل واحدة منهن اسمها زينب، ولقبت إحداهن حمنة، وكنيت الأخرى أم حبيبة. وإذا كان هكذا فقد سلم مالك من الخطأ في تسمية أم حبيبة زينب. وقد ذكر البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها. "أن امرأة من أزواجه صلى الله عليه وسلم. وفي رواية:"أن بعض أمهات المؤمنين". وفي أخرى: "أن النبي - صلى الله عليه ومسلم - اعتكف مع بعض نسائه وهي مستحاضة". هذا آخر كلام القاضي. وأما قوله: "أم حبيبة". فقد قال الدارقطني: قال إبراهيم الحربي: الصحيح أن أم حبيب بلا هاء. واسمها حبيبة. وعلى هذا جمع من العلماء. قال ابن عبد البر الصحيح أنهما كانتا تستحاضان أي حمنة.

وأم حبيبة. وأم حبيب. اهـ. ونظمهن السيوطي في شرح النسائي (1/ 117).

قد استحيضت في زمان المصطفى

تسع نساء قد رواها الرواية

بنات جحش سودة والفاطمة

زينب أسماء سهلة وبادية

وسيذكر المصنف هذا الكلام في الحديث الثاني الوجه الثاني.

وقصة حمنة رواها أبو داود (1/ 199)، والترمذي (1/ 221)، وقال: حسن صحيح ابن ماجه (5/ 201)، أحمد في المسند (6/ 439)، والحاكم (1/ 172، 173)، وشرح السنة:(2/ 148)، والبيهقي (1/ 338، 339).

(1)

انظر: عارضة الأحوذي (1/ 200)، وأيضًا توهيمه من قال: إن زينب أم المؤمنين استحيضت.

ص: 178

"الموطأ" أيضًا أن زينب كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، ولم يكن ذلك قط، إنما كانت تحت زيد، ثم زوجها الله بنبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام -.

والثالثة: أختها أم حبيبة أو أم حبيب زوج عبد الرحمن بن عوف (1).

والرابعة: [سودة بنت زمعة](2) أم المؤمنين (3).

والخامسة: سهلة بنت سهيل (4) العامرية واقتصر جماعات على هذا العدد وأهملوا أربعًا.

الأولى: أسماء بنت عميس (5).

الثانية: زينب بنت أم سلمة (6).

(1) قصة أم حبيبة رواها مسلم في كتاب الحيض باب الاستحاضة (1/ 263)، وأبو داود (1/ 74)، والنسائي (1/ 119)، وأحمد الفتح الرباني (2/ 172).

(2)

في الأصل مكررة.

(3)

البخاري في صحيحه (1/ 411) الفتح.

(4)

سنن أبي داود (295). وفي الأصل (سهل)، وما أثبت من ن ب والسنن.

(5)

سنن أبي داود عون المعبود (278).

(6)

قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (1/ 412) كون زينب بنت أم سلمة من المستحاضات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بأمها في السنة الثالثة وهي ترضع: والحديت أنها اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم وهي مستحاضة في البيهقي (2/ 351).

ص: 179

الثالثة: أسماء بنت مرثد الحارثية (1).

الرابعة: بادية بنت غيلان (2).

ثالثها: في ألفاظه.

قولها: "أستحاض" يقال: منه استحيضت المرأة مبنيًا للمفعول لغة، ولم يبن هنا الفعل للفاعل، كما في قوله:"نفست المرأة"،

و"نتجت الناقة".

وأصل الكلمة من الحيض والزوائد التي لحقتها للمبالغة، كما يقال:"قرَّ في المكان " ثم يزاد للمبالغة [فيه](3)، فيقال: استقر، وأعشب المكان، ثم يبالغ فيه فيقال: اعشوشب. وكثيرًا ما تجيء الزوائد لهذا المعنى نبَّه عليه الشيخ تقي الدين (4).

والاستحاضة: جريان الدم في غير أوانه:

وقولها: "فلا أطهر" المراد بالطهارة هنا النظافة من الدم.

وقولها: "أفأدع الصلاة؟ " هو سؤال عن استمرار حكم الحيض حالة دوام الدم [و](5) عدمه ممن تقرر عنده أن الحائض ممنوعة من الصلاة.

(1) ذكرها البيهقي. وفي ن ب (مرشد).

(2)

أشار إليها في الفتح (1/ 411). نقلًا عن ابن منده.

(3)

ساقطة من إحكام الأحكام (1/ 122).

(4)

انظر حاشية إحكام الأحكام (1/ 470). والزوائد: المراد بها الميم، والسين والمثناة اللاحقة بكلمة الفعل زيدت للمبالغة في المعنى الذي وفع عبارة عنه. اهـ. من الحاشية.

(5)

في ن ب (أو).

ص: 180

والعرق: بكسر أوله وإسكان ثانيه، وهذا العرق، يقال: له العاذل بالذال المعجمة، قاله الأزهري (1).

وحكى ابن سيده (2): إهمالها وبدل اللام راء.

وهذا العرق فمه في أدنى الرحم يعتنق [الرحم](3) منه، وجاء في الحديث:"عرق انفجر"(4)، ويحتمل أن يكون من مجاز التشبيه، إن كان سبب الاستحاضة كثرة مادة الدم، وخروجه من مجاري الحيض المعتادة.

وفي رواية [للحاكم](5) في مستدركه "إنما هو داء عرض أو ركضة [من الشيطان] (6) أو عرق انقطع"(7) [ثم قال: صحيح

الإسناد ولم يخرجاه.

(1) في الزاهر المضاف مع الحاوي (24/ 49).

(2)

المخصص (2/ 39).

(3)

في الأصل (الدم)، والتصحيح من ن ب. انظر: الزاهر للأزهري (50)، والمحكم (3/ 320).

(4)

قال الصنعاني -رحمنا الله وإياه- في حاشية إحكام الأحكام (1/ 473) بعد كلام سبق: لم أجده بلفظ "انفجر" بل بلفظ "انقطع" والمعنى متقارب.

(5)

في ن ب (الحاكم).

(6)

في ن ب ساقطة.

(7)

أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 175)، وقال الذهبي: صورته مرسل، والدارقطني (1/ 216، 217)، والبيهقي (1/ 357).

ص: 181

وأما ابن الصلاح والنووي فأنكرا وجود لفظة: انقطع] (1)(2) في الحديث، وهو غريب منهما.

وقوله: "وليس بالحيضة" هو بفتح الحاء أي الحيض هذا هو الأظهر، ونقله الخطابي عن أكثر المحدثين، أو كلهم، ثم اختار الكسر أي الحالة، والأول هو المتعين، كما قاله النووي، فإن المعنى يقتضيه لأنه عليه الصلاة والسلام أراد إثبات [الاستحاضة](3) ونفي الحيض.

وقوله: "فإذا أقبلت الحيضة" يجوز فيه الوجهان: جوازًا حسنًا قاله النووي. و"الإدبار": الانقطاع.

وقوله: "قدرها" قال الشيخ تقي الدين (4): الأشبه أن يريد قدر أيامها، وصحف بعض الطلبة هذه اللفظة بالذال المعجمة المفتوحة، وإنما هو بالدال المهملة، أي قدر وقتها انتهى، والرواية السالفة:

(1) زيادة من ن ب.

(2)

رد النووي -رحمنا الله وإياه- لفظة انقطع في المجموع (1/ 403) وقول إمام الحرمين والغزالي: عرق انقطع. منكر. فلا يعرف لفظة انقطع في الحديث: وكذا في شرح مسلم (4/ 21) وأما ما يقع في كثير من كتب الفقه "إنما ذلك عرق انقطع. أو انفجر" فهي زيادة لا تعرف في الحديث. وإن كان لها معنى.

تنبيه: موجود في رواية الحاكم والدارقطني. والبيهقي. لفظة "انقطع".

(3)

زيادة من ن ب. انظر: غريب الخطابي (3/ 220)، شرح مسلم للنووي (4/ 21).

(4)

حاشية إحكام الأحكام (1/ 479).

ص: 182

"ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها" تبطل هذا التصحيف أيضًا.

رابعها: في فوائده:

الأولى: أن المستحاضة تصلي أبدًا، إلَّا في الزمن المحكوم بأنه حيض، وهذا إجماع كما ستعلمه.

الثانية: استفتاء من وقعت له مسألة.

الثالثة: جواز استفتاء المرأة ومشافهتها الرجال فيما يتعلق بالطهارة وأحداث النساء.

الرابعة: استماع صوتها عند الحاجة.

الخامسة: الأمر بإزالة النجاسة.

السادسة: نجاسة الدم وهو إجماع إلَّا من شذّ (1).

السابعة: أن الصلاة تجب بمجرد إنقطاع الحيض.

الثامنة: أن الصلاة لا يتركها من عليه الدم كما فعل عمر حيث صلى [وجرحه](2) يثعب دمًا (3).

(1) الصحيح من أقوال العلماء نجاسة الدم إذا أصاب البدن أو الثوب وأنه يجب غسله إلا أنه يعفى عن يسيره ودم الحيض نجس قليله وكثيره وهو ناقض للوضوء: وليعلم أن الدم الخارج من السبيلين نجس قليله وكثيره ولا يعفى عن يسيره ويجب غسل ما أصاب الثياب منه. وهو ناقض للوضوء قلَّ أو كثر.

(2)

في الأصل (حيث)، والتصحيح من ن ب.

(3)

صحيح أخرجه مالك في الموطأ والبيهقي (1/ 357). انظر: إرواء الغليل (1/ 225).

ص: 183

التاسعة: أن الدم السائل من الجسد من فصدٍ وغيره لا ينقض الطهارة (1)، لقوله عليه الصلاة والسلام:"إن ذلك عرق" ولم يأمرها بالطهارة للحيضة، قاله صاحب الإِكمال. نعم صح أمرها بالوضوء، كما رواه أبو داود (2) والنسائي (3) وصححه ابن حبان (4) والحاكم (5) وابن ..............................

(1) سئل شيخ الإسلام رحمنا الله وإياه في الفتاوى (21/ 228) عن الرعاف هل ينقض الوضوء أم لا؟ فأجاب: إذا توضأ منه فهو أفضل. ولا يجب عليه في أظهر قولي العلماء. اهـ. وقال ابن عثيمين -رحمنا الله وإياه-: الدم الخارج من غير السبيلين من الأنف أو السن أو من جرح أو ما أشبه ذلك، فإنه لا ينقض الوضوء قل أو كثر، هذا هو القول الراجح: إنه لا ينقض الوضوء شيء خارج من غير السبيلين من البدن سواء من الأنف أو السن أو من غيره، وسواء كان قليلًا أو كثيرًا، لأنه لا دليل على انتقاض الوضوء به، والأصل بقاء الطهارة حتى يقوم دليل على انتقاضها. وأما نجاسته فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس، وأنه يجب غسله إلا أنه يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه، والله أعلم. اهـ. من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين حفظه الله (4/ 200).

(2)

أبو داود عون المعبود (301).

(3)

النسائي (1/ 123).

(4)

ابن حبان (2/ 320).

(5)

المستدرك (1/ 174)، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الألباني-حفظه الله- في إرواء الغليل (1/ 224): إنما هو حسن فقط، لأن فيه محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة، وإنما أخرج له البخاري مقرونًا، ومسلم متابعة. وفي حفظه ضعف يسير يجعل حديثه في =

ص: 184

حزم (1).

وإذا أرادت المستحاضة الصلاة فإنها تحتاط (2) ومحل الخوض في ذلك كتب الفروع، وقد أوضحنا ذلك فيه، ولله الحمد.

العاشرة: فيه دليل على ترك الحائض الصلاة (3) وهو إجماع لم يخالف فيه إلَّا الخوارج.

نعم استحب بعض السلف للحائض إذا دخل الوقت أن تتوضأ وتستقبل القبلة وتذكر الله، وأنكره بعضهم.

ونقل ابن العطار في شرحه: أن بعض أصحابنا قال [بمقالة](4) بعض السلف المذكورة (5).

= رتبة الحسن لا الصحيح، ومع ذلك فقد صحيح الحديث ابن حبان، وابن حزم، والنووي. وأعله غيره بما لا يقدح. المحلى (1/ 251).

(1)

المحلى (1/ 251، 255).

(2)

الاحتياط: غسل الفرج والعصب. وهما لا يلزم إعادتهما لكل صلاة ما لم يفرط، والتفريط تأخير العصب بعد غسل الفرج. الوضوء لدخول وقت كل صلاة إن خرج شيء. اهـ. من حاشية الروض المربع لابن قاسم -رحمنا الله وإياه- (1/ 399).

(3)

لقوله: "فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة"، والنهي يقتضي عدم الصحة.

(4)

في ن ب (بمقابلة)، وهو تصحيف.

(5)

قال في المهذب: "إذا حاضت المرأة حرم عليها الطهارة، لأن الحيض يوجب الطهارة". قال النووي: هذا مشكل، وله تأويلان:

أحدهما: وهو الأظهر: أن معنى حرم عليها الطهارة، أي: لم تصح طهارتها وتعليله يقضيه. =

ص: 185

الحادية عشرة: فيه دليل على الرد إلى العادة، لأن الحديث يدل بلفظه على أن هذه المرأة كانت معتادة لقوله:"قدر الأيام" وهو يقتضي أنه كان لها أيام تحيض فيها، وليس فيه أنها كانت مميزة أو غير مميزة، فإن ثبت ما يدل على التمييز فذاك، وإلَاّ ردت إلى العادة، والتمسك به يدل على أن ترك الاستفصال في قضايا الأحوال [مع قيام الاحتمال](1) ينزل منزلة العموم في المقال. ويجوز أن يكون علم الواقعة في التمييز أو عدمه، وأجاب على ما علم.

الثانية عشرة: فيه دليل لأبي حنيفة في الرجوع إلى العادة سواء كانت مميزة أم لا.

= الثاني: مراده إذا قصدت الطهارة تعبدًا مع علمها بأنها لا تصح، فتأثم بهذا لأنها متلاعبة بالعبادة. فأما إمرار الماء عليها بغير قصد العبادة فلا تأثم به بلا خلاف، وهذا كما أن الحائض إذا أمسكت عن الطعام بقصد الصوم أثمت، وإن أمسكت بلا قصد لم تأثم. وهذا التأويل النسائي هو الصحيح كما يحرم على المحدث فعل الصلاة وإن كانت لا تصح منه. "فرع" هذا الذي ذكرناه من أنه لا تصح طهارة حائض هو في طهارة لرفع حدث سواء كانت وضوءًا أو غسلًا. وأما الطهارة المسنونة كغسل للإِحرام ونحوه فمسنونة للحائض بلا خلاف. اهـ. من المجموع شرح المهذب (2/ 348، 349)، وانظر الاستذكار (3/ 218). قال أبو عمر: هو أمر تروك عند جماعة الفقهاء، بل يكرهونه وفي حاشية الروض (1/ 377) ما نصه:"ولا يصحان أي: الصوم، والصلاة منها، أي من الحائض، بل يحرمان عليها" ومعلوم أن الصلاة من شرطها الوضوء.

(1)

زيادة من ن ب و (إحكام الأحكام).

ص: 186

وقال مالك والشافعي: في الأصح من مذهبه إذا كانت مميزة فلا ترجع إلى العادة، بل تصلي في أيام الاستحاضة وتترك الصلاة

في أيام الحيض، وتبقى كذلك أبدًا، [قال] (1) صاحب الإِكمال: وإليه ذهب عامة أهل الفتيا.

الثالثة عشرة: فيه رد على من قال: إنه يلزمها الغسل لكل صلاة لأنه ليس في الحديث ما يقتضي تكرار الغسل، وهو مذهب

الجمهور سلفًا [وخلفًا](2).

قالوا: ولا يجب إلَاّ مرة واحدة عند الانقطاع.

وروي عن ابن عمر وابن الزبير وعطاء أنهم قالوا: يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة.

وروي عن عائشة أنها قالت: تغتسل كل يوم غسلًا واحدًا. وعن ابن المسيب والحسن قالا: تغتسل من صلاة الظهر إلى صلاة

[الظهر](3) دائمًا (4).

(1) في ن ب (قاله).

(2)

في ن ب (سلفًا).

(3)

في ن ب (العصر).

(4)

الصحيح من أقوال العلماء -رحهم الله تعالى- وهو رأي الأئمة الأربعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة، وإنما أمرها بالغسل مطلقًا، فكانت هي تغتسل لكل صلاة، بل الواجب الوضوء لكل صلاة عند الجمهور. لأمره صلى الله عليه وسلم. المستحاضة بالوضوء عند كل صلاة رواه البخاري والترمذي وغيرهما حاشية الروض (1/ 402) وبهذا يعلم أن من ذكر أن عليها غسل بالنهار أو الليل أو تجمع بين كل صلاتين بغسل =

ص: 187

الرابعة عشرة: فيه رد أيضًا على من قال: إن عليها غسل بالليل وآخر بالنهار، وهو قول لبعض الصحابة.

الخامسة عشرة: فيه رد لقول من رأى عليها الجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، وتغتسل للصبح لعدم الأمر به، قاله أبو عمر (1).

السادسة عشرة: قال فيه رد لمن قال بالاستطهار يومين أو ثلاثًا أو أقل أو أكثر، أي كما حكي عن مالك أنها تستطهر (2) ثلاثًا.

السابعة عشرة: قال فيه [دليل](3) على أنه لا يلزمها غير الغسل، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمرها بغيره.

= ونحوها على غير دليل وقول من قال من ظهر إلى ظهر: مدارهم على لفظة صحفت بالظاء وإنما أصلها من طهر إلى طهر: انظر: سنن أبي داود عون المعبود (1/ 494)، المنتقى للباجي (1/ 127).

قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (3/ 226)، وذهت طائفة إلى أن الغسل لكل صلاة واجب عليها، لأحاديث رووها بذلك.

قالوا: لأنه لا يأتي عليها وقت صلاة إلَّا وهي فيه شاكة: هل هي حائض، أو طاهر، أو مستحاضة؟ أو هل طهرت في ذلك الوقت بانقطاع دم حيضتها أم لا؟ فواجب عليها الغسل للصلاة.

قالوا: ولو شاء الله لابتلاها بأشد من هذا. اهـ.

(1)

الاستذكار (3/ 222).

(2)

انظر: الاستذكار (3/ 222 - 226).

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 188

الثامنة عشرة: قوله "ثم اغتسلي" قال الباجي (1): يحتمل أن يكون للاستحاضة واستغنى عن ذكر الغسل للحيض، لأنه معلوم

عندها ويحتمل أن يكون لإِدبار الحيض.

قلت: وهذا هو الظاهر والخلاف المذكور مبني على أن الغسل [هل](2) هو لإِدبار الحيضة والذي للاستحاضة مستحب أو عكسه، وفيه قولان عند المالكية، وتظهر فائدة الخلاف في جواز وطئها بعد الغسل الأول.

فإن قلنا: إنه الواجب جاز وإلَّا فلا.

التاسعة عشرة: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا أقبلت الحيضة" قال الشيخ تقي الدين: [فيه](3) تعليق الحكم بالإِقبال والإِدبار، فلا بد أن يكون معلومًا [لها](4) بعلامة تعرفها فإن كانت مميزة ردت إلى التمييز، فإقبالها: بدوّ الدم الأسود، وإدبارها: إدبار ما هو بصفة الحيض. وإن كانت معتادة ردت إلى العادة، فإقبالها: وجود الدم في أول أيام العادة. وإدبارها: انقضاء أيام العادة. وقد ورد في حديث فاطمة ما يقتضي الرد إلى التمييز، وقالوا: إن حديثها في المميزة. وحمل قوله: "فإذا أقبلت الحيضة" على الحيضة المألوفة، قال: وأقوى الروايات في الرد إلى التمييز: الرواية التي

(1) المنتقى (1/ 125).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب ساقطة. انظر: إحكام الأحكام (1/ 478).

(4)

زيادة من إحكام الأحكام (1/ 478).

ص: 189

فيها "دم الحيض أسود يعرف فإذا كان [ذلك] (1) فأمسكي عن الصلاة"(2) وأما الرد إلى العادة فقد سلف في الرواية الأولى.

العشرون: قوله عليه الصلاة والسلام: "فاغسلي عنك الدم وصلي" قال الشيخ تقي الدين (3): هذا مشكل في ظاهره، لأنه

لم يذكر الغسل ولا بد بعد إنقضاء الحيض منه.

وحمل بعضهم هذا الأشكال على أن جعل الإِدبار: انقضاء أيام الحيض، والاغتسال. وجعل قوله:"فاغسلي عنك الدم": محمول على دم يأتي بعد الغسل.

قال: والجواب الصحيح: أن هذه الرواية -وإن لم يذكر فيها الغسل- فقد روي في رواية أخرى صحيحة، فقال فيها "واغتسلي"(4) انتهى.

وقد يجاب: بأن الغسل من دم الحيض معلوم، وإنما أجابها عما سألته (5)[وهو حكم الاستحاضة](6).

(1) في ن ب (كذلك)، وما أثبت من الأصل ومن سنن أبي داود.

(2)

سنن أبي داود عون المبرد (283، 301)، وابن حبان (2/ 318).

(3)

حاشية إحكام الأحكام (1/ 479).

(4)

قال الحافظ -رحمه الله تعالى- في الفتح (1/ 409): هذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام، منهم من ذكر غسل الدم، ولم يذكر الاغتسال، ومنهم من ذكر الاغتسال ولم يذكر غسل الدم. وكلهم ثقات وأحاديثهم في الصحيحين، فيحمل على أن كل فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده.

(5)

في ن ب زيادة (فقط).

(6)

في ن ب ساقطة.

ص: 190

الحادية والعشرون: في الحديث ما كانت الصحابة عليه في الرجوع فيما يحدث لهم من الأمور كلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال عن الأحكام والجواب عنها.

الثانية والعشرون: فيه أيضًا دلالة على إثبات الاستحاضة، وأن حكم دمها غير حكم دم الحيض ومحل الخوض في [أقسامها](1) كتب المذهب.

خاتمة: يجوز وطء المستحاضة غير المتحيرة عند الجمهور، وقال أحمد: لا يأتيها إلَّا أن يطول ذلك بها، وعنه أنه لا يجوز وطؤها إلَّا أن يخاف العنت.

(1) في ن ب (أحكامها).

ص: 191