المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عما ذكر - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌الجواب عما ذكر

رَأَتْ سارة ابْن هَاجر المصرية الَّذِي ولدت لإِبْرَاهِيم وَهُوَ يلْعَب فَقَالَت لإِبْرَاهِيم ارمي هَذِه الْأمة وَابْنهَا إِذْ لَيْسَ يَرث هَذِه الْأمة وَابْنهَا مَعَ ابْني إِسْحَق فصعب على إِبْرَاهِيم مَا قَالَت لَهُ عَن ابْنه فَقَالَ الله لإِبْرَاهِيم لَا يصعب عَلَيْك بِكَلَام سارة عَن الصَّبِي وَعَن أمتك وَجَمِيع مَا تَقول لَك سارة اسْمَع من قَوْلهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم هَذَا كَلَام الله إِلَى قَائِلا لَا يرثك هَذَا

إِن الَّذِي يخرج من صلبك هُوَ يرثك

ثمَّ قَالَ الله لإِبْرَاهِيم باسحق يتسمى نسلك

فَافْهَم ترشد وَاعْلَم كَيفَ قطع الله ورث إِسْمَاعِيل وَأمه فِي قَوْله لَا يرثك هَذَا ثمَّ قَالَ عَن إِسْحَق الَّذِي يخرج من صلبك وَكَيف قَالَ الله لإِبْرَاهِيم باسحق يتسمى نسلك وَلم يقل بِإِسْمَاعِيل يتسمى نسلك

فَأخذ إِبْرَاهِيم خبْزًا وجرة مَاء وَجعل على أكتاف الْأمة وَجعل إِسْمَاعِيل على عُنُقهَا بِاللَّيْلِ وأخرجها بِوَلَدِهَا عَن الْعمرَان فتناسلت مِنْهُ الْأمة الَّذِي قَالَ فِيهَا قرآنكم {أَشد كفرا ونفاقا}

فَافْهَم وَالسَّلَام على من اتبع الْهدى وآمن بشريعة الْمَسِيح حَقِيقَة الْإِيمَان وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته كمل كَلَامه

‌الْجَواب عَمَّا ذكر

اعْلَم يَا هَذَا المخدوع المصروف عَن المعارف الْمَمْنُوع الشَّاهِد عَلَيْهِ جَهله بِأَنَّهُ لَيْسَ بتابع وَلَا متبوع أَنا نؤمن بِاللَّه وَكتبه وَلَا نفرق بَين أحد من رسله فنؤمن بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل اللَّذين أنزلهما على رسوليه الْملك الْجَلِيل وَلَكِن قبل أَن يعتريهما التَّغْيِير والتبديل وَقد نبهنا على أَن الْكتاب الَّذِي بِأَيْدِيكُمْ الْمُسَمّى بالإنجيل عنْدكُمْ لَا يُقَال عَلَيْهِ منزل بِالْحَقِيقَةِ كَمَا تقدم من تِلْكَ الطَّرِيقَة ثمَّ إِنَّا نسلم جدلا صِحَة مَا تَدعُونَهُ من تِلْكَ النُّبُوَّة ونبين صِحَة نبوة نَبينَا مِنْهَا عَن كثب

ص: 217

فَأَما قَوْلك وَاعْلَم أَنا لَا نقبل من كتبكم شَيْئا فَلَيْسَ ذَلِك بِأول عنادكم فكم لكم مِنْهَا وَكم شنشنة أعرفهَا فِي أخزم

لكنكم لَسْتُم عِنْد الْعُقَلَاء أَهلا لقبُول حق وَلَا لرد بَاطِل فَلَيْسَ ردكم بِأولى من قبولكم وَهَكَذَا فعل الرعاع الغثر الغثاء الغبر يقبلُونَ بِغَيْر دَلِيل ويردون بِغَيْر حجَّة وَلَا سَبِيل

وَإِلَّا فَمَا الدَّلِيل الَّذِي أوجب عنْدكُمْ إِلَّا تقبلُوا نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مَعَ وضوح معجزاته وعدالة بيناته على مَا نبينه إِن شَاءَ الله تَعَالَى

فَظهر من هَذَا أَن ردكم لديننا لَيْسَ بِدَلِيل وَإِنَّمَا هُوَ لأجل إتباع قَول كل جهول دخيل يحكم على عقله هَوَاهُ ويطيح مَعَه حَيْثُمَا رَمَاه

وَلأَجل ذَلِك صَار دينكُمْ ضحكة الْعُقَلَاء مُشْتَمِلًا على كل مقَالَة شنعاء وَمن كَانَ هَذَا مَنْهَج سَبيله فَرده لغير معنى بِمَثَابَة قبُوله

وَلَقَد كَانَ يَنْبَغِي لَك لَو كنت على سنَن النظار أهل الْبَحْث عَن الْحق والإعتبار أَن تحكى ديننَا وتستدل بزعمك على فَسَاده كَمَا قد فعلنَا نَحن بدينكم إِذْ بَينا تناقضه وَعدم سداده على أَنه قد تبين الصُّبْح لذِي عينين ووضحت الشَّمْس لسليم الحاستين

مَا ضرّ شمس الضُّحَى فِي الجو مشرقة

أَلا يرى ضوءها من لَيْسَ ذَا بصر

ثمَّ قلت متواقحا فِي قَوْلك مستهزئا برَسُول رَبك فَإِن قلت من كتابك شَيْئا قلت لَك كَمَا قَالَ رَسُولك الْبَيِّنَة على من ادّعى وَالْيَمِين على من أنكر أما قَوْلك رَسُولك فَنعم هُوَ رَسُول إِلَيْنَا وَإِلَيْك فَآمَنا وكفرت وصدقنا وكذبت {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} فَنحْن نقُول رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُول الله رَسُولا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَأما أَنْت فَإِن مت مصرا على تكذيبك فليدخلنك الله النَّار وليدخلنك فِي دَار الْبَوَار فَلَا تنْتَفع بشفاعة ملك مقرب وَلَا بِنَبِي مُخْتَار وَأما طَلَبك الْبَيِّنَة على صدقه فكفاك شَهَادَة

ص: 218

الْأَنْبِيَاء العارفين بِحقِّهِ الْمخبر عَنهُ بِلُزُوم تَصْدِيقه وَصدقه وسنبين ذَلِك بأبلغ بَيَان وأوضحه بأوضح برهَان

وعَلى سَبِيل الإستعجال يَكْفِيك بَيِّنَة عدله مَا وَقع فِي صحف النَّبِي دانيال حَيْثُ وصف الْكَذَّابين وَقَالَ لَا تمتد دعوتهم وَلَا يتم قُرْبَانهمْ وَأقسم الرب بساعده أَن لَا يظْهر الْبَاطِل وَلَا تقوم لمدع كَاذِب دَعْوَة أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة

وَهَذَا دين مُحَمَّد رَسُولنَا صلى الله عليه وسلم قَائِم مُنْذُ سِتّمائَة سنة ونيف فَكيف ترى هَذِه الْبَيِّنَة المصححة أمعدلة عنْدك أم مجرحة

وَكَذَلِكَ فِي صحف النَّبِي حبقوق وَهُوَ الشَّاهِد الْمُعظم الموثوق قَالَ جَاءَ الله من التَّيَمُّن وتقدس من جبال فاران وامتلأت الأَرْض من تحميد أَحْمد وتقديسه وَملك الأَرْض بهيبته وَقَالَ أَيْضا تضئ لَهُ الأَرْض وستنزع فِي قسيك إغراقا وترتوي السِّهَام بِأَمْرك يَا مُحَمَّد

فَهَذَا النَّبِي الصَّادِق الْمُصدق قد أفْصح بنعته وَصرح بإسم بَلَده وَشهد بصدقه وَمن كَانَ الْأَنْبِيَاء شُهُوده فقد اسْتحق مكذبه عَذَاب النَّار وخلوده فلعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ على من تبين لَهُ الْحق ثمَّ صَار عَنهُ من المعرضين وسنعقد فِي النبوات فصلا مُفردا ونأتي فِيهِ بالعجائب حَتَّى يتَبَيَّن فِيهِ تواقح كل طَاعن عائب

وَأما قَوْلك وَأَنت تدعى أَن كتابكُمْ من الله فَإِن كنت تنكر ذَلِك فَادع عصابتك البلغاء من نَصَارَى نَجْرَان الْمُتَكَلِّمين بلغَة الْقُرْآن ليعارض بِسُورَة من مثله فَإِن فعلوا ذَلِك دحضت حجَّته وَانْقطع عَظِيم قَوْله لكِنهمْ لما سمعُوا مِنْهُ الْقُرْآن تحققوا على الْقطع أَنه لَيْسَ يقدر عَلَيْهِ أحد من الْإِنْس والجان وَعَلمُوا أَنه كَلَام الْملك الديَّان فآمنوا وَصَدقُوا لما عرفُوا وحققوا فحصلوا على فضل الملتين وآتاهم الله أجرهم مرَّتَيْنِ

ص: 219

وَأما قَوْلك فأثبتوه من التَّوْرَاة بالعبراني وَمن الْإِنْجِيل بالعجمي فلتعلم أَنا لَوْلَا كره منا أَن نتكلم برضانة الْعَجم لَكَانَ ذَلِك علينا أيسر شَيْء يلْتَزم وَلَكنَّا إِن شَاءَ الله تَعَالَى نذْكر كَلَام الْأَنْبِيَاء من كتبكم كَمَا قد ترجمها المترجمون من أهل ملتكم مثل يرونم وَحَفْص ابْن الْبر وَغَيرهمَا من المترجمين الَّذين تثقون بقَوْلهمْ وتعولون على نقلهم وَلست أفعل مثل مَا أَنْت فعلت وَلَا أصنع شَيْئا مِمَّا صنعت حَيْثُ نقلت كَلَام الْأَنْبِيَاء بالعبراني والعجمي ثمَّ إِنَّك شرعت فِي تَرْجَمته وَفِي تَفْسِيره من غير أَن تنْسب التَّفْسِير إِلَى أحد المترجمين الْعَالمين بالمعاني وباللغات ومواقع الْأَلْفَاظ وَأما أَنْت فلست بموثوق بنقلك وَلَا مُصدق فِي قَوْلك لجهلك بِالشُّرُوطِ الَّتِي يحْتَاج إِلَيْهَا المترجمون وَإِذا ادعيت أَنَّك لست جَاهِلا فَمَا حد التَّرْجَمَة وحقيقتها وَمَا شُرُوطهَا وَكم أقسامها وَمَا الْمحل الَّذِي تجوز فِيهِ من الَّذِي لَا تجوز وَبِهَذَا السُّؤَال يظْهر جهلك وتبلدك وحصرك وتوددك

ثمَّ قلت فَائت بِمَا ادعيت وَإِلَّا يَمِيني لِأَنِّي أنكر هَا أَنا قد أَقمت الْبَينَات الْعُدُول الَّذين لَيْسَ لقَائِل فِي عدالتهم مَا يَقُول وَلَقَد أعلم مَعَ ذَلِك أَنَّك تبادر بِالْيَمِينِ وتباهت الْمُسلمين إِذْ قد تقولت بِالْكَذِبِ والزور على رب الْعَالمين ثمَّ ذكرت على جِهَة الإستهزاء والتنقيص والإزدراء والتخريص حَدِيث إمرأة رِفَاعَة لتقبح بذلك ديننَا وتنسب إِلَيْهِ شناعة وَأَنت مَعَ ذَلِك لم تعرف مَعْنَاهُ وَلَا فهمت فحواه

ثمَّ قلت بعد أَن أخللت بمساقه وَلم تقمه على سَاقه فَمثل هَذِه النبوات لَا نقبلها مِنْكُم لِأَن الْمَسِيح يَقُول لَا يَنْبَغِي لرجل طَلَاق زَوجته إِلَّا أَن تزنى فلتعلم أَن هَذَا كَلَام جَاهِل بِأَحْكَام الْأَنْبِيَاء ظان أَن أَحْكَام الشَّرْع صِفَات لأعيان الْأَشْيَاء ثمَّ تستمد من إِنْكَار النَّاسِخ والمنسوخ وَكَلَام كل جَاهِل مَرْدُود مفسوخ

فَنَقُول لهَذَا الْمُنكر الْجَاهِل الَّذِي لَيْسَ بمتشرع وَلَا عَاقل مَنعك طَلَاق الرجل زَوجته ورده إِيَّاهَا بعد طَلاقهَا لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون منعا من جِهَة الْعقل أَو من جِهَة الشَّرْع فَإِذا ادعيت أَنه من جِهَة الْعقل كَانَت دعواك بَاطِلَة بِالضَّرُورَةِ فَإِن صور هَذِه الْمسَائِل ووجودها مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ فَإِذا بَطل أَن يكون إمتناعها من جِهَة الْعقل فَيجوز أَن تُوجد وَإِذا جَازَ أَن تُوجد فَكيف يَنْبَغِي لمن ينتسب إِلَى الْعقل أَن يُنكر

ص: 220

نبوة من قَامَت الْأَدِلَّة القاطعة على صدقه من حَيْثُ أَنه حكم بِشَيْء يَصح فِي الْعقل أَن يُوجد

ثمَّ من الْعجب العجاب الَّذِي يستعظمه أولو الْأَلْبَاب أَنكُمْ إلتزمتم فِي شرعكم بِمَا يشْهد الْعقل الأول بفساده مثل قَوْلكُم فِي الأقانيم أَنَّهَا آلِهَة ثَلَاثَة إِلَه وَاحِد وقلتم فِي الإتحاد والحلول مَا يعلم فَسَاده بضرورة الْعُقُول ثمَّ لم ينفركم ذَلِك عَن إتباع شرعكم بل يَقُول من يُمَيّز إستحالة ذَلِك القَوْل مِنْكُم هَذَا مِمَّا لَيْسَ يدْرك بالعقول بل يتبع فِيهِ الْكتاب الْمَنْقُول ثمَّ بعد إلتزام هَذِه المحالات والمدافعة عَنْهَا بالترهات والخرافات تنكرون علينا فعل شَيْء تجوزه الْعُقُول وَلم تصر إِلَيْهِ إِلَّا بعد ثُبُوت الشَّرْع الْمَنْقُول الَّذِي دلّ على صِحَّته الْبُرْهَان الْمَعْقُول فَأنْتم من الْجَهْل والزلل كَمَا جرى من كَلَام النُّبُوَّة مجْرى الْمثل يبصر أحدكُم القذاة فِي عين أَخِيه وَلَا يبصر الْجذع فِي عينه وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك كُله للمعنى الَّذِي نبه الشَّاعِر عَلَيْهِ هُنَالك

عُيُون الرِّضَا عَن كل عيب كليلة

وَلَكِن عين السخط تبدي المساويا

فَلَو وفقتم لطريق الْإِنْصَاف لتركتم طَرِيق التعصب والإعتساف وَلَو كُنْتُم تطلبون الْحق بدليله لَأَوْشَكَ أَن يرشدكم إِلَى سَبيله وَلَكِن من حرم التَّوْفِيق استدبر الطَّرِيق وَنكل عَن التَّحْقِيق

وَإِن ادعيت أَن ذَلِك مَمْنُوع من جِهَة الشَّرْع فَنَقُول لَك إِمَّا أَن يكون مَمْنُوعًا من جِهَة الشَّرَائِع كلهَا أَو من بَعْضهَا فَإِن قلت إِنَّه مَمْنُوع من جِهَة الشَّرَائِع كلهَا كَانَ ذَلِك بَاطِلا إِذْ الشَّرَائِع فِي ذَلِك مُخْتَلفَة فَإِن الْمَعْلُوم من شرع التَّوْرَاة فِي ذَلِك خلاف شرعكم وَكفى دَلِيلا على أَن التَّوْرَاة تخالفكم فِي ذَلِك أَو الْكَلَام الَّذِي حكيته عَن الْمَسِيح أَنه قَالَ أما علمْتُم أَنه قيل للقدماء من طلق إمرأته فليكتب لَهَا كتاب طَلَاق وَأَن أَقُول من طلق إمرأته فقد جعل لَهَا سَبِيلا إِلَى الزِّنَى فَهَذَا تَصْرِيح بَين مَا أنكرته علينا وتنقصت بِهِ شرعنا وكما جَازَ أَن يُخَالف عِيسَى عليه السلام بعض أَحْكَام التَّوْرَاة وَلَا يدل ذَلِك على كذبه وَلَا على فَسَاد شَرعه كَذَلِك يجوز أَن يُخَالف شرعنا

ص: 221

شرع عِيسَى ومُوسَى فِي بعض الْأَحْكَام وَلَا يدل ذَلِك على فَسَاده إِذْ كل وَاحِد مِنْهُم إِنَّمَا يبلغ حكم الله ولس مخترعا حكما من قبله ثمَّ قد تخْتَلف الْأَحْكَام والأوضاع بِحَسب مَا يُريدهُ الله تَعَالَى وبحسب مَا يُعلمهُ من إختلاف الْأَحْوَال 2 والمصالح

وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن الله تَعَالَى لاحجر عَلَيْهِ فِي أَفعاله وَلَا راد لشَيْء من أَحْكَامه فَيحل لِعِبَادِهِ مَا شَاءَ وَيحرم عَلَيْهِم ماشاء {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} وَهَذَا بَين بِنَفسِهِ لَا يجهله إِلَّا من كَانَ عديم حسه

ثمَّ قلت وَأَنْتُم تَقولُونَ لَا يحل لزَوجهَا مراجعتها إِلَّا أَن تزنى بدل أَن تنهوا عَن الزِّنَى تأمروا بِالزِّنَا اسْكُتْ فض الله فَاك فَمَا أكذبك وَمَا أجفاك تتقول علينا بِمَا لَا نقُول وتتصرف فِي شرائع الْأَنْبِيَاء تصرف متواقح جهول كَمَا فعل أشياعكم من قبل

اسْمَع يَا لكع على أَنَّك لَا تحسن أَن تسمع اعْلَم أَن هَذَا الَّذِي ظننته بجهلك زنا لَيْسَ بزنا لِأَن الزِّنَا حَقِيقَته إيلاج فرج فِي فرج محرم شرعا مشتهى طبعا وَهَذِه الْحَقِيقَة مَعْدُومَة فِي الَّذِي توهمت أَنه زنا فَإِن قلت إِن كَانَت هَذِه الْحَقِيقَة مَعْدُومَة عنْدكُمْ فَلَيْسَتْ مَعْدُومَة عندنَا فَإِن هَذَا الْإِيلَاج محرم عندنَا فَهُوَ زنا قُلْنَا لَك إِن كَانَ قد ثَبت تَحْرِيم ذَلِك عنْدكُمْ فقد ثَبت تَحْلِيله عندنَا فَإِن الله تَعَالَى يحل لعبيده مَا يَشَاء وَيحرم عَلَيْهِم مَا يَشَاء

وَهَذَا كَمَا أحل الله لمُوسَى من الطَّلَاق مَا حرمه على عِيسَى ثمَّ كَيفَ يُمكن لعاقل أَن يُنكر مثل ذَلِك وَقد ثَبت أَنه أحلّت فِي بعض الشَّرَائِع فروج وَحرمت فِي شرع آخر فقد ثَبت أَن الْبَطن الأول من أَوْلَاد آدم أحلّت لَهُم نِكَاح الْأَخَوَات ثمَّ حرمت على من بعدهمْ من الشَّرَائِع وَقد جَاءَ فِي التَّوْرَاة أَن يَعْقُوب نكح أُخْتَيْنِ راحيل وليئة وَجمع بَينهمَا وحرمهما على غَيره وَالْجمع بَينهمَا فِي

ص: 222

النِّكَاح محرم عنْدكُمْ وَقد فعل الله ذَلِك فِي أَحْكَام أخر على مَا يعرف من أَحْوَال الشَّرَائِع وإختلافها فِي بعض الْأَحْكَام وَإِنَّمَا يتَحَقَّق هَذَا الْمَعْنى على الْيَقِين من يعلم أَن حَقِيقَة الحكم الشَّرْعِيّ هِيَ خطاب الشَّرْع الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين على جِهَة الإقتضاء أَو التَّخْيِير فعلى هَذَا لَا معنى للْحكم إِلَّا قَول الشَّارِع افعلوا أَو لَا تَفعلُوا أَو إِن شِئْتُم فافعلوا وَإِن شِئْتُم فاتركوا على مَا يعرف فِي مَوْضِعه

ثمَّ هَذَا الَّذِي عبته علينا أَيهَا الجهول لَهُ معنى صَحِيح فِي الْعُقُول جَار على منهاج الْمصَالح الْمَعْقُول وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِنَّمَا شرع الطَّلَاق ليتخلص الرجل من نكد الْمَرْأَة وأسوها رفقا بِنَا وَرَحْمَة مِنْهُ علينا فقد تكون غلا قملا تضر بِالرجلِ ضَرَرا حقبا لَا يُمكن أَن يطلع عَلَيْهِ أحد فَلَا تجبر على إِزَالَته لكَونه لَا يتَحَقَّق من جِهَتهَا فَجعل للرحل أَنه مَتى شَاءَ أَن يتَخَلَّص مِنْهَا وَمن ضررها فعل

وَأَيْضًا فلكون النِّسَاء فِي الْغَالِب ناقصات عقل فَلَو علمت أَن الرجل لم يَجْعَل لَهُ سَبِيل إِلَى مفارقتها لما كَانَت تحترمه وبادرت إِلَى ضَرَره فَأَرَادَ الشَّارِع أَن يَجْعَل للرجل سَببا يحترم لأَجله وَهُوَ الطَّلَاق فَإِن الْمَرْأَة إِذا علمت أَنَّهَا إِن بالغت فِي ضَرَر زَوجهَا طَلقهَا امْتنعت من ضَرَره فِي الْأَكْثَر

فَإِن عورضنا وَقيل لنا فَيلْزم على ذَلِك أَن تطلق الْمَرْأَة نَفسهَا مَتى شَاءَت فَإِن الرجل قد يضر بهَا ضَرَرا لَا يطلع عَلَيْهِ أحد فَإِن راعيتم وجود الضَّرَر وتوقعه فِي حق الزَّوْج فَلم لم تراعوه فِي حق الزَّوْجَة كَذَلِك فَنَقُول إِنَّمَا لم نراعه فِي حق الْمَرْأَة لأَنا لَو جعلنَا للْمَرْأَة أَن تطلق نَفسهَا مَتى شَاءَت لما اسْتَقَرَّتْ إمرأة عِنْد زَوجهَا فِي غَالب الْأَمر لِأَنَّهُنَّ ناقصات عقل فَلَا يُؤمن عَلَيْهِنَّ غَلَبَة شهواتهن على عقولهن

وَإِن فتح هَذَا الْبَاب طَرَأَ مِنْهُ من الضَّرَر مَا لَا ينسد وَلَا يتدارك فسد هَذَا الْبَاب فِي حق النِّسَاء لهَذِهِ الْحِكْمَة وَفتح فِي حق الرِّجَال ليزول عَن أَعْنَاقهم غل الضَّرَر والنقمة وَالله أعلم

ص: 223

وَأما مَا عابه أَيْضا من أَن الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَا تحل إِلَّا بعد زوج فَذَلِك أَيْضا لَهُ معنى مَعْقُول مُنَاسِب وَذَلِكَ أَن الطَّلَاق وَإِن كَانَ الله قد أَبَاحَهُ لنا فَهُوَ من قبيل الْمَكْرُوه من غير سَبَب من حَيْثُ التقاطع والتدابر المنهى عَنْهُمَا وَلأَجل هَذَا قَالَ نَبينَا عليه السلام أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق فَأطلق عَلَيْهِ لفظ البغض مشعرا بِالْكَرَاهَةِ وَأطلق لفظ الْحَلَال مشعرا بِجَوَازِهِ فَحصل لنا من مَفْهُومه أَنه يجوز على كَرَاهَة

فَإِذا تقرر أَنه مَكْرُوه من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَلا يفعل ثمَّ إِن فعل وَلَا بُد مِنْهُ فَلَا يكثر مِنْهُ ثمَّ إِن كثر مِنْهُ فَلَا يُزَاد على الْمَرَّتَيْنِ فَإِن تعداهما عُوقِبَ بِأَنَّهُ لَا تحل لَهُ إِلَّا بعد زوج فَكَانَت الْحِكْمَة فِي ذَلِك أَن الزَّوْج إِذا علم أَنه إِذا أَكثر من هَذَا الْمَكْرُوه الَّذِي هُوَ الطَّلَاق عُوقِبَ بتفويت زَوجته عَلَيْهِ وتملكها غَيره امْتنع من تَكْثِير الْمَكْرُوه الَّذِي هُوَ الطَّلَاق ثمَّ لَا يظنّ الْجَاهِل بِنَا أننا نجبر الزَّوْج الثَّانِي على طَلاقهَا حَتَّى يرجع إِلَيْهَا الأول حاشى لله وَإِنَّمَا الزَّوْج الثَّانِي يملك مِنْهَا مَا يملكهُ الأول فَإِن شَاءَ طَلقهَا وَإِن شَاءَ أمْسكهَا

ثمَّ إِن طَلقهَا اعْتدت مِنْهُ وَجَاز للْأولِ أَن يَتَزَوَّجهَا تزويجا مستأنفا إِن شَاءَ وَلَا يجوز عندنَا أَن يَتَزَوَّجهَا الثَّانِي ليحللها للزَّوْج الأول فَإِن فعل كَانَ نِكَاحه فَاسِدا وَهُوَ الَّذِي نُسَمِّيه الْمُحَلّل وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ

فَإِن سَمَّاهُ مسم تَيْسًا فعلى جِهَة الذَّم لفعله

فَإِذا تقرر هَذَا الْمَعْنى الَّذِي لَا يمنعهُ الْعقل وَلَا تنافيه مَكَارِم الْأَخْلَاق بل هُوَ على منهاجها وعَلى سنتها فَكيف يَنْبَغِي لعاقل منصف غير متواقح وَلَا متعسف أَن يتقول علينا أَنا نقُول لَا يحل لزَوجهَا مراجعتها إِلَّا أَن تزنى وَلَو كنت يَا هَذَا من أهل الْعقل الَّذين تبرأوا عَن السَّفه وَالْجهل لما كنت تشبه نِكَاحا على وفْق شَرِيعَة صَحِيحَة بِحَسب دلَالَة أدلتها القاطعة مَعَ أَن هَذَا النِّكَاح وَقع بولى وَمهر وشهود وإعلان بِنِكَاح الزِّنَا الَّذِي لَيْسَ فِيهِ ولى وَلَا مهر وَلَا شُهُود وَلَا إعلان وَإِنَّمَا يَقع الزِّنَا مُخَالفا للشرائع عريا عَن الشُّهُود وَالْوَلِيّ مَسْتُورا فَهَذَا تَشْبِيه يدل على عناد وتمويه

ص: 224

ثمَّ قلت بدل أَن تنهوا عَن الزِّنَا تأمروا بِهِ وَهُوَ عنْدكُمْ فَرِيضَة التياس هَذَا التشنيع بَاطِل وَقَول غبي جَاهِل وتهويل لَيْسَ وَرَاءه حَاصِل وَقَول الزُّور والأباطل قصد بِهِ قَائِله استزلال الْعَوام وليكره لَهُم دين الْإِسْلَام {يُرِيدُونَ ليطفئوا نور الله بأفواههم وَالله متم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ} وَلَقَد صدق الله عَبده وأنجز وعده {وَمن أوفى بعهده من الله}

اعْلَم يَا هَذَا المفترى الْكذَّاب والمشنع المرتاب أَن الْعُقَلَاء لَا يرضون بِمَا فعلت وَلَا يأْتونَ بِمثل مَا بِهِ أتيت وَذَلِكَ أَنَّك جهلت شرعنا وكذبت عَلَيْهِ وعميت عَلَيْك مقاصده فنسبت الزُّور وَالْفُحْش إِلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَك لَو كنت على سنَن الْعُقَلَاء أهل السياسة الْفُضَلَاء أَن تبحث عَن أَدِلَّة صِحَة هَذِه الشَّرِيعَة وَعَن صدق الَّذِي جَاءَ بِهِ فَإِن كَانَت أدلتها صَحِيحَة وَجب عَلَيْك أَن تقبلهَا جملَة وَلَا ترد مِنْهَا شَيْء وَتَكون وَاحِدًا مِمَّن إلتزمها وَإِن لم تظهر لَك صِحَة أدلتها فناظر أَهلهَا فِي تِلْكَ الْأَدِلَّة وَلَا تتعداها إِلَى غَيرهَا وباحثهم فِيهَا مشافهة فَإِن الْمخبر لَيْسَ كالمعاين فَلَو لم يقدروا على أَن يحتجدوا لدينهم وَلَا أَن يقيموا دَلِيلا على صِحَة شرعهم وَجب عَلَيْك رد تِلْكَ الشَّرِيعَة من أَولهَا وَهَذَا دأب الموفقين لَا الْكَذَّابين المشنعين

ثمَّ قلت وَأَنا أُرِيد قطع ذَنْب التيس وَأَن نجعله فِي ذقنه ليلوح استه لمعرة صَرْصَر الشمَال وحمارة قيظ هجير الْجنُوب

يَا هَذَا التيس وَأي ذَنْب سَاتِر للتيس أتظن أَنَّك تتفصح وتستعير وَأَنت لَا فِي العير وَلَا فِي النفير وَكَيف تظن السَّلامَة من الْحمق والبؤس بِمن يجهل كَيْفيَّة أَذْنَاب التيوس أم كَيفَ يُبَالِي بتفصحه وجعاجعه وَهل هُوَ فِي ذَلِك إِلَّا بِمَنْزِلَة من جهل عدد أَصَابِعه وَلَوْلَا أَن شرعنا منع من السباب وَلَا يَلِيق ذَلِك بِأولى المروءات والآداب لأقذعتك سبا ولأوجعتك عتبا وَمَعَ هَذَا

نجا بك لومك منجى الذُّبَاب

حمته مقاديره أَن ينالا

ص: 225

. لَا أسبنكم فلستم بسبي

إِن سبي من الرِّجَال الْكَرِيم

ثمَّ قلت وَهَذَا جَوَاب كلامك إنتصافا مِنْك كَمَا يَقُول قرآنك وَمن أنتصف من بعد ظلمه فَلَا جنَاح عَلَيْهِ

يَا هَذَا شَأْنك يحار فِيهِ النحرير وجهلك يتعجب مِنْك الصَّغِير وَالْكَبِير كَيفَ لَا وكلامك هَذَا يشْهد عَلَيْك بجهلك بإنجيلك وبمخالفتك حكمه وَشرع رَسُولك كَيفَ يحل لَك فِي شرعك أَن تنتصف مِمَّن ظلمك وتشتم من شتمك وإنجيلك يَقُول لَك لَا تكافئوا أحدا بسيئة وَلكم من لطم خدك الْيُمْنَى فانصب لَهُ الْيُسْرَى وَمن أَرَادَ مغالبتك وإنتزاعك قَمِيصك فزده أَيْضا رداءك فَهَذَا إنجيلك يشْهد عَلَيْك بأنك لست على شَرعه بل رددت حكمه وعملت على رفضه

وَإِذا كَانَ شَأْنك هَذَا مَعَ كتابك فَكيف يرتجي فلاحك من لَيْسَ من أحبابك ثمَّ الْعجب العجاب تركت كتابك وَالْعَمَل بِهِ ثمَّ أخذت تعْمل بِكِتَاب لَا تصدق بِأَصْلِهِ فَهَذَا يعلم من حالك أَنَّك لست تُرِيدُ أَن تتبع الْحق وَلَا أَن تبحث عَنهُ وَلَكِنَّك اتبعت هَوَاك فأضلك وأطعت الشَّيْطَان فأزلك ثمَّ من أدل دَلِيل على جهلك ومغالطتك أَنَّك أوهمت أَنَّك تعرف الْقُرْآن وَأَنَّك تحتج علينا بِهِ ثمَّ ذكرت مَا لَيْسَ بقرآن حَيْثُ قلت وَمن انتصف من بعد ظلمه فَلَا جنَاح عَلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ بقرآن وَإِن كَانَ يشْهد بِمَعْنَاهُ الْقُرْآن

وَلَيْسَ الْقُرْآن عندنَا بِمُجَرَّد مَعْنَاهُ فَقَط بل بِلَفْظِهِ الْمَخْصُوص وَمَعْنَاهُ وأسلوبه الَّذِي أعجز الْأَوَّلين والآخرين فعلى هَذَا الْمَعْنى أَن تترجم بِلِسَان آخر أَو عبر عَن مَعْنَاهُ بِغَيْر لَفظه وأسلوبه خرج عَن كَونه قُرْآنًا فأفهم وَمَا أَدْرَاك تحسن

ثمَّ قلت فانصر أَنْت محالك لِأَنَّك قلت بالسفه والطعن فِي ديننَا وَقلت الْكَذِب على مسيحنا

أنظر هَذَا الْكَلَام الفصيح الْجَهَالَة على قَائِله تلوح فَلَقَد عدم هَذَا الْكَلَام الإنتظام والإرتباط فَوَجَبَ لَهُ لأجل ذَلِك الإلغاء والإسقاط

ص: 226

وَأما مَا ذكرت من تسفيه دينك والطعن عَلَيْهِ فَذَلِك وَاجِب على الْعُقَلَاء إِذْ قد تبين بِدَلِيل الْعقل الَّذِي لَا يشك فِيهِ أَنكُمْ قد تمذهبتم بكك مقَالَة شنعاء وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم

ثمَّ إِن الطعْن على دينكُمْ لَيْسَ طَعنا على دين الْمَسِيح فَإِنَّكُم لم تتدينوا بِدِينِهِ وَلَا عَرَفْتُمْ حَقِيقَة يقينه بل تخرصتم عَلَيْهِ بالأباطيل وقبلتم عَلَيْهِ قَول كل متواقح جَاهِل فَمَا لكم وللإنتساب للمسيح وَهُوَ مبرأ عَن كل قَبِيح بل هُوَ ساخط عَلَيْكُم وبراء إِلَى الله مِنْكُم وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى بمزيد يبطل قَوْلكُم فِيهِ ويهدم

وَأما مَا نسبت إِلَيْنَا من الْكَذِب على الْمَسِيح والسب لَهُ فَذَلِك وَالله شَيْء لَا نفعله وَلَا يرضى بذلك متدين وَلَا عَاقل وَكَيف يجوز هَذَا علينا وَنحن نكفر من سبه أَو سبّ أمه عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهَذَا عندنَا أصل من أصُول عقائدنا وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى أَخذ علينا من الْمِيثَاق أَن نؤمن بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاء وَالرسل وَلَا نفرق بَين أحد مِنْهُم وَهُوَ عندنَا من أكْرم الرُّسُل فَكيف نسبه أَو نكذب عَلَيْهِ وَفِي فعل ذَلِك خُرُوج عَن دين الْإِسْلَام وَتمسك بِفعل الْجُهَّال الطغام بل أَنْتُم الَّذين كَذبْتُمْ عَلَيْهِ ونسبتم مَا تحيله الْعُقُول إِلَيْهِ وَهُوَ يتبرأ من ذَلِك ويتنصل مِمَّا أفتريتم عَلَيْهِ هُنَالك ثمَّ أضفتم مَعَ ذَلِك من الْعَيْب والتنقيص على الله تَعَالَى مَا يعلم على الضَّرُورَة وَالْقطع أَنه محَال فَنحْن وَإِيَّاك على الْمثل السائر رمتني بدائها وإنسلت

ثمَّ قلت وَاعْلَم أَنَّك إِن أرْسلت بعد هَذَا بالشتم فَإِنِّي أبْعث إِلَى كل بلد كتابا بِنَصّ شريعتكم وَبِكُل مَا نَعْرِف من الْأَقَاوِيل الَّتِي لَا تقدرون على إنكارها

لَوْلَا أَن السب منهى عَنهُ على الْإِطْلَاق وَلَيْسَ من مَكَارِم الْأَخْلَاق لأكثرت من سبك ولأوغلت فِي لومك وعتبك وَلَو كَانَ ذَلِك لما كذبت وَلَا افتريت وَإِنَّمَا كنت أفعل ذَلِك لأظهر بذلك بَاطِل تمويهك ومغالطة تهويلك وَمن أَيْن لَك أَن تعرف ديننَا وَأي طَرِيق يوصلك إِلَيْهِ وَبِأَيِّ لِسَان تتمكن مِنْهُ وَبِأَيِّ فهم تتوصل إِلَى مَعْنَاهُ

هَا أَنْت لَا تعرف دينك الَّذِي نشأت عَلَيْهِ فَكيف بك أَن تعرف مَا لم تفهم مِنْهُ حرفا وَلَا سمعته على وَجهه اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تقولت

ص: 227

بِمَا لَيْسَ لَك بِهِ علم كَمَا قد فعلت فِي فَرِيضَة التياس فَلَا يعْدم أَحمَق مخرق مَا يَقُول

وَأما إِن ذكر شريعتنا من يعرفهَا فالعقول السليمة تقبلهَا بِنَفس مَا تسمعها لشدَّة ارتباطها وَحسن نظامها وَلَيْسَت كشريعة من يعْتَقد إِلَهًا آخر مَعَ الله ويعتقد فِي الله مَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ وينسب إِلَى الْأَنْبِيَاء مَا يتبرأون مِنْهُ ويحكمون بأهواء جهالهم فِي دين الله وسنعقد أثر هَذَا إِن شَاءَ الله بَابا نبين فِيهِ جملا من أحكامهم وفيهَا يتَبَيَّن أَنكُمْ لَا تستندون فِيهَا إِلَى مُسْتَند وأنكم اخترعتم فِيهَا من الجهالات مالم يقل بِهِ أحد

ثمَّ قلت لِأَنَّك قلت فِي الْمَسِيح غث وأوطار وَأَنَّك سبيت الْحَاكِم عَلَيْك وعَلى جَمِيع الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة لَكِن سَوف تَلقاهُ حَاكما لَيْسَ يطْلب عَلَيْك بَيِّنَة

وَكم من عائب قولا صَحِيحا

وآفته من الْفَهم السقيم

لتعلم يَا هَذَا أَنى وقفت على الْكتاب الَّذِي جاوبك بعض أَصْحَابنَا وتأملت هَذَا الْموضع الَّذِي لم تفهمه فَعلمت أَن الْخَطَأ من قبل فهمك لَا من قبل الْكَاتِب وَذَلِكَ أَن لفظ مَا كتب بِهِ إِلَيْك فِي هَذَا الْموضع شجرتنا نبوية فروعها قرشية ثَمَرَتهَا هاشمية شجرتك غثاء وأوضار {اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} هَذَا نَصه

وَكَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تفهمه لَو كنت منصفا فَإِن هَذَا الْكَلَام إِنَّمَا جرى مجْرى الْمثل وَإِنَّمَا أَرَادَ بشجرتنا نبوية أَن أصل إعتقادنا أَن مُحَمَّدًا نَبِي وَرَسُول لَيْسَ باله واعتقادكم أَنْتُم أَن عِيسَى اله وَلَيْسَ بِنَبِي وَهَذَا قَول بَاطِل وإعتقاد فَاسد وَلذَلِك عبر عَن أصل هَذَا الإعتقاد بِالشَّجَرَةِ ثمَّ قَالَ إِنَّهَا غثاء وأوضار فالمسبوب المذموم إِنَّمَا هُوَ إعتقادكم فِي عِيسَى لَا عِيسَى حاشى وكلا فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن تفهم الْكَلَام وَلَا تبادر لأجل الْجَهْل بالملام فالملوم على كل حَال هُوَ الْجَاهِل الَّذِي لَيْسَ يفهم وَلَا عَاقل وَحين وقفت على

ص: 228