المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السادس 37/ 6/ 6 - عن عائشة رضي الله عنها - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌7 - باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌8 - باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌9 - باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌11 - باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌12 - باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌13 - باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌14 - باب الإِمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

الفصل: ‌ ‌الحديث السادس 37/ 6/ 6 - عن عائشة رضي الله عنها

‌الحديث السادس

37/ 6/ 6 - عن عائشة رضي الله عنها [قالت](1): "كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة، وإن بقع الماء في ثوبه"(2).

وفي لفظ لمسلم: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه"(3).

الكلام عليه من وجوه:

(1) في ن ب (قال).

(2)

البخاري رقم (229، 230، 231، 232)، ومسلم (289) في الطهارة، باب: في حكم المني، والترمذي (117)، وأبو داود، عون المعبود (369)، وابن حبان (1378)، وابن ماجه (536).

(3)

رواه مسلم برقم (229)، وأبو داود، عون المعبود رقم (368)، والترمذي (116)، وأبو عوانة (1/ 204، 206)، والنسائي (1/ 156)، وابن ماجه (537، 539)، والطحاوي (1/ 29)، الطيالسي (1401)، وأحمد (6/ 35، 43، 67، 97، 101، 125، 132، 135، 193، 213، 239، 255، 263، 280)، ابن خزيمة (1/ 147)، وابن حبان (2/ 1376).

ص: 75

أحدها: في التعريف براويه، وقد سبق بيانه في الطهارة.

ثانيها: في ألفاظه:

الجنابة: تقدم بيانها أيضًا، وتسمية الجنابة باسم المني من باب تسمية الشيء باسم سببه، فإن خروج المني ووجوده سبب لاجتناب الصلاة -وما في معناها- وبعده عنها.

والفرك: بفتح الفاء: الدلك، وبكسرها: البغض (1).

ثالثها: في أحكامه: وفيه مسائل: أهمها ما يتعلق بنجاسة المني وطهارته.

وقد اختلف العلماء في طهارة مني الآدمي ونجاسته على ستة أقوال:

أحدها: نجاسته، وبه قال مالك وأبو حنيفة، إلَّا أن أبا حنيفة قال: يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابسًا، وهو رواية عن أحمد،

وحكاه صاحب التتمة قولًا للشافعي، وأطلق ابن العربي في شرح الترمذي عن أبي حنيفة أنه يكفي الفرك ولم يخصه باليابس.

قلت: والقائل بنجاسته اختلف قوله: هل هو نجس أصالة أو لمروره على مسلك البول؟ وقال مالك: لا بد من غسله رطبًا ويابسًا.

ثانيها: أنه نجس ولا تعاد الصلاة منه، قاله الليث.

(1) قال في لسان العرب (10/ 250): الفِرْكُ بالكسر: البغضة عامة، وفيل: الفِرك: بغضة الرجل لامرأته أو بغضة امرأته له، وهو أشهر. وقد جاء في الحديث:"لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقًا رضي منها آخر" أو قال غيره.

ص: 76

ثالثها: لا تعاد الصلاة منه في الثوب بخلاف الجسد، قاله الحسن بن صالح.

رابعها: طهارته، وإليه ذهب الأكثرون وهو أصح القولين عندنا، وأصح الروايتين [عن](1) أحمد، وقد غلط من زعم أن الشافعي تفرد به وهو مروي عن علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة، وبه قال داود أيضًا.

خامسها: طهارته من الرجل ونجاصته من المرأة، وهو قول [للشافعي](2) لكنه شاذ، قال بعض العلماء: وينبغي أن يخص

الخلاف فيها بالتي لم تحض، فأما من تقدم لها حيض أو نفاس فينبغي القطع بنجاسته فيها؛ لأن باطن الفرج قد تنجس بالدم وإذا جرى فيه المني تنجس به، وهذا البناء مشكل ويلزم طرده في مني الرجل، لكن أجاب الغزالي عنه بأن رطوبة الذكر لا تكاد تنفصل بخلاف رطوبة فرجها.

سادسها: أن مني الخصي نجس؛ لأنه ينجس بملاقاة منفذ البول [لأنه](3) نجس بالأصالة، حكاه الجيلي من الشافعية عن كتاب الخصال للخفاف ورأيته فيه، وهذا لفظه: كل مني نجس إلَّا مني الفحل دون [الخصي](4). وحكاه صاحب الاستقصاء أيضًا.

والتعليل المذكور موجود في مني الفحل؛ لأن مجراه غير

(1) في ن ب (عند).

(2)

في ن ب (الشافعي).

(3)

في ن ب (لا أنه).

(4)

في الأصل ون ب (الخادم)، وما كتب يدل عليه حيث ذكر (الخصي) مصحح. =

ص: 77

مجرى البول كما ستعلمه ويلتقيان في رأس الذكر، احتج لمن قال بنجاسته وهو القياس بالرواية الأولى السالفة في حديث عائشة المذكور وبالقياس على البول والحيض؛ ولأنه يخرج من مخرج البول، ولأن المذي جزء من المني؛ لأن الشهوة تجلب كل واحد منهما فاشتركا في النجاسة، والاكتفاء بالفرك لا يدل على الطهارة بدليل الاكتفاء في النعل بالدلك بالأرض ولا يدل على طهارة الأذى المتعلق به، واحتج الجمهور: بالرواية الثانية في فركه، ولو كان نجسًا لم يكف [فركه](1) كالدم والمذي وغيرهما.

وفي صحيح ابن خزيمة (2) وابن حبان (3) عن عائشة أيضًا رضي الله عنها "أنها كانت [تحتُّ] (4) المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي" وظاهره أنه في الصلاة وهذا أقوى الأدلة: وإنما فركته تنزهًا واستحبابًا وكذا غسله كان للتنزيه والاستحباب، وهذا متعين للجمع بين الأحاديث (5)(6).

(1) في ن ب (فركها).

(2)

ابن خزيمة (1/ 147)، وفي الأصل (تحك)، والتصحيح منه.

(3)

ابن حبان (2/ 330).

(4)

ابن خزيمة (1/ 147). وفي الأصل (تحك)، والتصحيح منه.

(5)

قال ابن حبان في صحيحه: كانت عائشة رضي الله عنها تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رطبًا؛ لأن فيه استطابة للنفس، وتفركه إذا كان يابسًا فيصلي صلى الله عليه وسلم فيه. وهكذا نقول ونختار أن الرطب منه يغسل لطيب النفس، لا أنه نجس، وأن اليابس منه يكتفى منه بالفرك اتباعًا للسنة. اهـ. (2/ 330).

(6)

في ن زيادة (واو).

ص: 78

قال القرطبي (1): لا حجة في حديث عائشة من وجهين، ثم أطال في ذلك بما يمكن الجواب عنه، ولا شك أن مذهبه فيه مخالفة لظاهر الحديث.

فإن قلت: [في مسلم](2) أن عائشة قالت لرجل أصاب ثوبه مني فغسله كله: " [إنما كان] (3) يجزيك أن رأيته [أن] (4) تغسل مكانه، فإن لم تره نضحت حوله، لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه"(5)، وظاهر هذا وجوب الغسل عند الرؤية.

فالجواب: أنه محمول على الاستحباب؛ لأنها احتجت عليه بالفرك فلو وجب الغسل لكان كلامها حجة عليها لا لها، وإنما أرادت الإِنكار عليه في غسل كل الثوب، فقالت: غسل كل الثوب بدعة منكرة وإنما يجزئك في تحصيل الأفضل والأكمل كذا وكذا. وادَّعى ابن العربي (6) أن قوله: "فيصلي فيه" هو من [رواية علقمة](7) والأسود متكلم فيه وغمزه الدارقطني وغيره، وهذا ليس بجيد منه.

(1) المفهم (2/ 646).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في الأصل (إنه كان)، والتصحيح من صحيح مسلم (288) ون ب.

(4)

في ن ب ساقطة.

(5)

مسلم رقم (288).

(6)

عارضة الأحوذي (1/ 180).

(7)

في الأصل (عائشة)، والتصحيح من ن ب والعارضة والإِلزامات والتتبع للدارقطني (558).

ص: 79

وأما القياس على الدم والبول:

فجوابه: أن المني أصل الآدمي المكرم فهو بالطين أشبه، بخلافهما.

وأما قولهم: إنه يخرج من مخرج البول:

فجوابه: منع ذلك، بل مجراهما مختلف، ولهذا قال أصحابنا: يجب غسل المني إذا استجمر بالحجر؛ [لأنه](1) يجتمع هو والبول في رأس الذكر وهو نجس معفو عنه بالنسبة إلى الصلاة، غير معفو عنه بالنسبة إلى ما لا يلاقيه من الرطوبات، [فلو](2) كان يجري مجرى البول لما كان لقولهم فائدة ولقالوا بوجوب غسله لتنجسه، وأما في إزالته بالماء فكسائر النجاسات إلَّا ما عفي عنه، والفرد يلحق بالأعم الأغلب.

قال القاضي أبو الطيب (3):

وقد ............

(1) في ن ب (لا أنه).

(2)

في ن ب (ولو).

(3)

هو طاهر بن عبد الله بن طاهر القاضي أبو الطيب الطبري، توفي في عشرين ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة، وكان مولده سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، فكان عمره مائة سنة وسنتين. ترجمته: تاريخ بغداد (9/ 358)، الأنساب (8/ 207)، وفيات الأعيان (2/ 512، 515)، طبقات النووي (491).

فائدة: قال ابن الصلاح في طبقات الشافعية (491) إذا ذَكَرَ الشيخ أبو إسحاق وشبهه من العراقيين القاضي مطلقًا في فن الفقه فهو أبو الطيب الطبري، وكثيرًا ما يقع ذلك في "تعليق" أبي إسحاق، وإذا جرى ذلك =

ص: 80

[شق](1) ذكر رجل بالروم فوجد كذلك فلا ينجسه بالشك، قال الشيخ أبو حامد (2): ولو ثبت أنه يخرج من مخرج البول لم يلزم منه النجاسة؛ لأن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر، وقال ابن العربي (3): إنهما يجتمعان عند أصل الثقب فيتنجس مما يخرج عليه وادَّعى أنه لا جواب عن هذا.

وأما قولهم: المذي جزء من المني:

فجوابه: بالمنع أيضًا، [بل](4) هو مخالف له في الاسم والخلقة وكيفية الخروج، لأن النفس والذكر يفتران بخروج المني،

ومن به سلس المذي لا يخرج معه شيء من المني.

واحتج من فرق بين البدن والثوب: بأنه عليه الصلاة والسلام

= من أبي المعالي ابن الجويني وغيره من الخراسانيين فهو القاضي حسين المروروذي، وإذا جرى مثل ذلك في الأصول والكلام من أشعري ونحوه فالمراد ابن الطيب أبو بكر الباقلاني، وإن كان من معتزلي فالمعْنِيُّ به عبد الجبار الأسداباذي والله أعلم. اهـ.

(1)

في ن ب (سبق).

(2)

هو الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد ابن أبي طاهر الأَسفراييني أبو حامد ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وتوفي في شوال سنة ست وأربعمائة، ترجمته تاريخ بغداد (4/ 368، 370)، الأنساب (1/ 237، 238)، دول الإِسلام (1/ 243)، ابن قاضي شهبة (1/ 161)، طبقات ابن الصلاح (373).

(3)

عارضة الأحوذي (1/ 179).

(4)

زيادة من ن ب.

ص: 81

"كان إذا اغتسل من الجنابة غسل ما على فرجه من الأذى" وكانت عائشة تفركه كما تقدم.

وجواب هذا يظهر مما تقدم.

المسألة الثانية: قولها: "وإن بقع الماء في ثوبه" هو من أثر الغسل، وفي مسلم:"وأنا أنظر أثر الغسل فيه"(1) فيحتمل أن تريد أثر الماء، ويحتمل أن تريد أثر المني بعد غسله، فعلى هذا فيه دلالة لمن يرى بتنجيسه على أن النجاسة إذا ذهب عينها لا يضر بقاء أثرها ولونها، وبذلك ترجم البخاري (2) على هذا الحديث حيث قال:"باب إذا غسل الجنابة أو غيرها قلم يذهب أثره" ويؤخذ منه أيضًا جواز الصلاة في الثوب الرطب وإن أصابه شيء من الأوساخ الطاهرة كالتراب والطين ونحوهما لا ينجسه.

المسألة الثالثة: فيه خدمة المرأة لزوجها في غسل ثيابه وشبهه، خصوصًا إذا كان من أمر يتعلق بها، وهو من حسن العشرة وجميل الصحبة.

المسألة الرابعة: فيه أيضًا أنه ينبغي للمقتدي أن ينقل أحوال المقتدى به، وإن كان يُستحى من ذكرها في العادة للناس [فيقتدى](3) بها.

المسألة الخامسة: استدلَّ جماعة بهذا الحديث على طهارة

(1) مسلم (1289).

(2)

البخاري فتح الباري (1/ 334).

(3)

في ن ب (ليقتدي).

ص: 82

رطوبة فرج المرأة، وهو الأصح عندنا؛ لأن الاحتلام مستحيل في حقه عليه السلام على الأشبه فتعين أن يكون المني من جماع، ومنع [ذلك](1) بأنه قد يكون خرج بمقدمات فسقط منه شيء على الثوب.

[فائدة](2) قد عرفت حكم مني الآدمي، وأما غيره من الحيوان الطاهر فالأصح عند الرافعي نجاسته، وعند النووي طهارته، وفي وجه ثالث أنه طاهر من مأكول اللحم، نجس من غيره كاللبن.

وأما صفة المني فمحل الخوض فيه كتب الفروع، وقد أوضحته في شرح المنهاج والتنبيه والحاوي وغيرها.

وهذه أقوال غريبة من مذهب مالك أحببت ذكرها هنا: فيه قوله: فيما إذا خرج عريًا عن اللذة أنه لا يجب الغسل. وفيه قول آخر: فيما إذا قارنته لذة غير معتادة كما إذا احتك أو اغتسل بماء حارٍّ أو لدغته عقرب أو ضرب فأنزل. وفيه قول: أن الواجب الوضوء، إذا قلنا: لا غسل. وفيه: فيما إذا التذ ثم خرج منه بعد ذهاب اللذة، ثلاثة أقوال: أضعفها: التفرقة بين أن يكون عن جماع وقد اغتسل له فلا يعيد، وعلى وجوب الغسل إذا صلى ففي الإِعادة قولان، وعلى عدمه: هل يتوضأ وجوبًا أو استحبابًا؟ قولان، ولو رأى في ثوبه احتلامًا اغتسل، وفي إعادته من أول يوم أو من أحدث [يوم](3) ثلاثة أقوال يفرق في الثالث بين أن يدع لبسه أم لا.

(1) في ن ب ساقطة، وهي بعد (يكون).

(2)

في ن ب (فرع).

(3)

في ن ب زيادة (يوم).

ص: 83