الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
45/ 4/ 8 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري، فيقرأ القرآن، وأنا حائض"(1).
الكلام عليه من وجهين:
الأول: في ألفاظه:
"الحجر" معروف، وهو بفتح الحاء وكسرها، كما سبق في حديث أم قيس في باب المذي.
قال القاضي (2): ووقع للعدوي: في "حجرتي" بدل "حجري"، وهو وهم، والمعروف الأول وهو الرواية.
ومعنى "يتكىء": يميل بإحدى شقيه.
الثاني: في فوائده:
(1) البخاري (297)، ومسلم (301)، وابن ماجه (634)، وأبو داود (260).
(2)
مشارق الأنوار (1/ 182)، وقوله هنا ووقع للعدوى. الذي في المشارق وأخبرنا به أبو بحر عن العذرى.
الأولى: فيه إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن، لأن قولها:"فيقرأ القرآن"، إنما يحسن التنصيص عليه إذا كان ثم ما يوهم منعه، ولو كانت القراءة جائزة لها لكان هذا التوهم [منفيًا](1) أعني توهم امتناع قراءة القرآن، فارادت بهذا نفي توهم أنه لا يجوز مخالطتها والاتكاء في حجرها، ونفي ما كانت اليهود عليه من عدم مخالطة الحائض وصجانبتهم إياها في الأكل والشرب والمضاجعة، فكيف بالتلاوة والعبادة.
ومذهب الشافعي امتناع القراءة عليها على الصحيح منه، وهو مذهب الجمهور.
ومذهب أصحاب مالك جوازه، وما ذكرناه من هذه الإِشارة هو ما نبه عليه الشيخ تقي الدين.
وأما صاحب الإِكمال (2) فخالف، فقال: فيه دليل على أنها تقرأ. قال وإليه نحى البخاري في كتابه (3)، قال: ووجه استدلاله أنها لو كانت ممتنعة منها لامتنع صلى الله عليه وسلم من قراءته في محل حامل للحيض تشريفًا للقرآن، لأن قراءتها له في تلك الحالة حالة استقذار وقراءته في حجرها قراءة في مكان حامل لمستقذر، ولا فوق بين حالة
(1) في الأصل منتفيًا وما أثبت من ن ب.
(2)
هو سليمان بن مظفر بن غنائم بن عبد الكريم أبو داود الجيلي توفي في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وستمائة عن نيف وستين سنة. ترجمته في البداية والنهاية (13/ 141)، وطبقات السبكي (5/ 56)، وطبقات ابن قاضي شهبة:(2/ 72).
(3)
البخاري الفتح (1/ 401) وهو اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز.
الاستقذار ومكان الاستقذار في تنزيه القرآن، كما منعت قراءته في الحمام والسوق ونحوهما. قال: ورخص جماعة من السلف وأهل الظاهر في القراءة للحائض والجنب ومس المصحف لهما وتأوّلوا قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} على أنه خبر عن الملائكة كآية عبس، قال: وإليه نحى مالك في الموطأ (1).
وقال جمهور العلماء والشافعي ومالك في رواية وأبو حنيفة: أن الآية خبر بمعنى النهي وأنه لا يجوز مسه إلَّا طاهرًا ومشهور قول
مالك في الحائض أنها تقرأ القرآن ظاهرًا وفي المصحف وتقلب لها أوراقه. ومشهور مذهبه أيضًا وهو مذهبنا منع الجنب من قراءة القرآن، وفرق بين الحائض والجنب بأن الحائض لا تملك التطهير بخلافه.
الثانية: في الحديث تبليغ العلم والاقتداء به والإِخبار بأحواله عليه الصلاة والسلام للتأسي به، والإِخبار بما يستحي من ذكره عادة إذا ترتب عليه مصلحة من تبيين حكم وغيره، وقراءة القرآن في حجر الحائض وبقرب موضع النجاسة.
الثالثة: قولها: "وأنا حائض" قال القاضي (2): وقع في بعض روايات مسلم "وأنا حائضة" والوجهان جائزان قال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} (3).
(1) الموطأ (1/ 199)، والاستذكار (8/ 9، 17).
(2)
مشارق الأنوار (1/ 218).
(3)
سورة الأنبياء: آية 81.
وقال تعالى: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} (1). فإثبات الهاء فيها على إجرائها على فعل المؤنث، وإسقاطها على طريق النسب، أي: ذات حيض.
(1) سورة يونس: آية 22.