المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عن ما ذكره المصدر كلامه - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌الجواب عن ما ذكره المصدر كلامه

وسنعطف عَلَيْهِ بِالرَّدِّ إِذا تكلمنا مَعَ غَيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمَعَ هَذَا فقد سلك هَذَا الرجل مَسْلَك أَرْبَاب الْعُقُول وتبرأ من جَهَالَة كل جهول وَإِذا كَانَ كَذَلِك فسبيلنا أَن نتكلم مَعَ الَّذِي صدرنا هَذَا الْفَصْل بِذكر كَلَامه فَإِنَّهُ كثير الْفساد مضرب عَن الرشاد ويتضمن الرَّد عَلَيْهِ الرَّد على غَيره مِمَّن يَقُول مثل قَوْله أَو مَا يُقَارِبه مستعينين بِاللَّه متوكلين عَلَيْهِ

‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

لتعلم أَيهَا النَّاظر فِي كتَابنَا أننا يمكننا أَن نناقش هَذَا الْقَائِل كَمَا ناقشنا السَّائِل فَإِن كَلَامه كثير الْغَلَط ظَاهر التَّكَلُّف والشطط لَكنا تركنَا مناقشته اللفظية وصرفنا المناقشة للمباحثة المعنوية كَرَاهَة للإكثار وميلا للإيجاز والإختصار وَأَيْضًا فَإِن نفس الله فِي الْعُمر وَصرف عَنَّا عوائق الدَّهْر فسنرد عَلَيْهِ فِي كتاب مُفْرد إِن شَاءَ الله تَعَالَى أبين فِيهِ غلطاته وأوضح جهالاته وسقطاته بحول الله وقوته

فَنَقُول لَهُ لَا يشك عَاقل سليم الْفطْرَة أَن خَالق الْعَالم مَوْجُود لَيْسَ بمعدوم وَقد اعترفتم بِأَنَّهُ حَيّ عَالم وَمن لم يعْتَرف بذلك أُقِيمَت عَلَيْهِ الْبَرَاهِين القاطعة فَإِذا تقرر ذَلِك قُلْنَا فمفهوم أَنه حَيّ هُوَ عين مَفْهُوم أَنه عَالم أَو غَيره فَإِن كَانَ عينه فقولكم حَيّ عَالم كقولكم حَيّ حَيّ أَو عَالم عَالم وَالْفرق مَا بَينهمَا مَعْلُوم ضَرُورَة وَلَو كَانَ عينه لاختلطت الْحَقَائِق فَثَبت أَنَّهُمَا متغايران متعددان فَإِذا ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يرجعا إِلَى الْخَالِق سبحانه وتعالى فِي قَوْلكُم أَنه حَيّ عَالم أَو لَا يرجعان فَإِن لم يرجعا لم يَصح الْإِخْبَار عَنهُ بهما وَلم يَكُونَا وصفين لَهُ فَثَبت أَنَّهُمَا يرجعان إِلَيْهِ وَإِذا ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يَكُونَا من أَوْصَافه تَعَالَى النفسية أعنى الذاتية فَإِن كَانَا من أَوْصَافه النفسية أدّى ذَلِك إِلَى أَن يكون ذَاته وماهيته متركبة متبعضة وَذَلِكَ محَال على مَا قررتم فِيمَا تقدم من كلامكم

وَأَيْضًا لَو عقل كَون الْعلم والحياة من الْأَوْصَاف النفسية فِي مَحل عقل ذَلِك فِي كل مَحل وَيلْزم من ذَلِك كَون الْعلم والحياة من صِفَات أَنْفُسنَا وَذَلِكَ مَعْلُوم الْبطلَان بِالضَّرُورَةِ

ص: 84

وَأَيْضًا فَلَو جَازَ ذَلِك للَزِمَ أَن يكون الْعلم والحياة قَائِمين بأنفسهما أعنى موصوفين لِأَن جُزْء الْقَائِم بِنَفسِهِ قَائِم بِنَفسِهِ وَقد ثَبت بالأدلة القاطعة أَن الْبَارِي تَعَالَى قَائِم بِنَفسِهِ والمعقول من الْعلم والحياة أَنَّهُمَا صفتان لَا موصوفان فَإِذا تقرر ذَلِك وَثَبت لزم مِنْهُ أَنَّهُمَا زائدان على النَّفس فَإذْ ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يقوما بِهِ أَو لَا يقوما بِهِ فَإِن لم يقوما بِهِ لم يَتَّصِف بهما وَلَو جَازَ أَن يَتَّصِف فِيمَا لَا يقوم بِهِ لجَاز ذَلِك فِي حَقنا فَكَانَ يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون علم زيد يَتَّصِف بِهِ عَمْرو وَذَلِكَ محَال ضَرُورَة فَدلَّ ذَلِك على أَنَّهُمَا قائمان بِهِ فَإِذا قاما بِهِ وهما وجودان زائدان على الذَّات حصل من ذَلِك كُله أَن ذَاته وَاحِدَة لَا تركيب فِيهَا وَلَا تعدد وَأَن صِفَاته الزَّائِدَة هِيَ المتعددة وَهَذَا لَا إِحَالَة فِيهِ بل هُوَ الْحق الَّذِي لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلَا بُد لكل نَاظر من الرُّجُوع وَأَن تخبط إِلَيْهِ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن تفيهم صِفَات الْبَارِي تبارك وتعالى وتقدس وتنزه عَمَّا يَقُول الجاحدون والكافرون علوا كَبِيرا

وَهَذِه الطَّرِيقَة البرهانية تجرى فِي كل صفة يدعى ثُبُوتهَا للباري تَعَالَى وَبعد الإنتهاء إِلَى هَذَا الْمحل ينظر هَل أَوْصَافه أزلية أم لَيست أزلية وَالْحق أَنَّهَا أزلية وَلَا مُحرز أَن يكون شَيْء مِنْهَا حَادِثا إِذْ لَو كَانَ شَيْء من صِفَاته حَادِثا للَزِمَ عَلَيْهِ أَن يكون محلا للحوادث وَيلْزم على ذَلِك حُدُوثه تَعَالَى وَهُوَ محَال على مَا يعرف فِي مَوْضِعه فَإِذا تمهد هَذَا الأَصْل قُلْنَا بعده للمتكلم مَعَه الأقانيم عنْدكُمْ لَا تَخْلُو من أَن ترجع إِمَّا إِلَى صِفَاته النفسية أَو إِلَى صِفَاته المعنوية أعنى الزَّائِدَة على النَّفس وَلَا وَاسِطَة بَين الْقسمَيْنِ فَإِن رددتموها إِلَى الْقسم الأول لزمكم مَا تقدم من المحالات حَذْو النَّعْل بالنعل وَإِن رددتموها إِلَى الْقسم الآخر فلأي معنى قُلْتُمْ فِي حد الأقنوم أَنه الشَّيْء المستغنى بِذَاتِهِ عَن أصل جوهره فِي إِقَامَة خَاصَّة جوهريته وَهل الْمَفْهُوم من هَذَا إِلَّا أَنه صفة نفس لِأَن المستغنى بِذَاتِهِ عَن أصل جوهره هُوَ الَّذِي نعبر نَحن عَنهُ بالقائم بِنَفسِهِ ويعبر عَنهُ غَيرنَا من النظار بالموجود لَا فِي مَوْضُوع

وَأَيْضًا إِن كَانَ أَرَادَ هَذَا الْقَائِل أَن الأقنوم هُوَ الصّفة الزَّائِدَة على الذَّات فَيلْزمهُ أَن يَجْعَل الْأَعْرَاض أقانيم فَإِنَّهَا زَائِدَة على الذَّات

ص: 85

وَمن عَجِيب أمره أَنه ألزم من قَالَ إِن الْعلم والحياة غير الْجَوْهَر الْإِشْرَاك بِهِ وَأي إشراك يلْزم من قَالَ إِن صِفَات الْمعَانِي زَائِدَة على ذَات الْمَوْصُوف بهَا وَكَيف يُمكن أَن يَقُول عَاقل إِن الصّفة الزَّائِدَة على الْجَوْهَر أَنَّهَا عين الْجَوْهَر وَهل قَائِل هَذَا إِلَّا جَاهِل أَو متجاهل

فَتحصل من هَذَا كُله أَن الأقانيم لَا يَصح عِنْدهم أَن تقال على الصِّفَات النفسية وَلَا على الصِّفَات المعنوية وَلَا يعقل هُنَالك أَمر آخر متوسط بَينهمَا فَقَوْلهم فِي الأقانيم غير مَعْقُول فَكَأَنَّهُ قَول مَجْنُون مخبول

ثمَّ نقُول لهَذَا الْقَائِل لأي شَيْء لم تجْعَل الْقُدْرَة من الأقانيم كَمَا ذهب إِلَيْهِ مقدمكم الأقدم وأسقفكم الأزعم أغشتين فَتكون الأقانيم أَرْبَعَة فَإِن قَالَ إِن الْقُدْرَة ترجع إِلَى الْوُجُود كَمَا صرح بذلك بَعضهم فَنَقُول لمن يَقُول ذَلِك وَلم ذَلِك وَهل لَا يرجع الْعلم والحياة إِلَى الْوُجُود وَمَا الْفَصْل بَينهمَا إِلَّا مَحْض التحكم

وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْإِرَادَة ترجع إِلَى الْحَيَاة

قيل لَهُ إِن صَحَّ ذَلِك فَليرْجع إِلَيْهَا الْعلم وَإِن جَازَ شَيْء من ذَلِك فَلْتَرْجِعْ كل وَاحِدَة من هَذِه الصِّفَات إِلَى الْأُخْرَى وَيرجع الْكل إِلَى الْمَوْجُود والوجود هُوَ نفس الذَّات فترجع الأقانيم الثَّلَاثَة إِلَى وَاحِد وَهُوَ محَال على مَا تقدم لكم وَعَلَيْكُم وَيكون هَذَا أَيْضا قولا بإمتزاج الثَّلَاثَة الأقانيم فِي أقنوم وَاحِد كَقَوْل الْخَارِجِي الْجَاهِل شباليش وَأَنْتُم لَا ترْضونَ شَيْئا من قَوْله وَلَا مذْهبه

ثمَّ نقُول لأي شَيْء تحكمتم بِأَن الأقانيم ثَلَاثَة وهلا أضفتم إِلَيْهَا الْقُدْرَة وَالْعلم والسمع وَالْبَصَر كَمَا تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ أَو لَعَلَّهَا اثْنَان وَعدم انتصارهم يدل على ضعف أنصارهم وَلَا حجَّة لَهُم فِي هَذِه المواطن كلهَا أَكثر من التحكم فَيَنْبَغِي إِذن أَن يتَكَلَّم مَعَهم على جِهَة المناقضة والتهكم وغايتهم فِي ذَلِك أَن يرجِعوا إِلَى الإستقراء والتمثيل وهما فِي المعتقدات طَرِيقا الْخَطَأ والتضليل

ثمَّ نقُول هَذِه الأقانيم الثَّلَاثَة قد قُلْتُمْ أَن كل وَاحِد مِنْهَا مستغن بِذَاتِهِ عَن أصل جوهره وَإِذا كَانَ ذَلِك فَأَما أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا

ص: 86

إِلَهًا أَو جُزْء إِلَه أَو يكون مجموعها إِلَهًا وَاحِدًا فَإِن كَانَ جُزْء إِلَه لزم عَلَيْهِ أَن يكون الْإِلَه متركبا متبعضا ويلزمكم على ذَلِك إبِْطَال التَّثْلِيث الَّذِي تَقولُونَ بِهِ ويلزمكم على ذَلِك الإمتزاج الَّذِي ذهب إِلَيْهِ شباليش وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهَا إِلَهًا بإنفراده لزمكم على ذَلِك أُمُور كَثِيرَة مشينة بَاطِلَة مِنْهَا أَن يكون كل وَاحِد من هَذِه الأقانيم حَيا عَالما مرِيدا قَادِرًا مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال إِذْ الْإِلَه هُوَ الْمَوْصُوف بِصِفَات الْكَمَال المتعالى عَن صِفَات النَّقْص فَإِذا الْتزم ذَلِك مُلْتَزم لزم عَلَيْهِ أَن تقوم الصّفة بِالصّفةِ وَإِن جَازَ ذَلِك جَازَ أَن يقوم الْعلم وَالْقُدْرَة بالإرادة والإرادة وَالْقُدْرَة بِالْعلمِ وَالْقُدْرَة وَالْعلم بالحركة وَالْحَرَكَة وَالْقُدْرَة وَالْعلم باللون إِلَى غير ذَلِك من أَنْوَاع الجهالات الَّتِي لَا يبوء بهَا عَاقل وَلَا يرضى بسماعها فَاضل وَإِن جَازَ قيام الصّفة بِالصّفةِ جَازَ أَن يقوم بِالصّفةِ صفة وبتلك الصّفة صفة ويتسلسل وَمَا يتسلسل لم يتَحَصَّل وَيلْزم عَلَيْهِ أَن تكون الأقانيم لَا نِهَايَة لَهَا إِذْ الْعلم يقوم بِهِ حَيَاة وَتلك الْحَيَاة حَيَّة بحياة إِلَى غير آخر وَمِنْهَا أَن تكون الْقُدْرَة قادرة بقدرة وَالْعلم عَالم بِعلم والحياة حَيَّة بحياة إِلَى غير ذَلِك من الصِّفَات وَهَذَا غير مَعْقُول فَإِن الْعلم وَالْقُدْرَة وسائرصفات الْمعَانِي إِنَّمَا توجب أَحْكَامهَا للمحال الَّتِي تقوم بهَا لَا لأنفسها بِالْعلمِ لَا يكون عَالما وَلَا قَادِرًا وَكَذَلِكَ الْقُدْرَة لَا تكون عَالِمَة وَلَا قادرة وَكَذَلِكَ سائرها وَإِنَّمَا الْعَالم والقادر والمريد والحي هُوَ الذَّات الَّذِي تقوم بِهِ هَذِه الصِّفَات وَهَذَا مَعْلُوم من غير أَسبَاب وَلَا أطناب

وَمِنْهَا أَن يكون الْإِلَه صفة لموصوف فَإِن الْمَفْهُوم الْمَعْقُول من هَذِه الأقانيم أَنَّهَا صِفَات لَا موصوفات على مَا تقدم إِلَى أُمُور كَثِيرَة يطول الْكَلَام بذكرها

ثمَّ نرْجِع إِلَى بَقِيَّة التَّقْسِيم فَنَقُول وَإِن لم تكن هَذَا الأقانيم حَيَّة وَلَا عَالِمَة وَلَا قادرة فَلَا تكون إلهية وَقد أطبق النَّصَارَى على أَنَّهَا آلِهَة ويلزمهم أَن لم تكن الأقانيم مَوْصُوفَة بِهَذِهِ الصِّفَات وصفهَا بأضدادها أَو بالإنفكاك عَنْهَا إِن لم يُوصف بحياة وصفت بالإنفكاك عَنْهَا والمنفك عَن الْحَيَاة ميت فَيلْزم عَلَيْهِ أَن يَقُولُوا بآلهة أموات وَكَذَلِكَ يلْزم فِي سَائِر الصِّفَات

ص: 87

وَقد كع الْمصدر بِكَلَامِهِ عَن هَذَا الْإِلْزَام وصعب عَلَيْهِ المرام فَتكلم بِمَا لَا يعقل فليته سكت وَلم يتقول وَبعد الْخبط والتأوه قَالَ هَذَا مَا لَا يجوز لنا بِهِ التفوه وَمن أَرَادَ أَن يقْضِي الْعجب العجاب فليقف على ذَلِك الْكتاب

وتلخيص مَا ذكره فِي الإنفصال أَن قَالَ إِن قُلْنَا إِن الْأَب لَيْسَ يحيا كذبنَا وَإِن قُلْنَا هُوَ الْحَيَاة أبطلنا فَإِذا كَانَ لَيْسَ حَيا وَلَيْسَ بحياة وَجب أَن يكون حَيا بِلَا محَالة وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْعلم والحياة

وَمن أفْضى بِهِ إِلَى هَذَا الهذيان بَحثه ونزاعه فقد تعين تَركه وإنقطاعه وحسبك فِي شَرّ سَمَاعه وَذَلِكَ كُله يدل على أَنهم لَيْسُوا من الْعُقَلَاء وَلَا معدودين من جملَة الْفُضَلَاء بل قد انخرطوا فِي سلك الحمقاء الجهلة الأغبياء فهم قد جعلُوا إلههم هواهم فأضلهم لذَلِك وأرداهم فهم كَمَا قَالَ الله الْعَظِيم فِي مُحكم كِتَابه الْكَرِيم {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ أَو يعْقلُونَ إِن هم إِلَّا كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا}

أما حِكَايَة صَاحب كتاب الْمسَائِل فَكَلَام يدل على أَن الْقَوْم لَيْسَ فيهم مستحي وَلَا عَاقل كابروا الضرورات وجحدوا المعقولات تَارَة يتناقضون وَأُخْرَى يتواقحون إفتراء على الله وإستهانة بحرم الله وحسبك دَلِيلا على ذَلِك إختلافهم فِي البديهيات هُنَالك وَقد وكلت النَّاظر فِيهِ لظُهُور تناقضه وَفَسَاد مَعَانِيه فَإِن غَايَة النَّاظر فِي كَلَامه أَن يلْزمه من الْمحَال والتناقض مثل مَا صرح بإلتزامه وَمن أنكر الضروريات وارتكب المحالات فدار المرضى والمجانين أولى بِهِ وأليق من اشْتِغَاله بالمعقولات

ص: 88