المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني عشر في عصمة الله له ممن أراد كيده - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌الفصل الثاني عشر في عصمة الله له ممن أراد كيده

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه انْطَلقُوا إِلَى مَوضِع كَذَا فَإِن بِهِ ظَعِينَة عِنْدهَا كتاب من حَاطِب إِلَى مُشْركي قُرَيْش فَانْطَلقُوا ففتشوا فَلم يَجدوا عِنْدهَا شَيْئا فَقَالُوا لَهَا لتخْرجن الْكتاب أَو لَنُجَرِّدَنَّكِ فَأَخْرَجته من عقاصها

وإخباره لبَعض زَوْجَاته أَنَّهَا ستنبحها كلاب من الْحُوب وَأَنَّهَا تقتل حولهَا قَتْلَى كثير فَكَانَ ذَلِك كُله كَمَا ذكر صلى الله عليه وسلم

وَقَوله لعمَّار تقتلك الفئة الباغية فَقتله أَصْحَاب مُعَاوِيَة وَقَوله يكون فِي ثَقِيف كَذَّاب ومبير فرأوهما الْحجَّاج وَالْمُخْتَار

وإخباره بِأَن مُسَيْلمَة يعقره الله فَكَانَ ذَلِك

وَمن ذَلِك أَن نَاقَته ضلت فَلم يدر أَيْن هِيَ فَقَالَت قُرَيْش يزْعم مُحَمَّدًا أَنه يعرف خبر السَّمَاء وَهُوَ لَا يعرف نَاقَته فَنزل الْوَحْي على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أما أَنا فَلَا أعلم إِلَّا مَا أعلمني الله بِهِ وَأَن الله قد أَخْبرنِي أَنَّهَا بِموضع كَذَا فَانْطَلقُوا فَوجدت حَيْثُ ذكر قد حبستها هُنَاكَ شَجَرَة

وَقَوله لفاطمة الزهراء رضي الله عنها ابْنَته أَنَّك أول أهل بَيْتِي لُحُوقا بِي فَكَانَت أول من مَاتَ من أهل بَيته

وَأخْبر بِأَهْل الرِّدَّة والخوارج وَعرف بعلاماتهم فَوجدَ ذَلِك كَمَا أخبر

وَالْأَخْبَار فِي ذَلِك أَكثر من أَن تحصى يضْطَر الْوَاقِف عَلَيْهَا إِلَى الْعلم بنبوته صلى الله عليه وسلم

‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

وَذَلِكَ من أبلغ آيَاته صحت الرِّوَايَات وَثبتت الطّرق أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يحرس مِمَّن يُرِيد ضره لِكَثْرَة أعدائه ولطلبهم غرته حَتَّى نزل {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَأخْرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأسه من الْقبَّة وَقَالَ لحارسيه يَا أَيهَا النَّاس انصرفوا فقد عصمني رَبِّي فَلم يقدر أحد أَن يُصِيب مِنْهُ مقتلا مَعَ حرصهم على ذَلِك

ص: 375

وَمن ذَلِك مَا صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فِي بعض غَزَوَاته فَقَالَ تَحت شَجَرَة فَأَتَاهُ أَعْرَابِي فاخترط سَيْفه فَقَالَ من يمنعك مني فَقَالَ الله فَرعدَت يَد الْأَعرَابِي وَسقط سَيْفه من يَده وَضرب بِرَأْسِهِ الشَّجَرَة حَتَّى سَالَ دماغه وَقد اتّفق مثل هَذِه الْقِصَّة لعذرة بن الْحَارِث فَأسلم وَرجع إِلَى قومه وَقَالَ جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس

وَقد روى أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَت يَوْم بدر وَكَذَلِكَ وَقع مثل هَذِه الْقِصَّة بِذِي أَمر لدغشور بن الْحَرْث وَكَانَ ذَا نجدة وجرأة فَأسلم فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قومه قَالُوا أَيْن مَا كنت تَقول وَقد أمكنك فَقَالَ إِنِّي نظرت إِلَى رجل أَبيض طَوِيل دفع فِي صَدْرِي فَوَقَعت لظهري وَسقط السَّيْف من يَدي فَعرفت أَنه ملك وَفِيه أنزل الله عز وجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فَكف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة

وَكَانَت امْرَأَة أبي لَهب وَهِي حمالَة الْحَطب تضع الشوك فِي طَرِيق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّمَا يطَأ كثيبا أهيل يُرِيد سهلا وَلما أنزل الله عز وجل فِيهَا وَفِي زَوجهَا {تبت يدا أبي لَهب وَتب} إِلَى آخر السُّورَة أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَمَعَهُ أَبُو بكر وَفِي يَدهَا فهر من حِجَارَة فَلَمَّا وقفت عَلَيْهِمَا لم تَرَ إِلَّا أَبَا بكر وَأخذ الله ببصرها عَن نبيه عليه السلام فَقَالَت يَا أَبَا بكر أَيْن صَاحبك فقد بَلغنِي أَنه يهجوني وَالله لَو وجدته لضَرَبْت بِهَذَا الفهر فَاه

وَمن ذَلِك مَا حدث بِهِ الحكم بن أبي العَاصِي قَالَ تواعدنا على أَن نقْتل مُحَمَّدًا حَتَّى جئناه فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ سمعنَا صَوتا خلفنا مَا ظننا أَنه بقى بتهامة أحدا فوقعنا مغشيا علينا حَتَّى قضى صلَاته وَرجع إِلَى أَهله ثمَّ تواعدنا لَيْلَة أُخْرَى فَجِئْنَا حَتَّى إِذا رَأَيْنَاهُ جَاءَت الصَّفَا والمروة فحالت بَيْننَا وَبَينه

وَمن ذَلِك الْقِصَّة الْمَشْهُورَة الَّتِي تؤذن بالكفاية التَّامَّة وَذَلِكَ أَن قُريْشًا اجْتمعت على قَتله وبيتوا ليدخلوا عَلَيْهِ بَيته فَعلم بهم

ص: 376

فَقَالَ لعَلي تحول على فِرَاشِي فَفعل ثمَّ خرج عَلَيْهِم ودر التُّرَاب على رؤوسهم فَلم يروه حَتَّى دخلُوا الْبَيْت فوجدوا عليا على فرَاشه فَقَالُوا لَهُ أَيْن صَاحبك فَقَالَ لَهُم قد خرج عَلَيْكُم وَقد جعل التُّرَاب على رؤوسكم فَمد كل وَاحِد مِنْهُم يَده على رَأسه فَوجدَ التُّرَاب على رَأسه

وَقد قيل أَن فِي هَذِه الْقِصَّة نزل قَوْله تَعَالَى {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين}

وَمن ذَلِك مَا اتّفق لأبي جهل وَذَلِكَ أَنه أَخذ ابل رجل من الْعَرَب وتعدى عَلَيْهِ فِيهَا فَشكى ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمشى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمنزل أبي جهل وَصَاح بِهِ فَخرج منتقعا لَونه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رد على هَذَا إبِله فَقَالَ نعم ثمَّ دخل مرّة أُخْرَى خَائفًا فصاح بِهِ فَخرج فَزعًا متغيرا ذليلا فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ خرج فَزعًا ممتقعا لَونه فَانْصَرف الْأَعرَابِي وألان القَوْل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَامَتْهُ قُرَيْش على ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِنَّه عرض لي دونه فَحل من الْإِبِل مَا رَأَيْت مثل هامته وَلَا أنيابه لفحل قطّ وَأَنه هم بِي ليأكني فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ذَلِك جِبْرِيل وَلَو دنا مِنْهُ لأَخذه

وَكَذَلِكَ أَخذ أَبُو جهل صَخْرَة ليطرحها على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ساجد وقريش ينظرُونَ فلزقت بِيَدِهِ ويبست يَدَاهُ إِلَى عُنُقه فَرجع الْقَهْقَرِي وَرَآهُ ثمَّ سَأَلَ أَن يَدْعُو لَهُ فَفعل فَانْطَلَقت يَدَاهُ وَكَذَلِكَ تواعد مرّة أُخْرَى مَعَ قُرَيْش لَئِن رأى مُحَمَّدًا يُصَلِّي ليطأن رقبته فَلَمَّا دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة أعلموه فَأقبل نَحوه فَلَمَّا قرب مِنْهُ ولى هَارِبا ناكصا على عَقِبَيْهِ متقيا بيدَيْهِ فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لما دَنَوْت مِنْهُ أشرفت على خَنْدَق مَمْلُوء نَارا كدت أهوي فِيهِ وأبصرت هولا عَظِيما وخفق أَجْنِحَة قد مَلَأت الأَرْض فَقَالَ عليه السلام تِلْكَ الْمَلَائِكَة لَو دنى لَاخْتَطَفَتْهُ عضوا عضوا فَأنْزل الله تَعَالَى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} إِلَى أخر السُّورَة

ص: 377

وَمن ذَلِك حَدِيث شيبَة أَنه أدْرك النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم حنين فَقَالَ الْيَوْم أدْرك ثَأْرِي من مُحَمَّد وَكَانَ حَمْزَة قد قتل أَبَاهُ وَعَمه فَأَتَاهُ من خَلفه قَالَ فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ ارْتَفع إِلَى شواظ من نَار أسْرع من الْبَرْق فوليت هَارِبا وأحس بِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فدعاني فَوضع يَده على صَدْرِي وَهُوَ أبْغض الْخلق إِلَى فَمَا رَفعهَا أَلا وَهُوَ أحب الْخلق إِلَيّ

وَمن ذَلِك حَدِيث فضَالة بن عبيد قَالَ أردْت قتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ أفضالة قلت نعم قَالَ مَا كنت تحدث بِهِ نَفسك قلت لَا شَيْء فَضَحِك واستغفر لي وَوضع يَده على صَدْرِي فسكن قلبِي فوَاللَّه مَا رَفعهَا حَتَّى مَا خلق الله شَيْئا أحب إِلَيّ مِنْهُ

وَمن ذَلِك خبر عَامر بن الطُّفَيْل وأربد بن قيس وَذَلِكَ أَنَّهُمَا وَفْدًا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلاه فَقَالَ عَامر لأربد أَنا أشغل عَنْك وَجه مُحَمَّد فَاضْرب أَنْت فَلم يفعل أَرْبَد من ذَلِك شَيْئا فَلَمَّا كَلمه عَامر فِي ذَلِك قَالَ لَهُ وَالله مَا هَمَمْت أَن أضربه إِلَّا وَجَدْتُك بيني وَبَينه أفأضربك

وَمن ذَلِك الْخَبَر الْمَشْهُور خبر سراقَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مَكَّة مُهَاجرا للمدينة لم يعلمُوا بِخُرُوجِهِ فَبعثت قُرَيْش فِي طلبه فِي كل وَجه حَتَّى جعلت لمن يَأْتِي بِهِ جعلا مائَة نَاقَة

قَالَ سراقَة فَبينا أَنا جَالس فِي نَادِي قومِي إِذْ أقبل رجل فَقَالَ وَالله لقد رَأَيْت ركبة ثَلَاثَة مروا على آنِفا إِنِّي لأراه مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه قَالَ فأومأت لَهُ يَعْنِي أَن أسكت ثمَّ قلت إِنَّهُم بَنو فلَان يَبْتَغُونَ ضَالَّة لَهُم قَالَ لَعَلَّه قلت فَمَكثت قَلِيلا ثمَّ قُمْت فَدخلت بَيْتِي ثمَّ أمرت بفرسي فقيد لي إِلَى بطن الْوَادي وَأمرت بسلاحي فَأخْرج لي من دبر حُجْرَتي وَكنت أَرْجُو أَن أرده على قُرَيْش وآخذ الْمِائَة نَاقَة قَالَ فركبت فِي أَثَره فَلَمَّا بدا لي الْقَوْم فرأيتهم عثر بِي فرسي وَذَهَبت يَدَاهُ فِي الأَرْض وَسَقَطت عَنهُ قَالَ ثمَّ انتزع يَدَيْهِ من الأَرْض وتبعهما دُخان كالإعصار قَالَ

ص: 378