الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب الأذان
أصله الإِعلام: قاله أهل اللغة.
واشتقاقه: من الأَذَن بفتح الهمزة والذال وهو الاستماع.
وهو في الشرع: ذكر مخصوص شرع في الأصل للإِعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة، ونفتتح هذا الباب بمقدمات.
أولها: الأذان كلمة جامعة لعقيدة الِإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات.
فأولها: إثبات الذات وما تستحقه من الكمال والتنزيه.
ثم إثبات الوحدانية.
ثم إثبات الرسالة والنبوة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء إلى الصلاة، وجعلها عقب إثبات الرسالة، لأن معرفة وجودها من جهته لا من جهة العقل، ثم الدعاء إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء، ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإِعلام بالشروع فيها، وهو متضمن لتأكيد الإِيمان، نبّه على ذلك القاضي عياض، وهو من النفائس.
ولخّصه القرطبي في شرحه (1)، فقال: الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، وذلك أنه عليه السلام بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله - تعالى - ووجوبه وكماله، ثم ثني بالتوحيد ثم ثلث برسالة رسوله، ثم ناداهم لما أراد من طاعاته، ثم ضمن ذلك بالفلاح وهو البقاء الدائم، فاشعر بأن ثَمَّ جزاء، ثم أعاد ما أعاد توكيدًا.
ثانيها: الأصل في مشروعية الأذان قصه عبد الله بن زيد أخرجها أبو داود والترمذي وغيرهما، وهي موضحة فيما خرجته من أحاديث الرافعي وأحاديث الوسيط فراجعها منهما.
ثالثها: ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإِسلام، وكلمة التوحيد، والإِعلام بدخول وقت الصلاة، ومكانها،
والدعاء إلى الجماعة (2).
رابعها: المشهور عندنا أن الأذان والإِقامة سنته أي سنه [على](3) كفاية، وبه قال أبو حنيفة ومالك.
وقيل: فرض كفاية، وبه قال أحمد.
وقال أهل الظاهر: إنه فرض على الأعيان.
وقال بعضهم: إنه فرض مطلقًا على الجماعة سواء كانت الجماعة في حضر أو سفر.
(1) المفهم (2/ 756).
(2)
ذكرها في المفهم (2/ 746).
(3)
زيادة من ن ب.
وقال بعضهم: هو فرض السفر.
واختار القاضي أبو الوليد من المالكية (1): أنه واجب على الكفاية في المساجد والجماعات الراتبة، وعلل الوجوب بإقامة
الشعار وتعريف الأوقات.
قال القاضي عياض: وهو ظاهر قول مالك في الموطأ (2).
وروى الطبري عن مالك (3): إن ترك أهل [المصر](4) الأذان عامدين أعادوا الصلاة.
واختلف عند المالكية في المراد بالوجوب السالف، فقيل: معناه وجوب السنن المؤكدة.
وقيل: على ظاهره من الوجوب على الكفاية، وتأول قول من قال: إنه سنة. أي ليس من شروط الصلاة لقولهم في ستر العورة وإزالة النجاسة قاله أبو عمر وفي وجه عندنا أنه سنة في غير الجمعة فرض كفاية فيها.
وقال ابن المنذر (5): هو فرض في حق الجماعة في الحضر والسفر. دون المنفرد، وأكثر أهل العلم على أن من صلى بلا أذان
ولا إقامة في حضر أو سفر لا إعادة عليه.
(1) انظر: المنتقى (1/ 136).
(2)
انظر: الموطأ (1/ 71).
(3)
انظر: الاستذكار (4/ 17).
(4)
في ن ب (مصر).
(5)
في الأوسط (3/ 24).
وقال عطاء ومجاهد (1): فيمن نسي الإِقامة أنه يعيد الصلاة.
وقال الأوزاعي (2): من نسيها فإن كان الوقت واسعًا أعاد وإلَّا فلا.
خامسها: ادعى ابن العربي في القبس (3) أنه عليه السلام أذن (4) وهذا لفظه: "أذن النبي صلى الله عليه وسلم وأقام وصلى". فتعين الكل بفعله ثم سقط الوجوب في الأذان عن الفذ وفي ذلك غائلة، فراجعها من تخريجي لأحاديث الرافعي والوسيط وذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث:
(1) انظر: عبد الرزاق (1/ 511)، وابن أبي شيبة (1/ 218).
(2)
الأوسط لابن المنذر (3/ 25).
(3)
(1/ 199).
(4)
الحديث أصله في الترمذي برقم (411) من رواية يعلى بن مرة الثقفي: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فانتهوا إلى مضيق وحضرت الصلاة فمطروا السماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحته وأقام [أو أقام] فتقدم على راحته فصلى بهم يومئ إيماء، يجعل السجود أخفض من الركوع). والحديث أيضًا أخرجه أحمد (4/ 173، 174)، فقوله:"فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على ظاهره من أنه أذن بنفسه بل معناه أمر بالأذان". فرواية أحمد: "فأمر المؤذن فأذن وأقام"، وكذا في تاريخ الخطيب (11/ 182)، والدارقطني (ص 146)، فرواية الترمذي مختصرة يوضحها زيادة رواية أحمد للاستزادة. انظر: الفتح (2/ 79)، والحديث حسنه النووي كما في المجموع (3/ 106)، وضعفه البيهقي (2/ 7)، وابن العربي، كما نقل عهم ابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 212).
أقول: وكأن في صحيح أبي عوانة إثارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم أذن (1/ 331).