الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما التابعون
فقد ظَهرت لَهُم من الكرامات والخيرات مَا لَا يُمكن اسْتِيفَاء ذكره فِي هَذَا الْكتاب
فقد كَانَ كثير مِنْهُم يمشي على المَاء ويطير فِي الْهَوَاء وَينظر إِلَى الْحَصَى فَيصير جَوَاهِر وَينظر الآخر إِلَى الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَيصير ذَهَبا وتطوى لَهُ الأَرْض وَيتَوَضَّأ فيسيل المَاء من بَين يَدَيْهِ قضبان ذهب وَيَدْعُو الله تَعَالَى فيبرئ المرضى والمجانين والزمناء إِلَى مَا لَا يُحْصى كَثْرَة
وَقد دون من هَذَا كثير يقْضى مِنْهُ الْعجب فِي كتب كرامات الْأَوْلِيَاء وَلَو لم يكن من هَذَا إِلَّا قبر مَعْرُوف الْكَرْخِي الْكَائِن بِبَغْدَاد لَكَانَ فِيهِ كِفَايَة وَأعظم آيَة وَذَلِكَ أَن قَبره يستشفى بِهِ ويدعى الله عِنْده فيشفى الْمَرِيض وتقضى الْحَاجة حَتَّى أَن أهل بَغْدَاد يَقُولُونَ قبر مَعْرُوف الْكَرْخِي ترياق مجرب
وَبعد هَذَا
أَقُول لِلنَّصَارَى وَلَيْسَت هَذِه الْأُمُور العجيبة وَالْأَفْعَال الغريبة من قبيل الْحِيَل والنيرجات الَّتِي تعظمون بهَا أديانكم وتموهون بهَا على عوامكم وتضيفونها إِلَى هذيانكم
فَلَقَد حكى لنا أَنكُمْ تمخرقون على ضعفاء الْعُقُول مِنْكُم بخرافات وترهات مثل مَا وصف عَن بعض مشاهدكم المعظمة عنْدكُمْ وَذَلِكَ أَنكُمْ تَزْعُمُونَ أَن يَد الله الْمَسِيح تظهر بهَا فِي يَوْم وَاحِد من السّنة من وَرَاء ستر وَهَذَا مَشْهُور عنْدكُمْ
وَلَقَد حكى لنا من يوثق بحَديثه أَن رجلا من الْيَهُود كَانَ قد حظى عِنْد أحد رؤسائكم بالأندلس بوصلة كَانَت بَينهمَا فرام الرئيس أَن يخرج الْيَهُودِيّ عَن دينه ويدخله فِي دين النَّصْرَانِيَّة وَقَالَ لَهُ أَلا ترى هَذِه الأعجوبة ظُهُور يَد الله الْمَسِيح لنا فِي يَوْم مَعْلُوم من السّنة فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ يَا مولَايَ أَنا قد رضيت من هَذَا الْأَمر بشهادتك وصدقتك عَلَيْهِ فابحث عَنهُ فَإِن كَانَ مَا يزْعم هَؤُلَاءِ القسيسون حَقًا دخلت فِي دينك فخالط الرئيس الشَّك فَلَمَّا دنا ذَلِك الْيَوْم مَشى ذَلِك
الرئيس إِلَى ذَلِك المشهد وَقرب مَالا يهديه هُنَالك فبرز إِلَيْهِ الأساقفة وقربوه لتقبيل الْيَد فَلَمَّا ظهر لَهُ من وَرَاء السّتْر وضع يَده فِيهِ فصاحوا بِهِ وأغلظوا لَهُ القَوْل يَقُولُونَ لَهُ أتق الله الْآن تخسف بك الأَرْض الْآن تقع عَلَيْك السَّمَاء الْآن ترسل عَلَيْك الصَّوَاعِق فَقَالَ لَهُم دعوا عَنْكُم هَذَا كُله فَإِن هَذِه الْيَد لَا أخل يدى عَنْهَا حَتَّى أعلم حَقًا مَا تصفون عَنْهَا أم بَاطِلا
فَلَمَّا رَأَوْا الْحجَّة فروا عَنهُ وَلم يبْق مَعَه إِلَّا إثنان أسرا إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ مَا تبغى فِي ذَلِك أَصَبَوْت عَن دين آبَائِك أَتُرِيدُ أَن تحل ربطا ربط مُنْذُ ألف سنة أَو نَحْوهَا قَالَ لَا وَلَكِنِّي أحب الْوُقُوف على سر هَذِه الْيَد فَقَالَا هِيَ يَد الأسقف وَاقِف خلف هَذَا السّتْر فَقل احب أَن أرَاهُ فَقَالَا أَنْت وَذَاكَ فكشفا لَهُ عَن قس مجدود الْخَدين وَاقِف خلف هَذَا السّتْر فَلَمَّا عاينه الرئيس أرسل يَده وَخرج إِلَى عسكره فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ يَا مولَايَ مَا تَأْمُرنِي بِهِ أَدخل فِي دينك وَأخرج عَن ديني فَقَالَ لَهُ رَأْيك خرجت مِنْهُ أَو فَلَا خرجت
وَكَذَلِكَ وصف لنا عَن صَلِيب فِي بعض مشاهدكم المعظمة عنْدكُمْ يمشي إِلَيْهِ النَّاس ليتعجبوا مِنْهُ وَهُوَ وَاقِف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَإِن بعض رؤسائكم سَأَلَ عَن ذَلِك كَاتبا لَهُ يَهُودِيّا فتفطن الْيَهُودِيّ إِلَى أَن ذَلِك الصَّلِيب حَدِيد تمسكه أَحْجَار المغناطيس فبحث عَنهُ فَوجدَ كَذَلِك
وَكَذَلِكَ وصف عَن الثريا الَّتِي فِي كَنِيسَة الْغُرَاب وحيلتها حِيلَة الصَّلِيب وَكَذَلِكَ كُنْتُم تذكرُونَ أَن هَذَا الْكَنِيسَة ينزل فِيهَا نور يُوقد ذبال الثريا الْمَذْكُورَة فِي ذَلِك الْيَوْم الْمَشْهُود فَذكر ذَلِك لأحد مُلُوك بني أُميَّة بالأندلس فتعجب من ذَلِك وَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبرهُ رجل من أهل إفريقية بحيلتها وَذكر أَنهم مدوا مَعَ الْحَائِط قَصَبَة حَدِيد ضيق جوفها وأبرزوا لَهَا أنبوبا كسم الْخياط مَوْضِعه مَوْزُون مَعَ طرف الثريا
ثمَّ أَنهم ذَلِك الْيَوْم يرسلون نَار النفط فِي القصبة متراكما حَتَّى يخرج فِي غَايَة الْقُوَّة إِلَى ذبال الثريا الَّذِي هُوَ فِي زنة وَاحِدَة مَعَه
وَوصف ذَلِك الإفْرِيقِي مَعَ ذَلِك حيلا فاحتال ذَلِك الْأَمِير على الْكَنِيسَة فِي أحد غَزَوَاته وَقد دنا يَوْمهَا ذَلِك فدعى الإفْرِيقِي وَكَانَ مَعَه فَسَأَلَهُ كشف ذَلِك فَعمد الإفْرِيقِي فاستخرج مِنْهُ قناة من الصفر على نَحْو مَا كَانَ ذكر وَعمد إِلَى سَمَاء الثريا فاستخرج مِنْهُ حجرا من المغناطيس فَسَقَطت فَأمر الْأَمِير عِنْد ذَلِك بمعاقبة القسيس
وَكَذَلِكَ كُنْتُم تَزْعُمُونَ أَن مَرْيَم نزلت من السَّمَاء على دون إِذْ فنتش المطران بِجَامِع طليطله وكست رَأسه بقجيلة وجسمه بِثِيَاب مزينة وَذَلِكَ فِي لَيْلَة النّصْف من شهر أغشت فتعظمون تِلْكَ اللَّيْلَة تَعْظِيمًا شنيعا
وَذَلِكَ كُله إِنَّمَا يَصح عَلَيْكُم لجهلكم بالأمور كلهَا حَقّهَا وباطلها حَتَّى أَنكُمْ تصدقُونَ بِالْبَاطِلِ والترهات وتكذبون بِالْحَقِّ كُله وباليقينيات فردكم لغير معنى وقبولكم لغير معنى فَلذَلِك لم تعدوا من الْعُقَلَاء وَلم تضربوا بِسَهْم النبلاء
وَلَقَد أورد بعض حذاقنا المجترئين على الْكَلَام على النَّصَارَى فِي كذبهمْ نزُول مَرْيَم على دون إِذْ فنش إلزامات نبهت النَّصَارَى وَلَا محيص لَهُم عَنْهَا
فَقَالَ لَهُم أخبرونا عَن نزُول مَرْيَم الَّذِي تَزْعُمُونَ هَل كَانَ بِإِذن سَيِّدهَا أَو بِغَيْر إِذْنه فَإِن قُلْتُمْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَكيف يجوز عَلَيْهِ أَن يمتهن أم وَلَده بزعمكم فِي حق عَبده وهلا كَانَ يُرْسل عبدا من عبيده ويصون أم وَلَده
هَذَا يدل على عدم الْغيرَة وَلَو فعل ذَلِك الْوَاحِد منا لعرض نَفسه وَزَوجته للتهم ولتضاف إِلَيْهِ النقائص وينسب إِلَى همته الخسة
وَإِن قُلْتُمْ كَانَ ذَلِك بِغَيْر إِذن مِنْهُ فَكيف يَنْبَغِي أَن تخونه مَعَ أَن الله قد اصطفاها على نسَاء الْعَالم واتخذها أم ولد بزعمكم فتنزل بِغَيْر إِذْنه إِلَى رجل من جِنْسهَا بكسوة وَثيَاب مزينة فِي كَنِيسَة خَالِيَة وَهَذَا مَحل خِيَانَة