الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم
اعْلَم يَا هَذَا أَنه لَو لم يثبت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْآيَات إِلَّا مَا ثَبت فِي هَذَا الْفَصْل لَكَانَ فِيهِ أعظم دَلِيل على صدق رسَالَته وَصِحَّة نبوته فَإنَّا نعلم بِمَا روى فِي هَذَا الْبَاب من الْآيَات على الْقطع والإصرار أَن دعاؤه عِنْد الله مسموع وَأَن مقَامه عِنْد الله مقَام كريم مَرْفُوع
وَذَلِكَ أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ كلما دَعَا الله فِي شَيْء أَجَابَهُ فِيهِ وَظَهَرت بركَة دَعوته على الْمَدْعُو لَهُ وعَلى أَهله وبنيه حَتَّى كَانَ حُذَيْفَة يَقُول كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا لأحد أَدْرَكته الدعْوَة وَولد وَلَده
وَنحن نذْكر من ذَلِك طرفا على شَرط الإختصار
وَمن حَدِيث أنس الصَّحِيح الْمَشْهُور قَالَ قَالَت أُمِّي يَا رَسُول الله خادمك أنس ادْع الله لَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده وَبَارك لَهُ فِيهِ قَالَ أنس حِين حدث بِهَذَا الحَدِيث فوَاللَّه إِن مَالِي كثير وَإِن وَلَدي وَولد وَلَدي ليتعادون على نَحْو الْمِائَة الْيَوْم
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ أَنه قَالَ وَمَا أعلم أحدا أصَاب من رخاء الْعَيْش مَا أصبت وَلَقَد دفنت بيَدي هَاتين مائَة من وَلَدي لَا أَقُول سقطا وَلَا ولد ولد
وَمن دُعَائِهِ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِالْبركَةِ قَالَ عبد الرحمن فَلَو رفعت حجرا لرجوت أَن أُصِيب تَحْتَهُ ذَهَبا وَفتح الله عَلَيْهِ وَمَات فحفر الذَّهَب من تركته بالفئوس حَتَّى محلت الْأَيْدِي وَأخذت كل زَوْجَة من زَوْجَاته ثَمَانُون ألفا وَكن أَرْبعا وَقيل بل صُولِحَتْ إِحْدَاهُنَّ لِأَنَّهُ طَلقهَا فِي مَرضه على نَيف وَثَمَانِينَ ألفا وَأوصى بِخَمْسِينَ ألفا وَهَذَا كُله بعد صدقاته الفاشية فِي حَيَاته وعوارفه الْعَظِيمَة
أعتق يَوْمًا ثَلَاثِينَ عبدا ووردت لَهُ مرّة عير لَهُ فِيهَا سبع مائَة بعير تحمل من كل شَيْء فَتصدق بهَا وَبِمَا عَلَيْهَا وبأقتابها وأحلاسها
وَمن ذَلِك دعاؤه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بالتمكين فِي الْبِلَاد فنال الْخلَافَة
وَمن ذَلِك دعاؤه صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وَقاص بِأَن يُجيب الله دَعوته فَمَا دَعَا على أحد أَو لأحد إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ
وَمن ذَلِك دعاؤه صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ اللَّهُمَّ أعز الْإِسْلَام بِأحد الرجلَيْن بعمر بن الْخطاب أَو بِأبي جهل بن هِشَام فَأجَاب الله دَعوته فِي عمر بن الْخطاب
وَلذَلِك قَالَ ابْن مَسْعُود مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر بن الْخطاب وَأصَاب النَّاس عَطش شَدِيد فِي سفر من أَسْفَاره فَدَعَا الله فَجَاءَت سَحَابَة فسقتهم حَاجتهم
وَقد تقدم مثل ذَلِك
وَمن ذَلِك حَدِيث الإستسقاء وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ يَوْم الْجُمُعَة يخْطب إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول قد هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل وَهَلَكت الْمَوَاشِي فَادع الله أَن يغثنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أغثنا الله أغثنا الله أغثنا قَالَ فأنشأت سَحَابَة مثل الترس ثمَّ انتشرت قَالَ رَاوِيه فَلَا وَالله مَا رَأينَا الشَّمْس سبتا يَعْنِي جُمُعَة
ثمَّ دخل أَعْرَابِي فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة فَقَالَ يَا رَسُول الله هَلَكت الْمَوَاشِي وانقطعت السبل فَادع الله يمْسِكهَا عَنَّا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ على الآكام والضراب ومنابت الشّجر قَالَ فانجابت السحابة عَن الْمَدِينَة انجياب الثَّوْب فخرجنا نمشي
وَمن ذَلِك أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ للنابغة الْجَعْدِي لَا يفضض الله فَاك فَمَا سَقَطت لَهُ سنّ حَتَّى مَاتَ
وَفِي رِوَايَة كَانَ أحسن النَّاس ثغرا إِذا سَقَطت لَهُ سنّ نَبتَت لَهُ أُخْرَى وعاش عشْرين وَمِائَة
وَقَالَ لِابْنِ عَبَّاس اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين وَعلمه التَّأْوِيل فَكَانَ بَحر الْفِقْه وترجمان الْقُرْآن ودعا لعبد الله بن جَعْفَر بِالْبركَةِ فِي صَفْقَة يَمِينه فَمَا اشْترى شَيْئا إِلَّا ربح فِيهِ ودعا لِلْمِقْدَادِ بن الْأسود بِالْبركَةِ فَكَانَ عِنْده غراير من المَال
ودعا لعروة بن أبي الْجَعْد فَقَالَ لقد كنت أقدم بالكياسة سوق لَهُم فَمَا أرجع حَتَّى أربح أَرْبَعِينَ ألفا
وَقَالَ البُخَارِيّ فَكَانَ لَو اشْترى التُّرَاب ربح فِيهِ وندت لَهُ نَاقَة فَدَعَا ربه أَن يردهَا عَلَيْهِ فجَاء بهَا إعصار ريح حَتَّى ردهَا عَلَيْهِ
ودعا لأم أبي هُرَيْرَة فَأسْلمت ودعا لعلى أَن يكفى ألم الْحر وَالْبرد فَكَانَ يلبس فِي الشتَاء ثِيَاب الصَّيف وَفِي الصَّيف ثِيَاب الشتَاء وَلَا يُصِيبهُ حر وَلَا برد وَسَأَلَهُ الطُّفَيْل بن عَمْرو آيَة لِقَوْمِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ نور لَهُ فسطع لَهُ نور بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ يَا رب أَخَاف أَن يَقُولُوا إِنَّمَا مثلَة فتحول إِلَى طرف سَوْطه فَكَانَ يضئ فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة فَسمى ذَا النُّور
ودعا على مُضر بِالْقَحْطِ فأقحطوا سبعا حَتَّى أكلُوا الْجُلُود وَالْعِظَام حَتَّى استعطفته قُرَيْش فَدَعَا لَهُم فسقوا
ودعا على كسْرَى حِين مزق كِتَابه بِأَن يمزق ملكه فَلم تبْق لَهُ بَاقِيَة
وَقَالَ لرجل رَآهُ يَأْكُل بِشمَالِهِ كل بيمينك فَقَالَ لَا أَسْتَطِيع فَقَالَ لَهُ لَا أستطعت فَلم يرفعها إِلَى فِيهِ بعد
وَقَالَ لعتبة بن أبي لَهب اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك فَأَكله الْأسد
وَحَدِيثه الْمَشْهُور مَعَ مَلأ قُرَيْش وَذَلِكَ أَنه صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ ساجد بِإِزَاءِ الْكَعْبَة إِذْ أَلْقَت قُرَيْش على ظَهره فرثا ودما وسلا جزور نحرت فَقَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْك بهم ثمَّ سماهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَكَانَ من سمى قتل يَوْم بدر
ودعا على الحكم بن أبي العَاصِي وَكَانَ يختلج بِوَجْهِهِ ويغمز عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَلِك فَلم يزل يختلج إِلَى أَن مَاتَ
ودعا على غلم بن جثامه فلفظته الأَرْض فوورى فلفظته الأَرْض ثمَّ وورى فلفظته الأَرْض مرَارًا فألقوه بَين ضدين يُرِيد جَانِبي الْوَادي وَرَضوا عَلَيْهِ بِالْحِجَارَةِ
وَبَاعه رجل فرسا فجحده فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَاذِبًا