المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 61/ 3/ 10 - عن أبي هريرة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 61/ 3/ 10 - عن أبي هريرة رضي الله

‌الحديث الثالث

61/ 3/ 10 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أمر رجلًا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: الثِقَّلُ: ضد الخفة،

والثِّقَلُ: بالتحريك متاع المسافر وَحَشَمُهُ، ويقال: وجدت ثقلًا في جسدي، أي: فتورًا. حكاه الكسائي وثقلة القوم بكسر القاف أثقالهم، وأَثْقَلَتِ المرأةُ، فهي مُثْقِل، أي: ثقل حملها في بطنها.

(1) أخرجه البخاري (657)، ومسلم (651)، والموطأ (1/ 129)، والترمذي (217)، والدارمي (1/ 291)، وابن ماجه (797)، والنسائي (2/ 107)، وأبو داود (548، 549)، وأبو عوانة (2/ 5)، والبيهقي (3/ 55)، وأحمد (2/ 424، 531).

ص: 376

قال الأخفش: صارت ذاتَ ثِقْلٍ (1).

وألقى عليه مثاقيله، أي: مؤنته. فحصل من هذا أنه يستعمل حقيقة، وذلك في الأجسام، ومجازًا، وذلك في المعاني. ومنه الحديث إذ الصلاة ليست بجسم.

ثانيها: يؤخذ من الحديث الصلوات كلها ثقيلة على المنافقين، لما تقرر من مدلول صيغة أفعل، وشاهد ذلك قوله -تعالى-:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى} (2) وقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (3) وهذا كله في صلاة الجماعة، وإن لم يذكر [لقوة] (4) السياق الدال على ذلك [ومنه:"لأتوهما"، و"لا] (5) يشهدون الصلاة".

ثالثها: إنما كانت هاتان الصلاتان أثقل عليهما من غيرهما لقوة الداعي إلى ترك حضور الجماعة فيهما، وقوة الصارف عن الحضور.

أما العشاء: فلأنها وقت الإيواء والراحة.

وأما الصبح: فلأنها وقت لذة النوم صيفًا وشتاءً، والمؤمن الكامل لا مشقة عليه لابتغاء الأجر، ولهذا قال عليه السلام:"ولو يعلمون ما فيهما" أي جماعة في المسجد من الأجر والثواب،

(1) انظر: مختار الصحاح (43)، والمصباح المنير (83).

(2)

سورة التوبة: آية 54.

(3)

سورة النساء: آية 142.

(4)

في الأصل (لقوله)، وما أثبت من ن ب.

(5)

هكذا العبارة في الأصل، وفي ن ب مع البحث في المصادر.

ص: 377

وفي تركها من العقاب لأتوهما، أي [جاؤا] (1) إليها ولو حبوا أي: محتبين، يزحفون على إلياتهم من مرض أو آفة كحبو الصغير على يديه ورجليه.

فائدة: قال الحسن البصري: من النفاق: اختلاف اللسان والقلب، واختلاف السر والعلانية، واختلاف الدخول والخروج.

وقال الأوزاعي: المؤمن يقول قليلًا ويعمل كثيرًا، والمنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلًا.

رابعها: المنافق: من أظهر الإِيمان وأخفى الكفر؛ مشتق من النّافِقَاءَ: وهو جحر اليربوع، لأنه يكتم النافقاء، ويظهر القاصعاء، فإذا أُتي من قِبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانفتق أي: خرج. وفي كلام المحب الطبري عن ابن عباس: كان المنافقون ثلاثمائة رجل وسبعين امرأة، وكان ابن أُبي رأس القوم (2).

خامسها: استدل بهذا الحديث من قال: الجماعة فرض عين في غير الجمعة، وهو مذهب أحمد وابن المنذر وداود وابن خزيمة

وجماعة، والأظهر عن أحمد أنها ليست شرطًا للصحة.

(1) في ن ب (لجاؤا).

(2)

قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان المنافقون من الرجال ثلاثمائة، ومن النساء مائة وسبعين.

- والنفاق اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره، ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفًا. اهـ. من شرح ثلاثيات مسند أحمد للسفاريني رحمه الله (2/ 408).

ص: 378

وأجاب الجمهور: بأن هؤلاء المتخلفين كانوا منافقين، وسياق الحديث يقتضيه، فإنه لا يظن بالمؤمنين من الصحابة أنهم يؤثرون

ترك الصلاة خلفه وفي مسجده؛ ولأنه لم يحرق، بل همَّ به وتركه، ولو كانت فرض عين لما تركهم، كذا ذكره النووي في "شرح

مسلم" (1)، ورواية أبي داود الآتية قريبًا تخدشه، فإن ظاهرها أنهم كانوا مؤمنين، نعم رواية مسلم تقويه، فإن فيه بعد قوله: "[فتحرقوا بيوتهم](2) ولو علم أحدهم أنه يجد عظمًا سمينًا لشهدها" يعني العشاء، وهذا ليس صفة للمؤمنين.

سادسها: قوله: "ولقد هممت أن آمر بالصلاة" الهمُّ بالشيء غير فعله.

واختلف في الألف والسلام في الصلاة: هل هي لمعهود صلاة أو للجنس؟

[فمن قال: للجنس](3) حمله على جميع الصلوات مطلقًا، ومن قال: للعهد اختلف فيها.

ففي رواية: "أنها العشاء"(4) وفي أخرى: "إنها الجمعة" وفي أخرى: "العشاء والفجر" وفي أخرى: "يتخلفون عن الصلاة"(5)

(1) شرح مسلم (5/ 153).

(2)

في صحيح مسلم (651)، لفظه:"فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم"

إلخ.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

أخرجها أحمد.

(5)

أخرجها مسلم برقم (651).

ص: 379

مطلقًا، ولا منافاة بينهما؛ نعم إذا كانت هي الجمعة: فالجماعة شرط فيها. ومحل الخلاف إنما هو في غيرها، فلا دلالة حينئذ في الحديث.

قال البيهقي (1): والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة ونوزع في ذلك.

وقال المحب في "أحكامه": يحمل ذلك على تكرر الواقعة [ولا تضاد](2).

وقال الشيخ تقي الدين: يحتاج أن ينظر في هذه الروايات، فإن كانت أحاديث مختلفة، قيل بكل واحد منها، وإن كانت حديثًا واحدًا اختلف فيه فقد يتم هذا [الجواب](3)، إن عُدم الترجيح بين بعض تلك الروايات وبعض، وعدمُ إمكان أن يكون الجمع مذكورًا، فترك بعض [الرواة] (4) بعضه [ظاهرًا] (5) بأن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد إحدى الصلاتين -أعني الجمعة، أو العشاء مثلًا- فعلى تقدير أن تكون هي الجمعة لا يتم الدليل، وعلى تقدير العشاء يتم. فإذا تردد الحال وقف الاستدلال، ومما بينه عليه هنا أن هذا الوعيد بالتحريق إذا ورد في صلاة معينة -وهي العشاء، أو الجمعة، أو الفجر-

(1) السنن الكبرى (3/ 55).

(2)

في ن ب (والاتصال).

(3)

في ن ب (الحديث).

(4)

في الأصل ون ب (الرواية)، وما أثبت من إحكام الأحكام مع الحاشية (2/ 134).

(5)

في إحكام الأحكام زيادة (ظاهرًا).

ص: 380

فإنما يدل على وجوب الجماعة في هذه الصلاة. فمقتضى مذهب الظاهرية أن لا يدل على وجوبها في غير هذه الصلوات، عملًا بالظاهر، وترك اتباع المعنى، اللهم إلَّا أن يأخذ بقوله عليه الصلاة والسلام:"أن آمر بالصلاة فتقام" على عموم الصلاة، فحينئذ يحتاج في ذلك إلى اعتبار لفظ الحديث وسياق، وما يدل عليه، فيحمل لفظ "الصلاة" عليه إن أريد التحقيق وطلب الحق.

سابعها: قال بعضهم: في هذا الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال، لأن تحريق البيوت عقوبة مالية.

وقال بعضهم: أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغال من الغنيمة، واختلف السلف فيهما.

والجمهور: على منع تحريق متاعهما، نقلهما النووي في "شرح مسلم"(1).

وقال ابن العطار في "شرحه": استدل [به](2) بعضهم على جواز العقوبة بالمال، وهو مذهب مالك.

ثامنها: "الحبو": حبو الصغير على يديه ورجليه كما سلف، ومعنى:"لو يعلمون ما فيهما" أي من الأجر كما تقدم، ثم لم يستطيعوا الإِتيان إليهما [إلَّا حبوا](3) حبوا [إليها](4) ولم يفوتوا

(1) شرح مسلم (5/ 153).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب ساقطة.

(4)

في ن ب (إليهما).

ص: 381

جماعتهما [في](1) المسجد [ففيه](2) الحث البليغ على حضورها.

فائدة حديثيه: قال ابن مندة في مستخرجة: قوله عليه السلام: [لو يعلمون](3) المتخلفون عن صلاة الفجر والعشاء

لأتوهما ولو حبوًا"، رواه مع أبي هريرة، ابن مسعود (4)، وعائشة (5)، وأنس بن مالك (6)، وحذيفة بن اليمان.

تاسعها: قوله عليه السلام: "ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس" فيه أن الإِمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس؛ وإنما هم بإتيانهم بعد إقامة الصلاة، لأن ذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم، فيتوجه اللوم عليهم.

(1) في الأصل (من)، ولعل ما أثبت أقرب إلى الصواب.

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في ن ب (لم يعلموا).

(4)

ولفظ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد هممت أن آمر رجلًالا فيصلي بالناس، ثم آمر بأناس لا يصلون معنا، فتحرق عليهم بيوتهم". مسلم (652)، وأحمد (1/ 394)، وقال في مجمع الزوائد (2/ 43)، ورواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

(5)

ابن أبي شيبة (1/ 345)، وعبد الرزاق، والبيهقي (3/ 57).

(6)

قال في مجمع الزوائد (2/ 43)، ورواه الطبراني في الأوسط ورجال موثقون.

أقول: انظر مجمع الزوائد (2/ 42، 47) فقد جاء عدة أحادث عن كثير من الصحابة. وكنز العمال (8/ 252، 259).

ص: 382

وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر، وهو الوجه العاشر.

وفيه تقديم الوعد [والتهديد](1) على العقوبة، وهو الوجه الحادى عشر. وسره أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزواجر

اكتفي به عن الأعلى.

الثاني عشر: قوله عليه السلام: "فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" ظاهره أنه أراد حرقهم وقتلهم بالنار، إذ لو لم يرد ذلك لقال:"فأحرق بيوتهم" ولم يقل: عليهم. وهو يقوي ما تقدم من أن المراد بهم المنافقون، لأن المؤمن لا يقتل بترك الجماعة إجماعًا.

الثالث عشر: إذا تقرر أن الظاهر أن المراد حرقهم وقتلهم بالنار فيحتاج إلى الجمع بينه وبين حديث النهي عن التعذيب بالنار؛

فإنه عليه الصلاة والسلام لا يهم إلَّا بما يجوز.

فإن قيل: إنه ناسخ لهذا، فيحتاج إلى دليل يدل عليه، فإن النسخ خلاف الأصل (2).

والرابع عشر: فيه دليل على قتال تارك الصلاة متهاونًا بها، كذا قاله القاضي عياض، وتبعه بعضهم، ولا يخلوا من نظر، ففي

(1) في ن ب (الشديد).

(2)

قال ابن باز في التعليق على الفتح (2/ 131)، عند كلام ابن حجر -رحمنا الله وإياه-: هذا وإنما المنسوخ التعذيب بالنار فقط، والله أعلم. وسيأتي تمام كلامه عند تعليق (11).

ص: 383

[سنن](1) أبي داود (2) من حديث أبي هريرة: "لقد هممت أن آمر فتيتي، فيجمعوا حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم، ليست بهم علة، فأحرقها عليهم" وهذه الرواية ظاهرة في أن هذا التهديد لقوم مؤمنين، صلوا في بيوتهم لأمر توهموه مانعًا، ولم يكن كذلك، لأن المنافقين لا يصلون في بيوتهم، وإنما يصلون في الجماعة رياء وسمعة، وأما إذا خلوا فكما وصفهم الله من الكفر والاستهزاء.

الخامس عشر: فيه دليل أيضًا على جواز أخذ أصحاب الجنايات والحرابة على غرة و [المخالفة](3) إلى منازلهم، وعلى جواز إخراج أهل المعاصي من بيوتهم، [وقد](4) ترجم البخاري عليه (5)، واستدل بهذا الحديث [عليه] (6): يريد أن من اختفى منهم طلب، وأخرج من بيته بما يقدر عليه، كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم إخراج هؤلاء، وهذا فيمن عرف واشتهر منهم.

السادس عشر: فيه دليل كما قال صاحب القبس: على إعدام

(1) في ن ب (متن).

(2)

أبو داود (517) في الصلاة، باب: التشديد في ترك الجماعة، والحديث أصله في البخاري ومسلم. انظر: ت (1).

(3)

في الأصل (وإلحاقهم)، والتصحيح من ن ب.

(4)

من ن ب (وبه).

(5)

قال البخاري: "باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة"، الفتح (5/ 74).

(6)

في ن ب ساقطة.

ص: 384

محل المعصية، كما ذهب إليه مالك وخالفه الشافعي وأحمد. استدل بما روي من [كسر](1) دنان الخمر وتحريق عمر بيت خمّار.

واستدلا بالنهي عن إضاعة المال.

[قالا](2): إن المعصية لا تعلق للمحل بها، والأحكام إنما تتعلق بالفاعل (3).

خاتمة: في مسند أحمد (4) في هذا الحديث "لولا ما في

(1) في ن ب (كبر).

(2)

في ن ب (قال).

(3)

أشار ابن حجر رحمه الله في الفتح بقوله: "وتعقب بأنه منسوخ كما قيل في العقوبة بالمال، والله أعلم". اهـ.

علق الشيخ ابن باز -حفظه الله- بقوله: "جزم الشارح بالنسخ ليس بجيد، والصواب: عدم النسخ لأدلة كثيرة معروفة في محلها، منها حديث الباب، وإنما المنسوخ التعذيب بالنار"، والله أعلم. اهـ، من الفتح (2/ 130).

(4)

مسند أحمد (2/ 367) من رواية سعيد المقبري، وهذا فيه بيان الترك في عدم التحريق، كما أشار إليه الحافظ ابن حجر (2/ 126).

فائدة: قد ورد النهي عن العقوبة بالنار أحاديث كثيرة منها: ما أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود في الحدود، باب: المرتد، عن عكرمة، قال:"أتى علي رضي الله عنه بزنادقة، فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لِنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعذبوا بعذاب الله)، ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال:(إن وجدتم فلانًا وفلانًا) لرجلين من =

ص: 385

البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار" وهذا من شفقته صلى الله عليه وسلم على النساء والذرية.

= قريش سماهما، (فاحرقوهما) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج:(إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يعذب بها إلَّا الله، وإن وجدتموهما فاقتلوهما) "، فتح الباري (2/ 104).

وروى أبو داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها) ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: (من حرّق هذه)؟ قلنا: نحن. قال: (إنه لا ينبغي لأحد إن يعذب بالنار إلَّا رب النار). انظر: أبو داود رقم (2675)، والحاكم (4/ 239)، ووافقه الذهبي.

ص: 386