الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابه انْطَلقُوا إِلَى مَوضِع كَذَا فَإِن بِهِ ظَعِينَة عِنْدهَا كتاب من حَاطِب إِلَى مُشْركي قُرَيْش فَانْطَلقُوا ففتشوا فَلم يَجدوا عِنْدهَا شَيْئا فَقَالُوا لَهَا لتخْرجن الْكتاب أَو لَنُجَرِّدَنَّكِ فَأَخْرَجته من عقاصها
وإخباره لبَعض زَوْجَاته أَنَّهَا ستنبحها كلاب من الْحُوب وَأَنَّهَا تقتل حولهَا قَتْلَى كثير فَكَانَ ذَلِك كُله كَمَا ذكر صلى الله عليه وسلم
وَقَوله لعمَّار تقتلك الفئة الباغية فَقتله أَصْحَاب مُعَاوِيَة وَقَوله يكون فِي ثَقِيف كَذَّاب ومبير فرأوهما الْحجَّاج وَالْمُخْتَار
وإخباره بِأَن مُسَيْلمَة يعقره الله فَكَانَ ذَلِك
وَمن ذَلِك أَن نَاقَته ضلت فَلم يدر أَيْن هِيَ فَقَالَت قُرَيْش يزْعم مُحَمَّدًا أَنه يعرف خبر السَّمَاء وَهُوَ لَا يعرف نَاقَته فَنزل الْوَحْي على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أما أَنا فَلَا أعلم إِلَّا مَا أعلمني الله بِهِ وَأَن الله قد أَخْبرنِي أَنَّهَا بِموضع كَذَا فَانْطَلقُوا فَوجدت حَيْثُ ذكر قد حبستها هُنَاكَ شَجَرَة
وَقَوله لفاطمة الزهراء رضي الله عنها ابْنَته أَنَّك أول أهل بَيْتِي لُحُوقا بِي فَكَانَت أول من مَاتَ من أهل بَيته
وَأخْبر بِأَهْل الرِّدَّة والخوارج وَعرف بعلاماتهم فَوجدَ ذَلِك كَمَا أخبر
وَالْأَخْبَار فِي ذَلِك أَكثر من أَن تحصى يضْطَر الْوَاقِف عَلَيْهَا إِلَى الْعلم بنبوته صلى الله عليه وسلم
الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده
وَذَلِكَ من أبلغ آيَاته صحت الرِّوَايَات وَثبتت الطّرق أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يحرس مِمَّن يُرِيد ضره لِكَثْرَة أعدائه ولطلبهم غرته حَتَّى نزل {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَأخْرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأسه من الْقبَّة وَقَالَ لحارسيه يَا أَيهَا النَّاس انصرفوا فقد عصمني رَبِّي فَلم يقدر أحد أَن يُصِيب مِنْهُ مقتلا مَعَ حرصهم على ذَلِك
وَمن ذَلِك مَا صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا فِي بعض غَزَوَاته فَقَالَ تَحت شَجَرَة فَأَتَاهُ أَعْرَابِي فاخترط سَيْفه فَقَالَ من يمنعك مني فَقَالَ الله فَرعدَت يَد الْأَعرَابِي وَسقط سَيْفه من يَده وَضرب بِرَأْسِهِ الشَّجَرَة حَتَّى سَالَ دماغه وَقد اتّفق مثل هَذِه الْقِصَّة لعذرة بن الْحَارِث فَأسلم وَرجع إِلَى قومه وَقَالَ جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس
وَقد روى أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَت يَوْم بدر وَكَذَلِكَ وَقع مثل هَذِه الْقِصَّة بِذِي أَمر لدغشور بن الْحَرْث وَكَانَ ذَا نجدة وجرأة فَأسلم فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قومه قَالُوا أَيْن مَا كنت تَقول وَقد أمكنك فَقَالَ إِنِّي نظرت إِلَى رجل أَبيض طَوِيل دفع فِي صَدْرِي فَوَقَعت لظهري وَسقط السَّيْف من يَدي فَعرفت أَنه ملك وَفِيه أنزل الله عز وجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فَكف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة
وَكَانَت امْرَأَة أبي لَهب وَهِي حمالَة الْحَطب تضع الشوك فِي طَرِيق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّمَا يطَأ كثيبا أهيل يُرِيد سهلا وَلما أنزل الله عز وجل فِيهَا وَفِي زَوجهَا {تبت يدا أبي لَهب وَتب} إِلَى آخر السُّورَة أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَمَعَهُ أَبُو بكر وَفِي يَدهَا فهر من حِجَارَة فَلَمَّا وقفت عَلَيْهِمَا لم تَرَ إِلَّا أَبَا بكر وَأخذ الله ببصرها عَن نبيه عليه السلام فَقَالَت يَا أَبَا بكر أَيْن صَاحبك فقد بَلغنِي أَنه يهجوني وَالله لَو وجدته لضَرَبْت بِهَذَا الفهر فَاه
وَمن ذَلِك مَا حدث بِهِ الحكم بن أبي العَاصِي قَالَ تواعدنا على أَن نقْتل مُحَمَّدًا حَتَّى جئناه فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ سمعنَا صَوتا خلفنا مَا ظننا أَنه بقى بتهامة أحدا فوقعنا مغشيا علينا حَتَّى قضى صلَاته وَرجع إِلَى أَهله ثمَّ تواعدنا لَيْلَة أُخْرَى فَجِئْنَا حَتَّى إِذا رَأَيْنَاهُ جَاءَت الصَّفَا والمروة فحالت بَيْننَا وَبَينه
وَمن ذَلِك الْقِصَّة الْمَشْهُورَة الَّتِي تؤذن بالكفاية التَّامَّة وَذَلِكَ أَن قُريْشًا اجْتمعت على قَتله وبيتوا ليدخلوا عَلَيْهِ بَيته فَعلم بهم
فَقَالَ لعَلي تحول على فِرَاشِي فَفعل ثمَّ خرج عَلَيْهِم ودر التُّرَاب على رؤوسهم فَلم يروه حَتَّى دخلُوا الْبَيْت فوجدوا عليا على فرَاشه فَقَالُوا لَهُ أَيْن صَاحبك فَقَالَ لَهُم قد خرج عَلَيْكُم وَقد جعل التُّرَاب على رؤوسكم فَمد كل وَاحِد مِنْهُم يَده على رَأسه فَوجدَ التُّرَاب على رَأسه
وَقد قيل أَن فِي هَذِه الْقِصَّة نزل قَوْله تَعَالَى {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين}
وَمن ذَلِك مَا اتّفق لأبي جهل وَذَلِكَ أَنه أَخذ ابل رجل من الْعَرَب وتعدى عَلَيْهِ فِيهَا فَشكى ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمشى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمنزل أبي جهل وَصَاح بِهِ فَخرج منتقعا لَونه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رد على هَذَا إبِله فَقَالَ نعم ثمَّ دخل مرّة أُخْرَى خَائفًا فصاح بِهِ فَخرج فَزعًا متغيرا ذليلا فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ خرج فَزعًا ممتقعا لَونه فَانْصَرف الْأَعرَابِي وألان القَوْل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَامَتْهُ قُرَيْش على ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِنَّه عرض لي دونه فَحل من الْإِبِل مَا رَأَيْت مثل هامته وَلَا أنيابه لفحل قطّ وَأَنه هم بِي ليأكني فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ذَلِك جِبْرِيل وَلَو دنا مِنْهُ لأَخذه
وَكَذَلِكَ أَخذ أَبُو جهل صَخْرَة ليطرحها على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ساجد وقريش ينظرُونَ فلزقت بِيَدِهِ ويبست يَدَاهُ إِلَى عُنُقه فَرجع الْقَهْقَرِي وَرَآهُ ثمَّ سَأَلَ أَن يَدْعُو لَهُ فَفعل فَانْطَلَقت يَدَاهُ وَكَذَلِكَ تواعد مرّة أُخْرَى مَعَ قُرَيْش لَئِن رأى مُحَمَّدًا يُصَلِّي ليطأن رقبته فَلَمَّا دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة أعلموه فَأقبل نَحوه فَلَمَّا قرب مِنْهُ ولى هَارِبا ناكصا على عَقِبَيْهِ متقيا بيدَيْهِ فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ لما دَنَوْت مِنْهُ أشرفت على خَنْدَق مَمْلُوء نَارا كدت أهوي فِيهِ وأبصرت هولا عَظِيما وخفق أَجْنِحَة قد مَلَأت الأَرْض فَقَالَ عليه السلام تِلْكَ الْمَلَائِكَة لَو دنى لَاخْتَطَفَتْهُ عضوا عضوا فَأنْزل الله تَعَالَى على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} إِلَى أخر السُّورَة
وَمن ذَلِك حَدِيث شيبَة أَنه أدْرك النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم حنين فَقَالَ الْيَوْم أدْرك ثَأْرِي من مُحَمَّد وَكَانَ حَمْزَة قد قتل أَبَاهُ وَعَمه فَأَتَاهُ من خَلفه قَالَ فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ ارْتَفع إِلَى شواظ من نَار أسْرع من الْبَرْق فوليت هَارِبا وأحس بِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فدعاني فَوضع يَده على صَدْرِي وَهُوَ أبْغض الْخلق إِلَى فَمَا رَفعهَا أَلا وَهُوَ أحب الْخلق إِلَيّ
وَمن ذَلِك حَدِيث فضَالة بن عبيد قَالَ أردْت قتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ أفضالة قلت نعم قَالَ مَا كنت تحدث بِهِ نَفسك قلت لَا شَيْء فَضَحِك واستغفر لي وَوضع يَده على صَدْرِي فسكن قلبِي فوَاللَّه مَا رَفعهَا حَتَّى مَا خلق الله شَيْئا أحب إِلَيّ مِنْهُ
وَمن ذَلِك خبر عَامر بن الطُّفَيْل وأربد بن قيس وَذَلِكَ أَنَّهُمَا وَفْدًا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلاه فَقَالَ عَامر لأربد أَنا أشغل عَنْك وَجه مُحَمَّد فَاضْرب أَنْت فَلم يفعل أَرْبَد من ذَلِك شَيْئا فَلَمَّا كَلمه عَامر فِي ذَلِك قَالَ لَهُ وَالله مَا هَمَمْت أَن أضربه إِلَّا وَجَدْتُك بيني وَبَينه أفأضربك
وَمن ذَلِك الْخَبَر الْمَشْهُور خبر سراقَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مَكَّة مُهَاجرا للمدينة لم يعلمُوا بِخُرُوجِهِ فَبعثت قُرَيْش فِي طلبه فِي كل وَجه حَتَّى جعلت لمن يَأْتِي بِهِ جعلا مائَة نَاقَة
قَالَ سراقَة فَبينا أَنا جَالس فِي نَادِي قومِي إِذْ أقبل رجل فَقَالَ وَالله لقد رَأَيْت ركبة ثَلَاثَة مروا على آنِفا إِنِّي لأراه مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه قَالَ فأومأت لَهُ يَعْنِي أَن أسكت ثمَّ قلت إِنَّهُم بَنو فلَان يَبْتَغُونَ ضَالَّة لَهُم قَالَ لَعَلَّه قلت فَمَكثت قَلِيلا ثمَّ قُمْت فَدخلت بَيْتِي ثمَّ أمرت بفرسي فقيد لي إِلَى بطن الْوَادي وَأمرت بسلاحي فَأخْرج لي من دبر حُجْرَتي وَكنت أَرْجُو أَن أرده على قُرَيْش وآخذ الْمِائَة نَاقَة قَالَ فركبت فِي أَثَره فَلَمَّا بدا لي الْقَوْم فرأيتهم عثر بِي فرسي وَذَهَبت يَدَاهُ فِي الأَرْض وَسَقَطت عَنهُ قَالَ ثمَّ انتزع يَدَيْهِ من الأَرْض وتبعهما دُخان كالإعصار قَالَ