المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس 36/ 5/ 6 - عن أم سلمة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس 36/ 5/ 6 - عن أم سلمة رضي الله

‌الحديث الخامس

36/ 5/ 6 - عن أم سلمة رضي الله عنها -زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- قالت: "جاءت أم سليم -امرأة أبي طلحة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا رأت الماء"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: التعريف براويه، وهي أم سلمة هند. وقيل: رملة بنت أبي أمية حذيفة، ويقال: سهيل، ويقال: زهير، ويقال: هشام بن

المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشية المخزومية أم المؤمنين. كنيت بابنها سلمة بن [عبد الله](2).

(1) البخاري رقم (130، 282، 3328، 6091، 6121)، ومسلم (313)، والترمذي (122)، ومالك في الموطأ (1/ 51)، والدارمي (1/ 95)، وأحمد في المسند (6/ 377)، وابن ماجه (601)، والمنتقى لابن الجارود (39).

(2)

في الأصل (أبي طلحة)، وفي ن ب (أم سلمة)، والتصحيح من طبقات ابن سعد (8/ 87).

ص: 55

تزوجها في شوال سنة اثنين من الهجرة بعد وقعة بدر وبنى بها في شوال، وكانت قبله عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد والد

[عمر](1) بن أبي سلمة، كذا قال أبو عمر وغيره أنه تزوجها سنة اثنين، وفي كتاب ابن الأثير: سنة ثلاث، وفيه نظر؛ لأن أبا سلمة شهد بدرًا سنة اثنين ومات سنة ثلاث أو أربع لا جرم، قال خليفة وغيره: تزوجها سنة أربع (2)، وإنما التي بني بها في شوال عائشة ثم تزوج بعدها حفصة سنة ثلاث، ووقع في المستدرك للحاكم عن أبي عبيدة أنه تزوجها سنة [اثنين](3) قبل وقعة بدر وصوابه [بعد](4).

وفي الطبقات (5) عن أم كلثوم قالت: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة ولا أراه إلَّا قد مات، ولا أرى الهدية التي أهديت له إلَّا سترد إليَّ

(1) ساقطة من الأصل، وما أثبت من ن ب.

(2)

الذي في طبقات ابن سعد (87/ 8) من رواية عمر بن أبي سَلَمة قال: خرج أبي إلى أُحد فرماه أبو سلمة الجشمي في عضده بسهم

إلى قوله: فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع من الهجرة فاعتدَّت أمي، وحلَّت بعشر بقين من شوال سنة أربع فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليالي بقين من شوال سنة أربع، وتوفيت في ذي القعدة سنة تسع وخمسين.

(3)

في ن ب (اثنتين).

(4)

في ن ب ساقطة.

(5)

الطبقات لابن سعد (8/ 95).

ص: 56

فإذا رُدَّت إليَّ فهي لك. قالت: فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. مات النجاشي [وردت إليه](1) الهدية [فأعطى](2) كل امرأة من نسائه أوقية أوقية من مسك وأعطى سائره والحلة أم سلمة، وفيه إشكال؛ لأن النجاشي توفي سنة تسع فهذا بعد تزويجها بخمس سنين أو أكثر على ما سلف.

قال ابن سعد: وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة الكنانية ثم القرشية. وقال خليفة (3): أمها أخته بنت عمرو بن الحارث القرشية.

قال أبو عمر (4): كانت هي وأبو سلمة أول من هاجر إلى أرض الحبشة، [وقيل] (5): هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة، وقيل: بل ليلى بنت أبي حثمة.

وقال ابن حزم: هي آخر نسائه موتًا، وقال عطاء: آخرهن حفصة، وهو وهم، وقد تقدم في ترجمة ميمونة قول الواقدي فيها.

روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة حديث وثمانية وسبعون حديثًا، اتفقا على ثلاثة عشر حديثًا، ولمسلم مثلها، قال ابن

(1) التصحيح من ن ب والطبقات.

(2)

في ن ب (وأعطى).

(3)

قال خليفة رحمه الله تعالى في الطبقات (334) أمها: " " عمرو بن الحارث بن مالك بن جذل الطعان: قال المعلق: الكلمة فوقها حبر ولا يمكن قراءتها ولم أجدها في المراجع، وفي طبعة أخرى للطبقات ذكر أن اسمها "حبّة" إلخ.

(4)

في ن ب (عمرو).

(5)

في ن ب ساقطة.

ص: 57

الجوزي: وللبخاري ثلاثة، روى عنها ابنها عمر وابنتها زينب وسعيد ابن المسيب وعروة وعطاء وغيرهم.

قال ابن سعد: وهاجر بها أبوسلمة إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا فولدت هناك زينب وسلمة وعمر ودرة، قال مالك: وهاجرت إلى المدينة مع رجل من المشركين وكان ينزل عنها ناحية ويرحل لها بعيرها ويتنحى (1) إذا ركبت فلما رأى نخل المدينة قال لها: هذا النخل الذي تريدين، ثم سلم عليها وانصرف، قال الضحاك بن عثمان: وهذا الرجل هو عثمان بن طلحة يعني العبدري.

قال ابن المسيب: وكانت من أجمل الناس، قال المطلب بن عبد الله بن حنطب: دخلت [أيم](2) العرب على سيد المرسلين أول العشاء عروسًا، وقامت من آخر الليل تطحن، يعني أم سلمة (3).

وكان أبوها أحد الأجواد يعرف بزاد الراكب.

وروى ابن سعد قصة غيرة عائشة منها لجمالها، وشهدت فتح خيبر فسمعت وقع السيف في أسنان مرحب. ولما انقضت عدتها أرسل إليها أبو بكر فخطبها ثم عمر ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: مرحبًا به، وروي أنه لم خطبها قالت: إني امرأة مصبية وفيّ غيرة وقد كبرت، قال عليه السلام: "أما الصبية فأنا وليهم- أو قال:

(1) في ن ب زيادة (عنها).

(2)

في ن ب (اسم).

(3)

الطبقات لابن سعد (8/ 95).

ص: 58

فإليَّ- وأما الغيرة فأنا أدعو الله لها [تذهب](1) وأنا أكبر منها" فلما دخل بها قال: "إن شئت سبّعت عندك وسبعت [عند](2) نسائي وإن شئت ثلّثت ودرت" [قالت](3): بل ثّلث.

[و](4) في تاريخ وفاتها خمسة أقوال:

أحدها: سنة تسع وخمسين.

ثانيها: سنة أربع وستين.

ثالثها: سنة اثنتين وستين.

رابعها: سنة إحدى وستين حين جاءها نعي الحسن، حكاه ابن عساكر وصححه، وفي صحيح مسلم وجامع الترمذي ما يؤيده.

وخامسها: في أول ولاية يزيد بن معاوية، وكانت ولايته لثمان بقين من رجب سنة ستين في اليوم الذي مات فيه معاوية.

واختلف في الشهر على ثلاثة أقوال:

أحدها: في ذي القعدة.

وثانيها: [في](5) رمضان.

وثالثها: ربيع الأول.

(1) في ن ب (فتذهب).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (فقالت).

(4)

زيادة من ن ب.

(5)

زيادة من ن ب.

ص: 59

واختلف فيمن صلى عليها على قولين:

أحدهما: أبو هريرة، قاله الواقدي.

الثاني: سعيد بن زيد، وهو غريب جدًا، بل وهم، فإنه توفي سنة إحدى وخمسين أو سنة خمسين، وفي كتاب أبي عمر أنها أوصت بذلك وهو غريب أيضًا فحمل على أنها أوصت بذلك ثم مات قبلها، وكان لها يوم ماتت أربع وثمانون سنة وقيل تسعون، ولا خلاف أنها دفنت بالبقيع، ونزل في قبرها ابنها عمر وأخوه سلمة، وعبد الله بن عبد الله بن أبي أمية، وعبد الله بن وهب الأسدي [خ م دت ق](1)(2).

وأما أم سليم: فهي بنت ملحان بكسر الميم على الأشهر وحُكِيَ فتحها، ابن خالد بن زيد، الأنصارية، أم أنس وأخت أم [حرام](3)[و](4) لها صحبة ورواية.

يقال: إنها الغميصاء، ويقال: الرميصاء، وقال أبو داود: الرميصاء أخت أم سليم من الرضاعة، واسمها سهلة، ويقال: رملة،

ويقال: رُميثة، ويقال أُنَيفة. وضعّفه ابن حبان، وقيل: مليكة، وجزم به جماعة، وزعم الأصيلي أنها بفتح الميم وكسر اللام، وزعم ابن

(1) هذه الرموز ساقطة من ن ب.

(2)

هذه رموز أصحاب الكتب الخمسة: البخاري ومسلم أبو داود والترمذي وابن ماجه.

(3)

في الأصل (حزام)، وما أثبت من ن ب.

(4)

زيادة من ن ب.

ص: 60

سعد أن مليكة اسم أمها، وورد ما يؤيده، فقال السمعاني: الرميصاء لقب لها، [أي](1) لرمص كان في [عينها](2) كما قاله السهيلي.

روي لها عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر حديثًا، اتفقا على حديث واحد، وللبخاري حديث، ولمسلم اثنان، روى عنها ابنها أنس وابن عباس وغيرهما، وكانت من عقلاء النساء، وفضلائهن.

وفي البخاري عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم "دخلتُ الجنة (3) فسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذه الرميصاء بنت ملحان أم أنس" وفي رواية "الغميصاء"(4).

قال ابن عبد البر: كانت تحت مالك بن النضر في الجاهلية فولدت له أنسًا فلما جاءها الله بالإِسلام اسلمت مع قومها وعرضت

الإِسلام على زوجها فغضب عليها وخرج إلى الشام فهلك هناك، ثم خلف عليها بعده أبو طلحة الأنصاري، خطبها مشركًا فلما علم أنه لا سبيل عليها إلَّا بالإِسلام أسلم وتزوجها وحسن إسلامه (5)، قال أنس: وكان صداقها الإِسلام، فولد له منها غلام كان قد أعجب به فمات صغيرًا فأسف عليه، ويقال: إنه أبو عمير صاحب النغير، ثم ولد عبد الله بن أبي طلحة فبورك فيه وهو والد إسحاق بن

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب (عينيها).

(3)

في ن ب زيادة (فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة)، وفي مسلم عن أنس عن النبي دخلت

(4)

أخرجها البخاري ومسلم.

(5)

في ن ب زيادة (واو).

ص: 61

عبد الله بن أبي طلحة الفقيه وإخوته كانوا عشرة كلهم حمل عنه العلم.

وروي عن أم سليم أنها قالت: لقد دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ما أريد زيادة، وفي الطبقات أنها شهدت أحدًا ومعها خنجر (1).

والمعروف أنها أم [أنس](2) ووقع في عدة من كتب الفقهاء كالنهاية والوسيط والبحر المحيط أنها جدته، وصرَّح به ابن منده، وورد في حديث مصرحًا به أيضًا، لكن في حديث صلاة الجماعة الذي ذكره المصف في باب الصفوف فاستفد ذلك من كتابي تذكرة الأخبار بما في الوسيط من [الأخبار](3) فإنه موضح فيه.

وكانت هي وأختها خالتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، ذكره النووي [في تهذيبه](4)، وكان عليه السلام يقيل عندها وتبسط له نطعًا فينام عليه وقال:"إني أرحمها قتل أخوها معي"(5)، وشرب عليه السلام عندها قائمًا من قربة فقطعت ذلك الموضع وأمسكته عندها (6).

وقصتها مشهورة مع أبي طلحة وقد مات ولده فلم تعرفه

(1) كذا في الطبقات (8/ 425)، وفي سير أعلام النبلاء (2/ 304).

(2)

في ن ب (قليس).

(3)

في ن ب (الأخيار).

(4)

في الأصل (بتهذيبه)، وما أثبت من ن ب.

(5)

أخوها هو حرام بن ملحان، قتل يوم بئر معونة. انظر: طبقات ابن سعد (8/ 428)، والبخاري (6/ 37)، ومسلم (2455).

(6)

طبقات ابن سعد (8/ 428)، والشمائل للترمذي رقم (215).

ص: 62

بذلك حتى تغشاها وأصاب منها، وقولها له آخر الليل: يا أبا طلحة ألم تر أن آل فلان استعاروا عارية فمنعوها فطلبت (1) فشق عليهم، قال: ما أنصفوا، قالت: فإن ابنك عارية من الله فقبضه الله إليه، فاسترجع فحمد الله فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال:"بارك الله لكما في ليلتكما" فحملت بعبد الله (2)، قال عباية بن رفاعة: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن (3).

ولم أر من أرّخ وفاتها، ولم يذكره أيضًا [المزي](4) في تهذيبه ولا من تبعه.

وأما زوج أم سليم: فهو [أبو](5) طلحة زيد بن سهل ابن الأسود أحد النقباء ليلة العقبة. شهد بدرًا والمشاهد، روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنان [وسبعون](6)(7) حديثًا، اتفقا على اثنين، وانفرد كل واحد بواحد، روى عنه [ابن](8) عباس وأنس وابنه عبد الله وابن ابنه إسحاق بن عبد الله وغيرهم.

(1) في ن ب زيادة (منهم).

(2)

البخاري فتح (9/ 509) في أول العقيقة، ومسلم برقم (2144)، وأحمد في المسند (3/ 196).

(3)

الطبقات (8/ 434).

(4)

في الأصل (المزني).

(5)

في ن ب ساقطة.

(6)

في ن ب (وتسعون).

(7)

الذي في سير أعلام النبلاء (2/ 34) نيفًا وعشرين حديثًا.

(8)

زيادة من ن ب.

ص: 63

مات بالمدينة سنة أربع وثلاثين عن سبعين سنة وعاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة، [سرد](1) الصوم، وروي أنه غزا البحر فمات فيه، قال ابن حبان: وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم حنين عشرين رجلًا بيده وهو القائل:

أنا أبو طلحة واسمي زيد

وكل يوم في سلاحي صيد

وصحّ أنه كان يتناول البرد وهو صائم ويقول: ليس بطعام ولا شراب (2). وترجمته موضحة فيما أفردته في الكلام على رجال هذا الكتاب فراجعها [منه](3).

الوجه الثاني: قولها "إن الله لا يستحي من الحق" أي لا يأمر بالحياء فيه، ولا يمتنع من ذكره، ويقال: يستحي بيائين وبياء واحدة

وكلاهما صحيح، والأولى لغة أهل الحجاز، والثانية: لغة تميم، وأصل الثاني كالأول فاستثقلت الكسرة تحت الياء الأولى التي هي عين الكلمة فنقلت إلى الحاء، واستثقلت الضمة على الياء الثانية التي هي ياء الكلمة فحذفت، وجمع ساكنان [فحذفت](4) الياء (5). قال

(1) في ن ب (يسرد).

(2)

أحمد في المسند (3/ 279)، وأخرجه البزار في مسنده برقم (1022)، وقال عقبة: لا نعلم هذا الفعل إلَّا عن أبي طلحة، والجمهور على خلاف رأيه.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في الأصل (فحذف)، وما أثبت من ن ب.

(5)

في ن ب زيادة (فيما يظهر).

ص: 64

ابن عطية (1): وقرأ ابن كثير وابن محيصن وغيرهما (يستحي) بكسر الحاء وهي لغة تميم كما تقدم، وذكر هذه القراءة القرطبي أيضًا.

وأصل الاستحياء: الانقباض عن الشيء والامتناع منه خوفًا من مواقعة القبيح، وهذا محال على الله تعالى (2).

الثالث (3): قولها: "إن الله لا يستحي من الحق" أيضًا هو توطئة واعتذار لما ستذكره بعد مما يستحي النساء من ذكره غالبًا. وهو عند الكتّاب والأدباء أصل المكاتبات والمحاورات، ووجه ذلك أنه يقدم الاعتذار بسبب الإِدراك النفسي المعتذر منه صافيًا خاليًا عن العتب، بخلاف ما إذ تأخَّر فإن النفس تستقبل المعتذر منه بقبحه، ثم يأتي العذر رافعًا وفي الأول يكون دافعًا، ولا يخفى الفرق بين الدافع والرافع، وقريب من هذا الإِعلام بالمكروه قبل وقوعه فإن النفس

(1) المحرر الوجيز (1/ 151).

(2)

قال الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله في تعليقه على فتح الباري (1/ 389): والصواب: أنه لا حاجة إلى التأويل مطلقًا، فإن الله يوصف بالحياء الذي يليق به ولا يشابه يه خلقه كسائر صفاته وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة فوجب إثباته له على الوجه الذي يليق به، وهذا قول أهل السنة والجماعة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، وهو طريق النجاة فتنبه واحذر، والله أعلم.

وما ذكره في تعريف الحياء واستحالته على الله هو من قولهم تشبيه الخالق بالمخلوق. فإثبات الصفة لله تعالى يكون إثباتًا كاملًا منزهًا عن الشبيه من جميع وجوهه. اهـ.

(3)

في ن ب زيادة (واو).

ص: 65

تتوطن عليه بخلاف ما إذا فاجأ على غفلة والعياذ بالله وإن [وقع](1) ذهب بعد ذلك.

فيستنبط مما ذكرته رضي الله عنها أن الشخص إذا عرضت له مسألة أن يسأل عنها ولا يمتنع من السؤال حياء من ذكرها فإن ذلك ليس بحياء حقيقي؛ لأن الحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلَّا بخير والإِمساك عن السؤال في هذه الحال ليس بخير بل هو شر فلا يكون حياء حقيقيًّا بل [هو](2) مجازي طبعي يسمى خورًا، وقد قالت عائشة:"نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"(3).

فإن قلت: إنما يعتذر من المطلوب عادة بالحياء في الإِثبات لا في النهي كما ثبت "إن الله [حيي] (4) كريم" فأما في النفي

فالمستحيلات تنفي فلا يشترط فيه أن يكون ممكنًا.

فالجواب: أنه لم يرد على النفي مطلقًا، بل على الاستحياء من

(1) زيادة من ن ب.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

البخاري في صحيحه معلقًا (1/ 228)، والفتح ومسلم في صحيحه (1/ 261) كتاب: الحيض، وأحمد (6/ 147)، وأبو داود (1/ 84)، كتاب: الطهارة، باب: الاغتسال من الحيض، وابن ماجه (642)، وعبد الرزاق (1208)، وأبو عوانة (315).

(4)

في ن ب (حق): والحديث أخرجه أبو داود (1488) في الصلاة، باب: الدعاء، والترمذي (3551)، وحسنه ابن حجر في الفتح (1/ 121) وهو من رواية سلمان، وأنس.

ص: 66

الحق، فمن حيث المفهوم يقتضي أنه يستحيي من غير الحق فيعود من حينه إلى جانب الإِثبات.

الرابع: اختلف العلماء في معنى قولها: "إن الله لا يستحي من الحق" على أقوال:

أحدها: ما قدمته في أن معناه: إن الله لا يأمر بالحياء فيه ولا يمنع من ذكره، وبه جزم القرطبي في تفسيره، ونقل عن الطبري أنه قال في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي} (1) الآية أن معناها: لا يخشى، وأنه رجحه قال: وقال غيره: لا يترك، وقيل: لا يمنع.

ثانيها: أن سنة الله وشرعه أنه لا يستحيي من الحق.

ثاثها: إن الله لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه، قال الشيخ تقي الدين (2): أما تأويله على أنه لا يمنع من ذكره فقريب؛ لأن المستحي يمتنع من فعل ما استحيا منه، فالامتناع من لوازم الحياء، فيطلق الحياء على الامتناع إطلاقًا لاسم الملزوم على اللازم، وأما قولهم:[لا يأمر بالحياء](3)[ولا يقبحه، فيمكن في توجيهه أن يقال: التعبير بالحياء عن الأمر بالحياء](4) متعلق بالحياء، فيصح إطلاق الحياء على الأمر به على سبيل إطلاق المتعلق على المتعلق، وإذا صح إطلاق الحياء على الأمر بالحياء صح إطلاق عدم الحياء من الشيء على عدم الأمر به.

(1) سورة البقرة: آية 26 - انظر: تفسير الطبري (1/ 398).

(2)

إحكام الأحكام (1/ 394) للاطلاع على اختلاف النسخ.

(3)

في إحكام الأحكام (1/ 394) في الحق ولا يبيحه.

(4)

زيادة من ن ب.

ص: 67

وهذه الوجوه من التأويلات تذكر لبيان ما يحتمله اللفظ من المعاني ليخرج ظاهره [عن المنصوصية](1) لا [على](2) أنه يجزم بإرادة [متعين منها](3)، إلَّا أن يقوم على ذلك دليل.

وأما قولهم: "إن سنة الله وشرعه إنه لا يستحيي من الحق"، فليس فيه تحرير (4) بالغ، فإنه إما أن يسند فعل الاستحياء إلى الله تعالى [أو لا](5)[و](6) يجعله فعلًا لما لم يسم فاعله، فإن أسنده إلى الله تعالى فالسؤال باق بحاله، وغاية ما في الباب: إنه زاد قوله "سنة الله وشرعه" وهذا لا يخلص من السؤال، وإن بنوا الفعل لما لم يسم فاعله، فكيف يفسر فعلًا بني للفاعل [و](7) المعنيان متباينان، والإِشكال إذًا وارد على بنائه للفاعل؟ قال: والأقرب: أن يجعل في الكلام حذف، تقديره: إن الله لا يمنع من ذكر الحق "والحق" هنا خلاف الباطل ويكون المقصود من الكلام: أن يقتدى بفعل الله سبحانه وتعالى في ذلك، أي في قوله:{وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (8)

(1) في إحكام الأحكام (1/ 100)(عن المنصوحية)، وفي جميع النسخ (على النصوصية)، وما أثبت من إحكام الأحكام مع الحاشية.

(2)

زيادة من إحكام الأحكام (1/ 395).

(3)

في جميع النسخ (المعنى)، وما أثبت من إحكام الأحكام.

(4)

انظر: العدة حاشية إحكام الأحكام (1/ 395).

(5)

زيادة من إحكام الأحكام (1/ 100).

(6)

في ن ب (أو)، وما أثبت يوافق إحكام الأحكام.

(7)

في ن ب (أو)، وما أثبت يوافق إحكام الأحكام.

(8)

سورة الأحزاب: آية 53.

ص: 68

الآية، ويذكر هذا الحق الذي دعت الحاجة إليه من السؤال عن احتلام المرأة.

الخامس: قولها: "إذا هي احتلمت" الظاهر أن "هي" زائدة لتوكيد المعنى وتحقيقه، وإن كان الأصل عدم الزيادة لدلالة المعنى على ذلك؛ لأن أصل المعنى لا يختل بإسقاطها (1)، ولأن "إذا" هنا فيها معنى الشرط وهو لا يليها [إلَّا الأسماء](2) عند البصريين غير الأخفش، فلا يجوز أن يكون في موضع المبتدأ ولا أن يكون فاعلًا بفعل مضمر، يفسره ما بعده من باب قوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} (3) لأن الفاعل لا يكون ضميرًا منفصلًا بغير واسطة فتعين زيادتها، نعم يصح أن يكون مبتدأ عند الكوفيين والأخفش على أصلهم.

السادس: "الاحتلام" كما قال الشيخ تقي الدين (4) في الوضع: افتعال من الحلم -بضم الحاء وسكون اللام- وهو: ما يراه النائم في نومه، يقال منه: حلم -بفتح اللام [واحتلم](5) - واحتلمت به، واحتلمته.

(1) قول قد جاء في إحدى روايات البخاري في كتاب الأدب، بحذفها. وعند عبد الرزاق (1/ 284).

(2)

في الأصل وفي ن ب (إلَّا أسماء)، والصحيح ما أثبت.

(3)

سورة الانشقاق: آية 1.

(4)

إحكام الأحكام (1/ 100).

(5)

زيادة من ن ب وإحكام الأحكام.

ص: 69

وأما في الاستممال والعرف العام: فإنه قد خص هذا الوضع اللغوي ببعض ما يراه النائم، وهو ما يصحه إنزال الماء، فلو رأى

غير ذلك لصح أن يقال له: "احتلم" وضعًا، ولا يصح عرفًا.

وقال الماوردي رحمه الله: الاحتلام هو إنزال المني في نوم أو جماع أو غيرهما، وأما النووي رحمه الله [فخصه](1) بما يراه

النائم كما سلف.

السابع: قوله عليه السلام: "نعم إذا رأت الماء" قال الشيخ تقي الدين (2): يحتمل أن يكون مراعاة للوضع اللغوي في قوله: "واحتلمت" فإنا قد بينا أن "الاحتلام" رؤية المنام كيف كان وضعًا، فلما [سألت] (3):[هل](4) على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ [وكانت لفظة "احتلمت" عامة، خصص الحكم بما إذا رأت الماء، أما لو حملنا لفظة "احتلمت]" (5) على المعنى العرفي كان قوله: "إذا رأت الماء" كالتوكيد والتحقيق لما سبق من دلالة اللفظ الأول عليه.

ويحتمل أن يكون الاحتلام الذي يحصل به الإِنزال على قسمين: تارة يوجد معه البروز [إلى الظاهر، وتارة لا، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم "إذا رأت الماء" مخصصًا للحكم بحالة البروز

(1) في ن ب (فيخصه).

(2)

إحكام الأحكام (1/ 100)، وقوله في إحكام الأحكام:(قولها).

(3)

التصحيح من الأحكام، وفي الأصل ون ب (سأل).

(4)

في الأصل (هذا)، والتصحيح من إحكام الأحكام ون ب.

(5)

زيادة من ن ب وإحكام الأحكام.

ص: 70

إلى] (1) الظاهر، ويكون قوله:"إذا رأت الماء" أفاد فائدة زائدة، وليس لمجرد التوكيد.

الثامن: الرؤية: ظاهرها الخروج إلى ظاهر الفرج، وهو ما نقله الرافعي عن الأكثرين، وأما ابن الصلاح فأنكره عليه وقال:

إنه مردود (2).

وقال الشيخ تقي الدين: [إن](3) ظاهر كلام بعض الفقهاء يقتضي وجوب الغسل بالإِنزال إذا عرفته بالشهوة ولا يوقفه على

البروز إلى الظاهر، فتكون الرؤية بمعنى العلم ها هنا، أي إذا علمت نزول الماء فعلى هذا يكون حذف هنا للمفعول الثاني لرأى، وفي البسيط عن الأطباء أن منيها لا يخرج منها.

وقال الفقيه ناصر الدين ابن المنير رحمه الله في ترجيز التهذيب في مذهب مالك رحمه الله: إن قلت:

كيف ينزلن النساء وهن لا يبدو لهن الماء؟

فاعلم أن فرجها مقلوب، يعرف شرح ذلك الأطباء

(1) زيادة من ن ب وإحكام الأحكام.

(2)

ويرده ما جاء في رواية خولة بنت حكيم عند أحمد (6/ 409) وفيه "ليس عليها غسل حتى تنزل كما ينزل الرجل". وعند عبد الرزاق (1/ 284) وفيه "إذا احتلمت المرأة فأنزلت الماء فلتغتسل"، وفي طريق أخرى "إذا رأت الماء رطبًا فلتغتسل"، وأشار إلى ورودها ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 23).

(3)

في ن ب ساقطة. ساقه بمعناه من إحكام الأحكام (1/ 397) مع الحاشية.

ص: 71

وفي الذخيرة للقرافي: إن المرأة [داخل](1) فرجها ذكرًا وأنثيين، ويبعد أن تحمل [الرؤية](2) هنا على رؤية القلب وهو علمها

بلذتها بانتقال مائها من مكان إلى مكان آخر من باطن الفرج، لكنه يظهر في جانب البكر كما سأذكره في الفرع الآتي على الأثر.

فرع مهم ينتبه [له](3): وهو أنه لو نزل المني إلى باطن فرج ثيب، ولم يخرج وجب الغسل، أو بكر فلا، والفرق [أن باطن](4) فرج الثيب في حقها كالظاهر فإنه يجب عليها غسله في الاستنجاء، بخلاف البكر فإن باطنه كباطن إحليل الرجل، صرَّح به الماوردي (5) وجزم به النووي في تحقيقه وشرحه لمسلم (6)، وكلام الغزالي يقتضي الوجوب بالنسبة إلى البكر أيضًا.

التاسع: اعلم أنه يجب الغسل على المرأة بالإِنزال كالرجل؛ للحديث الصحيح: "إنما الماء من الماء"(7) فيحتمل أن أم سليم لم تسمع ذلك فسألت عنه لمسيس حاجتها إليه، ويحتمل أن يكون سمعته ولكنها سألت عن حال المرأة لقيام مانع منها يخرجها عن العموم وهو ندرة بروز الماء منها.

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب (الرواية).

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

زيادة من ن ب.

(5)

الحاوي الكبير (1/ 260).

(6)

(3/ 220).

(7)

أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد، وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان.

ص: 72

العاشر: يؤخذ من الحديث السؤال عن العلم إذا جهله وعلمه واحتاج إلى زيادة إيضاح.

الحادي عشر: يؤخذ منه أيضًا تقديم الاعتذار قبل المعتذر عنه وإن كان واجب الفعل لأجل العادة.

الثاني عشر: يؤخذ منه أيض الاحتياط لعدم سوء الظن بالشخص بعدم الأدب العادي وإن لم يكن سوء أدب شرعًا.

الثالث عشر: يؤخذ منه أيضًا أن الحياء المطلوب إنما هو فيما وافق الشرع لا العادة.

الرابع عشر: يؤخذ منه أيضًا السؤال في الاستفتاء بهل تنبيهًا على عدم معرفة السائل، فلا يقول: هكذا قلت أنا، ولا: كنت أعلم

ذلك من [غيرك](1) كذا، وقال فلان بخلاف قولك.

الخامس عشر: يؤخذ منه أيضًا أن لفظة [على](2) مقتضاها الوجوب.

السادس عشر: يؤخذ منه (3) جواب المفتي بنعم مع قيد في الحكم إذا كان.

السابع عشر: يؤخذ منه أيضًا أن المرأة يجب عليها الغسل بخروج المني سواء النوم واليقظة، كما يجب على الرجل بخروجه،

(1) في الأصل (غير)، والتصحيح من ن ب.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب زيادة (أيضًا).

ص: 73

وهو إجماع، ويجب عليها بأمور أخرى، محل الخوض فيها كتب الفروع.

الثامن عشر: يؤخذ منه (1) جواز استفتاء المرأة بنفسها.

التاسع عشر: يؤخذ منه أيضًا استحباب حكاية الحال في الوقائع الشرعية مع الحكم.

(1) في ن ب زيادة (أيضًا).

ص: 74