المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْفَصْل الثَّانِي معنى الإتحاد ‌ ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا قَالَ فَإِن سَأَلَ سَائل عَن معنى - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌ ‌الْفَصْل الثَّانِي معنى الإتحاد ‌ ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا قَالَ فَإِن سَأَلَ سَائل عَن معنى

‌الْفَصْل الثَّانِي

معنى الإتحاد

‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

قَالَ

فَإِن سَأَلَ سَائل عَن معنى الإتحاد قُلْنَا نقُول بذلك تقليدا للإنجيل والنبيين ورسل رب الْعَالمين فِيمَا نقلوا من ذَلِك وأعلموناه عَمَّن الله وَفِيمَا نَص لنا عَنْهُم تَصْدِيق الْأَخْبَار الَّذِي لَا تكاذب فِيهَا

فَإِن قلت وَكَيف يجوز أَن يتوحد الْقَدِيم بالحادث والخالق بالمخلوق قُلْنَا على تَقْلِيد الْكتاب وعَلى الْجَائِز فِي الْعُقُول وَذَلِكَ أَنا لَا نقُول إِن الْقَدِيم فِي الْجَوْهَر صَار حَادِثا وَلَا الْحَادِث فِي الْجَوْهَر صَار قَدِيما وَلَكنَّا نقُول صَار الْحَادِث إِلَهًا وَلَا نقُول صَار الْإِلَه حَادِثا كَمَا نقُول صَارَت الفحمة نَارا وَلَا نقُول صَارَت النَّار فَحْمَة

فَإِن قلت فَمَا عِلّة هَذَا الإتحاد قيل لَك الْإِرَادَة وسائلك هَذَا كسائل يسْأَل فَقَالَ لم خلق الله الْعَالم فَمن الْجَواب لَهُ أَن يُقَال لَهُ أَرَادَ ذَلِك فَإِن قلت أَفَهَذَا الإتحاد قديم أَو حَادث قيل لَك قديم وحادث فَإِن قلت فَكيف يكون قَدِيما وحادثا قيل لَك قديم بِالْقُوَّةِ حَادث بِالْفِعْلِ وكل عِنْده حَاضر لِأَنَّهُ تبارك وتعالى لَا تَأْخُذهُ الْأَزْمَان وَلَا يعد الْأَشْيَاء بالأعداد وكل عِنْده حَاضر مُقيم

‌الْجَواب عَنهُ

هَذَا كَلَام تمجه الأسماع وتنفر عَنهُ الطباع سَأَلَ فِيهِ قَائِله عَن حَقِيقَة الإتحاد وَمَعْنَاهُ فَأَجَابَهُ بِالدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَمَا جرى مجْرَاه وَمن حق الإنفصال أَن يكون مطابقا للسؤال فَكَانَ يلزمك لما سُئِلت عَن معنى الإتحاد أَن تجيب بحده وَحَقِيقَته ثمَّ بعد ذَلِك تستدل على صِحَّته ووجوده إِن صَحَّ ذَلِك وَأمكن الإستدلال هُنَالك

ص: 97

أما قَوْلك فِي جَوَاب من سَأَلَك عَن الإتحاد وَحَقِيقَته نقُول بذلك تقليدا للإنجيل والنبيين ورسل رب الْعَالمين فَكَلَام غير متين لَا يصدر مثله عَن عقل رصين

لتعلم يَا هَذَا أَن الْأَنْبِيَاء عليهم السلام صَادِقُونَ مصدقون والصادق مَا يخبر بِصِحَّة مَا يعلم بالعقول فَسَاده وإستحالته فَإِن الصَّادِق لَا يُنَاقض قَوْله دَلِيل الْعقل وَلَا يُعَارضهُ بل يصدقهُ وَيشْهد بِصِحَّتِهِ فَلَو فَرضنَا شخصا جَاءَ بِأَمْر معجز فِيمَا يرى وَادّعى أَنه أرْسلهُ الله لنا ليخبرنا أَن الثَّلَاثَة وَاحِد من حَيْثُ هِيَ ثَلَاثَة وَأَن الْوَاحِد ثَلَاثَة من حَيْثُ أَنه وَاحِد وَفهم ذَلِك مِنْهُ بِنَصّ لَا يقبل التَّأْوِيل لبادر الْعُقَلَاء إِلَى تَكْذِيبه ولعلموا أَن مَا أظهره على جِهَة المعجزة إِنَّمَا هِيَ حِيلَة ومخرقة لِأَن المعجزة إِنَّمَا هِيَ دَلِيل الصدْق وَلَا يقلب دَلِيل الصدْق دَلِيل الْكَذِب

وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِن الضدين يَجْتَمِعَانِ بعد مُرَاعَاة شُرُوط التضاد وَكَذَلِكَ لَو أخبر أَن الله تَعَالَى يقلب جوهرا عرضا ولونا وطعما إِلَى غير ذَلِك من أَنْوَاع المحالات وَمن هَذَا الْقَبِيل هُوَ مَا ادعيتم من الإتحاد وسيتبين إِن شَاءَ الله

وَبعد هَذَا فَلَو فَرضنَا نَبينَا علمنَا صدقه على الْقطع تكلم بِشَيْء من هَذَا فَيكون ذَلِك الْكَلَام لَا يدل على ذَلِك الْمَعْنى دلَالَة قَاطِعَة بل دلَالَة مُحْتَملَة أَو ظَاهِرَة فسبيلنا أَن نتأول إِن وجدنَا وَجها للتأويل أَو نتوقف على تَأْوِيله إِن لم نجد لَهُ محملًا فِي التَّأْوِيل مَعَ أَن الْعقل يعلم اسْتِحَالَة الظَّاهِر ويكل معرفَة بَاطِنه إِلَى الله تَعَالَى فَإِن الشَّرَائِع وَإِن لم تأت بِمَا يُخَالف الْعُقُول فقد تَأتي مِمَّا تقصر الْعُقُول عَن دركه وَفرق بَين يُعلمهُ الْعُقَلَاء بَين الْعلم بالإستحالة وَبَين عدم الْعلم بالإستحالة فَإِن عدم الْعلم بالإستحالة لَا يلْزم مِنْهُ نفى الْجَوَاز وَلَا إثْبَاته ولانفى الْوُجُوب وَلَا إثْبَاته وَهَذَا مِمَّا لَا خَفَاء بِهِ عِنْد الْعُقَلَاء

وَأما قَوْلك وعَلى الْجَائِز فِي الْعُقُول فَيَنْبَغِي لنا أَن نَسْأَلك هُنَا أسئلة تبين أَنَّك بِمَا ادعيت جهول فَنَقُول لَك مَا حد الْعقل أَولا وَمَا حد الْجَائِز الْعقلِيّ وَمَا حَقِيقَته وَكم أقسامه وَمَا حد الْوَاجِب

ص: 98

الْعقلِيّ وَكم أقسامه وَمَا حد الْمحَال الْعقلِيّ وَكم أقسامه فَإِذا فرغت من جَوَاب هَذِه الْمسَائِل سألناك هَل أَحْكَام الْعقل تَنْحَصِر فِي هَذِه الثَّلَاثَة أم تزيد عَلَيْهَا أم تنقص عَنْهَا ولعمري مَا يَنْبَغِي أَن تَتَكَلَّم مَعَ من لَا يعرفهَا وَأعلم على الْقطع والثبات أَنَّك لَا تعرفها وَلَا قَرَأت على من يفهمها وَإِلَّا فَالْجَوَاب وَإِن لم تجب وَإِلَّا فَيظْهر أَنَّك من دينك على شكّ وإرتياب ثمَّ نقُول كَيفَ يتجاسر عَاقل أَن يَقُول إِن علم الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ صفته ولازم لَهُ وقديم أزلي حل فِي جَسَد إِنْسَان حَادث بعد أَن لم يكن حَالا فِيهِ وَمَعَ أَنه حل فِيهِ فَهُوَ لم يُفَارق الله تَعَالَى وَلَوْلَا الله تَعَالَى سلبكم عقولكم وإبتلاكم بظلمة التَّقْلِيد الَّذِي أفْضى بكم إِلَى مُكَابَرَة الْعُقُول وإنكار الْبِدَايَة لما وجد مثل هَذَا الْمَذْهَب مُسْتَقرًّا فِي قلب مَجْنُون فَأجرى فِي قلب غافل وَلَكِن لله تَعَالَى سر فِي أبعاد بعض الْعباد {وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد}

وَأما قَوْلك إِنَّا لَا نقُول أَن الْقَدِيم فِي الْجَوْهَر صَار حَادِثا وَلَا الْحَادِث فِي الْجَوْهَر صَار قَدِيما وَلَكنَّا نقُول صَار الْحَادِث إِلَهًا فَهَذَا القَوْل مِنْك يدل على أَنَّك تَقول بحلول الْحَادِث فِي الْجَوْهَر وإتحاده بِهِ وَلم يقل بِهَذَا قطّ أحد من الْمَخْلُوقَات وَهَذَا أشنع وأقبح وأمحل من إتحاد الْقَدِيم بالحادث وحلوله فِيهِ وَهَذَا الَّذِي ذكرت أَنه يلزمك يدل عَلَيْهِ قَوْلك وَلَا الْحَادِث فِي الْجَوْهَر صَار قَدِيما فنفيت عَن الْحَادِث الْقدَم وأبقيت عَلَيْهِ الْحُلُول فِي الْجَوَاهِر وَهَذَا بَين بِنَفسِهِ من كلامك ثمَّ هَذَا الَّذِي فَرَرْت مِنْهُ يلزمك وَذَلِكَ أَنا نقُول هَذَا الْقَدِيم الْحَال لَا يَخْلُو أَن يكون حَالا فِي ناسوت الْمَسِيح قبل خلق الْمَسِيح أَو لم يكن فَإِن كَانَ حَالا فِيهِ قبل خلقه كَانَ محالا وباطلا بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ قبل خلقه مَعْدُوم وَالْمَوْجُود لَا يحل فِي الْمَعْدُوم وَإِن كَانَ حُلُوله فِي ناسوته بعد خلقه فَقبل خلقه لم يكن حَالا فقد حدث لَهُ حُلُول وَقد صَار حَالا بعد أَن لم يكن حَالا وَيلْزم على هَذَا أَن تقوم الْحَوَادِث بالقديم وَهُوَ محَال فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى حُدُوثه على مَا يعرفهُ أَرْبَاب النّظر

وَأما قَوْلك صَار الْحَادِث إِلَهًا فَكَلَام تشمئز مِنْهُ النُّفُوس

ص: 99

وَيشْهد لقائله بِالْوَيْلِ والعكوس وَكَيف لَا يستحي الْعَاقِل من مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي وَالله هُوَ عَار على الْأَنَام وَكَيف يتَصَوَّر أَن يعقل الإلهية لمحدث مَخْلُوق يحزن تَارَة ويفرح أُخْرَى ويجوع تَارَة ويشبع أُخْرَى ويتبول ويتغوط وتظفر بِهِ أعداؤه ويعذبونه بِالضَّرْبِ والإهانة والشوك والصلب وَالْقَتْل بزعمكم وَهُوَ مَعَ ذَلِك يَقُول {اعبدوا الله رَبِّي وربكم} وَيَقُول لكم إِذا صليتم فَقولُوا يَا أَبَانَا السماوي تقدس اسْمك وَقرب ملكك وَيَقُول إِن الله وَحده وَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَيَقُول لإبليس إِنَّمَا أمرت أَن تعبد السَّيِّد إلهك وَحده وَيَقُول حِين قرب رَفعه وأعلمه الله بِهِ سيلقى ابْن الْإِنْسَان مَا كتب لَهُ يعْنى نَفسه ثمَّ تقدم وَسجد على الأَرْض ودعى أَن يزاح عَنهُ مَا هُوَ فِيهِ وَقَالَ يَا أبتاه إِنَّك قَادر على جَمِيع الْأَشْيَاء فرج عني هَذِه الكأس وَقَالَ فِي إنجيل لوقا يَا أبتاه إِن كَانَت هَذِه الكأس لَا تقدر تجاوزني حَتَّى أشربها فلتكن إرادتك

ص: 100

وَمن اطلع على أناجيلكم علم على الْقطع أَن عِيسَى عليه السلام برِئ مِمَّا تَدعُونَهُ بِهِ وتنسبونه إِلَيْهِ وستلقونه بَين يَدي الله فِي الْوَقْت الَّذِي يَقُول الله تبارك وتعالى {يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} فيتبرأ من ذَلِك القَوْل فَيَقُول {سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق إِن كنت قلته فقد عَلمته تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك إِنَّك أَنْت علام الغيوب مَا قلت لَهُم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ أَن اعبدوا الله رَبِّي وربكم وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد}

وَقد جَاءَنَا على لِسَان من دلّت المعجزة بصدقه أَن الله تَعَالَى إِذا حشر الْخَلَائق فِي صَعِيد وَاحِد يعْنى يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لِلنَّصَارَى مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نعْبد الْمَسِيح ابْن الله فَيَقُول لَهُم كَذبْتُمْ مَا اتخذ الله من صَاحبه وَلَا ولد ثمَّ يُقَال لَهُم أَلا تردون فيحشرون إِلَى جَهَنَّم كَأَنَّهَا سراب يحطم بَعْضهَا بَعْضًا

فَالله الله أدْرك بَقِيَّة نَفسك قبل حُلُول رمسك وَاسْتعْمل سديد عقلك وَلَا تعول على تَقْلِيد فَاسد نقلك وَاتبع الدّين القويم دين الْأَب إِبْرَاهِيم فَمَا كَانَ {يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين}

فَالله يعلم أَنِّي أنظر إِلَيْك وَإِلَى كَافَّة خلق الله بِعَين الرَّحْمَة وأسأله هِدَايَة من ضل من هذة الْأمة وأتأسف على الأباطيل الَّتِي ينتحلون فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي النبوات كَلَام على حقائق الْملَل وَتبين الهداة والضالين من ذَوي النَّحْل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأما قَوْلك كَمَا نقُول صَارَت الفحمة نَارا وَلَا نقُول صَارَت النَّار فَحْمَة فتمثيل لَيْسَ بِمُسْتَقِيم وَلَا جَار على مَنْهَج قويم وَذَلِكَ

ص: 101

أَن الفحمة مهما صَارَت نَارا فقد حدثت النارية وانعدمت الفحمية وَلَيْسَ هَذَا مُسَاوِيا لِقَوْلِك صَار الْحَادِث إِلَهًا فَإِن الشَّيْء الَّذِي صَار بِهِ الْحَادِث إِلَهًا عنْدكُمْ هُوَ قديم فَكيف تشبهه بالنارية الطارئة وَهِي حَادِثَة وَإِن ساويت بَينهمَا لزمك أَن يكون الْحَال فِي الناسوت حَادِثا أَو النارية قديمَة فترتفع الفحمية وَهُوَ محَال بِالضَّرُورَةِ

وَأما قَوْلك فَإِن قلت فَمَا عِلّة هَذَا الإتحاد قيل لَك الْإِرَادَة فَهَذَا قَول فَاسد فَإِن الْإِرَادَة إِنَّمَا يَصح تعلقهَا بالجائزات وَلَا يَصح تعلقهَا بالمحالات والإتحاد محَال فَلَا تتَعَلَّق بِهِ الْإِرَادَة على مَا نقرره إِن شَاءَ الله إِذا نقلنا مَذَاهِب أقستكم فِي هَذَا الْمَعْنى وتكلمنا مَعَهم عَلَيْهَا

وَأما قَوْلك فِي جَوَاب سَائِلك عَن الإتحاد هَل حَادث أَو قديم حَيْثُ قلت إِنَّه قديم وحادث فَقَوْل لم يقل بِهِ مُؤمن وَلَا ناكث فَإِن الْجمع بَين الْقدَم والحدوث مِمَّا يعلم فَسَاده بضرورة الْعقل فَإِن معنى الْقَدِيم الَّذِي لَا أول لوُجُوده والحادث هُوَ الَّذِي لوُجُوده أول وَالْجمع بَين نفى الأولية وَإِثْبَات الأولية محَال

وَأما قَوْلك قديم بِالْقُوَّةِ حَادث بِالْفِعْلِ فَكَلَام لَيْسَ لَهُ أصل إِذْ لَا يعقل الْعُقَلَاء فِي الْقدَم قُوَّة وَلَا فعلا فَإِن الْقدَم من أَسمَاء السلوب وَالْقُوَّة وَالْفِعْل فَإِنَّمَا يتواردان عِنْد الْقَائِلين بهما على الصِّفَات الوجوديات وعَلى عدمهَا مَعَ إِمْكَان وجودهَا ثمَّ إِنَّا نَسْأَلك عَن حد الْقُوَّة وحقيقتها وَمَا الْفرق بَينهمَا وَبَين الْإِمْكَان وَهل هِيَ مَوْجُودَة وَعَن حد الْفِعْل وَمَا حَقِيقَته

فَإنَّك تَكَلَّمت بِمَا سمعته وَمَا حصلته وَلَا وعيته

وَأما قَوْلك وكل عِنْده حَاضر مُقيم فَكَلَام حق ومقال صدق إِن كنت أردْت بحاضر أَنه مَعْلُوم وَقد أَخْطَأت بإدخالك مُقيم فِي هَذَا الْمَعْنى فَإِن الْمُقِيم إِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذ من أَقَامَ بالموضع إِذا ثَبت فِيهِ فَإِن أردْت هَذَا الْمَعْنى لزمك أَن تكون المعدومات الممكنة مَوْجُودَة عِنْده فِي حَال عدمهَا وَذَلِكَ محَال وَإِن أردْت غَيره فَكَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تبين مرادك فَإنَّك لم تَتَكَلَّم بِهِ على مُقْتَضى كَلَام الْقَوْم الَّذين تعاطيت التَّكَلُّم بلسانهم

ص: 102

ثمَّ قَوْلك لِأَنَّهُ تبارك وتعالى لَا تَأْخُذهُ الْأَزْمَان ذكرته موهما أَنَّك تستدل بِهِ على أَنه تَعَالَى عَالم بِجَمِيعِ الْأُمُور مُحِيط بِالْكُلِّ وَلَا يدل ذَلِك على مَا أردته وَإِلَّا فكونه قَابلا للزمان أَو غير قَابل للزمان مَا الْمُنَاسبَة بَينه وَبَين كَونه عَالما بِجَمِيعِ المعلومات أَو بِبَعْضِهَا وَلَا بُد أَن يسْأَل عَن الزَّمَان مَا هُوَ وَهل هُوَ مَوْجُود أَو مَعْدُوم فَإِن كَانَ مَوْجُودا فَهَل هُوَ جَوْهَر أَو عرض وَإِن كَانَ جوهرا أَو عرضا فَهَل هُوَ فِي زمَان أوليس فِي زمَان فَإِن لم يكن فِي زمَان فلتستغن الموجودات كلهَا عَن زمَان وَيلْزم عَلَيْهِ إِثْبَات موجودات لَيْسَ بزمانية غير الْبَارِي تَعَالَى وتقدس وَذَلِكَ محَال على مَا تقرر وَإِن كَانَ فِي زمَان فَهَل ذَلِك الزَّمَان فِي زمَان ويتسلسل فَلَا بُد لَك من علم هَذِه الْمسَائِل إِن أردْت أت تلْحق بالصنف الْعَاقِل وَمن أَرَادَ أَن يعلم فليرحل على الرَّأْس والقدم

وَأما قَوْلك وَلَا يعد الْأَشْيَاء بالأعداد فيفهم مِنْهُ أَن المعلومات لَا تَتَعَدَّد عِنْده وَإِذا لم تَتَعَدَّد المعلومات عِنْده لَا تتَمَيَّز جزئياتها وَإِذا كَانَ ذَلِك فَإِنَّمَا يعلم الْأُمُور على وَجه كلي وَهُوَ مَا تَقوله الفلاسفة وَأهل الشَّرَائِع كلهم مطبقون على أَن الله تَعَالَى يعلم جزئيات الْأُمُور وَإِن دقَّتْ على التَّفْصِيل وَمن لم يقل هَذَا يحكم عَلَيْهِ فِي كل مِلَّة بالتكفير والتضليل

فَأَنت يَا هَذَا فِي أَكثر كلامك بَين أَمريْن إِمَّا أَن تنكر الضروريات أَو تكفر بالشرعيات فنسأل الله تَعَالَى أَن ينور بصائرنا ويسدد أحوالنا وأمورنا وَأَن لَا يَجْعَل وبالا علينا أَعمالنَا وأقوالنا أَنه سميع الدُّعَاء قريب مُجيب

ص: 103