الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
(1)
69/ 4/ 11 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (2) [المؤذن] "(3).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: في التعريف براويه وقد تقدم بيانه في الصلاة.
ثانيها: هذا الأمر للندب، وقيل: للوجوب حكاه [الخطابى](4) والجمهور على الأول.
(1) في ن ب بياض.
(2)
البخاري (611)، ومسلم (383)، والترمذي (208)، وأبو داود (522)، والموطأ (1/ 67)، النسائي (2/ 23) وابن ماجه (720)، والدارمي (1/ 272).
(3)
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 91): ادعى ابن وضاح أن قول "المؤذن" مدرج، وأن الحديث انتهى عند قوله:"مثل ما يقول" وتعقب بأن الإِدارج لا يثبت بمجرد الدعوى. وقد اتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على إثباتها، ولم يصب صاحب العمدة في حذفها.
تنبيه: في الأصل ون ب محذوفة، وأثبتناها على رواية البخاري.
(4)
في ن ب ساقطة.
ثالثها: هذا الحديث عام مخصوص بحديث عمر في صحيح مسلم (1) أنه يقول في الحيعلتين: "لا حول ولا قوة إلَّا بالله" والمناسبة في جواب الحيعلة بالحوقلة أن الحيعلة دعاء، فلو قالها السامع لكان الناس كلهم دعاة، فمن يبقى المجيب؟ فحسن من السامع الحوقلة، لأنها تفويض محض إلى الله [سبحانه](2) وتعالى.
نعم، قال [بعض] (3) أهل العلم: بظاهر الحديث [كما](4) حكاه بعض المتأخرين.
ولك أن تقول قد قال بعض أهل الأصول: إذا أمكن الجمع بين العام والخاص وإعمالهما وجب ذلك فلم لا قيل بالجمع بين
الحيعلة والحوقلة ولم أر أحدًا قال به.
رابعها: يستحب أن يتابع عقب كل كلمة لا معها ولا يتأخر عنها عملًا بظاهر فاء التعقيب المذكورة في الحديث هذا مذهبنا.
وللمالكية في ذلك ثلاثة أقوال، ثالثها: للباجي إن كان في شغل من ذكر ونحوه عجل وإن كان [مستفرغًا](5) قارنه.
خامسها: ظاهر الحديث أنه يحكي السامع مثل قول المؤذن
(1) مسلم (385)، وأبو عوانة (1/ 339)، وأبو داود (527)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 86)، والبيهقي (1/ 409).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
زيادة من ن ب.
(4)
في ن ب ساقطة.
(5)
في ن ب (متفرغًا). انظر: المنتقي للباجي (1/ 131) للاطلاع.
إلى آخره إلَّا ما تقدم استثناؤه والمشهور [في](1) مذهب مالك أنه يحكيه إلى آخر الشهادتين لأنه ذكر وما بعده [بعضه](2) ليس بذكر وبعضه مكرر، وأنه يحكي الشهادتين مرة واحدة. وفيه قول أنه [لا](3) يحكي الترجيع.
سادسها: ظاهره أنه يحكيه ولو كان في الصلاة وهو قول عندنا.
وقيل: إنه خلاف الأولى.
والأظهر أنه مكروه.
نعم إن أتى بلفظ الخطاب بطلت صلاته إن علم أنه في الصلاة، وأنه كلام أدمى وفي وجه أنه مباح.
[وفي مذهب](4) مالك ثلاثة أقوال، ثالثها: أشهرها أنه يحكيه في النافلة لا في الفريضة.
ومنعه أبو حنيفة فيهما.
وفي مذهب مالك قول: إنه إذا أجاب بالحيعلة فيها لا تبطل (5).
فرع: لا تكره متابعته في حال أو وقت من الأوقات إلَّا في [حالة](6) نهي الشرع عن الذكر فيه.
(1) في ن ب (من).
(2)
في ن ب ساقطة. انظر: المنتقي (1/ 131) للاطلاع.
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
في ن ب (عن). انظر: المنتقي (1/ 131) للاطلاع.
(5)
للاطلاع على هذه الأقوال. انظر: الاستذكار (4/ 21، 25).
(6)
في ن ب (حال).
سابعها: ظاهر استحباب متابعة كل مؤذن، وأنه لا يختص بأول مؤذن، والمسألة خلافية في مذهب مالك ولا نقل فيها عندنا، لكن قال الرافعي (1) في كتاب سماه "الإِيجاز بأخطار الحجاز" على ما حكاه بعضهم [منه](2).
خطر لي: أنه إذا سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعة فلا يجيب الثاني لأنه غير مدعو به وهو حسن، لكن يخدشه إعادة الصلاة جماعة، ويؤخذ منه أن من لم يصلِ أجاب لأنه مدعو به (3).
فرع: لم أر في مذهبنا هل يحكي المؤذن أذان غيره؟ فيه قولان [وظاهر](4) الحديث يقتضي الحكاية.
ثامنها: ظاهر الحديث حكايته في الترجيع ولا نقل في ذلك عندنا، والوجه استحبابه إن سمعه.
تاسعها: ظاهره أيضًا [أن](5) يجيب في التثويب مثل قوله، لكن صحيح النووي في كتبه أنه يجيبه: بصدقت وبررت. ولم يذكر له وجهًا (6).
(1) ذكره ابن قاضي شهبة في طبقاته (2/ 77)، باسم "أخطار الحجاز".
(2)
في ن ب (عنه).
(3)
قال شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- في الاختيارات (39): "ويجيب مؤذنًا ثانيًا وأكثر حيث يستحب ذلك كما كان المؤذنان يؤذنان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".
(4)
في ن ب (فظاهر).
(5)
في ن ب (أنه).
(6)
ضعفها ابن حجر في التلخيص (1/ 211): ضعيف والزيادة فيه لا أصل =
وقال بعض الفقهاء: إن فيه خبرًا وبحثت عنه دهرًا فلم أره.
عاشرها: قوله عليه الصلاة والسلام: "فقولوا مثل ما يقول" فيه دليل على أن لفظة "مثل" لا تقتضى المساواة من كل وجه، فإنه لا يراد بقوله:"فقولوا مثل ما يقول" مماثلته في كل أوصافه حتى رفع الصوت، كذا قاله الشيخ تقي الدين هنا، وخالف في كتاب الطهارة فقال: إنها تقتضي المساواة من كل وجه إلَّا في الوجه الذي تقع به المغايرة بين الحقيقتين بحيث يخرجها عن الوحدة بخلاف لفظة "نحو" فإنها لا تقتضي ذلك.
وأجاب غيره بأن قال: المراد تلفظوا بمثل ما يتلفظ به المؤذن من أذكار الأذان من غير تعرض لرفع صوت ولا خفضه. وإذا حصل هذا التلفظ حصلت المماثلة في جميع صفات الأذان، فلا إشكال. ألا ترى أنه حيث لم تمكلن المماثلة في وضوئه عليه الصلاة والسلام في جميع صفاته أتى "بنحو" التي هي [المقارنة] (1) دون المماثلة فقال:"من توضأ نحو وضوئي هذا" ولم يقبل "مثل وضوئي" لتعذر مماثلة وضوئه عليه الصلاة والسلام[في](2) جميع الوجوه، وهذا فيه شيء بيناه هناك فراجعه.
= لها وكذا لا أصل لما ذكره في الصلاة غير من النوم. الزيادة: هي أقامها الله وأدامها، وفي الصلاة خير من النوم، صدقت وبررت. انظر: الإِرواء (1/ 259).
(1)
في ن ب (للمقاربة).
(2)
في ن ب (من).
وادعى بعض الأصولين من أهل التحقيق: أن المماثلة لا تقتضي الاشتراك في جميع الأوصاف ولا في الذاتيات بل في وصف مخصوص، وكذا المشابهة مثال. الأول: قوله -تعالى-: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (1)، أي: لم يكن له أب، ومثال الثاني: قولهم: وجه زيد: كالقمر، أي: شبيه بالبدر لاشتراكهما فيه.
الحادي عشر: يتابع المؤذن في ألفاظ الإِقامة كالأذان إلَّا أنه يقول في كلمة الإِقامة: أقامها الله وأدامها (2).
…
(1) سورة آل عمران: آية 59.
(2)
انظر: ت (3)، (369)، وأيضًا بناء على حديث ضعيف أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: ما يقول إذا سمع الإِقامة (528)، والبيهقي في الصلاة (1/ 411)، عن أبي أمامة رضي الله عنه، وقال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه (2/ 136):"والقول الآخر عدم استحبابه، وهو أولى". اهـ.