المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فافهم الجواب عنه - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌فافهم الجواب عنه

‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

أعلم يَا هَذَا أَنه لَوْلَا أننا نَخَاف أَن نساعد الْيَهُود على كفرهم وَأَن يحملهم ذَلِك على دوَام الْإِصْرَار وَزِيَادَة العناد لنبهناهم على مَوَاضِع فِي هَذِه الْأَدِلَّة الَّتِي ذكرت يفْسد عَلَيْك لأجل ذَلِك أَكْثَرهَا وَيبْطل عَلَيْكُم الإحتجاج بهَا وَلَو فعلنَا ذَلِك لما كَانَ مِمَّا يقْدَح فِي صِحَة نبوة الْمَسِيح فَإِنَّهَا تثبت بطرق أخر

وَإِنَّمَا يكون ذَلِك دَلِيلا على أَنَّك لَا تحسن الإستدلال وَلَا تعرف طرق المناظرة والجدال وَلَكِن حاشى لله أَن أعين الْيَهُود أولى اللَّعْنَة والعداوة والبغضاء والأحنة على من الْتزم شرعة الْمَسِيح وَركب مِنْهَا الْمنْهَج الصَّحِيح وَكَيف أفعل ذَلِك وَقد أخبرنَا الله على لِسَان نبيه وَرَسُوله بِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُم عالمون بِاللَّه ومصدقون بِمَا جَاءَهُم على لِسَان مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ تَعَالَى {لتجدن أَشد النَّاس عَدَاوَة للَّذين آمنُوا الْيَهُود وَالَّذين أشركوا ولتجدن أقربهم مَوَدَّة للَّذين آمنُوا الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع مِمَّا عرفُوا من الْحق يَقُولُونَ رَبنَا آمنا فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين وَمَا لنا لَا نؤمن بِاللَّه وَمَا جَاءَنَا من الْحق ونطمع أَن يدخلنا رَبنَا مَعَ الْقَوْم الصَّالِحين}

فَهَؤُلَاءِ الَّذين عرفُوا شرعة الْمَسِيح عليه السلام وَعَلمُوا مَا عهد إِلَيْهِ من نعت مُحَمَّد خير الْأَنَام فبادروا لتصديقه وَلم يُمكنهُم الْعُدُول عَن طَرِيقه وَلَوْلَا حُرْمَة هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاء الَّذين كَانُوا مِنْكُم لما بقى ستر الله عَلَيْكُم لَكِن كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يؤخرهم ليَوْم تشخص فِيهِ الْأَبْصَار مهطعين مقنعي رؤوسهم لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم وأفئدتهم هَوَاء}

وَمَعَ هَذَا فَلَا نخلي هَذَا الْبَاب من التَّنْبِيه على نكت تدل على سوء اسْتِدْلَال هَذَا السَّائِل خَاصَّة بعون الله

قلت يَا هَذَا وَالدَّلِيل على أَنه هُوَ أَن الْيَهُود اخْتلفت من سَببه فَصَارَت فرْقَتَيْن على الْكفْر وَالْإِيمَان بِهِ فالفرقة الْكَافِرَة هم الْيَهُود والفرقة المؤمنة هم النَّصَارَى فآمنت طَائِفَة وكفرت طَائِفَة

ص: 178

هَذَا دَلِيل لَيْسَ لَهُ للدلالة على مَجِيء الْمَسِيح من سَبِيل بل هُوَ عين الْمَذْهَب الَّذِي تَدعُونَهُ وَيبقى عَلَيْك الإستدلال عَلَيْهِ وَإِن جَازَ أَن يكون مثل هَذَا دَلِيلا صَحِيحا على مَجِيئه جَازَ أَن يكن نقيضه دَلِيلا على إنتفاء مَجِيئه وَلَا فرق بَين مَا قلت وَبَين مَا يَقُوله الْيَهُودِيّ إِذْ كل وَاحِد مِنْكُم تكلم بِدَعْوَى وَلم يثبتها وَلَا بُد لَك من إِقَامَة دَلِيل فاذكره فَإِن كلامك الأول لَيْسَ بِدَلِيل فَإِن أخذت تستدل بِدَلِيل آخر خلاف مَا ذكرت فقد اعْترفت بِأَن كلامك الأول لَيْسَ بِدَلِيل وانقطعت وَإِن رجعت تستدل بذلك تبين جهلك هُنَالك

فَأنْظر مَا أحسن هَذَا الدَّلِيل فلعمري مَا للمستدل بِهِ من النّظر الْعقلِيّ كثير وَلَا قَلِيل

ثمَّ قلت والكتب أجمع مَعَ كَلَامهم يحتجون بهَا بَعضهم على بعض يَجْتَمعُونَ على ألفاظها وقراءاتها ويختلفون فِي تَأْوِيلهَا كفعلهم إِلَى هَذَا الْمدَّة

تناقضت يَا مخدوع وَلم تشعر وظننت أَنَّك تنتصر فَإِذا بك تستأسر افصحت هُنَا بأنكم يحْتَج بَعْضكُم على بعض ويتضمن ذَلِك أَنكُمْ تحتجون بِالتَّوْرَاةِ عَلَيْهِم وَكَيف يَصح لَك هَذَا مَعَ أَنَّك قد ادعيت أَنَّهَا مَنْسُوخَة بِكِتَابِكُمْ فَإِن قلت إِن هَذَا عَلَيْهِم فِي معرض الْإِلْزَام قيل لَك فَلَا تَأْخُذ من التَّوْرَاة شَيْئا من الْأَحْكَام وَلَا تحكم مِنْهَا على شَيْء بحلال وَلَا حرَام

ثمَّ إِن كلامك هَذَا يفهم مِنْهُ أَنهم يحتجون عَلَيْكُم بكتبهم على أَن الْمَسِيح لم يَجِيء وَإِذا اتّفق أَن يحتجوا عَلَيْكُم بِمثل هَذَا من كتبكم فقد أفحموكم

هَذَا كُله على ظَاهر كلامك وَلم ترو هَذَا الْمَعْنى وَإِنَّمَا أردْت أَن تَقول إِن الْجَمِيع قد اتَّفقُوا على أَلْفَاظ الْكتب وإختلفوا فِي تَأْوِيلهَا وَلم تساعدك الْعبارَة وَهَذَا أَكثر كلامك تُرِيدُ أَن تَقول شَيْئا ثمَّ تعبر عَنهُ بِعِبَارَة تدل على خلاف مَا أردْت وَسبب ذَلِك أَنَّك أدخلت نَفسك فِي شَيْء لم تعرفه وتعاطيت مَا لم تُحسنهُ فَكنت بِمَثَابَة من أَدخل نَفسه فِي شفط ثمَّ جَاءَ آخر فَشد عَلَيْهِ وربط

ص: 179

ثمَّ قلت وَالَّذِي يسْتَدلّ بِهِ للفرقتين على كفر أَحدهمَا أَن نَنْظُر فِي الْكتب إِلَى أَن قلت إِذْ الذلة والأسرة والفرقة عَلامَة الْكَافرين

وهذاالإطلاق لَو علمت مَا يلزمك عَلَيْهِ لاستغفرت إلهك مِنْهُ لكنك جهلت فأطلقت وَحَيْثُ وَجب أَن تمسك أرْسلت وَذَلِكَ أَنه إِن صَحَّ مَا ذكرت فَلَا ذلة وَلَا أسرة وَلَا تَفْرِقَة أبلغ من ذلة من يصفع فِي قَفاهُ وَيجْعَل على رَأسه شوك وَفِي يَده قَصَبَة ويساق للْقَتْل وعَلى عُنُقه خَشَبَة ويصلب وتسمر يَدَاهُ وَرجلَاهُ وينخز وَهُوَ يطْلب مَاء فيرفع إِلَيْهِ إِنَاء خل وَهَذَا كُله بزعمكم وَلَا رُتْبَة فِي المذلة أبلغ من هَذِه فعلى قَوْلك وَسِيَاق دليلك يلزمك تَكْفِير المصلوب وَيحصل لِلْيَهُودِيِّ مِنْكُم الْغَرَض الْمَطْلُوب فَإِن كنت عَاقِلا فثقل كلامك وَلَا يكن عارا عَلَيْك لسَانك وَقد نَصَحْتُك يَا فشكل وَمَا أَظُنك تقبل

وَإِنَّمَا أردْت أَن تَقول فَلم تطاوعك الْعبارَة يَا جهول الدَّلِيل على مَجِيء الْمَسِيح المنتظر أَنه قد ثَبت فِي كتب الْأَنْبِيَاء عليهم السلام أَن الله قَالَ للْيَهُود لَا يزَال ملككم قَائِما وخيركم دَائِما مَا دمتم مُؤمنين حَتَّى تكفرُوا فَإِذا كَفرْتُمْ أزلت ملككم وأبدلتكم مِنْهُ ذلا وصغارا وغضبا ونقمة وَعند ذَلِك أرسل إِلَيْكُم الْمَسِيح وَلَا يشك أحد فِي زَوَال ملك الْيَهُود وإنقطاعه وَفِي نزُول الذلة والمسكنة عَلَيْهِم فَلَا يشك فِي كفرهم وَلَا يشك فِي مَجِيء الْمَسِيح وَأَنَّهُمْ كفرُوا بِهِ وَلَو هَكَذَا قلت لما لزمك شَيْء مِمَّا ألزمت وَهَذَا الدَّلِيل الَّذِي استدللت بِهِ على الْيَهُود إِذا سيق على الطَّرِيقَة الَّتِي ذَكرنَاهَا وَصَحَّ نَقله عَن الْأَنْبِيَاء بطرِيق الْقطع هُوَ حجَّة على الْيَهُود لَا مخرج لَهُم مِنْهَا وَلَا محيص عَنْهَا على أَنه بقى فِيهِ مَوَاضِع للبحث إِذا انفصلت تمّ الدَّلِيل ووضح السَّبِيل

ص: 180