الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ عليه السلام لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى ابْن مَرْيَم إِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله
وجاءته امْرَأَة فَقَالَت إِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ لَهَا اجلسي يَا أم فلَان فِي أَي طرق الْمَدِينَة شِئْت أَجْلِس إِلَيْك حَتَّى أقضى حَاجَتك فَجَلَسَ إِلَيْهَا حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا وَكَانَ يَوْم بني قُرَيْظَة على حمَار ومخطوم بِحَبل من لِيف عَلَيْهِ أكاف
وَكَانَ يدعى إِلَى خبز الشّعير والإهالة السنخة فيجيب
وَقد حج وَكَانَ عَلَيْهِ قطيفة مَا تَسَاوِي أَرْبَعَة دَرَاهِم هَذَا كُله وَقد أَقبلت عَلَيْهِ الدُّنْيَا بحذافيرها وَأَلْقَتْ إِلَيْهِ أفلاذ كَبِدهَا فَلم يلْتَفت إِلَيْهَا وَلَا عبأ بهَا وَكَانَ صلى الله عليه وسلم فِي بَيته فِي مهنة أَهله يفلى ثَوْبه ويحلب شاته ويرقع ثَوْبه ويخصف نَعله ويخدم نَفسه ويعلف نَاضِحَهُ ويقم الْبَيْت وَيعْقل الْبَعِير وَيَأْكُل مَعَ الْخَادِم ويعجن مَعهَا وَيحمل بضاعته من السُّوق وَكَانَت الْأمة من إِمَاء أهل الْمَدِينَة تَأْخُذ بِيَدِهِ فتنطلق بِهِ حَيْثُ شَاءَت من الْمَدِينَة حَتَّى يقْضى حَاجَتهَا
وَدخل عَلَيْهِ رجل فأصابته من هيبته رعدة فَقَالَ لَهُ (هون عَلَيْك فَانِي لست بِملك انما أَنا ابْن امْرَأَة من قُرَيْش كَانَت تَأْكُل القديد) وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة دخلت السُّوق مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاشْترى سَرَاوِيل وَقَالَ للوازن زن وارجح وَذكر قصَّته فَقَالَ فَوَثَبَ إِلَى يَد النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقبلهَا فجذب يَده وَقَالَ هَذَا تَفْعَلهُ الْأَعَاجِم بملوكها وَلست بِملك إِنَّمَا أَنا رجل مِنْكُم ثمَّ أَخذ السَّرَاوِيل فَذَهَبت لأحمله فَقَالَ صَاحب الشَّيْء أَحَق بشيئه أَن يحملهُ
وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته
فَكَانَ صلى الله عليه وسلم آمن النَّاس وَأَعْدل النَّاس وأعف النَّاس وأصدقهم لهجة مُنْذُ كَانَ
اعْترف بذلك محادوه وعداته وَكَانَ يُسمى قبل النُّبُوَّة الْأمين وَذَلِكَ لما جعل الله فِيهِ من الْأَخْلَاق الصَّالِحَة
وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَن قُريْشًا لما بنيت الْكَعْبَة اخْتلفت فِيمَن يضع الْحجر الْأسود مَوْضِعه فحكموا بَينهم أول دَاخل عَلَيْهِم فَإِذا بِالنَّبِيِّ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم دَاخِلا فَقَالُوا هَذَا مُحَمَّد هَذَا الْأمين قد رَضِينَا بِهِ وَذَلِكَ قبل أَن يبْعَث
وَلَقَد اجْتمع الْأَخْنَس بن شريق مَعَ أبي جهل يَوْم بدر وَكِلَاهُمَا مُخَالف وعدو لَهُ قد أجمع على قَتله وقتاله فَقَالَ الْأَخْنَس لأبي جهل يَا أَبَا الحكم لَيْسَ هُنَا غَيْرِي وَغَيْرك يسمع كلامنا فَأَخْبرنِي عَن مُحَمَّد أصادق أم كَاذِب فَقَالَ أَبُو جهل وَالله إِن مُحَمَّدًا لصَادِق وَمَا كذب مُحَمَّد قطّ
وَلَقَد سَأَلَ هِرقل أَبَا سُفْيَان وَهُوَ على شركه ومخالفته فَقَالَ لَهُ هَل كُنْتُم تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ قَالَ لَا قَالَ هِرقل قد أعلم أَنه لم يكن يدع الْكَذِب على النَّاس ويكذب على الله
وَقَالَ النَّضر بن الْحَارِث لقريش وَهُوَ عدوه ومخالفه قد كَانَ مُحَمَّد فِيكُم غُلَاما حَدثا أرضاكم فِيكُم وأصدقكم حَدِيثا وأعظمكم أَمَانَة حَتَّى إِذا رَأَيْتُمْ فِي صدغيه الشيب وَجَاءَكُم بِمَا جَاءَ بِهِ قُلْتُمْ أَنه كَذَّاب وَأَنه سَاحر
لَا وَالله مَا هُوَ بساحر وَلَا بِكَذَّابٍ
فَهَذَا كَانَ حَاله فاعترف أعداؤه بمناقبه وَلَا يقدرُونَ على إِنْكَار شَيْء من فضائله
من أدل دَلِيل على عدله وعظيم تواضعه وفضله أَنه كَانَ قد انْتهى بِهِ الْأَمر إِلَى أَن تهابه الْمُلُوك وتفرق مِنْهُ الْجَبَابِرَة وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يُوفي لكل ذِي حق حَقه وَيعرف لذِي الْفضل فَضله حَتَّى كَانَ يَقُول إِنِّي أُرِيد أَن ألْقى الله وَلَيْسَ لأحد مِنْكُم يطالبني بمظلمة فِي أهل وَلَا مَال وَلأَجل ذَلِك أقاد عكاشة بن مُحصن من نَفسه وَذَلِكَ أَنه صلى الله عليه وسلم ضربه بقضيب فِي ظَهره غير قَاصد لضربه فَقَالَ لَهُ عكاشة إِنَّك قد أوجعتني فأقدني مَعْنَاهُ مكني مِنْك حَتَّى أضربك مِثْلَمَا ضربتني فكشف لَهُ عَن ظَهره وناوله الْقَضِيب وَقَالَ اضْرِب فأكب عكاشة على ظَهره يقبله وَقَالَ إِنَّمَا أردْت أَن يمس جلدي جِلْدك