الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
79/ 3/ 14 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وهو شاكٍ، فصلى جالسًا، وصلى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فلما انصرف قال:"إنما جعل الإِمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون"(1).
الكلام عليهما من وجوه:
الأول: قوله: "إنما جعل الإِمام" لا بد فيه من تقدير محذوف وهو المفعول الثاني لجعل، لأنها هنا بمعنى صير، و [](2) التقدير [إنما](3) جعل الإِمام إمامًا، والأول ارتفع لقيامه مقام الفاعل.
(1) البخاري (1113)، ومسلم (411)، والنسائي (3/ 9)، ومالك (1/ 135)، وأبو داود (302)، وابن ماجه (1237)، والبيهقي (3/ 79)، وأحمد (6/ 51، 57، 58، 68، 148، 194)، والطحاوي وابن أبي شيبة.
(2)
في ن ب زيادة (إنما).
(3)
في ن ب ساقطة.
الثاني: معنى (ليؤتم به) ليقتدى به.
الثالث: الفاء تقتضي التعقيب، فتقتضي أن تكون أفعال المأموم عقب أفعال الإِمام القولية والفعلية، فنبه صلى الله عليه وسلم بالتكبير والتسميع على القولية، وبالركوع والرفع على الفعلية، وقد تقدم الكلام في الحديث قبله على مسابقته ومقارنته.
الرابع: (إنما) تقتضي العصر، والائتمام والمسابقة في كل شيء حتى في النية والهيئة من الوقف وغيره، وقد اختلف في ذلك العلماء.
فقال الشافعي: لا يضر اختلاف النية فتصح قدوة المؤدي بالقاضي، والمفترض، بالمتنفل، وبالعكس، وجعل الحديث مخصوصًا بالأفعال الظاهرة (1).
(1) قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (5/ 388).
قال الشافعي، والأوزاعي، وداود، والطبري، وهو المشهور عن أحمد بن حنبل: يجوز أن يُقتدى في الفريضة بالمتنفل، وأن يُصلي الظهر. خلف من يصلي العصر، فإن كل مصل يصلي لنفسه، وله ما نواه من صلاته، فالأعمال بالنيات.
ومن حجتهم أن قالوا: إنما أمرنا أن نأتم بالإِمام فيما يظهر إلينا من أفعاله، فأما النية فمغيبة عنها، ومحال أن نؤمر باتباعه فيما يخفي من أفعاله علينا.
قالوا: وفي الحديث نفسه ما يدل على ذلك، أنه قال:"إنما جعل الإِمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا".
وقد ذكرنا في "التمهيد" من زاد في الحديث: "وإذا كبر فكبروا، وإذا =
وقال أبو حنيفة (1): يضر اختلافها وجعل اختلاف النيات داخلًا
= سجد فاسجدوا".
ولم تختلف الرواية فيه، في قوله:"وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا"، فعرفنا أفعاله التي نأتم به فيها صلى الله عليه وسلم بما يقتدي فيه بالإِمام، وهي أفعاله إليهم.
من أفعاله إليهم من التكبير والركوع والسجود والقيام والقعود، ففي هذا قيل لهم: لا تختلفوا عليه.
قالوا: ومن الدليل على صحة هذا التأويل حديث جابر من نقل الأئمة في قصة معاذ إذ كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف فيؤم قومه في تلك الصلاة التي صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الصلاة التي صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي له نافلة، ولهم فريضة. انظر: الاصطلام للاطلاع على حجة كل قول (283، 290) للسمعاني.
(1)
قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (5/ 287).
وحجتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به"، فمن خالف في نيته فلم يأتم به.
وقال: "فلا تختلفوا عليه" ولا اختلاف أشد من اختلاف النيات التي عليها مدار الأعمال.
واعتلوا في قصة معاذ برواية عمرو بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة الزرقي، عن رجل من بني سلمة أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطويل معاذ بهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تكن فتانًا، إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك".
قالوا: وهذا يدل على أن صلاته بقومه كانت فريضته، وكان متطوعًا بصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قالوا: وصلاة المتنفل خلف من يصلي الفريضة جائزة بإجماع العلماء على ذلك. =
تحت الحصر في الحديث.
وقال مالك وغيره: لا يضر الاختلاف في الهيئة بالتقدم في الموقف وجعل الحديث عامًّا فيما عدا ذلك (1).
وحجة الشافعي في أن اختلاف النيات لا يضر، لأنه صلى الله عليه وسلم صلى
= وأجاب ابن عبد البر عن استدلالهم بهذا بقوله:
ولا يوجد من نقل من يوثق به: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "إما أن تجعل صلاتك معي، وإما أن تخفف بالقوم".
وهذا لفظ منكر لا يصح عن أحد يحتج بنقله، ومحال أن يرغب معاذ عن صلاة الفريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاته مع قومه وهو يعلم فضل ذلك وفضل صلاة الفريضة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه صلى الله عليه وسلم.
والدليل على صحة هذا التأويل أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة". فهي أصحابه وسائر أمته أن يشتغلوا بنافلة إذا أقيمت المكتوبة. فكيف يظن بمعاذ أن يترك صلاة لم يصلها بعد ولم يقض ما افترض عليه في وقتها، ويتنفل، وتلك الصلاة تقام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم قد قال لهم: لا صلاة إلَّا المكتوبة التي تقام.
وقد روى ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن معاذًا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم، هي له تطوع ولهم فريضة. وهذا نص في موضع الخلاف.
(1)
قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (5/ 387). قال مالك وأصحابه: لا يجزي أحد أن يصلي الفريضة خلف المتنفل، ولا يصلي عصرًا خلف من يصلي ظهرًا، ومتى اختلفت نية الإِمام والمأموم في الفريضة بطلت صلاة المأموم دون الإِمام، وكذلك من صلَّى فرضه خلف المتنفل. اهـ.
بأصحابه ببطن نخل صلاة الخوف مرتين بكل فرقة مرة، وصلاته الثانية وقعت له نفلًا وللمقتدين فرضًا، وبأن معاذًا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصليها بهم هي له تطوع، ولهم مكتوبة، كما سيأتي في موضعه، ومما يدل أن الائتمام إنما يجب في الأفعال الظاهرة قوله عليه الصلاة والسلام في رواية جابر:"ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا"(1).
فإن قلت: يدخل في النهي الوارد في الحديث إمامة القائم للعاجز عن القيام ولا شك في صحتها.
فالجواب: بأن النهي إنما يتناول من أمكنه الموافقة.
الخامس: قوله: "فإذا كبر فكبروا" وسيأتي الكلام على التكبير الإِحرام أنها لا تنعقد، وتكبيرة الإِحرام ركن.
وقيل: شرط، وخرّج المالكية على ذلك الإِحرام قبل دخول الوقت وغيره مما سيأتي في الباب الآتي.
السادس: قد يؤخذ من الحديث عدم قراءة المأموم الفاتحة في الجهرية، إذ لم يقل:"وإذا قرأ فاقرءوا"، كما قال:(فإذا كبر فكبروا)، وإنما خصصنا الجهرية لأنها الذي يمكن استعلامها دون السرية.
(1) مسلم وأبو عوانة (2/ 108)، وابن ماجه (1240)، وأحمد (3/ 334).
سابعها: معنى "سمع الله لمن حمده" أي أجاب، ومعناه أن من حمد الله متعرضًا لثوابه استجاب له فأعطاه ما تعرض له، و"الواو" في (ربنا ولك الحمد) ثابتة في فهم هذين الحديثين، وصح حذفها أيضًا، وإثباتها أحسن (1)، لأنها تدل على زيادة معنى، وهو النداء
بالاستجابة، فكأنه يقول: يا ربنا استجب أو تقبل ونحوهما، وعطف ذلك بقوله:(ولك الحمد) فكأنه خبر بأن له الحمد -سبحانه
وتعالى- فكأنه حمد الله بلفظ الخبر الدال على ثبوت الحمد له ملكًا واستحقاقًا، فاشتمل الكلام على معنى الدعاء ومعنى الخبر، وحذف الواو دالٌ على أحد هذين المعنيين فقط، وكذا في الرد في قوله وعليكم السلام بإثبات [الواو فإنه يتضمن](2) الدعاء لنفسه ولمن سلم عليه لأن تقديره علينا وعليكم السلام فحذف علينا لدلالة العطف عليه بخلاف إسقاطها، فإنه لا يقتضي إلَّا إثبات الدعاء لغيره خاصة.
واعلم أن ما جاء من الدعاء بصيغة الخبر مثل: سمع الله لمن حمده، وغفر الله لنا، ورضي عنا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله
وسلم، ونحو ذلك، قد قيل: إنه من باب التفاؤل بإجابة الدعاء، وكأنه وقع واستجيب وأخبر عن وقوعه.
ثامنها: فيه أن التسميع مختص بالإِمام، وأن "ربنا ولك الحمد" مختص بالمأموم، هكذا استدل به أحمد، وهو اختيار مالك وأبي حنيفة وابن المنذر.
(1) انظر ت (3)، (560).
(2)
في ن ب ساقطة.
ومذهب الشافعي (1) أن الإِمام والمأموم والمنفرد يجمعون بين التسميع والتحميد في الركوع والاستواء منه، فالتسميع ذكر لحالة الرفع منه، والتحميد ذكر لحالة الاستواء من الرفع، وقاله من المالكية عيسى بن ديار، ونافع، وإن كان القاضي عياض في "إكماله" خطَّأ من تأول عليهما ذلك.
وقال مالك: في "مختصر ما ليس في المختصر"، للمأموم أن يجمع بينهما.
وادعى الطحاوي أن الشافعي خالف الإِجماع، وليس كما ذكر.
والجواب عن الحديث: أنه عليه الصلاة والسلام علمهم ما جهلوه من ذكر الاستواء بخلاف ذكر الرفع من الركوع، وهو التسميع فإنهم كانوا يعلمونه، ويعملون به، ويتابعون فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يحتج إلى [التنبيه] (2) عليه بخلاف قوله:"ربنا لك الحمد"، وكذا حديث أبي هريرة:"إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة كفر له ما تقدم من ذنبه" رواه مالك في الموطأ (3)
(1) انظر: الاستذكار (4/ 110، 113، 5/ 404، 406).
(2)
في ن ب (البينة).
(3)
مسلم وأبو عوانة (2/ 110)، والطحاوي والطيالسي (2577)، وأحمد (2/ 467)، والموطأ (1/ 88). في الأصل زيادة (واو) في قوله:(اللهم ربنا ولك الحمد)، وهي غير واردة في روايات الكتب المذكورة.
فائدة: قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 280): قال ابن القيم: لم يأت =
[فجوابه](1) ما ذكرناه، وفي صحيح مسلم (2) من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد"، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر (3) وأبي هريرة (4) الجمع بينهما أيضًا، وقد ذكرها المصنف في باب صفة الصلاة (5). وسيأتي الكلام عليهما هناك إن شاء الله، وقال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني
= في حديث صحيح الجمع بين لفظ "اللهم" وبين "الواو". وأقول: قد ثبت الجمع بينهما في صحيح البخاري في باب صلاة القاعد من حديث أنس، بلفظ:"وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد"، وقد تطابقت على هذه اللفظة النسخ الصحيحة من صحيح البخاري.
وقال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (5/ 406)، وحكى الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل ثبت الواو في: "ربنا ولك الحمد"، وقال: روى الزهري فيه ثلاثة أحاديث؛ أحدها: عن أنس، والثاني: عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، والثالث: عن سالم عن أبيه يعني حديث رفع اليدين. وقال في حديث علي رضي الله عنه: "اللهم ربنا ولك الحمد" بالواو. اهـ.
(1)
في ن ب (جوابه).
(2)
هذا الحديث من أفراد مسلم دون البخاري وأخرجه أيضًا الدارمي (1/ 301)، والبيهقي (2/ 94)، وأبو داود والطحاوي وأبو عوانة (2/ 176) من حديث أبي سعيد الخدري.
(3)
البخاري (735)، ومسلم (390).
(4)
البخاري (789)، ومسلم (392).
(5)
الحديث الثالث.
أصلي" (1).
تاسعها: اختلف المتأخرون من أصحاب مالك في صلاة المسمع وصلاة المصلي بتسميعه على ثلاثة أقوال:
أحدها: الصحة للصلاة، لأنه نائب عن الإِمام، ففعله كفعله، وعمدتهم اقتداء الصديق رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم في واقتداء الناس بالصديق وهذا على أنه خرج من الإِمامة وائتم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الراجح، ولأن العمل استمر في سائر الأعصار على الصلاة بالتسميع.
والثاني: بطلان الصلاة، لأنه إنما شرع الاقتداء بالإِمام، لا لعوض عنه كما هو ظاهر الحديث.
والثالث: الصحة عند إذن الإِمام له، والبطلان عند العدم، وحكى القاضي عياض: أنه إنما يجوز ذلك في مثل: الأعياد والجنائز وغير الفرائض التي يجتمع لها الناس. قال: وقيل يجوز في هذا وفي الجماعات لضرورة كثرة الجمع، قال: وقيل: إنما يجوز ذلك إذا كان بصوت وطيء غير متكلف، فإن تكلف أفسد على نفسه وعلى من ائتم به.
عاشرها: قوله عليه الصلاة والسلام: "فقولوا ربنا ولك
(1) أخرجه البخاري أطرافه (628)، ومسلم (674)، والنسائي (2/ 9)، أبو داود (589) في الصلاة، باب: من أحق بالإِمامة، الترمذي (205)، وابن ماجه (979)، والدارمي (1/ 286)، والبيهقي (1/ 385)، وابن خزيمة (397)، والبغوي (432)، وأحمد (3/ 436).
الحمد" في معناه "[لك](1) الحمد ربنا"، أو "من حمد الله سمع له" للإِتيان باللفظ والمعنى. نص عليه الشافعي في الأم.
قال الماوردي (2): ولو قال حمد الله من سمعه أجزأه وإن خالف السنة.
الحادي عشر: قوله: "وإذا سجد فاسجدوا" يؤخذ منه الطمأنينة فيه، وكذا من قوله:"وإذا ركع فاركعوا" فإنه يقتضي تقديم ما يسمى ركوعًا وسجودًا، كذا قاله الشيخ تقي الدين في الحديث الرابع الآتي، ولا يخلو من مشاحَّةٍ فيه.
الثاني عشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون" كذا وقع التأكيد في الروايات "بأجمعون"(3) مرفوعًا، ومقتضاه أن يكون منصوبًا، لأن التأكيد (4)
(1) زيادة من ب.
(2)
الحاوي الكبير (2/ 161).
(3)
قوله: (أجمعون) كذا في جميع الطرق في الصحيحين بالواو، إلَّا أن الرواة اختلفوا في رواية همام عن أبي هريرة كما سيأتي في "باب إقامة الصف"، فقال بعضهم:(أجمعين) بالياء، والأول: تأكيد لضمير الفاعل في قوله: (صلوا)، وأخطأ من ضعفه فإن المعنى عليه، والثاني: نصب على الحال أي جلوسًا مجتمعين أو على التأكيد لضمير مقدر منصوب كأنه قال: أعنيكم أجمعين. اهـ، من الفتح (2/ 180) وكذا في رواية مسلم أجمعين، وفي البيهقي (3/ 79).
(4)
أي: أن (أجمعون) وقع توكيدًا لواو الجماعة وهي فاعل مرفرع، والتأكيد يتبع المؤكد في إعرابه نصبًا ورفعًا وجرًا.
يتبع المؤكد في إعرابه، وقد وقع في بعض الروايات لذلك (بأجمعين) منصوبًا، وقد تكلف (1)، للجواب عن الأولى.
الثالث عشر: هذا الحديث عند الشافعية ومهم البخاري والحنفية والجمهور: منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام: "صلى قاعدًا، وأبو بكر والناس قيامًا"(2) متفق عليه. وكان هذا في مرض موته، فإنها كانت صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين كلما رواه البيهقي (3).
وأما ابن حبان (4) فإنه أبى هذا في صحيحه، وبسط القول فيه بسطًا بليغًا، وقال: هو عندي ضرب من إجماع الصحابة أن صلاة المأمومين قعودًا إذا صلى إمامهم قاعدًا من طاعة الله، وأن عليهم ذلك، وأوجبه أحمد وابن المنذر أيضًا.
(1) ليس فيه تكلف، وإنما وجه النصب في الرواية المشار إليها، على أن (أجمعين) حال من واو الجماعة، فتنبه.
(2)
البخاري (688، 1113، 1236، 5658)، ومسلم (412)، وأبو داود (605) في الصلاة، باب: الإِمام يصلي من قعود، وابن ماجه (1237)، والموطأ (1/ 135)، والبغوي (851)، وأحمد (6/ 148)، وابن خزيمة (1614).
(3)
البيهقي (3/ 83)، كتاب السنن الكبرى. قال البيهقي في الدلائل (7/ 193): وفيما روينا عن عبد الله عن عائشة وابن عباس بيان الصلاة التي صلاها أبو بكر خلفه بعدما افتتحها بالناس، وهي صلاة الظهر من يوم السبت، أو الأحد فلا يتنافيان.
(4)
صحيح ابن حبان (3/ 272).
وقال مالك: في المشهور عنه وعن أصحابه: لا يجوز أن يؤم أحد جالسًا لحديث "لا يؤمن أحدٌ بعدي جالسًا"(1) لكنه حديث
(1) قال ابن حجر في الفتح بعد ذكر هذا الحديث والرد على من استدل به نقلًا عن الشافعي، فقال: قد علم من احتج بهذا أن لا حجة فيه لأنه مرسل، ومن رواية: رجل يرغب أهل العلم عن الرواية عنه يعني "جابر الجعفي"، وقال ابن بزيزة: لو صح لم يكن فيه حجة لأنه يحتمل أن يكون المراد منع الصلاة بالجالس، أي: يعرب قوله "جالسًا" مفعولًا لا حالًا. اهـ، (2/ 175).
وقال ابن حبان: عليه (3/ 273): وهذا لو صح إسناده لكان مرسلًا، والمرسل من الخبر وما لم يرو سيان في الحكم عندنا، لأنا لو قبلنا إرسال تابعي وإن كان ثقة فاضلًا على حسن الظن منا لزمنا قبول منه عن اتباع التابعين
…
إلخ. وانظر: عمدة القاري (5/ 220).
وقال أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الرسالة (256): بعد وهذا الحديث غاية في الضعف، ثم نقل كلامًا عن العراقي في "طرح التثريب"(2/ 340)، وذكر أنه روي من رواية (عبد الملك بن حبيب عمن أخبره عن مجالد عن الشعبي ومجالد ضعيف، وفي السند إليه من لم يسم، فلا يصح الاحتجاج به، والحديث أخرجه الدارقطني من طريق جابر الجعفي عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. وقال: لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
الدارقطني (1/ 398)، والبيهقي من طريق الدارقطني (3/ 80)، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (4088)، ومحمد بن الحسن في الموطأ (158). وانظر: الزيلعي في نصب الراية (2/ 50). وضعفه ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 394)، وقال فيه (5/ 400): منكر باطل لا يصح من جهة النقل. اهـ.
ضعيف [مرسل ولترك الخلفاء الراشدين الإِمامة من قعود وهو ضعيف](1) لأن ترك الشيء لا يدل على تحريمه، ولعلهم اكتفوا
بالاستنابة [للقادرين](2) وإن كان وقع الاتفاق على أن صلاة القاعد بالقائم مرجوحة، وأن الأولى تركها، فذلك سبب ترك الخلفاء
الإِمامة من قعود [ورائهم](3).
وقال ابن القاسم [عمل](4)[أهل](5) المدينة [على](6) ذلك، وفيه البحث المذكور (7).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في الأصل (للقاعدين)، وما أثبت من ن ب.
(3)
زيادة من ن ب.
(4)
في ن ب (على).
(5)
في ن ب ساقطة.
(6)
في ن ب ساقطة.
(7)
على قوله: وقال مالك في المشهور عنه وعن أصحابه، إلى قوله: وفيه البحث المذكور، قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 175): والعجب أن عمدة مالك في منع إمامة القاعد. قول ربيعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في تلك الصلاة مأمومًا خلف أبي بكر، وإنكاره أن يكون صلى الله عليه وسلم أم في مرض موته قاعدًا كما حكاه عنه الشافعي في الأم، فكيف يدعي أصحابه عدم تصوير أنه صلى مأمومًا. وكأن حديث إمامته المذكور لما كان في غاية الصحة ولم يمكنهم رده، لهذا سلكلوا في الانتصار وجوهًا مختلفة. وقال أبو بكر بن العربي، لا جواب لأصحابنا عن حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم يخلص عند السبك، واتباع السنة أولى، والتخصيص لا يثبت بالاحتمال. قال: إلَّا أني سمعت بعض الأشياخ يقول: الحال أحد وجوه التخصيص، وحال النبي صلى الله عليه وسلم، والتبرك به "لأنه =
ومن العلماء من زعم أن إمامة الجالس كانت خاصة به صلى الله عليه وسلم وهو ضعيف، لأن الأصل عدمه حتى يدل دليل عليه، وأبعد بعضهم، فقال: المراد بقوله: "فإذا (1) صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" الجلوس في موضع الجلوس في الصلاة، فإنه ذكر الركوع والرفع والسجود، ولم يذكر الجلوس، وحديث عائشة يرده ردًّا صريحًا (2).
= بحضرته وعدم العوض عنه يقتضي الصلاة معه على أي حال كان عليها، وليس ذلك لغيره، وأيضًا فنقص صلاة القاعد عن القائم لا يتصور في حقه، ويتصور في حق غيره، والجواب بعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي" وعن الثاني بأن النقص إنما هو في حق القادر في النافلة. وأما المعذور في الفريضة فلا نقص في صلاته عن القائم.
(1)
في ن ب (وإذا).
(2)
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 180): قوله: "وإذا صلى جالسًا" استدل به على صحة إمامة الجالس كما تقدم. وادعى بعضهم بأن المراد بالأمر أن يقتدي في جلوسه في التشهد وبين السجدتين. لأنه ذكر عقب ذلك الركوع والرفع منه والسجود، قال: فيحمل على أنه لما جلس للتشهد قاموا تعظيمًا له فأمرهم بالجلوس تواضعًا. وقد نبه على ذلك بقوله في حديث جابر: "إن كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا"، وتعقبه ابن دقيق العيد وغيره بالاستبعاد وبأن سياق طرق الحديث تأباه، وبأنه لو كان المراد الأمر بالجلوس في الركن لقال: وإذا جلس فاجلسوا، ليناسب قوله:"وإذا سجد فاسجدوا"، فلما عدل عن ذلك إلى قوله:"وإذا صلى جالسًا"، كان قوله:"وإذا صلى قائمًا"، فالمراد بذلك جميع الصلاة، ويؤيد ذلك قول أنس:"فصلينا وراءه قعودًا". وانظر: أقوال أهل العلم نقلها ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 390، 401).
فرع: اختلف أصحاب مالك في جواز ائتمام الجالس العاجز عن القيام بمثله، والمشهور الجواز كما حكاه القاضي.
وقيل: لا، فيعيد المأموم فقط. وروي عن ابن القاسم "لا يؤم المضطجع وهو وهم".
الرابع عشر: قولها: (وهو شاك) هذه الشكاية يحتمل أنها كانت من سقطة عن فرس ركبها بالمدينة فصرعته (1)[جذم نخلة](2) فانفكت قدمه فدخل عليه أصحابه يعودونه في مشربة لعائشة في غير وقت صلاة فريضة، ووجدوه يصلي نافلة فقاموا خلفه [ثم أتوه مرة أخرى فوجدوه يصلي المكتوبة فقاموا خلفه](3)، فأشار إليهم، فقعدوا، فلما قضى الصلاة، قال:"إذا صلى الإِمام جالسًا، فصلوا جلوسًا، وإذا صلى قائمًا، فصلوا قيامًا، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها". رواه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه (4) فهذه الرواية صريحة في أن الصلاة الأولى
(1) في ن ب (فصرعه).
(2)
جذم بالميم، قال الشوكاني في النيل (على جذم): بجيم مكسورة وذال معجمة ساكنة وهو أصل الشيء، والمراد هنا أصل النخلة، وفي رواية ابن حبان:(على جذع نخلة ذهب أعلاها وبقي أصلها في الأرض). اهـ، (4/ 71)، وقد جاءت بالميم في سنن أبي داود (1/ 64)، وابن خزيمة (3/ 53)، وبالعين عند ابن أبي شيبة (2/ 325)، وأحمد (3/ 300)، وابن حبان (3/ 274، 275).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
أبو داود (602)، ابن خزيمة (1615)، والبيهقي في السنن (3/ 79، =
كانت نافلة، وأن العلة في أمرهم بالجلوس خلفه في الثانية عدم
= 80)، ابن حبان (2112).
قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (2/ 180).
فائدة: وقع في رواية جابر عند أبي داود أنهم دخلوا يعودونه مرتين فصلى بهم فيهما. لكن بين أن الأولى كانت نافلة وأقرهم على القيام وهو جالس. والثانية: كانت فريضة وابتداؤا قيامًا، فأشار إليهم بالجلوس. وفي رواية بشر عن حميد عن أنس عند الإِسماعيلي نحوه (588)، ورواية أنس عند ابن حبان (2113، 3/ 274).
وقال: في هذا الخبر بيان واضح أن اللفظة التي في خبر حميد حيث صلى صلى الله عليه وسلم بهم قاعدًا وهم قيام، إنما كانت تلك سبحة فلما حضرت الصلاة الفريضة أمرهم أن يصلوا قعودًا كما صلى هو، ففي هذا أوكد الأشياء أن الأمر منه صلى الله عليه وسلم لما وصفنا أمر فريضة لا فضيلة.
ثم قال (3/ 276) فيقول جابر: فصلينا بصلاته، ونحن قيام، بيان واضح على دحض قول هذا المتأول إذ القوم لم يتشهدوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم قيام. وكذلك قوله: صلى في الصلاة الأخرى، فصلينا بصلاته، ونحن قيام. فأومأ إلا أن اجلسوا، أرإد به القيام الذي هو فرض الصلاة لا التشهد.
وقال ابن حجر -رحمنا الله وإياه-: في جمعه بين الأدلة بعد أن ساق الروايات وما ذكر فيها من الاختلاف "ويستفاد منها نسخ الأمر بوجوب صلاة المأمومين قعودًا إذا صلى إمامهم قاعدًا"، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم في هذه المرة الأخيرة بالإِعادة. لكن إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز، والجواز لا ينافي الاستحباب، فيحمل أمره الأخير بأن يصلوا قعودًا على الاستحباب، لأن الوجوب قد رفع بتقريره لهم، وترك أمرهم بالإِعادة هذا مقتضى الجمع بين الأدلة، وبالله التوفيق، والله أعلم. الفتح (2/ 177).
التشبه بالكفار في قيامهم خلف عظمائهم، فالعظمة لله.
وكان سقوطه صلى الله عليه وسلم عن فرسه وجحش شقه الأيمن أي خدش جلده [وإشحاحه](1) فخرج فصلى بهم جالسًا، وقال:"إنما جعل الإِمام ليؤتم به" إلى آخر الحديث في ذي الحجة سنة خمس من الهجرة كان صلى الله عليه وسلم ركب وأتى الغابة فسقط عن فرسه (2). وفي هذا الشهر [دفت](3) دافة [من](4) عامر بن صعصعة فأمرهم أن
(1) هكذا.
(2)
ابن حبان (3/ 281). قال ابن حجر في الفتح (2/ 177): وهو حديث صحيح. أخرجه مسلم: لكن ذلك لم يكن في مرض موته، وإنما كان ذلك حيث سقط عن الفرس، كما في رواية أبي سفيان عن جابر. ابن حبان (3/ 274)، ولفظه: "ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا بالمدينة فصرعه على جذع نخلة فانفكت قدمه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مشربة لعائشة، يسبح جالسًا، فصلينا بصلاته ونحن قيام، ثم دخلنا عليه مرة أخرى وهو يصلي جالسًا، فصلينا بصلاته ونحن قيام، فأومأ إلينا أن اجلسوا
…
" الحديث. ثم قال: والحديث أخرجه أبو داود وابن خزيمة بإسناد صحيح، وأخرجه مسلم (413) في الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإِمام وأبو داود (606)، والنسائي (3/ 9)، وابن ماجه (1240)، وأبو عوانة (2/ 108)، والبيهقي (3/ 79).
(3)
في ن ب ساقطة. انظر: مسند أحمد (6/ 51)، والثقات لابن حبان (1/ 280)، وأبو داود (2812) في الأضاحي، باب: الادخار من الأضاحي، والطحاوي (4/ 188).
(4)
في الأصل (بن)، وما أثبت من ن ب والمراجع السابقة. والدافة: الجماعة من الناس يريدون المصر وعامر بن صعصعة لم أجد من ترجم له.
لا يدخروا من ضحاياهم شيئًا ليواسوا المحتاجين، ثم قال لهم: كلوا وادخروا بعد ثلاث. فهذان النقلان يدلان على أنه انقطع غير مرة، وصلى بهم جالسًا شاكيًا غير مرة من سقطة، فإن أمرهم بالصلاة خلفه جلوسًا متقدم على قصة الصديق، وصلاته بالناس وخروجه عليه الصلاة والسلام في مرضه الذي مات فيه بين بريرة ونوبة [بضم النون و](1) بالباء الموحدة قبل الهاء، وإجلاسه عليه الصلاة والسلام إلى جنب الصديق رضي الله عنه (2).
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
قال الحافظ في الفتح (2/ 155): من العلماء من سلك الترجيح، فقدم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ في حديث الأعمش من غيره. ومنهم من سلك عكس ذلك ورجح أنه كان إمامًا وتمسك بقول أبي بكر في "باب من دخل ليؤم الناس"، حيث قال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من سلك الجمع، فحمل القصة على التعدد، وأجاب عن قول أبي بكر كما سيأتي في بابه، ويؤيده اختلاف النقل عن الصحابة خبر عائشة، فحديث ابن عباس فيه أن أبا بكر كان مأمومًا، كما سيأتي في رواية موسى بن أبي عائشة.
وكذا في رواية أرقم بن شرحبيل التي أشرنا إليها عن ابن عباس وحديث أنس فيه أن أبا بكر كان إمامًا، أخرجه الترمذي وغيره من رواية حميد عن ثابت عن أنس بلفظ:"آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب"، وأخرجه النسائي، والدليل على تعدد القصة إن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بين رجلين، يريد أحدهما العباس والآخر عليًّا. وفي خبر مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بين بريرة ونوبة، فهذا يدلك على أنها كانت صلاتين لا صلاة واحدة، والله أعلم.
فائدة: قرر الحافظ أبو المعز عبد المغيث بن زهير البغدادي (1) في كتابه [الاستنصار](2) لا [فضل](3) المهاجرين والأنصار: أن الصديق رضي الله عنه كان إمامًا والنبي صلى الله عليه وسلم كان [مأمومًا](4) من عدة طرق، وقال: إن قول بعض العلماء: إن الحديث الذي روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى وراء الصديق، وكان الصديق إمامًا آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يصل بعدها صلاة، وكانت صلاة الصبح وقبض صلى الله عليه وسلم حين ارتفع نهار ذلك اليوم، [غير صحيح](5) ومداره على شبابة بن سوّار وقد تكلم فيه أحمد، وقال: إنه غلط فيه، ليس كما ذكره، بل [ابن](6) سوّار من رجال الصحيحين، وقد أخرج الحديث من طريقه أحمد (7) والترمذي (8) وصححه وأبو داود
(1) هو عبد المغيث بن زهير بن زهير بن علوي، الشيخ الإِمام المحدث، ولد سنة خمسمائة وتوفي في محرم سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. الكامل لابن الأثير (11/ 230)، وسير أعلام النبلاء (21/ 159)، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (1/ 354، 358).
(2)
في ن ب (الانتصار).
(3)
كذا في ب، وفي الأصل غير واضحة.
(4)
في ن ب (إمامًا).
(5)
في ن ب ساقطة.
(6)
زيادة من ب.
(7)
أحمد في المسند (3/ 159، 233، 243)، ولفظه:"آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحًا به خلف أبي بكر .. ".
(8)
الترمذي (363).
وإمام المشرق ابن حبان في صحيحه (1) وغيرهم، وقول أحمد في [ابن](2) سوار [أليس](3) هو صاحب حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر؟ أراد تعريفه به [وإشهاره بروايته](4) إن صح هذا عنه.
وقد أخرج أحمد هذا الحديث في مسنده، وهو يدحض هذه المقالة المعزية إليه، وإنما أنكر أحمد على شبابة شيئًا بلغه عنه من
(1) ابن حبان (5/ 496، 497)، والنسائي (2/ 79)، والبيهقي في الدلائل (7/ 192). قال ابن حجر في النكت الظراف على تحفة الأشراف (1/ 132): أخرجه البيهقي في الدلائل من طريق محمد بن جعفر بن أبي غير عن حميد أنه صمع أنس. وكذا سيأتي من طريق محمد بن إسماعيل بن جعفر، عن حميد معنعنًا -وهي رواية النسائي- وهذا أخرجه ابن المنذر من طريق أبي ضمرة، عن حميد، عن أنس فيحتمل أن يكون حميد سمعه من أنس، وكان استثبت فيه "ثابتًا"، وكذلك في الأكثر يحدث به عن ثابت عن أنس، كما أخرجه ابن حبان من طريق سليمان بن بلال- عن حميد الطويل عن ثابت- والطحاوي والبزار من طريق يحيى بن أيوب- عن حميد- ورواية البيهقي في الدلائل فيها بيان الصلاة، وهي صلاة الصبح، ثم قال: قلت: فالذي تدل عليه هذه
الروايات مع ما تقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلفه في تلك الأيام التي كان يصلي بالناس مرة، وصلى أبو بكر خلفه مرة. وعلى هذا حملهما الشافعي رحمه الله في مغازي موسى بن عقبة وغيره، وبيان تلك الصلاة التي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها خلف أبي بكر وهي صلاة الصبح من يوم الاثنين.
(2)
زيادة من ب.
(3)
في ن ب (ليس).
(4)
في الأصل (واشتهاره براويه).
الإِرجاء، وجاء شبابة إليه معتذرًا مما بلغه عنه، ذكره العقيلي في "كتابه"(1)، ثم ساق الحديث من ثلاثين طريقًا، ليس فيها ذكر
شبابة بن سوار، وفي بعض طرقه عن ابن عباس لم يصلِّ النبي صلى الله عليه وسلم خلف أحد من أمته صلاة تامة إلَّا خلف أبي بكرة، ولم في خلف عبد الرحمن بن عوف (2) ركعة وفي بعض طرقه: أن أبا بكر أراد أن يتحول من الصف من إمامته فرده صلى الله عليه وسلم وقال: "ما كان لنبي أن يموت حتى يؤمه رجل من أمته" رواه أحمد (3).
وفي رواية لابن سعد (4) أنه عليه الصلاة والسلام قال ذلك حين انصرف، وبذلك أجاب الحافظ أبو علي أحمد بن محمد
(1) الضعفاء الكبير (2/ 195)، وتهذيب التهذيب (4/ 300).
(2)
مسلم (1/ 317).
(3)
الدلائل (7/ 202) من رواية عائشة، والمستدرك للحاكم (1/ 242)، والدارقطني (1/ 282) من رواية المغيرة بن شعبة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5/ 32)، ورواه أحمد في مسنده (1/ 13)، والبزار (1/ 55)، والمطالب العالية (4/ 77)، وضعفه أحمد شاكر في المسند (1/ 187) لجهالة أحد رواته كلهم من رواية عمر عن أبي بكر. وقال البوصيري: رواه الحارث والبزار بسند فيه راوٍ لم يسم. وقال ابن ماجه في سننه (1/ 292)، باب: ما جاء في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف رجل من أمته.
وذكر حديث صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف ولم يذكر اللفظ فيه السابق. وقد جاء في رواية فيها انقطاع عن مالك عن ربيعة بن
عبد الرحمن. انظر: الاستذكار (5/ 392).
(4)
ابن سعد (2/ 222).
البرداني (1) وابن ناصر السلامي (2)، وقال: إنه صح، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى خلفه مقتديًا به في مرضه الذي توفي فيه ثلاث مرات، ذكره أبو داود والترمذي (3)، ولا ينكر ذلك إلَّا جاهل، لا علم له بالرواية، ووافقه أيضًا [في](4) ذلك الحافظ أبو بكر محمد بن منصور القصري، وصنف فيه أيضًا الحافظ ضياء الدين المقدسي.
الخامس عشر: في الحديث وجوب متابعة الإِمام، وتحريم الاختلاف عليه، وقد سبق الكلام على الاختلاف.
السادس عشر: فيه أن ركوعه وسجوده متأخر عن الإِمام.
السابع عشر: فيه جواز الإِشارة والعمل القليل في الصلاة للحاجة.
(1) هو الشيخ الإِمام الحافظ الثقة أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد البَرَداني، ثم البغدادي ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، ومات في سؤال سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة (1/ 94، 95)، وشذرات الذهب (3/ 408)، وسير أعلام النبلاء (19/ 219).
(2)
هو محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي، الفارسي الأصل ولد ليلة السبت نصف شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، توفي في ثامن عشر شعبان سنة خمسين وخمسمائة. ترجمته المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (38، 40)، ومرآة الزمان (8/ 138)، وسير أعلام النبلاء (20/ 265)، وذيل طبقات الحنابلة (1/ 225).
(3)
سبق.
(4)
في ن ب (علي).
الثامن عشر: لم يذكر في الحديث: وإذا سلم فسلموا، لأنه -والله أعلم- لا يلزم المتابعة فيه على الفور، فإن له أن يطول التشهد والدعاء بعده، ولأنه مندرج في [عموم قوله] (1):"إنما جعل الإِمام ليؤتم به"، وما ذكر فيه على التفصيل فهو من أفراد ذلك العموم.
(1) في الأصل (عمولة قوم)، وما أثبت من ن ب.