المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْفَصْل الأول إعتقاد الْمُسلمين أما إعتقاد الْمُسلمين فَهُوَ أَن كل مَوْجُود سوى - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌ ‌الْفَصْل الأول إعتقاد الْمُسلمين أما إعتقاد الْمُسلمين فَهُوَ أَن كل مَوْجُود سوى

‌الْفَصْل الأول

إعتقاد الْمُسلمين

أما إعتقاد الْمُسلمين فَهُوَ أَن كل مَوْجُود سوى الله تَعَالَى فَهُوَ مُحدث مَخْلُوق مخترع على معنى أَنه لم يكن مَوْجُودا ثمَّ صَار مَوْجُودا وَأَن لَهُ مُحدثا مَوْجُودا قَدِيما لَا يشبه شَيْئا من الموجودات الْحَادِثَة بل يتعالى عَن شبهها من كل وَجه فَلَيْسَ بجسم وَلَا يحل فِي الْأَجْسَام وَلَا جَوْهَر وَلَا يحل فِي الْجَوَاهِر وَلَا عرض وَلَا تحله الْأَعْرَاض وَأَنه إِلَه وَاحِد لَا شريك لَهُ فِي فعله وَلَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَطوله لَا يَنْبَغِي لَهُ الصاحبة وَلَا الْوَلَد وَلم يكن لَهُ من خلقه كُفؤًا أحد وَأَنه عَالم قَادر مُرِيد حَيّ مَوْصُوف بِصِفَات الْكَمَال من السّمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام وَغير ذَلِك مِمَّا يكون كمالا فِي حَقه وَأَنه منزه عَن صِفَات النَّقْص والقصور وَأَنه يفعل فِي ملكه مَا يُرِيد وَيحكم فِي خلقه بِمَا يَشَاء لَا يفْتَقر إِلَى شَيْء وَإِلَيْهِ يفْتَقر كل شَيْء وَبِيَدِهِ ملك كل جماد وَحي لايجب عَلَيْهِ لمخلوق حق وَتجب حُقُوقه على الْخلق لَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ مَتى وَلَا أَيْن وَلَا لم وَلَا كَيفَ فَلَا يُقَال مَتى وجد وَلَا أَيْن وجد وَلَا كَيفَ هُوَ وَلَا لم فعل {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون}

وَإِن إرْسَال الرُّسُل من أَفعاله الْجَائِزَة وَأَنه قد أرسل الرُّسُل وَأنزل الْكتب وكلف الْخلق وَشرع لَهُم شرائع على أَلْسِنَة رسله وَأَن رسله صَادِقُونَ فِي قَوْلهم ومؤيدون بالمعجزات من عِنْد رَبهم وَأَنَّهُمْ عبيد الله وَرُسُله وَأَنَّهُمْ بشر مثلنَا إِلَّا أَن الله تَعَالَى فَضلهمْ بِأَن جعلهم وَاسِطَة بَينه وَبَين خلقه وأطلعهم على مَا شَاءَ من غيبه وَأَنَّهُمْ بلغُوا عَن الله مَا أمروا بتبليغه وَأَنَّهُمْ كلهم صَادِقُونَ مصدقون لَا نفرق بَين أحد مِنْهُم وَأَن مُحَمَّدًا بن عبد الله بن عبد المطلب الْعَرَبِيّ

ص: 440

الْقرشِي الْهَاشِمِي رَسُول من الله إِلَى النَّاس كَافَّة بشير وَنَذِيرا وَأَن الله تَعَالَى أيده بالمعجزات على صدقه كَمَا فعل بالرسل من قبله

وَأَن شَرعه وإجابته لازمان لكل من بلغته دَعوته حَيْثُ كَانَ من أقطار الأَرْض وجهاتها وعَلى أَي دين كَانَ من أديانها

لَا يقبل مِمَّن كفر بِهِ يَوْم الْقِيَامَة مَا هُوَ عَلَيْهِ من دين بل يكون مخلدا فِي الْعَذَاب أَبَد الآبدين كَمَا أَن الْمُؤمن بِهِ وَبِكُل مَا جَاءَ بِهِ مخلد فِي الْجنَّة أَبَد الآبدين

وَأَن شَرعه نَاسخ لكل الشَّرَائِع الْمُتَقَدّمَة على الْجُمْلَة وهادم مَا قبله من الْأَحْكَام السالفة وَأَن كل مَا جَاءَ بِهِ عَن الله حق من الْعَذَاب والحشر والنشر بعد الْمَوْت والصراط وَالْمِيزَان والحوض والمحاسبة وشفاعة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأهل الْموقف وَلأَهل الْكَبَائِر من أمته خَاصَّة

وَالْجنَّة وَنَعِيمهَا وَالنَّار وعذابها وأنهما محسوسان ليسَا معنويين وَأَن خُلُود أهل الْجنَّة سرمد وَعَذَاب أهل النَّار الْكَافرين سرمد وَلَا إنقطاع لوَاحِد مِنْهُمَا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مفصل فِي الشَّرِيعَة مِمَّا يعرفهُ أَهله وَلَا يسعهم جَهله

وَهَذِه قَوَاعِد إعتقاد أهل الْإِسْلَام مُجَرّدَة عَن أدلتها ومقتضبة من شواهدها إِذْ مَا مِنْهَا قَاعِدَة إِلَّا ويعضدها برهَان عَقْلِي لَا يشك فِيهِ عَاقل وَدَلِيل سَمْعِي لَا يُنكره فَاضل وَمن أَرَادَ تعرف ذَلِك طلبه من موَاضعه وَأما مستندات أحكامهم فَهِيَ كتاب الله وَسنة رَسُول الله لَا يعدلُونَ لمحة عَنْهَا وَلَا يخرجُون لَحْظَة مِنْهَا إِلَّا أَن وُجُوه إستدلالاتهم لَا يُحِيط بهَا متطفل عَلَيْهَا لكثرتها ولنقاوة درجاتها

فَإِن كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله لَا يسْتَدلّ بهما من لَا يعرف منظوم اللَّفْظ وَمَفْهُومه وفحواه ومعقوله وَيعرف من المنظوم النَّص وَالظَّاهِر والمؤول والمحمل والعموم وَالْخُصُوص والإستثناء وَالْمُطلق والمقيد وَيعرف من الْمَفْهُوم أَحْكَامه وأقسامه وَكَذَلِكَ من الفحوى والمعقول على مَا هُوَ مَعْرُوف فِي علم الْأُصُول الَّذِي هُوَ علم خَاص بِأمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بل هُوَ من كرامات أهل الْإِسْلَام

ص: 441

إِذْ لَيْسَ فِي مِلَّة من الْملَل الْمُتَقَدّمَة من التَّحْقِيق مَا عِنْدهم وَلَا اجْتمع لأحد قبلهم من الْعُلُوم مثل الَّذِي اجْتمع لَهُم

ذَلِك بِأَنَّهُم آخر الْأُمَم وكتابهم آخر الْكتب وأفضلها ورسولهم آخر الرُّسُل وأفضلهم ولسانهم أحكم الْأَلْسِنَة وأفصحها على مَا يعرفهُ من تصفح شريعتهم وَعرف لغتهم وَنظر إِلَيْهَا بِعَين الْإِنْصَاف وَترك طَرِيق التعصب والإعتساف فالحمدلله على مَا أولاه {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله لقد جَاءَت رسل رَبنَا بِالْحَقِّ}

وَمِمَّا يبين للعاقل حسن شَرِيعَة الْإِسْلَام وجمال طريقتها إِنَّهَا مَبْنِيَّة على مُرَاعَاة مصَالح الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وإتمام مَكَارِم الْأَخْلَاق الْحَسَنَة

أما بَيَان مصَالح الْآخِرَة فَهُوَ أَن هَذَا الشَّرْع يبين وجوهها وَلم يغْفل شَيْئا مِنْهَا بل فَسرهَا وأوضحها غَايَة الوضوح لِئَلَّا يجهل شَيْء مِنْهَا فوعد بنعيمها وتوعد بعذابها بِخِلَاف الشَّرَائِع الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهَا إِنَّمَا كَانَت تتوعد على الْمُخَالفَة بعقاب دُنْيَوِيّ كَمَا فعل بنوا إِسْرَائِيل غير مرّة وتوعد بِثَوَاب دُنْيَوِيّ وَلم يبين لَهُم شَيْء مِمَّا بَين لنا على مَا يَقْتَضِيهِ نسق التَّوْرَاة إِذْ لَيْسَ فِيهَا ذكر جنَّة وَلَا نَار إِلَّا تَنْبِيهَات قَليلَة وَكَذَلِكَ الْإِنْجِيل لَيْسَ فِيهِ شَيْء من ذَلِك إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ

وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ تعبدنا بعبادات مَحْضَة ذَوَات فعال وأركان كَالصَّلَاةِ وَالْحج وَغير ذَلِك وكل ركن من أَرْكَانهَا فالمقصود بِهِ تَعْظِيم الله تَعَالَى وخضوع لَهُ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن حَتَّى تُؤدِّي كل جارحة من الْجَوَارِح حظها من تَعْظِيم الله تَعَالَى مَعَ مَا ينضاف إِلَى ذَلِك من الْمعَانِي الشَّرِيفَة والأدعية الرفيعة الفصيحة الَّتِي يعرف مَعَانِيهَا أَهلهَا حسب مَا فسروه فِي كتبهمْ وَلَيْسَ كَمَا تَقولُونَ أَنْتُم فِي صَلَاتكُمْ

يَا أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاء

ص: 442

فَإِن ظَاهر هَذَا مستبشع فِي الْعرف محَال فِي الْعقل أما استبشاعه فِي الْعرف فَإِنَّهُ يقبح بِالْعَبدِ أَن يُخَاطب سَيّده بِلَفْظ الْأُبُوَّة

هَذَا مَعَ أَن معنى الْأُبُوَّة جَائِز فِي حقوقنا فَكيف لَا يقبح إِطْلَاقه فِي حق من لَا تجوز الْأُبُوَّة فِي حَقه فإطلاق مثل هَذِه اللَّفْظ فِي حق الله تَعَالَى يَنْبَغِي أَلا يجوز وَلَا يُطلق وَأما إحالته فِي الْعقل فَإِن ظَاهر قوكم فِي السَّمَاء يفهم مِنْهُ أَن السَّمَاء مُحِيط بِهِ وَإِن جَازَ ذَلِك جَازَ أَن يكون جسما وَأَنْتُم تأبون ذَلِك وَهُوَ محَال فِي حَقه تبارك وتعالى

وَكَذَلِكَ قَوْلكُم فِي بَقِيَّة هَذَا الدُّعَاء

وَعجل لنا خبزنا الدَّائِم واغفر لنا كَمَا يغْفر بَعْضنَا لبَعض فَإِنَّهُ لفظ مستثقل مستقبح وَمَعْنَاهُ مستغث مسترك وَلَوْلَا خوف التَّطْوِيل لأبدينا مَا يحْتَمل ذَلِك من قَبِيح التَّأْوِيل

فَإِن قُلْتُمْ هَكَذَا علمنَا عِيسَى فِي الْإِنْجِيل فَقَالَ لنا إِذا صليتم فَقولُوا قُلْنَا لَا نسلم أَن هَذَا مِمَّا علمه عِيسَى وَلَا مِمَّا جَاءَ بِهِ بل هُوَ إختراع من لَا يحسن مَا يَقُول وَلَيْسَ لَهُ إِلَى المعارف وُصُول

وَقد تقدم أَن كتابكُمْ قَابل للتحريف والتصحيف فَهَذَا الَّذِي ذكرنَا يُنَبه على الْمصَالح الأخروية وَأما الْمصَالح الدُّنْيَوِيَّة فقد بَينا أَن مَقْصُود شرعنا حفظ الْأَدْيَان والنفوس وَالْأَمْوَال والأنساب والأعراض والعقول وَلأَجل ذَلِك شرع الْقَتْل والديات والعقوبات وَحرم السّرقَة والخيانة وَجَمِيع وُجُوه أكل المَال بِالْبَاطِلِ وَحرم الزِّنَا وَفعل اللوطى وَغير ذَلِك من الْفَوَاحِش

وَكَذَلِكَ حرم الْغَيْبَة والنميمة وَالْقَذْف والبهتان والزور وَجَمِيع أَصْنَاف الْكَذِب والغش وَالْخداع وَالْمَكْر إِلَى غير ذَلِك من أَنْوَاع الْمَفَاسِد

وَلأَجل ذَلِك أَيْضا حرم الْخمر فَإِنَّهَا تذْهب الْعقل الَّذِي هُوَ منَاط التَّكْلِيف وَبِه يعرف الْبَارِي تبارك وتعالى وَالسكر آفَة تناقضه وتضاده فَهَذِهِ الْأُمُور كلهَا مَحْفُوظَة بالحدود والزواجر المشاكلة للعقوبات الثَّابِتَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِمَّا بِالْكتاب وَإِمَّا بِالسنةِ وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا مَوْضُوعا بالتشهي والتحكم كَمَا فَعلْتُمْ أَنْتُم

ص: 443

وَقد بَينا ذَلِك بمستنده للشارع وَلَا نعدل عَنهُ طرفَة عين بل نقف عِنْد مَا أَمر وننتهي عَمَّا نَهَانَا وَيعرف ذَلِك على التَّفْصِيل أَهله وَمن وقف عَلَيْهِ من الْعُقَلَاء المنصفين

وَأما مَكَارِم الْأَخْلَاق الَّتِي تضمنها شرعنا فَلَا تخفى على متأمل

وَذَلِكَ أَن شرعنا أمرنَا بهَا ظَاهرا وَبَاطنا ونهانا عَن رذائلها وسفسافها فَمن المكارم الظَّاهِرَة النَّظَافَة وَالطَّهَارَة والتنزه عَن الأقذار والأوساخ فَمن النَّظَافَة تَطْهِير الثِّيَاب والأبدان فَإِنَّهَا يَنْبَغِي أَن تنزه عَن الأقذار مثل الْبَوْل وَالْغَائِط والمنى والمذى وَالدَّم والقيح وَمَا شاكل ذَلِك

وَمن النَّظَافَة أَيْضا التَّطَيُّب وتحسين الْهَيْئَة فالطيب لَا يخفى على عَاقل اسْتِعْمَاله وَكَذَلِكَ تَحْسِين الْهَيْئَة وَمن تَحْسِين الْهَيْئَة قصّ الشَّارِب وإعفاء اللِّحْيَة فَقص الشَّارِب لتتأتى النَّظَافَة فِي الْأكل إِذْ لَا تتأتى مَعَ طوله إِذْ يدْخل الشّعْر فِي الْفَم وينغص الْأكل ويقذره

هَذَا مَعَ مَا يلْحق الشَّارِب من قذارة المخاط إِذْ كَانَ الشَّارِب كَبِيرا وَمَعَ ذَلِك فَلَا يحلق عندنَا كُله ويمحق رسمه فَإِن ذَلِك مثله وتشويه وَكَذَلِكَ اللحي إِذا حلقت فَيَنْبَغِي أَن توفر توفيرا لَا يخل بمروءة الْإِنْسَان وَلَا يخرج عَن عَادَة النَّاس وَخير الْأُمُور أوساطها

وَأما حلق اللِّحْيَة فتشويه ومثلة لَا يَنْبَغِي لعاقل أَن يَفْعَلهَا بِنَفسِهِ

وَالْعجب من جهل النَّصَارَى بالشرائع وَبِمَا يستحسنه ذووا المروءات فَإِنَّهُم يحلقون لحاهم ويشوهون أنفسهم ويوفرون غلوفتهم الَّتِي يَنْبَغِي أَن تزَال لما فِي إِزَالَتهَا من الْفَوَائِد على مَا ذكرنَا من النَّظَافَة الْمَأْمُور بهَا تقليم الْأَظْفَار ونتف الْإِبِط وَحلق الْعَانَة وَغسل البراجم والمغابن بِالْمَاءِ وَهَذَا كُله من شرعنا مُبَالغَة فِي النَّظَافَة ومحافظة على مَكَارِم الْأَخْلَاق وعَلى عَادَة ذَوي الْعُقُول والمروءات

وَأما التَّنَزُّه عَن الأقذار فَإِنَّهُ حرم علينا الْخَبَائِث من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير والأنجاس كلهَا على مَا تَقْتَضِيه عَادَة الْعُقَلَاء والمروءات وأمرنا بِأَكْل الطَّيِّبَات وإستعمال المستحسنات ونهانا عَن السَّرف والتبذير

ص: 444

وَلأَجل هَذَا نَهَانَا عَن إستعمال أواني الذَّهَب وَالْفِضَّة وَعَن لِبَاس الْحَرِير للذكور وَذَلِكَ لما فِيهِ من التبذير والسرف

وَأَيْضًا فَإِن فِيهِ ترفها يُنَاسب ترفه أهل الْجنَّة ويشبهه وَلَا يَنْبَغِي أَن يفعل ذَلِك وَلأَجل ذَلِك قَالَ نَبينَا عليه السلام من شرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لم يشرب بهَا فِي الْآخِرَة وَمن لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة

وَهَذَا كُله لِأَن الدُّنْيَا دَار عمل وَالْآخِرَة دَار جَزَاء وَلأَجل ذَلِك قَالَ الْحُكَمَاء الدُّنْيَا قنطرة فاعبروها وَلَا تتعمروها فَهَذِهِ نبذة من النَّظَافَة الطاهرة وأحكامها كَثِيرَة تعرف فِي موَاضعهَا

وَأما النَّظَافَة الباطنية فترجع إِلَى التخلي عَن مَذْمُوم الْأَخْلَاق والتحلي بمحامدها ومستحسنها وَهِي كَثِيرَة فلنذكر الْأَخْلَاق المذمومة الَّتِي يتنظف مِنْهَا وَبعدهَا نذْكر الْأَخْلَاق المحمودة الَّتِي يَنْبَغِي الإتصاف بهَا

أما الْأَخْلَاق المذمومة فكثيرة لَكِن أمهاتها مَا نذكرهُ وَهِي الْغَضَب والحسد وَالْبخل ومهانة النَّفس ودناءتها والرعونة وَحب الجاه وَحب الدُّنْيَا الَّذِي مِنْهُ كل خَطِيئَة وَالْكبر وَالْعجب والرياء إِلَى غير ذَلِك من الْأَخْلَاق المذمومة الَّتِي من اتّصف بهَا كَانَ منجس الْبَاطِن بِمَثَابَة من كَانَ مُتَنَجّس الظَّاهِر فَعَلَيهِ تنظيفه

إِلَّا أَن نظافة النَّجَاسَة الظَّاهِرَة بِالْمَاءِ ونظافة النَّجَاسَة الْبَاطِنَة بالإتصاف بالأخلاق المحمودة الَّتِي هِيَ التَّوْبَة من الْمعاصِي وَحسن الصُّحْبَة مَعَ الْخلق والنصيحة لَهُم وَالْعدْل فِي الْأُمُور كلهَا والتواضع وكرم النَّفس وبغض الدُّنْيَا والزهد فِيهَا وَالْإِخْلَاص وَالْخَوْف وَالصَّبْر وَالشُّكْر والصدق والتوكل ومحبة الله تَعَالَى ومحبة رسله

إِلَى غير ذَلِك من الْأَوْصَاف المحمودة الَّتِي من اتّصف بهَا فقد تتقي من أَوْصَاف البشرية وتطهر الطَّهَارَة المعنوية

ص: 445

فَهَذِهِ أنموذج وقانون يعرف الْعَاقِل الْمنصف بِهِ حسن شريعتنا وجمال طريقتنا وَأَنَّهَا جَارِيَة على نهج الْعُقُول ومستحسنه عِنْد من لَهُ محصول وَمن أَرَادَ أَن يتَبَيَّن محَاسِن شريعتنا على التَّفْصِيل فَلَا يصل إِلَى ذَلِك إِلَّا ببحث كثير وَتَطْوِيل

فَإِن وقف فأمعن النّظر وأستدت مِنْهُ الْكفْر قضى من عجائبها كل عجب وَعلم على الْقطع والبتات أَنَّهَا حق من الله من غير شكّ وَلَا ريب وَأَن الَّذِي جَاءَ بهَا لَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط وَلَا الْكَذِب

فها نَحن معشر الْمُسلمين قد أرصدنا شريعتنا للإستعراض ونادينا عَلَيْهَا فِي سوق الإعتراض لِئَلَّا يعْتَرض أحد أَو يُعَارض فيدمغه ناقد لقَوْله وحافظ وَلم نكل حكايتها إِلَى غبي غافل عَن مَقَاصِد شرعنا جَاهِل

وَقد آن أَن نذْكر مَا اعْترض بِهِ النَّصَارَى على ديننَا ونتصل عَنهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَعند ذَلِك يتَبَيَّن صميم جهلهم وَسُوء صنيعهم وفعلهم

ص: 446