الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
60/ 2/ 10 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك: أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلَّا الصلاة لم يخطُ خطوة إلَّا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة. وإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مصلاه: اللهم صلى عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة"(1).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: قوله عليه السلام: "صلاة الرجل" هو في المرأة كذلك حيث يشرع لها الخروج [إلى](2) المسجد، لأن وصف
(1) أخرجه البخاري (647)، ومسلم (649)، والترمذي (603)، وأبو داود (559)، وابن ماجه (786)، وأحمد (4862)، والنسائي (2/ 103)، وأبو عوانة (2/ 2)، والبيهقي (3/ 60)، وابن خزيمة (1472)، والشافعي في مسنده (1/ 122)، والأم (1/ 154)، ومالك (1/ 129).
(2)
في الأصل (في)، والتصحيح من ن ب.
الرجولية بالنسبة إلى ثواب الأعمال غير معتبر شرعًا، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام:"من أعتق شركًا له في عبد"(1) من صلى كذا، من فعل كذا فله كذا، كله يتساوى فيه الرجال والنساء من غير نزاع، نبه على ذلك الشيخ تقي الدين (2)، فتكون "الألف واللام" في "الرجل" ليست لتعريف ماهية الرجولية، بل للعموم من حيث المعنى، كما عم قول الرجال والنساء في قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} (3) وإن كان لفظ "قوم" خاصًا بالرجال دون النساء، كما قاله الماوردي:
نعم قال الروياني من أصحابنا: هل تكون جماعة النساء في الفضل و [إلا](4) ستجاب كجماعة الرجال، فيه وجهان:
أحدهما: نعم فتفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
وأظهرهما: أن جماعة الرجال أفضل من جماعتهن، لقوله تعالي:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (5).
ثانيها: قوله عليه السلام: "تضعف على صلاته في بيته
(1) البخاري رقم (2523) وفي مواضع أخرى، ومسلم (1501)، وأبو داود (3940) في العتق، باب: فيمن روى أنه لا يستسعي، وفي مواضع أخرى، وابن ماجه (2528)، والترمذي (1346)، والنسائي (7/ 319)، وأحمد (2/ 112، 156، 53، 142).
(2)
إحكام الأحكام (2/ 119).
(3)
سورة الشعراء: آية 105.
(4)
في ن ب (للا).
(5)
سورة البقرة: آية 228.
وفي سوقه" المراد: في بيته وفي سوقه منفردًا، هذا هو الصواب، كما قاله النووي (1)، قال: وما عداه مما قيل فيه باطل.
قلت: و [من](2) ذلك [قول](3) ابن التين في "شرح البخاري": لو صلى في سوقه جماعة كان كالفذ أخذًا بظاهر الحديث، أو لأن السوق مأوى الشياطين، وهذا واه جدًا [نعم](4) رفع الدرجات وحط الخطيئات مشروطٌ بالمشي إلى المسجد، فمن فعل ذلك حصلا له، وإلَاّ فلا.
ثالثها: إحسان الوضوء هو الإِتيان [بفرضه](5) وسننه وآدابه، ويبعد تنزيله على الفرض فقط.
وقوله: "توضأ" شمل الوضوء المجدد وغيره، وقد يقال: إن قوله: "توضأ" ليس للتقييد بالفعل، وإنما خرج مخرج الغالب أو ضرب المثال.
رابعها: لفظ: "ثم خرج" لا يستلزم الفورية، نعم البدار أولى فيما يظهر لعموم قوله -تعالى-:{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)} (6).
(1) في شرح مسلم (5/ 165).
(2)
في ن ب (بين).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
في ن ب (به).
(6)
سورة المؤمنون: آية 61.
خامسها: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يخرجه إلَّا الصلاة" ظاهره ترتب المذكور من رفع الدرجات وحط الخطيئات على اشتراط الخروج لها فقط لا لأمر آخر من غير العبادات، ونظيره حَجُّ من خلط به التجارة أو غيرها من الأسباب [الدنيوية](1)، فإنه ليس كمن محض الخروج للحج وكذا سائر العبادات من الجهاد وغيره، وأسند الفعل للصلاة، وجعلها هي المخرجة له: كأنه لفرط محافظته عيلها ورجاء ثوابها مجبر على خروجه إليها: وكأن الصلاة هي الفاعلة للخروج لا هو.
سادسها: الخطوة هنا بالفتح لأن المراد فعل الماشي وهو بالضم ما بين قدميّ الماشي. قاله كله الشيخ تقي الدين (2)، وكذا قال ابن التين "شارح البخاري" رويناه بفتح الخاء وهي المرة الواحدة.
وأما القرطبي (3) فقال: الرواية بضم الخاء وهي واحدة الخطأ، وهي ما بين القدمين، والتي بالفتح مصدر.
وقال غيرهما من المتأخرين: كأن القياس أن يجيء في خَطوة ثلاثة أوجه -الضم، والكسر، والفتح- كما هو في [جذوة](4)
(1) في ن ب (الدينية).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 121)، ومختار الصحاح (82).
(3)
المفهم (2/ 1142).
(4)
في الأصل (حدوده)، والكلمة الثانية في ن ب (جذوة). قال في المنتخب لكراع (2/ 534):"ومما جاء على وزن. فَعْلَةٍ. وفُعْلَةٍ. وفِعْلَةٍ".ثم قال: جَذْوَةٌ. وجُذْوَةٌ. وجِذْوَةٌ.
وأشباهها، وقد قُرِىءَ بالأوجه الثلاثة في [جذوة](1) في السبع على ما أصله أهل اللغة من أن كل ما كان على فعله لامه واو بعدها تاء التأنيث جاء فيه ثلاثة أوجه.
سابعها: "الدرجة". واحدة الدرجات، وهي الطبقات من المراتب.
والدرجة: -بضم الدال- مثال الهمزة لغة في الدرجة، وهي المرقاة، قاله الجوهري (2).
وهل هذه الدرجة محسوسة أو معنوية بمعنى: ارتفعت رتبته، الله أعلم بذلك.
وأما حط الخطيئة: فالظاهر أنه محوها من صحيفة السيئات حقيقة.
تنبيه: [قوله](3): "وحط عنه بها خطيئة"، قال الداودي: أي [إن](4) كان له خطيئة وإلَّا رفع له درجات، قال: وهذا يقتضي أن الحاصل بالخطوة درجة واحدة، إما الحط، وإما الرفع، أي وتكون الواو بمعنى أو، لا بمعنى العطف، وخالفه غيره. فقال: الحاصل بالخطوة ثلاثة أشياء. لقوله في الحديث الآخر: " [كتب](5) الله له
(1) نفس المرجع السابق.
(2)
انظر: مختار الصحاح (91).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
في الأصل (يكتب)، والتصحيح من صحيح مسلم ون ب.
بكل خطوة حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة" (1).
فائدة: في فضل الانتظار، روى [البيهقي] (2) والحاكم (3) وقال: صحيح على شرط الشيخين من حديث عقبة بن عامر "إذا تطهير الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة، كتب له كاتبه أو كاتباه بكل خطوة يمشيها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع".
وفي مسند أحمد (4) من حديث عبد الله بن عمرو قال: "صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فعقب من عقب، ورجع من رجع، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كاد يحسر ثيابه عن ركبتيه، قال: أبشروا معشر المسلمين! هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة، يقول: هؤلاء عبادي قضوا فريضة، وهم ينتظرون أخرى"[](5).
(1) أخرجه مسلم رقم (654).
(2)
البيهقي (3/ 63). وساقطة من ن ب.
(3)
الحاكم (1/ 211) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (3/ 246)، وابن خزيمة (2/ 372)، قال المعلق: وإسناده صحيح. وأحمد في المسند (1/ 157)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 177).
(4)
مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (6750، 6751، 6752، 6860، 6946)، وقال: إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه برقم (801). قال البوصيري في زوائده: "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات".
(5)
في ن ب زيادة بعد هذا الموضع ستأتي في الوجه الثالث عشر.
ثامنها: الملائكة: جمع ملك اسم لخلق من صفوة الله -تعالى- قال ابن كيسان وغيره: فعل من الملك.
وقال أبو عبيدة: هو مفعل من لاك. إذا أرسل والألوكة، [والمألكة](1) الرسالة [فأصله](2) على هذا أليك الهمزة فاء الفعل،
لكنهم قلبوها إلى عينه، فقالوا: مليك، [ثم سهلوه فقالوا: ملك] (3).
وقيل: أصله مليك من ملك يملك [نحو سمير من سمره](4) فالهمزة زائدة عن ابن كيسان أيضًا.
تاسعها: "ما" من قوله عليه السلام: "ما دام في مصلاه" مصدرية ظرفية، أي مدة دوام كونه في مصلاه، وكذلك "ما" في قوله:" ما انتظر الصلاة".
عاشرها: قوله: "اللهم صلي عليه، اللهم ارحمه"، أي: تقول: اللهم. والقول يحذف كثيرًا في كلام العرب، قال تعالى:
(1) في ن ب زيادة من الملك والمألكة. قال العبكري -رحمنا الله وإياه- في المشوف المعلم ص 736 والملكوت، من المُلْكِ، والمَلَكُ، من الملائكة، وأصله مَلأَكِ، فخفف همزه، وهو من الأَلُوكِ والمأْلُكَةِ، والمَأْلَكَةِ، وهي الرسالة. اهـ. محل المقصود. انظر: الصحاح (1609، 1610).
(2)
في ن ب (فأصلها).
(3)
في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب.
(4)
في ن ب ساقطة.
{وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (1)، أي يقولون: سلام عليكم. وفي رواية لمسلم (2): "اللهم تب عليه" وقد تقدم الكلام على: "اللهم" في باب الاستطابة، فأغنى عن الإِعادة.
وقوله: "اللهم" إلى آخره هو بيان لصلاتهم.
الحادى عشر: هؤلاء الملائكة الذين يصلون يجوز أن [يكونوا](3) الحفظة ويجوز أن [يكونوا](4) سواهم، فالله أعلم.
الثاني عشر: "في"[من](5) قوله عليه السلام: "ولا يزال في صلاة"[من](6) مجاز لظرف إذ الصلاة لا تكون ظرفًا للمصلي حقيقة، فما ظنك بمن هو في [حكم](7) المصلي.
الثالث عشر: ظاهر قوله: "ما دام في مصلاه" إن صلاة الملائكة مشروطة بدوامه في مصلاه بعد صلاته.
وفي مسلم: "ما دام في مجلسه الذي صلى فيه".
وفي الموطأ (8) ما يصرح بذلك من حديث أبي هريرة: "إذا
(1) سورة الرعد: آيتا 23، 24.
(2)
مسلم (649).
(3)
في الأصل (يكونون)، وما أثبت من ن ب.
(4)
نفس المرجع السابق.
(5)
زيادة من ن ب.
(6)
زيادة من ن ب.
(7)
نفس المرجع السابق.
(8)
الموطأ (1/ 161).
صلى أحدكم فجلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلي عليه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. فإن قام من مصلاه فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في [صلاة](1) حتى يصلي".
قال الباجي: المنتظر في غير مصلاه من المسجد يكون في صلاة: كالمنتظر في مصلاه، غير أن المنتظر في مصلاه يحصل له أنه في صلاة، وصلاة الملائكة عليه بخلاف المنتظر في غير مصلاه (2) [
…
] (3).
[روى الحاكم في مستدركه من حديث داود بن صالح قال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: "يابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} (4) قلت: لا، قال: إنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة"](5).
الرابع عشر: ظاهر هذا الحديث أن انتظار الصلاة مختصة بالمصلي في جماعة في المسجد، فلو صلى وحده وقعد ينتظر
الصلاة لم تحصل له هذه الفضيلة.
(1) في ن ب (مصلاه).
(2)
المنتقى (1/ 283).
(3)
في الأصل بياض بمقدار كلمة.
(4)
سورة آل عمران: آية 200. وما بين القوسين ساقط من ن ب.
(5)
المستدرك (2/ 301) ووافقه الذهبي.
قال الباجى (1): سُئل مالك رحمه الله عمن صلى في غير جماعة، [ثم](2) قعد في موضعه ينتظر الصلاة، أتراه في صلاة كمن ينتظر الصلاة في المسجد؟ قال: نعم، إن شاء الله تعالى.
الخامس عشر: ظاهره أيضًا أن الانتظار يكون في مشترك الوقت على رأي من رواه وهو مالك وفي غيرها.
وقال الباجي (3): هذا مختص بمشترك الوقت: كانتظار العصر [بعد الظهر](4)، [والعشاء بعد المغرب](5)، [وأما انتظار الظهر بعد الصبح، والمغرب بعد العصر، والصبح بعد العشاء](6) فليس من عمل الناس:
قلت: ويرد هذا قول عبد الله ابن سلام في الساعة التي في يوم الجمعة لأبي هريرة: "إنها لآخر ساعة بعد العصر، فقال أبو هريرة: كيف وهي ساعة لا يصلى فيها. وقد قال - عيه السلام -: لا يوافقها عبد مسلم يصلي؟ فقال له عبد الله: أليس قال: من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة؟ " رواه مالك في الموطأ (7)
(1) المنتقي (1/ 284).
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
المنتقي (1/ 285).
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
في الأصل (والصبح بعد العشاء)، والتصحيح من ن ب.
(6)
زيادة من ن ب.
(7)
الموطأ (1/ 109).
وصححه الترمذي (1) وابن حبان (2) والحاكم (3)، فجعل الانتظار يكون من العصر إلى المغرب، ولم ينكر عليه أبو هريرة.
السادس عشر: جاء في رواية لمسلم (4) في آخر هذا الحديث بعد قوله: "اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث" قيل لأبي هريرة: ما الحدث؟ قال: يفسو أو يظرط". وفي البخاري (5) في "باب: من لم ير الوضوء إلَّا من المخرجين" عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث". فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت "يعني الضرطة".
السابع عشر: يؤخذ من الحديث الحث على الصلاة في الجماعة المشروعة لها.
الثامن عشر: يؤخذ منه أيضًا [أن](6) فعلها في المسجد أفضل.
(1) الترمذي رقم (491)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
ابن حبان (4/ 192).
(3)
الحاكم (1/ 278)، ووافقه الذهبي والنسائي (3/ 114)، وأبو داود مختصر المنذري طبعة فقي (2/ 4). قال الزرقاني -رحمنا الله وإياه-: وقد ذهب جمع إلى ترجيح قول ابن سلام، "فحكى الترمذي عن أحمد، أنه قال: أكثر الأحاديث عليه. وقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب". البيهقي (3/ 251).
(4)
مسلم (649).
(5)
البخاري، باب: رقم (34) حديث (176).
(6)
زيادة من ن ب.
التاسع عشر: يؤخذ منه أيضًا إحسان الوضوء بفعله على الوجه المأمور به من غير مجاوزة فيه ولا تقصير.
العشرون: فيه أيضًا أن المسجد الأبعد للجماعة أفضل من القريب، ويستثنى منه ما إذا تعطل القريب لغيبته [أو](1)[إذا](2)
كان إمام البعيد مبتدعًا.
الحادي والعشرون: فيه أيضًا تكفير الذنوب، ورفع الدرجات، وصلاة الملائكة على من ينتظر الصلاة في المسجد [وهو](3) الدعاء [له](4).
الثاني والعشرون: [فيه أيضًا أن من تعاطى أسباب الصلاة يسمى مصليًا](5).
الثالث والعشرون: فيه أيضًا أنه ينبغي لمن خرج في طاعة صلاة أو غيرها أن لا يشاركها شيء من أمور الدنيا وغيرها.
خاتمة: ينعطف على هذا الحديث والذي قبله: اعلم أن ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب؛ حتى لو تصدق الرجل بعشرة الآف دينار، لكان الدينار الواجب أعظم أجرًا منه. وإن كانت مصلحة العشرة الآف أعظم، إذا تقررت هذه القاعدة، فقد جاء
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في ن ب (وهذا).
(4)
في ن ب زيادة (له).
(5)
في ن ب ساقطة.
الحديث بالتضعيف على خلافها، فإن الشارع إنما رتب السبع والعشرين درجة على مجرد صلاة في الجماعة [ومجرد صلاة في
الجماعة] (1) مندوب إليه، ولم يرتب على صلاة واحدة الذي هو الواجب عليه إلَّا درجة واحدة، فكان البخاري على القاعدة: أن يكون السبع والعشرون على صلاته وحده، والدرجة الواحدة على صلاته في الجماعة. نبه على ذلك القرافي رحمه الله.
فإن قلت: [فإن الثواب](2) المضاعف ليس بين واجب ومندوب، وإنما هو بين مباح ومندوب، فإن صلاة الرجل وحده مباح له، وصلاته مع الجماعة مندوب إليه، والتضعيف إنما هو بين وصف الوحدة المباح ووصف الجماعة المندوب؛ ولا شك أن ثواب المندوب أعظم من ثواب المباح.
فالجواب: أنه يلزم على هذا أن يكون المباح [في](3) فعله ثواب، والقاعدة: أنه مستوي الطرفين: لا ثواب في فعله، ولا عقاب في تركه. فثبت أن الدرجة الواحدة إنما هي على الفعل الواجب، لا على صفة الوحدة فيه.
فإن قلت: لا نسلم أن السبعة والعشرين مرتبة على صلاة الجماعة فقط، بل على مجموع الفرض وصفته من صلاة الجماعة.
فالجواب: أنه تفرض المسألة فيمن صلى وحده ثم أعاد في
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
في الأصل (من)، والتصحيح من ن ب.
[جماعة](1) فإن ثواب الفرض حصل [له](2) بصلاته وحده، وهو أجر صلاة واحدة، ولم يبق إلَّا ترتيب السبع والعشرين على مجرد صلاة الجماعة، فتوجه الإِشكال.
ثم [أجاب](3): بأن [من](4) المندوبات ما يكون ثوابه أعظم من ثواب الواجب؛ لكن الشارع لم يوجبه رفقًا بالعباد، كما في
السواك، فإنه جاء فيه من الثواب ما بلغ به رتبة الواجب، ولم يوجبه الشرع رفقًا بالعباد، فكذا صلاة الجماعة.
تنبيه: حديث: "صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة"(5) مقتضاه أن يكون السواك أفضل من صلاة الجماعة، لأن الوارد في صلاة الجماعة دون ذلك كما علمته، والظاهر كما قال القرافي: إن الصلاة في الجماعة أفضل من السواك قال: فيحتاج إلى الجواب، وإلا فهو مشكل.
قلت: وحديث السواك لا يقاومه حديث صلاة الجماعة في الصحة، وإن قدمنا في بابه ثبوته من طريقة ذكرناها في التحفة.
(1) في ن ب (صلاة).
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
في ن ب (فالجواب).
(4)
زيادة من ن ب.
(5)
ضعفه ابن حجر رحمه الله في تلخيص الحبير (1/ 69)، وضعفه ابن القيم في المنار المنيف (19). للاستزادة راجع تحفة المحتاج للمؤلف (1/ 176). وسبق تخريجه في باب السواك.