الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب التيمم
نفتتحه بمقدمات:
[الأولى](1): التيمم في اللغة: القصد.
وفي الشرع: قصد إيصال التراب إلى الوجه واليدين بشرائط مخصوصة.
وهو ثابت بالكتاب والسنة (2) الشهيرة والإِجماع، ورخصة (3) وفضيلة خصت بها هذه الأمة، لم يشاركها فيها غيرها من الأمم، كما صرحت به الأحاديث الصحيحة.
وقيل: إنه عزيمة (4)، وبه جزم الشيخ أبو حامد في "تعليقه"،
(1) في الأصل (الأول)، وما أثبت من ن ب.
(2)
دليله من الكتاب: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} .
ومن السنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم: "وجعلت في الأرض مسجدًا وتربتها لنا طهورًا".
(3)
وهي لغة: الانتقال من صعوبة إلى سهل. وشرعًا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. وفي الحديث: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه".
(4)
وهي لغة: القصد المؤكد. وشرعًا: حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح. وهما وصفان للحكم الوضعي. والفرق بينما: أن =
وقال: الرخصة إنما هو إسقاط الفرض به. وقال الغزالي في "المستصفى": إنْ تَيَمَّمَ لعدم الماء فعزيمةٌ. وإن تَيَمَّمَ مع وجوده لمانع كمرض ونحوه فرخصة، وهو حسن.
وتظهر فائدة الخلاف: في العاصي بسفره إذا تيمم، هل يقضي؟ وكذا في صحة التيمم بتراب مغصوب، فإن قلنا: عزيمةٌ صح، وإلَاّ فوجهان.
وجزم النووي في باب الآنية ومسح الخف من "شرح المهذب" بالصحة، والتيمم بتراب المسجد حرام (1)، كما قاله النووي في
"شرح المهذب". وحينئذٍ سيأتي في [صحة](2) ما ذكرناه في المغصوب.
المقدمة الثانية: أجمع العلماء على أنه مخصوص بالوجه
= الرخصة ما جاء على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، وهي لا تستباح بالمعاصي، والعزيمة. ما جاء على وفق دليل شرعي خال عن معارض راجح، وهي ما جاز فعلها. ولو في حالة المعصية. اهـ. من حاشية الروض (1/ 213) لابن قاسم.
(1)
قال في الإِنصاف (1/ 286): (تنبيه): قوله (فهو كالماء) اعلم أن التراب كالماء في مسائل منها ما تقدم. ومنها لا يجوز التيمم بتراب مغصوب. قاله الأصحاب. قال في الفروع وظاهره ولو بتراب مسجد، ثم قال: لعله غير مراد.
(فائدة): لا يكره التيمم بتراب زمزم مع أنه مسجد، قاله في الفروع والرعاية، انظر الفروع (1/ 223).
(2)
في الأصل (صحته)، وما أثبت من ن ب.
واليدين، سواء تيمم عن الحدث الأصغر، أو الأكبر، تيمم عن كل الأعضاء أو بعضها.
الثالثة (1): اخْتُلِفَ في وقت نزول فرضه.
فقال ابن حبيب: سنة أربع.
وقال غيره: سنة ست، وجزم ابن حبان في [ثقاته](2) بأنه سنة خمس، [قال: في] (3) غزوة المريسيع في شعبان قصد بني [المصطلق](4) من خزاعة على مائهم، قريبٌ من الفَرْع (5)، فقتل منهم رجالَهم، وسَبَى نساءَهم، وكان [ممن](6) سُبِيَ جويريةُ بنتُ الحارثِ، تزوجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل صداقها أربعين أسيرًا من قومها.
قال: وفي هذه الغَزَاة سَقَط عِقْدُ عائشةَ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على التماسه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فنزلت آيةُ التيمم [قال] (7) أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
(1) في ن ب زيادة (المقدمة).
(2)
في الأصل (فتاويه)، والتصحيح من ن ب. الثقات لابن حبان (1/ 264). أقول: رده ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 442)، وقال: ليس بصحيح. اهـ.
(3)
في الأصل (قال)، وما أثبت من ن ب.
(4)
في ن ب (المصطلة).
(5)
الفرع -بفتح الفاء وإسكان الراء وآخره عين مهملة-: قرية من نواحي المدينة بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة. معجم البلدان (4/ 286).
(6)
في ن ب (فيمن).
(7)
في ن ب (فقال).
فبعثوا البعير الذي كانت عليه، فوجدوا العِقْدَ تحته (1).
الرابعة: سبب مشروعيته: أنه لمَّا كان أصل الحياة الماءُ، والمصير إلى التراب، شُرِعَ التيممُ به، ليستشعرَ بفقد الماء موتَهُ، وبالتيمم بالتراب إقبارَهُ، فيذهبُ عنه الكسلُ، ويسهلُ عليه ما صعب من العمل. كذا قيل.
وقال ابن العربي (2): في خصوصية [هذه الأمة](3) بالتيمم حكمتان:
الأولى: أنَّ طهارتهم الأصليةَ كانت بالماء، فنقل الله منها عند عدمها إلى التراب الذي هو أصل الخلقة، لتكون العبادة دائرةً بين قوام الحياة وأصل الخلقة.
والثانيةُ: أن النفس خَلَقَها اللهُ -تعالى- على جبلة وهي أنها كلما تمرنت عليه أنست به، وكلما أعرضت عنه كسلت، فلو لم نوظف عليها عند عدم الماء حركة في الأعضاء، وإقبالًا على الطهور، لكانت عند وجود الماء [تُبعِد](4) عنها العبادة، فتشق عليها العبادة، فَشَرَع اللهُ لها ذلك دائمًا حتى يكونَ [أنسها](5) به، "فإنما الخير عادةٌ، والشر لجاجةٌ"(6).
(1) البخاري رقم (334)
…
إلخ.
(2)
القبس (1/ 177).
(3)
في الأصل (هذا الماء)، والتصحيح من ن ب.
(4)
في ن ب (فيبعد)،
(5)
في الأصل (إنسًا)، والتصحيح من ن ب.
(6)
هذا حديث من رواية معاوية رضي الله عنه أخرجه ابن ماجه (221)، =
قال: [وإذا](1) ثبت أنه قائم مقامه، فإنه عامل عمله، في إباحة الصلاة، ورفع الحدث، فإن الحدث ليس بمعنى حسي قائم، وإنما هو عبارة عن المنع من الصلاة، فإذا تَيَمَّمَ وصَلَّى زال المانعُ، وارتفعَ حكم الحدث.
قال: وقد مد الله طهارة الماء إلى غاية وهي: وجود الحدث، ومد طهارة التيمم إلى غاية وهي: وجود الماء.
قال: والذي يقول: إنَّ عليه أَنْ يطلبَ الماءَ لكل صلاة، فإنْ وجده استعمله وصلّى، وإن لم يجده بقي على حكم التيمم الأول، وقد تقدم [الكلام](3) على هذه المسألة في حديث "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"(3) مستوفى.
إذا تقررت هذه المقدمات فلنرجع إلى ما نحن بصدده، فنقول: ذكر المصنف رحمه الله فى الباب ثلاثةَ أحاديث:
…
= وأبو نعيم في الحلية (5/ 252)، وابن عدي في الكامل (2/ 132)، والطبراني في الكبير (19/ 904)، ومسند الشاميين (2215)، وهو حديث حسن كما ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير.
(1)
في ن ب (فإذا).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
الحديث الثاني من كتاب الطهارة.