المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السابع 83/ 7/ 14 - عن [أبي] (1) مسعود [الأنصاري] - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث السابع 83/ 7/ 14 - عن [أبي] (1) مسعود [الأنصاري]

‌الحديث السابع

83/ 7/ 14 - عن [أبي](1) مسعود [الأنصاري](2) رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى [رسول الله صلى الله عليه وسلم](3)، فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح [لأجل](4) فلان، مما يطيل بنا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظته قط أشد مما غضب يومئذ، فقال:"يا أيها الناس! إن منكم منفرين، فأيكم أمَّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة"(5).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: في التعريف براويه، واسمه عقبة بن عمرو، والأكثر على أنه لم يشهد بدرًا، ولكنه نزلها فنسب إليها، وقال البخاري:

شهدها، شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وشهد أحدًا وما

(1) في ب (ابن)، وهو تصحيف.

(2)

ساقطة من ب.

(3)

في ن ب (النبي صلى الله عليه وسلم).

(4)

في العمدة (من أجل).

(5)

البخاري (90، 702، 704، 6110، 7159)، ومسلم (466)، وابن ماجه (984)، والدارمي (1/ 88).

ص: 597

بعدها، وكان من [جلة](1) الصحابة، مات بالكوفة أو بالمدينة قولان، وفي وفاته أقوال:

أحدها: سنة إحدى وثلاثين.

ثانيها: سنة أربعين.

ثالثها: سنة إحدى أو اثنين وأربعين.

رابعها: بعد الستين.

فائدة: أبو مسعود في الصحابة جماعة:

أحدهم: هذا.

ثامنهم: الغفاري ذكره الطبراني قيل اسمه عبد الله.

ثالثهم: غير منسوب.

الثاني: في بيان المبهم فيه في هذا الرجل خمسة أقوال:

أحدها: [حزم](2) بن أبي كعب، كذا جاء في سنن أبي داود وتاريخ البخاري الكبير (3)، ووهم الفاكهي، فقال: إنه كعب بن

(1) في ب (جملة).

(2)

تصحفت في ب إلى (جزم) بالجيم.

(3)

الذي في سنن أبي داود معالم (754): حزم بن أبي كعب. وفي التاريخ

الكبير (2/ 102): حزم بن أبي كعب. وذكر محققه أنه الصواب، وعلى ذلك الإِصابة والاستيعاب وأسد الغابة.

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 198) قال: ووهم من زعم وأنه حزم بن أُبَيّ بن كعب لأن قصته، مع معاذ لا مع أُبيّ بن كعب، وقد اختلف ضبط اسمه عبد ابن حجر في الفتح، فقال على ح (90): =

ص: 598

أبي [حزّة](1) بفتح الماء المهملة وتشديد الزاي ابن أبي القين، كذا ذكره وضبطه فاجتنبه (2).

ثانيها: حرام بن ملحان وعليه اقتصر الخطيب (3).

ثالثها: حازم.

رابعها: سليم بن الحارث (4)، ووقع في أصل قرئ

= حزم بن أبي، وفي ح (702): حزم بن أبي بن كعب، فلينتبه له. وعند ابن بشكوال غوامض الأسماء (1/ 15) زيادة لفظة (ابن)، وفي كتب التراجم والتعاليق (حزم بن أبي كعب).

(1)

في الأصل (حزم)، ون ب (حزة).

(2)

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في أسد الغابة (5/ 329): كذا ضبطه الفاكهي في شرح العمدة، وزعم أنه هو الذي صلى العشاء مع معاذ ثم انصرف وقد وهم فيه، فإن الحديث في سنن أبي داود وسماه حزم بن أبي كعب، فانقلب على التاج وتحرف ولم يشعر وما اكتفى بذلك حتى ضبطه بالحروف وهذا شأن من يأخذ الحديث من الصحف. نبه على ذلك شيخنا تاج الدين بن الملقن في شرح العمدة (ز).

(3)

كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة (50) حرام بن ملحان.

(4)

غوامض الأسماء المبهمة (1/ 350)، وقد ذكر الأسماء الثلاثة وأتى لكل واحد بحجة. قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه-: وقيل اسم المنصرف (سليم) كما رواه الإِمام أحمد، أي ابن الحارث من بني سلمة. ورجح ابن حزم ان اسمه (سلم) بفتح أوله وسكون اللام، وكأنه تصحيف. وقد جمع بعض القصة، فإن لم نقل بالتعدد فأقوى ما تنسب القصة لسليم بن الحارث من بني سلمة. اهـ. تلخيص الحبير (1/ 591)، وهكذا قاله في الفتح للاستزادة. انظر: نيل الأوطار (3/ 164)، وثلاثيات أحمد =

ص: 599

[على](1) القرطبي من شرحه (2) عن رواية البزار أنه سلْم وعلى اللام علامة الإِسكان.

خامسها: [ملك](3).

وقوله: "من أجل فلان" هو معاذ رضي الله عنه (4).

الثالث: في ألفاظه:

= (1/ 243). ومن جمعوا بمثل هذا وهو التعدد ابن حبان في صحيحه.

(1)

زيادة من ن ب.

(2)

المفهم (2/ 855)، والمطبوع بين يدي خالي من الضبط المذكور.

(3)

في ن ب (ملكية).

(4)

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 198): والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة إلى بعض ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته. وأما قصة معاذ فمغايرة لحديث الباب لأن قصة معاذ كانت في العشاء، وكان الإِمام فيها معاذًا أو كانت في مسجد بني سلمة. وهذه كانت في الصبح، وكانت في مسجد قباء، ووهم من فسر الإِمام المبهم هنا بمعاذ، بل المراد به أبي بن كعب كما أخرجه أبو يعلى بإسناد حسن من رواية عيسى بن جارية، وهو بالجيم عن جابر قال:"كان أبي بن كعب يصلي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فدخل غلام معه من الأنصار في الصلاة، فلما سمعه استفتحها انفتل من صلاته، فغضب أبي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو الغلام، وأتى الغلام يشكو أبيًّا. فغضب النبي عليه الصلاة والسلام حتى عرف الغضب في وجهه ثم قال: "إن منكم منفرين، فإذا صليتم فأوجزوا، فإن خلفكم الضعيف والمريض وذا الحاجة" واستفيد منه تسمية الإِمام، وبأي موضع كان. اهـ. محل المقصود منه.

ص: 600

الأول: قوله: "جاء رجل" جاء هنا تعدى [بإلى](1) والمعروف أن جاء تتعدى للمفعول [به](2) بنفسه قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ

الْمُنَافِقُونَ} (3){وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)} (4) وهو كثير، وقد لا تتعدى أصلًا قال -تعالى-:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ} (5){وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} (6) وأمثاله كثيرة، ويحتمل أن يكون هذا قد حذف منه المفعول والتقدير وقيل جاءكم الحق، وزهق عنكم الباطل، وجاء ربك [الحق](7) فيرجع إلى ما قبله.

الثاني: قوله: "ومن أجل فلان" الظاهر أن لفظة فلان كناية من الراوي، فإن الرجل سماه للنبي صلى الله عليه وسلم وهو من الأدب وحسن التعبير.

الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "فليوجز" أي [فليقتصر](8).

قال أهل اللغة: [وجزت](9) الكلام قصرته وكلام موجَز

(1) ساقطة من ب.

(2)

ساقطة من ب.

(3)

سورة المنافقون: آية 1.

(4)

سورة عبس: آية 8.

(5)

سورة الإِسراء: آية 81.

(6)

سورة الفجر: آية 22.

(7)

في ب (الخلق).

(8)

في الأصل (فليقصر).

(9)

في ن ب (وجز).

ص: 601

وموجِز بفتح الجيم وكسرها وَجْز [ووجز](1) والظاهر أن الإِيجاز والاختصار بالنسبة إلى الكلام مترادفان.

وفي الصحاح (2): اختصار الكلام إيجازه.

الوجه الرابع: في فوائده غير ما سلف في الحديث قبله، ويحضرنا منه سبع عشرة:

الأولى: جواز ذكر الإِنسان في الشكوى والانتصار عليه.

الثانية: التأخر عن الجماعة للأعذار.

الثالثة: الموعظة لأمر الدين وذكر الأحكام عند المخالفة.

الرابعة: الغضب في الموعظة، وذلك يكون إما لمخالفة [الموعوظ](3) لما علمه أو المصير في تعلمه أو لهما.

الخامسة: تألف الناس على الطاعات وعدم تنفيرهم عنها.

فإن قلت: يؤخذ منه أن الجماعة من [الفرائض](4) الأعيان.

قلت: [لا](5)، لأن هذا الرجل لم يؤمر بالإِعادة، فدل على أن غضبه إنما كان للتنفير عنها.

السادسة: تسمية الصلاة وإضافتها إلى وقتها المأمور بإتيانها فيه.

(1) في ب (ووجيز)، وكذا ذكره في الصحاح.

(2)

انظر: مختار الصحاح (80).

(3)

في ن ب (الموعظة).

(4)

في ن ب (فرائض).

(5)

في ن ب ساقطة.

ص: 602

السابعة: خطاب الاس و [نداؤهم](1) في الموعظة بما تكرهه نفوسهم من المخالفة وإظهار ذلك القصد والإِرشاد والتعليم والتبليغ

من غير تخصيص بالذكر لفاعل المخالفة.

الثامنة: شكاية الأئمة إلى الإِمام الأعظم، وذكر حاله وحالهم معه، ولا يكون ذلك من باب الغيبة.

التاسعة: خص صلاة الصبح لأنها مما يطول فيها القراءة والقيام أكثر من غيرها، ولأنه وقت السعي لمن له حرفة يبكر إليها.

العاشرة: شدة غضبه عليه الصلاة والسلام إنما هو لفرط شفقته على أمته والحرص على [تألفهم](2)، وصرف المشقة عنهم،

ولا ينافي هذا ما جاء من النهي عن أن يقضي القاضي وهو غضبان، لأنه عليه الصلاة والسلام معصوم بخلاف غيره، فلا يقول إلَّا حقًا، ولا يحكم إلَّا بالحق.

الحادية عشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "إن منكم منفرين" هو من باب قوله (3) عليه الصلاة والسلام: "ما بال أقوام يفعلون كذا" من غير مناجات بالخطاب لمعين كما أسلفته، وإن كان هو معينًا عنده صلى الله عليه وسلم لقوله في حديث بريرة (4): "ما بال أقوام

(1) في الأصل (بدارهم)، هكذا وما أثبت من ب.

(2)

في ن ب (الفهم).

(3)

البخاري (5063)، ومسلم (1401).

(4)

البخاري (2168)، ومسلم (1504).

ص: 603

يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله .. " الحديث، ومنه أنه لم يعين مهاجر أم قيس في حديث: "إنما الأعمال بالنيات" سترًا عليه، ولا يبعد والله أعلم أن يكون ذلك أدخل في الزجر إذ فيه الإِعراض منه صلى الله عليه وسلم عن مواجهة ذوي المخالفة، والإِعراض عن المخالف من أشد العقوبات لا سيما إعراضه صلى الله عليه وسلم.

الثانية عشر: تطويل الإِمام الصلاة عذر في التخلف عن حضور الجماعة، كما سلف إذا علم من عادة الإِمام التطويل، ولهذا غضب صلى الله عليه وسلم في موعظته، لكون التطويل على المأمومين سببًا لترك الجماعة، وربما يكون في حق بعض الجهال سببًا لترك الصلاة، ولا شك أن ترك أصل الجماعة فيه من الخلاف ما علقه في موضعه، وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء ولم يجب فلا صلاة له إلَّا من عذر"(1).

ثم الأعذار في ترك الجماعة كثيرة محل الخوض فيها كتب الفقه، وقد بسطنا الكلام عليها فيها، وذكر ابن حبان (2) أن المنصوص عليه في السنة منها عشرة: (المرض- وحضور الطعام وهو تائق إليه- الثالث: النسيان لحديث الوادي- الرابع: السمن المفرط لحديث أنس الثابت في الصحيحين في قصة الرجل

(1) ابن حبان (2604)، وابن ماجه (793)، والبغوي (794). انظر: إرواء الغليل (551).

(2)

ابن حبان (5/ 417)، وأحاديث الأعذار في صحيحه في (5/ 417، 439).

ص: 604

الضخم- الخامس: مدافعة الأخبثين البول والغائط- السادس: خوف الإِنسان على نفسه وماله في طريقه إلى المسجد لحديث عتبان في سيلان الوادي. السابع: وجود البرد الشديد المؤلم- الثامن: المطر المؤذي- التاسع: وجود الظلمة لحديث ابن عمر- العاشر: أكل الثوم والبصل إلى أن يذهب ريحها، وكذلك ما في معناهما مما له رائحة كريهة كالكراث والبقول المنتنة، وقد ثبت في النهي عن ذلك أحاديث صحيحة تمنع إتيان المساجد حتى يذهب ريحها، سواء كان في جماعة أم لا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وألحق الفقهاء بهذه المنصوص عليها أعذارًا في معناها، وبعضها أولى بأن يكون عذرًا، وسيأتي في موضعه مبسوطًا.

الثالثة عشر: قال المازري (1): هذا الحديث يعارض ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من تطويل القراءة في بعض الصلوات.

ثم أجاب: بأن يحمل على أنه أراد أن يسن جواز الإِطالة أو على أنه يحمل على أنه علم من حال الصحابة أنه لا يشق عليهم.

قلت: ولا شك في ذلك ولا مرية.

الرابعة عشرة: فيه دليل على أن حديث النفس في الصلاة لا يبطلها، فإن ذا الحاجة يريد استعجال الإِمام لينصرف إليها.

[الخامسة عشرة: فيه دليل على رعاية مصلحة الواحد، وأنه إذا كره تطويل الإِمام روعي، وفيه شيء ستعرفه على الإِثر، والمسألة

(1) المعلم بفوائد مسلم (1/ 403) مع اختلاف يسير في النقل ولعله نقله بمعناه.

ص: 605

فيها اختلاف عندنا، وقد أوضحته في "شرح المنهاج" فراجعه منه] (1).

[السادسة عشرة](2): فيه دليل لمن يقول بسد الذرائع، لأن غضبه صلى الله عليه وسلم لم يكن لنفور هذا الرجل وحده، بل خشية استرسال الناس في النفور حتى يقع الإِخلال بالجماعة.

السابعة عشرة: جاء في رواية في مسند البزار وغيره: أنه لما شكى تطويله، قال له عليه الصلاة والسلام: "إما أن تخفف

بقومك أو تجعل صلاتك معنا" (3).

قال القرطبي (4): وظاهر هذا يدل أنه كان يصلي الفريضة مع قومه.

قلت: فيه نظر وسيأتي الكلام على ذلك في الحديث الخامس في باب جامع.

(1) ساقطة من ب.

(2)

في ن ب (الخامس عشر)

إلخ المسائل.

(3)

قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (5/ 389): ولا يوجد من نقل من يوثق به: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "إما أن تجعل صلاتك معي، وإما أن تخفف بالقوم".

وهذا لفظ منكر لا يصح عن أحد يحتج بنقله، ومحال أن يرغب معاذ عن الصلاة الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاته مع قومه، وهو يعلم فضل ذلك وفضل صلاة الفريضة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه صلى الله عليه وسلم.

(4)

المفهم (2/ 856).

ص: 606

مسألة:

الصحيح عندنا جواز المفارقة بعذر وبغيره، ومنعه أبو حنيفة، وهو المشهور من مذهب مالك، كما قال القاضي.

وقال المازري: يجوز إن كان لعذر من الخوف على تلف بعض ما له بشرط أن يتعدى الإِمام في التطويل على العادة، قال: وله أن يتم وحده غير أنه لا يتم معه في الموضع للنهي عن صلاتين معًا وليصل خارج المسجد.

واختلفوا: يخرج بسلام، أم لا؟

فالذي قال بسلام: فالخروج من المسجد [طول يمنع البناء](1).

ومن قال بغير سلام: فهو في حكم الإِمام، فيتناول النهي عن صلاتين معًا.

ومن قال: إنه يخرج بغير سلام.

أجاب عن ذلك: النهي عن صلاتين معًا، إنما يكون إذا كانا جميعًا في المسجد.

قلت: ويرده قصة ذلك الرجل مع معاذ، وهي مشهورة في الصحيحين وغيرهما (2).

(1) وفي ب (طول المنع البنا).

(2)

قال الألباني -حفظه الله- (2/ 331) في الإِرواء: تنبيه: استدل المؤلف بهذه القصة على أنه للمأموم أن ينوي مفارقة الإِمام لعذر يبيح ترك =

ص: 607

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوله باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

= الجماعة، وفي ذلك نظر. فإن الظاهر من روايات القصة أن حرامًا قطع الصلاة وراء معاذ واستأنف الصلاة وحده من جديد. كما في الرواية السابقة:"فانصرف الرجل فصلى في ناحية المسجد"، فإن الانصراف دليل القطع الذي ذكرنا. وقول الحافظ في الفتح (2/ 194، 195): "وهذا يحتمل أن يكون قطع الصلاة أو القدوة" فيه بعد، لأنه لو أراد القدوة لما كان هناك ما يبرر له الانصراف إلى ناحية المسجد، لأنه يتضمن عملًا كثيرًا تبطل به الصلاة كما لا يخفى. على أن الحافظ استدرك، فقال:"لكن في مسلم فانصرف الرجل فسلم، ثم صلى وحده" فهذا نص فيما ذكرنا والله أعلم.

ص: 608