المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وَأما التابعون فقد ظَهرت لَهُم من الكرامات والخيرات مَا لَا يُمكن - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌ ‌وَأما التابعون فقد ظَهرت لَهُم من الكرامات والخيرات مَا لَا يُمكن

‌وَأما التابعون

فقد ظَهرت لَهُم من الكرامات والخيرات مَا لَا يُمكن اسْتِيفَاء ذكره فِي هَذَا الْكتاب

فقد كَانَ كثير مِنْهُم يمشي على المَاء ويطير فِي الْهَوَاء وَينظر إِلَى الْحَصَى فَيصير جَوَاهِر وَينظر الآخر إِلَى الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَيصير ذَهَبا وتطوى لَهُ الأَرْض وَيتَوَضَّأ فيسيل المَاء من بَين يَدَيْهِ قضبان ذهب وَيَدْعُو الله تَعَالَى فيبرئ المرضى والمجانين والزمناء إِلَى مَا لَا يُحْصى كَثْرَة

وَقد دون من هَذَا كثير يقْضى مِنْهُ الْعجب فِي كتب كرامات الْأَوْلِيَاء وَلَو لم يكن من هَذَا إِلَّا قبر مَعْرُوف الْكَرْخِي الْكَائِن بِبَغْدَاد لَكَانَ فِيهِ كِفَايَة وَأعظم آيَة وَذَلِكَ أَن قَبره يستشفى بِهِ ويدعى الله عِنْده فيشفى الْمَرِيض وتقضى الْحَاجة حَتَّى أَن أهل بَغْدَاد يَقُولُونَ قبر مَعْرُوف الْكَرْخِي ترياق مجرب

‌وَبعد هَذَا

أَقُول لِلنَّصَارَى وَلَيْسَت هَذِه الْأُمُور العجيبة وَالْأَفْعَال الغريبة من قبيل الْحِيَل والنيرجات الَّتِي تعظمون بهَا أديانكم وتموهون بهَا على عوامكم وتضيفونها إِلَى هذيانكم

فَلَقَد حكى لنا أَنكُمْ تمخرقون على ضعفاء الْعُقُول مِنْكُم بخرافات وترهات مثل مَا وصف عَن بعض مشاهدكم المعظمة عنْدكُمْ وَذَلِكَ أَنكُمْ تَزْعُمُونَ أَن يَد الله الْمَسِيح تظهر بهَا فِي يَوْم وَاحِد من السّنة من وَرَاء ستر وَهَذَا مَشْهُور عنْدكُمْ

وَلَقَد حكى لنا من يوثق بحَديثه أَن رجلا من الْيَهُود كَانَ قد حظى عِنْد أحد رؤسائكم بالأندلس بوصلة كَانَت بَينهمَا فرام الرئيس أَن يخرج الْيَهُودِيّ عَن دينه ويدخله فِي دين النَّصْرَانِيَّة وَقَالَ لَهُ أَلا ترى هَذِه الأعجوبة ظُهُور يَد الله الْمَسِيح لنا فِي يَوْم مَعْلُوم من السّنة فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ يَا مولَايَ أَنا قد رضيت من هَذَا الْأَمر بشهادتك وصدقتك عَلَيْهِ فابحث عَنهُ فَإِن كَانَ مَا يزْعم هَؤُلَاءِ القسيسون حَقًا دخلت فِي دينك فخالط الرئيس الشَّك فَلَمَّا دنا ذَلِك الْيَوْم مَشى ذَلِك

ص: 384

الرئيس إِلَى ذَلِك المشهد وَقرب مَالا يهديه هُنَالك فبرز إِلَيْهِ الأساقفة وقربوه لتقبيل الْيَد فَلَمَّا ظهر لَهُ من وَرَاء السّتْر وضع يَده فِيهِ فصاحوا بِهِ وأغلظوا لَهُ القَوْل يَقُولُونَ لَهُ أتق الله الْآن تخسف بك الأَرْض الْآن تقع عَلَيْك السَّمَاء الْآن ترسل عَلَيْك الصَّوَاعِق فَقَالَ لَهُم دعوا عَنْكُم هَذَا كُله فَإِن هَذِه الْيَد لَا أخل يدى عَنْهَا حَتَّى أعلم حَقًا مَا تصفون عَنْهَا أم بَاطِلا

فَلَمَّا رَأَوْا الْحجَّة فروا عَنهُ وَلم يبْق مَعَه إِلَّا إثنان أسرا إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ مَا تبغى فِي ذَلِك أَصَبَوْت عَن دين آبَائِك أَتُرِيدُ أَن تحل ربطا ربط مُنْذُ ألف سنة أَو نَحْوهَا قَالَ لَا وَلَكِنِّي أحب الْوُقُوف على سر هَذِه الْيَد فَقَالَا هِيَ يَد الأسقف وَاقِف خلف هَذَا السّتْر فَقل احب أَن أرَاهُ فَقَالَا أَنْت وَذَاكَ فكشفا لَهُ عَن قس مجدود الْخَدين وَاقِف خلف هَذَا السّتْر فَلَمَّا عاينه الرئيس أرسل يَده وَخرج إِلَى عسكره فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ يَا مولَايَ مَا تَأْمُرنِي بِهِ أَدخل فِي دينك وَأخرج عَن ديني فَقَالَ لَهُ رَأْيك خرجت مِنْهُ أَو فَلَا خرجت

وَكَذَلِكَ وصف لنا عَن صَلِيب فِي بعض مشاهدكم المعظمة عنْدكُمْ يمشي إِلَيْهِ النَّاس ليتعجبوا مِنْهُ وَهُوَ وَاقِف بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَإِن بعض رؤسائكم سَأَلَ عَن ذَلِك كَاتبا لَهُ يَهُودِيّا فتفطن الْيَهُودِيّ إِلَى أَن ذَلِك الصَّلِيب حَدِيد تمسكه أَحْجَار المغناطيس فبحث عَنهُ فَوجدَ كَذَلِك

وَكَذَلِكَ وصف عَن الثريا الَّتِي فِي كَنِيسَة الْغُرَاب وحيلتها حِيلَة الصَّلِيب وَكَذَلِكَ كُنْتُم تذكرُونَ أَن هَذَا الْكَنِيسَة ينزل فِيهَا نور يُوقد ذبال الثريا الْمَذْكُورَة فِي ذَلِك الْيَوْم الْمَشْهُود فَذكر ذَلِك لأحد مُلُوك بني أُميَّة بالأندلس فتعجب من ذَلِك وَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبرهُ رجل من أهل إفريقية بحيلتها وَذكر أَنهم مدوا مَعَ الْحَائِط قَصَبَة حَدِيد ضيق جوفها وأبرزوا لَهَا أنبوبا كسم الْخياط مَوْضِعه مَوْزُون مَعَ طرف الثريا

ثمَّ أَنهم ذَلِك الْيَوْم يرسلون نَار النفط فِي القصبة متراكما حَتَّى يخرج فِي غَايَة الْقُوَّة إِلَى ذبال الثريا الَّذِي هُوَ فِي زنة وَاحِدَة مَعَه

ص: 385

وَوصف ذَلِك الإفْرِيقِي مَعَ ذَلِك حيلا فاحتال ذَلِك الْأَمِير على الْكَنِيسَة فِي أحد غَزَوَاته وَقد دنا يَوْمهَا ذَلِك فدعى الإفْرِيقِي وَكَانَ مَعَه فَسَأَلَهُ كشف ذَلِك فَعمد الإفْرِيقِي فاستخرج مِنْهُ قناة من الصفر على نَحْو مَا كَانَ ذكر وَعمد إِلَى سَمَاء الثريا فاستخرج مِنْهُ حجرا من المغناطيس فَسَقَطت فَأمر الْأَمِير عِنْد ذَلِك بمعاقبة القسيس

وَكَذَلِكَ كُنْتُم تَزْعُمُونَ أَن مَرْيَم نزلت من السَّمَاء على دون إِذْ فنتش المطران بِجَامِع طليطله وكست رَأسه بقجيلة وجسمه بِثِيَاب مزينة وَذَلِكَ فِي لَيْلَة النّصْف من شهر أغشت فتعظمون تِلْكَ اللَّيْلَة تَعْظِيمًا شنيعا

وَذَلِكَ كُله إِنَّمَا يَصح عَلَيْكُم لجهلكم بالأمور كلهَا حَقّهَا وباطلها حَتَّى أَنكُمْ تصدقُونَ بِالْبَاطِلِ والترهات وتكذبون بِالْحَقِّ كُله وباليقينيات فردكم لغير معنى وقبولكم لغير معنى فَلذَلِك لم تعدوا من الْعُقَلَاء وَلم تضربوا بِسَهْم النبلاء

وَلَقَد أورد بعض حذاقنا المجترئين على الْكَلَام على النَّصَارَى فِي كذبهمْ نزُول مَرْيَم على دون إِذْ فنش إلزامات نبهت النَّصَارَى وَلَا محيص لَهُم عَنْهَا

فَقَالَ لَهُم أخبرونا عَن نزُول مَرْيَم الَّذِي تَزْعُمُونَ هَل كَانَ بِإِذن سَيِّدهَا أَو بِغَيْر إِذْنه فَإِن قُلْتُمْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَكيف يجوز عَلَيْهِ أَن يمتهن أم وَلَده بزعمكم فِي حق عَبده وهلا كَانَ يُرْسل عبدا من عبيده ويصون أم وَلَده

هَذَا يدل على عدم الْغيرَة وَلَو فعل ذَلِك الْوَاحِد منا لعرض نَفسه وَزَوجته للتهم ولتضاف إِلَيْهِ النقائص وينسب إِلَى همته الخسة

وَإِن قُلْتُمْ كَانَ ذَلِك بِغَيْر إِذن مِنْهُ فَكيف يَنْبَغِي أَن تخونه مَعَ أَن الله قد اصطفاها على نسَاء الْعَالم واتخذها أم ولد بزعمكم فتنزل بِغَيْر إِذْنه إِلَى رجل من جِنْسهَا بكسوة وَثيَاب مزينة فِي كَنِيسَة خَالِيَة وَهَذَا مَحل خِيَانَة

ص: 386