الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَجْه الأول
فَنَقُول
أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم
ومتميزون عَنْهُم بِأُمُور يعلمهَا العارفون بالألسنة واللغات وَلَا يَشكونَ فِيهَا
وَمن غالط فِي ذَلِك وَأنْكرهُ فَعَلَيهِ أَن يتَعَلَّم لِسَان الْعَرَب وألسنة غَيرهم حَتَّى يحصل لَهُ الْفرق بَينه وَبَينهَا ذوقا ومشاهدة ضَرُورِيَّة وَتلك الْأُمُور الَّتِي باين بهَا غَيره من الْأَلْسِنَة خفَّة اللَّفْظ على اللِّسَان وعذوبته وسهولة المخارج وَالتَّعْبِير عَن الْمَعْنى الدائر فِي الضَّمِير بأبلغ عبارَة وأوضح تَفْسِير وكما تميز لِسَان الْعَرَب عَن لِسَان غَيرهم كَذَلِك غير لِسَان الْعَرَب فَكَذَلِك تَمْيِيز لِسَان مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأساليب أخر ومناهج لم تكن الْعَرَب قبله تستعملها على نَحْو مَا استعملها هُوَ حَتَّى أَن من لم يعرف كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسَمعه وَكَانَ عَرَبيا يفرق بَينه وَبَين كَلَام غَيره من الفصحاء فَإِنَّهُ يرز على بلاغة البلغاء وينف فِي حكمته على جَمِيع الْحُكَمَاء
وَكَذَلِكَ كَانَت الْعَرَب تَقول لَهُ مَا رَأينَا بِالَّذِي هُوَ أفْصح مِنْك وَهَذِه المناهج الْمَعْرُوفَة فِي كَلَامه إِنَّمَا يعرفهَا على التَّحْقِيق من بَاشر كَلَامه وتتبعه وتفهمه وَكَانَ عَارِفًا بِلِسَان الْعَرَب وكما تميز كَلَامه عَن كَلَام الْعَرَب وَزَاد عَلَيْهِم فَكَذَلِك تميز كَلَام الله عَن كَلَامه بأساليب أخر حَتَّى أَنه كَانَ إِذا تكلم بِكَلَامِهِ أدْرك الْفرق بَينه وَبَين كَلَام الله حِين يتلوه وَيتَكَلَّم بِهِ حَتَّى كَانَ الْعَاقِل الفصيح إِذا سَمعه قَالَ لَيْسَ هَذَا من كَلَام الْبشر وَلَا مِمَّا تقدرون عَلَيْهِ وَسَنذكر مَا نقل إِلَيْنَا عَن فصحائهم لما سمعُوا بِالْقُرْآنِ
فَمن الْوُجُوه الَّذِي بِهِ مايز الْقُرْآن كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَلَام الْعَرَب فَصَاحَته الرائقة وبلاغته الموفقة وجزالته الفائقة حَتَّى تسمع الْكَلِمَة الْوَاحِدَة مِنْهُ تجمع مَعَاني كَثِيرَة مَعَ عذوبة إيرادها وجزالة مساقها وَصِحَّة مَعَانِيهَا مثل قَوْله {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين}