الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
75/ 3/ 13 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه، (أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته فأكل منه، ثم قال: "قوموا لأصلي لكم". قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء، وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف صلى الله عليه وسلم)(1).
ولمسلم: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه (2) فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا"(3).
الكلام عليه من وجوه:
أولها: التعريف براويه وقد تقدم في الاستطابة.
(1) البخاري (380، 727، 860، 871، 874، 1164)، ومسلم (658)، والترمذي (234)، ومالك (1/ 153)، وأبو داود (612)، وأحمد (3/ 164)، والنسائي (2/ 56، 57، 85، 86).
(2)
زيادة من صحيح مسلم (660).
(3)
مسلم (660).
ثانيها: هذا اليتيم، قال المصنف فيه: أنه ضُميرة جد حسين بن عبد الله بن ضميرة ولم ينسبه، وإنما عرفه بكونه جد حسين المذكور
وهو ضُميرة بن أبي ضُميرة الليثي، قاله ابن حبان.
وقال النووي في "شرح مسلم"(1): ضميرة بن سعد الحميري، ولا تنافي بينهما، فإن ليثًا من حمير.
وفي كتاب [ابن](2) الحذاء قيل: اسمه روح [بن سندر](3)، وقيل: ابن شيرزاد.
وادعى بعض الشراح أن في "تاريخ الصحابة" لابن حبان بدل ضميرة والد عبد الله عميرة بفتح العين المهملة وكسر الميم، قال: فيكون أحدهما تصحيفًا، وهذا غريب، فإن الذي رأيته في كتاب ابن حبان (4) المذكور هو كما قال المصنف سواء، وهذا لفظه:(ضميرة بن أبي ضميرة الليثى) جد حسين بن عبد الله بن ضميرة من
(1) شرح مسلم (5/ 164)، والمذكور فيه ضمير بدون هاء فلا ادري هل هو تصحيف أم غلط مطبعي.
(2)
في الأصل (أبى)، والتصويب من ب.
(3)
كذا وهي ساقطة من ب. وقد أثبتها وما بعدها حسب ما رسمت في المخطوط. وقد حاولت الحصول على مخطوطة لهذا الكتاب ولكن لم يتيسر ذلك.
وابن الحذاء: هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أحمد التميمي من أهل قرطبة، توفي سنة عشر وأربعمائة. الصلة لابن بشكوال (2/ 47)، والديباج (2/ 237).
(4)
الثقات لابن حبان (3/ 199).
أهل المدينة له صحبه. [انتهى](1).
وكأنه والله أعلم تصحف عليه فضبطه ثم ادعى التصحيف.
ثالثها: مليكة: بضم الميم، وزعم الأصيلي بأنها -بفتح الميم وكسر اللام (2) - وهي أم سليم، وقد قدمنا التعريف بها في باب الجنابة.
رابعها: قوله: "أنَّ جدته مليكة"، كذا شرح بأنها جدته، ويؤيده ما رواه أبو الشيخ (3) الحافظ في "فوائد العراقيين" (4) من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: "أرسلتني جدتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم واسمها مليكة فجاءنا فحضرت الصلاة، فقمت إلى حصير لنا
…
" الحديث.
وقال أبو عمر (5): الضمير في جدته يعود إلى إسحاق بن
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
قال النووي في شرح مسلم (5/ 162) بعد نقله. وهذا ضعيف مردود. اهـ. وأيضًا في مشارق الأنوار (1/ 399)، وقال بعده: ولا يصح. اهـ.
(3)
هو الإِمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان الأنصاري، ويعرف بأبي الشيخ ولد سنة (274)، ومات سنة (369)، له مؤلفات منها:"التفسير"، و"الأحكام" وغيرها من المصنفات:"غاية النهاية"(1/ 447)، والعبر (2/ 351، 352).
(4)
الكتاب ذكره السمعاني في كتابه التحبير في المعجم الكبير (1/ 161 - 190).
(5)
التمهيد (1/ 264).
عبد الله الراوي عن أنس، فعلى هذا كان ينبغي للمصنف وغيره أن يذكر إسحاق فإن إسقاطه يوهم أن تكون جدة أنس لا جدة إسحاق، وكذا قال القاضي عياض، [وعبد الحق](1) أن الضمير يعود إلى إسحاق.
وقال النووي (2): إنه الصحيح فتكون أم أنس، لأن إسحاق ابن أخي أنس لأمه (3)(4).
(1) في الأصل (وعند إسحاق) وبينهما شطب، والتصويب من ن ب.
(2)
شرح مسلم (5/ 162).
(3)
في إحكام الأحكام (1/ 198) زيادة (اليتيم: هو ضميرة جد حسين بن عبد الله بن ضميرة).
(4)
"مليكة": بضم الميم وفتح اللام وقد أخطأ من ضبطه بفتح الميم وكسر اللام. وقوله: "جدته" اختلف في الضمير العائد هل هو عائد على أنس فتكون مليكة جدته هو؟ أو على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. فتكون جدة إسحاق؟ وقد ادّعى ابن عبد البر إن مليكة هي أم أنس بن مالك؟ وأنها أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري، وأن الضمير في "جدته" عائد على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة "واستدل لذلك لرواية عبد الرزاق لهذا الحديث عن مالك، عن إسحاق عن أنس، أن جدته مليكة يعني جدة إسحاق" وذكر الحديث بمعنى ما في الموطأ وقلد كثير من العلماء ابن عبد البر في ذلك. ورواية عبد الرزاق رواها أحمد في المسند (8/ 127)، (3/ 164)، وليس فيها قوله:"يعني جدة إسحاق" إنما جاء الوهم ابن عبد البر رحمه الله ومن قلده في تسمية أم سليم بمليكة وهذا خطأ، فإن أم سليم ثبت ملحان اختلف في اسمها، فقيل: الغميضاء، وقيل: الرميضاء، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة. وهذه الأسماء بضم الأول فيها كلها، ولم يقل أحد إن اسمها "مليكة". وأما =
خامسها: العجوز: هي أم سليم [أم آنس](1) قاله غير واحد.
سادسها: فيه دليل على عظم تواضعه صلى الله عليه وسلم بإجابة دعوة داعيه.
سابعها: فيه دليل أيضًا على إجابة الداعي لغير وليمة العرس، ولا خلاف في أن إجابتها مشروعية، لكن إجابتها عندنا غير واجبة على الأظهر، وظواهر الأحاديث الإِيجاب، ونشره مالك إجابة أهل الفضل لكل من دعاهم إلَّا في وليمة العرس، كذا نقله القاضي عياض، والحديث حجة عليه، وتكلف بعض المالكية فقال:
= "مليكة" فهي أمها وهي جدة أنس لأمه، وهي جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لأنها جدة أبيه عبد الله لأمه. وكانت ابنتها أم سليم تحت مالك بن النضر، فولدت له أنسًا في الجاهلية، وأسلمت مع السابقين من الأنصار، فغضب مالك وخرج إلى الشام فمات بها، فتزوجها بعده أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، فولدت له عبد الله، وأبا عمير وهؤلاء بنو ملحان معروفون أخوة أشقاء: سليم، وزيد، وحرام، وعباد، وأم سليم، وأم حرام، وأبوهم ملحان بكسر الميم وإسكان اللام واسمه مالك بن خالد بن زيد بن حرام، من بني النجار، وأمهم مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد بن مناة بن عدي من بني النجار. (الإِصابة ج 8، 190، 191)، وطبقات ابن سعد ويؤيد هذا ما نقله السيوطي في شرح الموطأ (1/ 169) عن فوائد العراقيين لأبي النسخ من طريق القاسم بن يحيى المقدمي، عن عبد الله بن عمر، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس قال:"أرسلتني جدتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واسمها مليكة، فجاءت فحضرت الصلاة"، فهذا صريح في أنها جدة أنس لا أمه. اهـ. من كلام أحمد شاكر في سنن الترمذي (1/ 455).
(1)
في ن ب (أم أم أنس) بزيادة (أم) فيه، والصواب ما في الأصل.
المقصود بهذه الدعوة إنما كان للصلاة لهم ليتخذوا مكانه مصلى، والطعام تبع، ويرده قوله:(لطعام صنعته)(1).
ثامنها: اللام في قوله: (فلأصلي) مكسورة لام كي، والفاء زائدة وقد جاءت زيادتها في قولهم:(زيد فمنطلق)، كما قال:(وقائلة خولان فانكح فتاتهم) وهو مذهب الأخفش، وقد [ورد](2) بكسر اللام وجزم الياء على أنه أمر نفسه، وروي بفتح اللام الأولى والياء ساكنة وهي [أشدها](3) لأن اللام تكون جواب قسم محذوف، وحينئذ يلزمها النون في الأشهر.
وقال البطليوسي: كثير من الناس يتوهمه قسمًا، وهو غلط، لأنه لا وجه للقسم هنا، ولو كان قسمًا لقال (فلأصلين) بالنون، وإنما الرواية الصحيحة فلأصلّ على معنى الأمر، والأمر إذا كان للمتكلم والغائب كان باللام أبدًا، وإذا كان للمخاطب كان باللام وغيره.
وحكى صاحب المطالع: (فلنصل)(4) بالنون وكسر اللام الأولى والجزم، كأنه أمر للجميع.
تاسعها: فيه جواز النافلة جماعة.
(1) ذكر هذا مختصرًا في الاستذكار (6/ 152)، وفي التمهيد (1/ 264)، وذكر مفصلًا في التمهيد (1/ 271، 276).
(2)
في ن ب (روى).
(3)
في ن ب (أشد).
(4)
وهي رواية الترمذي (234).
عاشرها: فيه الصلاة للتعليم، ولحصول البركة للاجتماع فيها أو بإقامتها في المكان المخصوص، فإن قوله عليه الصلاة والسلام (فلأصل لكم) يشعر بتخصيصهم.
[وفيه](1) تبريك الرجل الصالح والعالم (2) أهل المنزل بصلاته في منزله، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أراد تعليمهم أفعال الصلاة مشاهدة مع [تبريكهم](3)، فإن المرأة قلّ ما تشاهد أفعاله في المسجد، فأراد أن تشاهدها وتتعلمها وتعلمها غيرها.
الحادي عشر: فيه جواز صلاة النافلة في الجماعة اليسيرة وهو مذهب مالك، أعني جواز الجمع في النافلة في غير رمضان في موضع خفي، والجماعة يسيرة، وإلَاّ فالكراهة على المشهور.
الثاني عشر: قال بعض العلماء: المتعبد له حالتان.
الأولى: أن يصلى لنفسه قاصدًا وجه الله -تعالى-
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
سبق أن ذكرنا النهي عن التبرك بالصالحين. انظر: تيسير العزيز الحميد.
قال ابن باز -حفظه الله- في الفتح (1/ 327)، بعد ذكر التبرك بأهل الفضل ونحوهم: هذا فيه نظر. والصواب: إن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقاس عليه غيره، لما جعل الله فيه من البركة وخصه به دون غيره، ولأن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك مع غيره صلى الله عليه وسلم وهم أعلم الناس بالشرع، فوجب التأسي بهم، ولأن جواز مثل هذا لغيره قد يفضي إلى الشرك فتنبه.
(3)
في ن ب (تبركهم).
والإِخلاص في العبادة لمن يستحق أن يكون معبودًا لذاته، وهو الله سبحانه وتعالى[وهذا](1) أعلى مراتب الإِخلاص.
الثاني: أن يأتي بالعبادة ليعلم الجاهل، فهذا جائز، وهو مستحب، وعلى هذا الحديث يكون سنة، لكن هذا في حقه ملتحق بالأول، فإنه في حقه صلى الله عليه وسلم أبلغ فإنه من باب التبليغ والتعليم الواجب عليه، وأفضل العبادات أداء المفروضات، ويكون فعله صلى الله عليه وسلم هذا موصوف بأحسن الصفات، ويقرب من هذا تعليم العالم للمتعلم، وإن لم يبلغ تلك المرتبة العلية.
الثالث عشر: قوله: (فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس) أخذ منه أن الافتراش يطلق عليه لباس، ولا شك أن لباس كل شيء بحسبه شرعًا ولغة، فافتراش الحصير لا يسمى لباسًا عرفًا، ولو حلف لا يلبس ثوبًا، ولم يكن له نية بافتراشه، فافترشه حنث عند مالك (2) احتجاجًا بقوله:(من طول ما لبس) خلافًا للشافعية، لأن الأيمان مبناها العرف، وهذا في العرف لا يسمى لباسًا، وافتراش الحرير لباسًا له فيحرم على الرجل مع أن فيه نصًّا يخصه بالتحريم على المذكور والتحليل للإِناث،
واختلف أصحابنا في جواز افتراش الحرير للنساء على وجهين:
(1) في ن ب (وهو).
(2)
ذكره في التمهيد (1/ 265)، والاستذكار (6/ 153)، ولم ينسب لمالك وإنما في التمهيد أثر عن ابن سيرين.
أصحهما عند النووي: الجواز، لأنه يسمى لباسًا، وقد أحل لهن اللباس.
وأصحهما عند الرافعي: المنع، لأن اللباس العرفي في البدن، وجوز لهن لما فيه من الزينة للرجال، وليس ذلك في الجلوس والاستناد إليه.
وفي "المدخل" لابن الحاج المالكي رحمه الله أنه يجوز لها استعمال ذلك خاصة، قال: وأما زوجها فسمعت سيدي أبا محمد رحمه الله يقول: إنه لا يجوز له ذلك إلَّا على سبيل التبع لها، فلا يدخل الفراش إلَّا بعد دخولها، ولا يقيم في الفراش بعد قيامها، ويجب عليها أن توقظه إذا قامت أو تزيله عنه.
الرابع عشر: (النضح): الرش، قاله الجوهري (1)، وقد يطلق على الغسل، والأول أشهر، فنضحه للحصير يجوز أن يكون لأجل
تليينه وتهيئته للجلوس عليه، فإنه كان من جريد، كما جاء في رواية لمسلم، واختار هذا التأويل النووي (2).
ويجوز أن يكون لطهارته [وزوال](3) ما يعرض من الشك [من](4) نجاسة، ورجحه القاضي (5)، فإن احتراز الصبيان عن
(1) مختار الصحاح (277).
(2)
شرح مسلم (5/ 164).
(3)
في ن ب (وقال).
(4)
في ن ب (في).
(5)
نقله النووي عنه في شرح مسلم (5/ 164).
النجاسة بعيد، ويقوي هذا كون أبي عمير في البيت معهم، وكان طفلًا صغيرًا، كما جاء في رواية [في](1) غير الصحيحين، فيدل
للمالكية حينئذ على اعتبار النضح حال الشك (2)، وقد قدمت خلافًا في حديث أم قيس في باب المذي وغيره في الفرق بين النضح بالحاء المهملة والمعجمة.
الخامس عشر: (اليتيم): جمعه أيتام ويتامى، وقد يتمِ الصبي بالكسر [يتمَ بالفتح] (3) يُتما ويَتْما بالتسكين فيهما قاله أهل اللغة قالوا: واليُتْمُ في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم.
وحكى الماوردي: أنه يقال في بني آدم أيضًا أيتمت المرأة، فهي مؤتم أي صار أولادها يتامى.
وكلُّ شيءٍ مفرد يعز نظيره، فهو يتيم، يقال: درة يتيمةٌ، ويتّمهم تيتيمًا، جعلهم أيتامًا.
السادس عشر: فيه صحة [صلاة](4) الصبي المميز.
السابع عشر: فيه أن للصبي موقفًا في الصف، وبه قال الجمهور.
قال النووي في "شرح مسلم"(5): وهو الصحيح المشهور من مذهبنا، وعن أحمد كراهته في الفرائض والمساجد.
(1) زيادة من ن ب. انظر: مختار الصحاح (308).
(2)
انظر: الاستذكار (6/ 153)، والتمهيد (1/ 265).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
في الأصل (سلامة)، والتصويب من ب.
(5)
شرح مسلم (5/ 163).
وروي عن عمر أنه إذا أبصر صبيًّا في الصف أخرجه، ونحوه (1) عن بعض السلف وهو محمول على صبي لا يعقل الصلاة ويعبث فيها.
الثامن عشر: أن الاثنين يكونان صفًا وراء الإِمام، وهو مذهب العلماء كافة إلَّا ابن مسعود وصاحبيه وأبا حنيفة والكوفيين، فإنهم
قالوا: يكونان عن يمينه [وعن](2) يساره، ويكون بينهما، واستدل بحديث عنه أجوبة أوضحتها في "شرح المنهاج"(3).
(1) أثر عمر في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 413)، وذكره في الاستذكار (6/ 157)، وابن حبان (2/ 304). روي عن أُبَيّ بن كعب أنه أخرج صبيًّا من الصف، وأخبر أنه عهد من النبي صلى الله عليه وسلم، ابن خزيمة (1573)، والنسائي (2/ 88)، وعبد الرزاق (2460، 5/ 140)، والطيالسي (555). وحسن إسناده الألباني من ابن خزيمة.
قال في الاستذكار: وروى عن زر بن حبيش، وأبي وائل، وأما الإِمام أحمد فيذهب إلى الكراهة (6/ 157).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 212): وحجتهم في ذلك حديث ابن مسعود الذي أخرجه أبو داود وغيره عنه أنه أقام علقمة عن يمية والأسود عن شماله، وأجاب عنه ابن سيرين بأن ذلك كان لضيق المكان. رواه الطحاوي.
قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في التمهيد (1/ 267) بعد سياقه حديث ابن مسعود أنه قال: "هكذا صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال: وهذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح عندهم فيه التوقيف على ابن مسعود، أنه كذلك صلى بعلقمة والأسود، وحديث أنس أثبت عند أهل العلم بالنقل، والله أعلم. اهـ. انظر: الاستذكار (6/ 153، 154).
التاسع عشر: فيه أن موقف المرأة في الصلاة وراء الصبي، وأنها إذا لم تكن معها امرأة أخرى تقف وحدها وهذا لا خلاف فيه (1).
العشرون: يجوز أن يتمسك به على أن المرأة لا تؤم الرجال، لأن مقامها في الائتمام متأخر عن مرتبتهم، فكيف تتقدم أمامه؟ وهذا
مذهب جمهور العلماء خلافًا للطبري [وأبي](2) ثور، فإنهما أجازا إمامة المرأة للرجال والنساء جملة، وحكي عنهما إجازته في التراويح إذا لم يوجد قارئ غيرها.
واختلف أيضًا في إمامتها للنساء فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى المنع أيضًا، وأجازه الشافعي وغيره، وهو رواية عن مالك (3).
الحادي والعشرون: فيه دليل على أن موقف المنفرد من المأمومين عن يمين الإِمام سواء كان رجلًا أو صبيًّا.
الثاني والعشرون: فيه جواز الصلاة على الحصير وسائر ما تنبته الأرض، وهو مجمع عليه، وروي عن عمر بن عبد العزيز خلاف
هذا، وهو محمول على استحباب التواضع بمباشرة الأرض نفسها، وكره مالك نبات القطن والكتان، وأجازه ابن مسلمة (4).
(1) انظر: الاستذكار (6/ 155، 156)، والتمهيد (1/ 268).
(2)
في الأصل (أبو)، وما أثبت من ن ب.
(3)
انظر: معجم فقه السلف فإنه بحث هذه المسألة ولكن بدون التعرض لإِمامة المرأة للرجال (2/ 24).
(4)
انظر: ففه السلف (8/ 112)، وشرح مسلم (5/ 163).
الثالث والعشرون: فيه أن الأصل في الثياب والحصر والبسط الطهارة، وأن حكم الطهارة مستمر حتى تتحقق النجاسة.
واستفد هنا أن إسحاق بن راهويه انفرد فقال: لا يجوز لأحد أن يلبس ثوبًا جديدًا من ثياب النصارى حتى يغسله، ويرده أنه عليه الصلاة والسلام:"لبس جبة من جباب الروم ضيقة الكمين"(1)، ولم يرو واحد أنه غسلها.
الرابع والعشرون: فيه أن الأفضل في نوافل النهار أن تكون ركعين: كنوافل الليل.
الخامس والعشرون: جاء في هذا الحديث [فعيل](2) في [الصفات](3) من غير مبالغة، وذلك (يتيم وعجوز) وهو مما جاء على خلاف القياس، ومثله حصور للناقة الضيقة الإِحليل وهي التي ضاق مجرى لبنها من ضرعها وهو كثير.
السادس والعشرون: فيه دليل على ترك الوضوء مما مست النار، لأنه لم يذكر في الحديث أنه توضأ.
السابع والعشرون: أدخل مالك (4) هذا الحديث في ترجمة جامع لسبحة الضحى، واستدل به القاضي عياض على ذلك.
(1) الحديث متفق عليه، وأخرجه الترمذي (1768). وانظر: كلام النوري في المجموع شرح المهذب (1/ 207) في الرد على من لا يلبس الثياب حتى يغسلها.
(2)
في الأصل (فعل)، وما أثبتناه من ب.
(3)
في ن ب (الصلاة).
(4)
الموطأ (1/ 153).
وقال الباجي (1): حديث أنس أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلَّا مرة واحدة في دار رجل من الأنصار، سأله أن يصلي في بيته ليتخذ مكانه مصلى، قد يجمع بينه وبين هذا بأن يقال: لعل مالكًا بلغه أن صلاته في دار مليكة كانت ضحى، وأن أنسًا لما اعتقد فيها أن المقصود [منها](2) التعليم دون الوقت لم يعتقدها صلاة ضحى، ويحتمل أن يكون مالكًا لم يبلغه ذلك، ولكنه لما كانت عنده صلاة الضحى نافلة عبر عنها بصلاة الضحى، وجعلها تنوب عنها.
وقال صاحب القبس (3): إنما أخذ مالك أنها صلاة الضحى من قوله: "أن جدته مليكة دعته لطعام صنعته"، والظاهر منه أن الدعوة
في وقت الغداة عند تناول الغداء، وفيما ذكره نظر.
الثامن والعشرون: احتج بعضهم بهذا الحديث على صحة صلاة المنفرد خلف الصف ولا دلالة فيه لأنه موقفها (4)، وملخص ما
في هذه المسألة ثلاثة مذاهب.
(1) المنتقي للباجي مع اختلاف سير (1/ 274).
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
القبس (1/ 337).
(4)
قال الترمذي -رحمنا الله وإياه- (1/ 456): وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث على إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: إن الصبي لم تكن له صلاة وكأن أنسًا كان خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحده في الصف هذا وجه احتجاجهم بصحة صلاة الفذ خلف الصف. ثم قال: وليس الأمر على ما ذهبوا إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامه مع اليتيم خلفه، =
أحدها: الصحة مطلقًا، وهو قول النووي وابن المبارك وأصحاب الرأي ومالك والشافعي والأكثرين.
وثانيه: البطلان مطلقًا، وهو قول النخعي وحماد وابن أبي ليلى ووكيع، وبه قال أحمد وإسحاق.
وقال الزهري والأوزاعي: من ركع دون الصف إن كان قريبًا من الصف أجزأه وإلَاّ فلا.
وقال ابن حبان (1): من فعل هذا الفعل المنهي عنه بعد أن علم بالنهي كان مأثومًا في ارتكابه وصلاته صحيحة. لحديث أبي بكرة
أي في صحيح البخاري (2).
= فلولا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه، ولأقامه عن يمينه.
قال ابن باز -غفر الله لنا وله- في تعليقه على الفتح (2/ 347): الصواب صحة مصافة الصبي في الفرض والنفل لحديثي أنس وابن عباس، المذكورين في هذا الباب، والأصل أن الفريضة والنافلة سواء في الأحكام إلَّا ما خصه الدليل، وليس هنا دليل يمنع من مصافة الصبي في الفرض فوجبت التسوية بينهما، والله أعلم. انظر: الاستذكار (6/ 154، 156).
(1)
في صحيح ابن حبان (3/ 309) نحوه.
(2)
أخرجه البخاري (783)، والنسائي (2/ 118)، وأبو داود (683، 684) في الصلاة، باب: الرجل يركع دون الصف ومن طريقه البيهقي (3/ 106)، والبغوي (822، 823)، وأحمد (5/ 39، 45)، وابن الجارود (318).
التاسع والعشرين: قوله: (فصلى لنا ركعتين ثم انصرف) الأقرب كما قال الشيخ تقي الدين: إنه أراد الانصراف عن البيت، ويحتمل أنه أراد الانصراف من الصلاة بناء على أن السلام لا يدخل تحت مسمى [الصلاة](1) عند أبي حنيفة.
وأما على رأي غيره فيكون الانصراف عبارة عن التحلل، ويؤيده الحديث الآخر:"لا تسبقوني بالركوع ولا بالانصراف"(2) أي بالسلام، فيكون أراد الانصراف عن الصلاة، وهو السلام، وهذا الاحتمال هو الأظهر.
(1) ساقطة من الأصل، ومثبتة في ن ب والمنتقى.
(2)
رواه مسلم (426)، وأبو عوانة (2/ 136)، والدارمي (1/ 302)، والبيهقي (2/ 91، 92)، وأحمد في المسند (102/ 3، 126، 217، 240)، وابن خزيمة (1602). وجاء من رواية معاوية بن أبي سفيان: وإسناده حسن، وصححه ابن خزيمة (1594).