المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 48/ 1/ 9 - عن عائشة رضي الله عنها - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 48/ 1/ 9 - عن عائشة رضي الله عنها

‌الحديث الثاني

48/ 1/ 9 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن أحد من الغلس"(1).

[قال: المروط: أكسية معلمة تكون من خزِّ وتكون من صوف](2).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: قد تقدم أن: "كان" هذه تعطي الملازمة والاستمرار على الشيء، ومن عادته صلى الله عليه وسلم أن يصلي الصبح في هذا الوقت. نعم أسفر بها مرة كما أخرجه [أبو] داود (3) من حديث [أبا](4) مسعود أنه

(1) البخاري رقم (372، 578، 867، 872)، ومسلم (645)، وأبو داود (423)، والنسائي (1/ 271)، والدارمي (1/ 277)، والموطأ (1/ 5)، والترمذي (153)، وأحمد (6/ 37، 248).

(2)

زيادة من متن تيسير العلام للبسام.

(3)

أبو داود عون المعبود (390). وفي ن ب (ابن).

(4)

في الأصل ون ب (ابن)، والتصحيح من أبي داود، وابن حبّان وهو هكذا (ابن) في الفتح (2/ 55) فلينتبه له. قال المنذري- رحمنا الله =

ص: 229

- عليه السلام: "صلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد بالغلس حتى مات صلى الله عليه وسلم ولم يعد إلى أن يسفر" صححه ابن حبان (1) وقال الخطابي (2): صحيح الإِسناد.

ثانيها: معنى "يشهد" هنا يحضر ومنه قوله -تعالى-: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (3) أي حضره.

ثالثها: "النساء": من الجمع الذي لا واحد له من لفظه، إذ الواحد امرأة وله نظائر كثيرة.

رابعها: قولها: "من المؤمنات" وفي رواية لمسلم (4): "نساء المؤمنات" وصورته صورة إضافة الشيء إلى نفسه. واختلف في

تقديره على أوجه.

أحدها: نساء الأنفس المؤمنات.

ثانيها: نساء الجماعة المؤمنات.

= وإياه- وهذه الزيادة في قصة الإِسفار رواتها عن آخرهم ثقات. والزيادة من الثقة مقبولة مختصر السنن للمنذري (1/ 233) طبعة فقي.

(1)

صححه ابن حبان (1449، 1494)، وابن خزيمة (352)، والدارقطني (1/ 250، 251)، وأبو داود (394)، الحاكم (1/ 192، 193)، والبيهقي (1/ 363، 441).

(2)

معالم السنن للخطابي طبعة فقي (1/ 245).

(3)

سورة البقرة: آية 185.

(4)

مسلم (645).

ص: 230

ثالثها: أن نساء [ها هنا](1) بمعنى الفاضلات أي فاضلات المؤمنات، كما يقال: رجال القوم أي فضلاؤهم ومتقدموهم.

وقولها: "من المؤمنات" يحتمل أنه بيان لوصفهن ليخرج المنافقات وهو الأقرب، ويحتمل أنه بيان لنوعهن ليخرج الكافرات.

خامسها: "متلفعات" هو بالعين المهملة بعد الفاء أي متلحفات كما فسره المصنف أثر الحديث (2). وروى (3) متلففات تكرير الفاء ومعناهما متقارب إلَّا أن التلفع يستعمل مع تغطية الرأس، بل قال ابن حبيب (4): لا يكون [الالتفاع](5) إلَّا [بتغطية](6)[الرأس](7).

(1) في ن ب (هنا).

(2)

لم يرد لذكر هذا التفسير في الأصل وفي ن ب. وهو موجود في بعض نسخ متن العمدة وقد كملت هذا المحذوف من المتن الموجرد مع تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للبسام (1/ 107). قال: المروط: أكسية معلمة تكون من خزًّ وتكون من صوف. و"متلفّعات" متلحفات. و"الغلس" اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل. متفق عليه. اهـ. وقوله -حفظه الله-: "متفق عليه" هنا لا معنى لها.

(3)

مسلم (645)، وقال الأنصاري في روايته: متلففات، وهي رواية يحيى بن يحيى في "الموطأ" كما ذكره الباجي في المنتقى (1/ 9)، والاستذكار (1/ 216).

(4)

ذكره في: المنتقي للباجي (1/ 9).

(5)

زيادة من إحكام الأحكام لاستقامة المعنى.

(6)

في جميع النسخ بالتغطية، وما أثبت من إحكام الأحكام.

(7)

زيادة من إحكام الأحكام.

ص: 231

سادسها: "المروط" جمع مرط بكسر الميم أكسبته معلمة تكون من خز وتكون من صوف كما فسره المصنف ومن كتان (1): قاله الخليل، وزاد بعضهم في صفتها أن تكون مربعة.

وقيل: سداها شعر. الواحد مِرط بكسر الميم كما سلف.

وقال ابن الأعرابي (2): هو الإِزار.

وقال النظر (3): لا يكون إلَّا درعًا، وهو من خز أخضر، ولا يسمى المِرط إلَّا الأخضر ولا يلبسه إلَّا النساء. وفي الحديث (4):

(1) في ن ب زيادة (كما).

(2)

هو محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي أبو عبد الله الهاشمي النسابة. مؤلفاته:" غريب الحديث"، و"النوادر"، و"خلق الإنسان"، و"خلق الفرس"، و"كتاب الخيل"، و"النبات" وغيرها. ترجمته في سير أعلام النبلاء (10/ 687).

(3)

النظر بن شميل بن خرشة المازني المتوفي سنة (204)، مؤلفاته:"غريب القرآن"، و"غريب الحديث" و"خلق الإِنسان"، و"الصفات"، و"خلق الفرس"، و"كتاب الطير" و"كتاب الأنواء" وغيرها. سير أعلام النبلاء (9/ 328).

(4)

الحديث أخرجه مسلم في اللباس (2081)، باب: التواضع في اللباس. وفي فضائل الصحابة (2424)، باب: فضائل أهل البيت مطولًا. أبو داود (4032)، والترمذي (2814)، وأحمد (6/ 162).

أقول: ففي هذا الحديث بيان بأن المِرط ليس خاصًا بالنساء، وقد جاء في حديث ميمونة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط، وعلى بعض أزواجه منه، وهي حائض، يصلي وهو عليه". أخرجه أبو داود "معالم"(346)، وابن ماجه (653)، وفي البخاري ومسلم نحوه.

ص: 232

"مرط [مرجل] (1) هن شعر أسود".

سابعها: "الغلس" اختلاط ضياء الفجر بظلمة الليل كما فسره المصنف [أيضًا](2).

والغبش (3): -بالباء بدل اللام والشين المعجمة- قريب منه لكن يفترقان في أن الغلس آخر الليل [والغبش](4) قد يكون في أول الليل وفي آخره.

وأما الغبس: -بالسين المهملة- فيكون كون الرماد وهو بياض فيه كدرة، يقال: لبن أغبش.

قال القاضي: والغبش بالمعجمة، قيل [العبس](5) بالمهملة ثم الغلس، وكلها في آخر الليل [ويكون العبس في أول الليل](6).

= وأيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل، وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، وعليَّ مِرْط لي، وعليه بعضه"، مسلم (514)، وابن ماجه (652)، وأبو داود معالم (347)، والنسائي (2/ 71)، وفي مسلم (2401)، وسنن البيهقي (2/ 231)، وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة".

(1)

زيادة من المراجع المذكورة وهو بالحاء المهملة والمعجمة. كما في الفائق (3/ 360)، ومشارق الأنوار (1/ 377).

(2)

في ن ب زيادة (أيضًا).

(3)

كما هي رواية الموطأ (1/ 8).

(4)

في ن ب ساقطة.

(5)

زيادة من ن ب.

(6)

زيادة من ن ب، وانظر: مشارق الأنوار (2/ 128).

ص: 233

وقال ابن الأثير (1): عند أول طلوع الفجر الغبش ثم الغبس ثم الغلس، ثم قال: وقد يكون بالمعجمة في أول الليل (2).

[ثامنها](3) قولها: "ما يعرفهن أحد من الغلس" وفي الموطأ (4)"ما يُعرفن من الغلس" على الباء للمفعول.

قال الداودي: [معناه](5) ما يعرفن أنساء هن أم رجال أي إنما يظهر للرأي الأشباح خاصة.

وقيل: ما يعرف أعيانهن وضعفه. النووي (6) لأن المتلفعة في النهار لا يعرف عينها فلا يبقى في الكلام فائدة.

وادعى بعضهم أنه أرجح من الأول بقوله (7)"ما يعرفهن" والمعرفة إنما تتعلق بالأعيان فلو [كان](8) المراد نفى كونهن ذكورًا

أو إناثًا. لقال: لا يعلمهن لأن الحكم بالذكورة والأنوثة إنما يتعلق به العلم دون المعرفة.

(1) النهاية (3/ 339).

(2)

أي الغبش.

(3)

في ن ب (تاسعها).

(4)

الموطأ (1/ 5).

(5)

في ن ب ساقطة.

(6)

في شرح مسلم (5/ 144).

(7)

في ن ب (صلى الله عليه وسلم)، والكلام ليس من كلامه وإنما كلام عائشة رضي الله عنها.

(8)

في ن ب ساقطة.

ص: 234

قال الباجي في المنتقى (1): وهذا الوجه يقتضي أنهن سافرات بوجوههن ولو كن غير سافرات لمنع النقاب وتغطية الوجه من

معرفتهن لا من الغلس إلَّا أنه يجوز أن [لهن](2) كشف وجوههن أحد أمرين [إما](3) أن يكون ذلك قبل نزول الحجاب، أو يكون بعده [لكن هنّ](4) أمنّ أن تدرك صورهنّ من شدة الغلس. وأبيح لهن كشف وجوههن (5).

تاسعها: استدل بعضهم من هذا الحديث على جواز صلاة المرأة مختمرة الفم والأنف ولعله يجعل "متلفعات" صفة [لشهود](6) الصلاة وانصرافهن.

وقال القاضي: لا دليل فيه لأنها إنما أخبرت بذلك في الانصراف لا في الصلاة (7).

عاشرها: في الحديث دليل لمالك والشافعي وأحمد والجمهور على أبي حنيفة في أن الأفضل التغليس بالصبح لا سيما

(1)(1/ 9).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (إلَّا).

(4)

في ن ب (لكنهن).

(5)

رد ابن حجر رحمه الله ذلك في الفتح (2/ 55) بعد أن ذكر كلامه. "قلت وفيه ما فيه". لأنه مبني على الاشتباه الذي أشار إليه النووي. وأما إذا قلنا إن لكل واحدة منهن هيئة غالبًا فلا يلزم ما ذكر.

(6)

في ن ب (بشهود).

(7)

انظر: أيضًا تعقب الصنعاني في حاشية إحكام الأحكام (2/ 22).

ص: 235

مع طول قراءته صلى الله عليه وسلم فيها، وأما حديث:"أسفروا [بالفجر] (1) فإنه أعظم للأجر" صححه الترمذي (2) فعنه أجوبة:

[أحدها](3): أنه محمول على تحقق طلوع الفجر عند خفائه في [مبتدأ](4) طلوعه.

ثانيها: أنه محمول على الليالي [المقمرة](5) التي يصبح فيها القمر فإن الفجر يخفى فيها غالبًا لغلبة ضوء القمر عليه.

وقال الشيخ تقي الدين: فيه نظر لأنه [قبل](6) التبين للفجر لا يجوز إيقاع الصلاة فيه، والحديث دل على أن ثم وقتين أحدهما. أعظم أجرًا ولا اشتراك بين إيقاع الفجر قبل وقتها وبعد دخول وقتها. وفيما ذكره نظر فتأمله.

ثالثها: "أن أعظم"[هنا](7) بمعنى عظيم كلاهما قوله تعالى:

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

الحميدي في مسنده (408)، والشافعي في مسنده (1/ 50، 51)، وابن ماجه (672)، والترمذي (154)، والطيالسي (959): والدارمي (1/ 277)، وأحمد (3/ 465، 4/ 140، 142، 143)، وأبو داود عون المعبود (420)، والبغوي (354)، والنسائي (1/ 372)، والطبراني (4287، 4288، 4290)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/ 281).

(3)

في ن ب (منها).

(4)

في ن ب (مبدأ).

(5)

في ن ب (القمرية)، وما أثبت يوافق ما في معالم السنن (1/ 246).

(6)

في ن ب ساقطة.

(7)

زيادة من ن ب.

ص: 236

{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (1) أي هين وشبهه فيكون المعنى: أسفروا بالفجر فإنه عظيم الأجر، وذلك بسبب التسبب والتبيين لطلوع الفجر على التحقيق وهذا يرجع إلى الذي قبله.

رابعها: قال البيهقي في خلافياته: إنه حديث [ضعيف](2) [اختلف في إسناده ومتنه، وقال ابن العطار في شرحه: إنه حديث

ضعيف] (3)(4).

خامسها: ذكره الخطابي أنه يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بعد الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب، فقيل لهم صلوا بعد

الثاني وأصبحوا بها، فإنها أعظم لأجركم.

فإن قيل: لو صلوا قبل الفجر لم يكن فيها أجر.

فالجواب: أنهم يؤجرون على نيتهم وإن لم تصح صلاتهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر"(5).

(6)

وأما حديث عبد الله بن مسعود قال: "ما رأيت

(1) سورة الروم: آية 27.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

زيادة من ن ب.

(4)

هذا الحديث صححه جماعة من المحدثين الترمذي (154)، وابن حبان (3/ 23) ابن تيمية في الفتاوى. وأقر الحافظ في الفتح (2/ 54) تصحيح من صححه.

(5)

متفق عليه.

(6)

انظر: معالم السنن (1/ 245) مفصلًا.

ص: 237

رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلَّا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء. بجمع يعني [المزدلفة](1) وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها" متفق عليه (2).

قالوا: ومعلوم أنه لم [يكن](3) يصليها قبل طلوع الفجر، وإنما صلاها بعد طلوعه مغلسًا بها، فدل على أنه كان يصليها في جميع الأيام غير ذلك اليوم مسفرًا بها.

وجواب هذا: أن معناه أنه صلاها في هذا اليوم قبل ميقاتها المعتاد بشيء يسير ليتسع الوقت لمناسك الحج، وفي غير هذا اليوم

كان يؤخر بقدر ما يتطهر المحدث والجنب ونحوه.

وأغرب الطحاوي (4): فادعى أن حديث الإِسفار ناسخ لحديث التغليس.

قال الحازمي (5): وهو وهم لأنه ثبت أنه عليه الصلاة والسلام داوم على التغليس حتى فارق الدنيا كما رواه أجر داود (6) وهو حديث مخرج في الصحيح رواته عن آخرهم ثقات، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد قدمت هذا الحديث في الوجه الأول، وأن ابن

(1) في ن ب (بالمزدلفة).

(2)

البخاري (12/ 16).

(3)

زيادة من ن ب.

(4)

معاني الآثار (1/ 179).

(5)

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (103/ 106).

(6)

سبق تخريجه في ت (3/ 229).

ص: 238

حبّان صححه والخطابي (1) قال، إنه صحيح الإِسناد.

واعلم أن البغوي (2) روى في شرح السنة من حديث معاذ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: يا معاذ إذا كنت في الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم، وإذا كان في الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير، والناس ينامون فأمهلهم حتى يدركوا" ولم أر من قال بهذا التفصيل، ولو قيل به لم يبعد، وبه يجمع بين الأحاديث، فالتغليس يحمل على الشتاء، وحديث الإِسفار يحمل على الصيف (3) والله أعلم بذلك.

(1) معالم السنن، طبعة الفقي (1/ 245).

(2)

السنة للبغوي (2/ 199) قال المعلقان: ضعيف جدًّا، وهو في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الشيخ (76) بسبب: الجراح بن المنهال أبو العطوف، وقد ضعقه أحمد وابن المديني والبخاري، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: كان يكذب في الحديث.

(3)

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في أعلام الموقعين: -بعد ذكر حديث رافع بن خديج ما لفظه، وهذا بعد ثبوته إنما المراد به الأسفار دوامًا. لا ابتداء فيدخل فها مغلسًا، ويخرج مسفرًا، كما كان يفعله صلى الله عليه وسلم، فقوله موافق لفعله، لا مناقض له. وكيف يظن به المواظبة على فعل ما الأجر الأعظم في خلافه؟ وقد ذكر نحوه الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 105)، وفيه حديث ذكره الألباني (1/ 287) في الإِرواء، عن أنس رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر". أخرجه أحمد في المسند (3/ 129، 169)، وإسناده صحيح: فهذا فيه الجمع بين الأحاديث حيث بين الابتداء بالصلاة ووقت خروجه منها وهو الإِسفار.

ص: 239

الحادي عشر: فيه دليل على خروج النساء إلى المساجد لصلاة الصبح وعشاء الآخرة ملحقة بها لكونها في معناها من حيث وجود الظلمة فيها، وهذا كله بشرط أمن الفتنة عليهن أو بهن. وادعى القاضي: أن فيه دليلًا على خروج النساء إلى المساجد، وتبعه النووي في شرحه (1)، فقال: فيه جواز حضور النساء الجماعة في المسجد، والحديث إنما فيه ذكر الليل فقط، وكأنهما أخذاه من باب أولى، لأن الليل مظنة الفساد، وليس في الحديث ما يدل على كونهن عجزًا أو شواب. وكره بعضهم للشواب الخروج.

وقال بعض العلماء: لا تخرج المرأة إلَّا بخمسة شروط:

أن يكون ذلك لضرورة،

وأن تلبس أدنى ثيابها،

وأن لا يظهر عليها الطيب، وما في معناه من البخور،

وأن يكون خروجها في طرفي النهار،

وأن تمشي في طرفي الطرقات دون وسطها لئلا تختلط بالرجال. وفي صحيح ابن حبّان (2) من حديث أبي هريرة مرفوعًا:

"ليس للنساء وسط الطريق".

(1) لمسلم (5/ 144).

(2)

ابن حبان (7/ 423)، قال ابن حبان رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم "ليس للنساء وسط الطريق" لفظة إخبار مرادها الزجر عن شيء مضمر فيه وهو مماسة النساء الرجال في المشي إذ وسط الطريق الغالب على الرجال سلوكه. والواجب على النساء أن يتخللن الجوانب حذر ما يتوقع من مماستهم إياهن.

ص: 240

وزاد بعضهم أن لا تكون ممن يفتتن بها وقد سلف.

وأن لا تكون ذات خلخال يسمع صوته. وفي معناه الحذاء المصرصر [والإِزار](1) المقعقع الذي يوجب رفع الأبصار إليها

بسببها.

وزاد بعضهم [أيضًا](2) أن لا تخاف في طريقها مفسدة.

وزاد بعض المتأخرين من المالكية على وجه البحث أن لا ترفع صوتها من غير ضرورة،

وأن لا يظهر منها ما يجب ستره، والذي ينبغي في هذه الأزمان المنع مطلقًا إلَّا أن تكون عالمة عاملة لا يفتتن بها، وذلك أن صلاتها في بيتها أفضل من المسجد مطلقًا، وفي مخدع بيتها أفضل من بيتها مطلقًا للأحاديث (3) في ذلك. وفي صحيح ابن حبان (4) من حديث عبد الله مرفوعًا:"المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها [الشيطان] (5) وأقرب ما تكون من ربها إذا [هي] (6) في قعر بيتها".

والثاني عشر: قال القاضي (7): فيه دليل على خروجهن قبل

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

أبو داود عون المعبود (2/ 566) ولفظه: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها".

(4)

ابن حبان (7/ 446).

(5)

في الأصل (الناس)، والتصويب من ن ب.

(6)

في ن ب (تكون).

(7)

انظر: المنتقي (1/ 9).

ص: 241

الرجال اغتنامًا لظلمة الغلس ومبادرة حقوق الأزواج في بيوتهن، انتهى. ورواية الموطأ (1) إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات" ظاهرة في ذلك دون الرواية المذكورة فإن فيها "ثم" التي للتراخي.

الثالث عشر: فيه دلالة على استقرار المرأة في بيتها، وأن لا تخرج منه إلَّا لمصلحة شرعية، وأن ترجع إليه بعد فراغها منه.

الرابع عشر: للصبح خمسة أسماء أخر [غير الفجر](2) كما ستعلمها في الحديث الرابع وقولها: "كان يصلي الفجر" أي صلاة الفجر على حذف المضاف.

(1) الموطأ (1/ 5)، وأخرجه البخاري ومسلم.

(2)

ساقطة من ن ب.

ص: 242