الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمَّ قَالَ ادْع عشرَة فدعوتهم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثمَّ لم يزل كَذَلِك حَتَّى أطْعم الْجَيْش كُله وَقَالَ لي خُذ مَا جِئْت بِهِ فَأخذت فَأكلت مِنْهُ وأطعمت حَيَاته وحياة أبي بكر وَعمر إِلَى أَن قتل عُثْمَان فانتهب مني فَذهب قد قيل أَن ذَلِك التَّمْر إِنَّمَا كَانَ بضع عشرَة تَمْرَة
وَالْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة يطول الْكتاب بنقلها على أَنه لَا يجهل شَيْء مِنْهَا بل هِيَ عندنَا مَعْرُوفَة منقوله مَشْهُورَة مَوْصُوفَة
وَهَذَا النَّوْع من المعجزات هُوَ من قبيل مَا نقلت النَّصَارَى عَن عِيسَى عليه السلام فِي الْإِنْجِيل وَذَلِكَ أَنهم زَعَمُوا أَنه أطْعم من خمس خبز وحوتين خَمْسَة آلَاف رجل سوى النِّسَاء وَهَذَا أَيْضا من قبيل مَا ثَبت أَن مُوسَى عليه السلام أطْعم بني إِسْرَائِيل بالمفاز الْمَنّ والسلوى
فَإِن اعترضت الْيَهُود أَو النَّصَارَى على هَذَا النَّوْع من معجزات نَبينَا عليه السلام عارضناهم بذلك فِي معجزات أَنْبِيَائهمْ وَبِالَّذِي ينفصلون عَن ذَلِك بِهِ بِعَيْنِه ننفصل عَن معجزات نَبينَا
وَعند الْوُقُوف على هَذِه الْفُصُول تعلم أَن نَبينَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أعطَاهُ الله عز وجل من المعجزات مثل مَا كَانَ أعْطى الْأَنْبِيَاء قبله وزاده على ذَلِك وسنزيد هَذَا وضوحا حَتَّى يتَبَيَّن كَون المعاند الجاحد جَاهِلا وقيحا
الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ
وَهَذَا الْفَصْل بكثر حكاياته وتتسع رواياته لِكَثْرَة عدد ماروى فِي ذَلِك وَصِحَّة مَا اتّفق هُنَالك وَهَذَا الْفَصْل نَوْعَانِ
النَّوْع الأول
قد وَردت الْأَخْبَار وَنقل عَن الْأَئِمَّة الْعُدُول الأخيار أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بعض غَزَوَاته فدنى مِنْهُ أَعْرَابِي فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِي أَيْن تُرِيدُ فَقَالَ أَهلِي فَقَالَ لَهُ هَل لَك فِي خير مِنْهُم قَالَ مَا هُوَ قَالَ تشهد أَن لَا إِلَه إِلَى الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ
وَمن يشْهد لَك على صِحَة مَا تَقول قَالَ هَذِه الشَّجَرَة لشَجَرَة بشاطئ الْوَادي فادعها فَإِنَّهَا تجيبك قَالَ فدعوتها فَأَقْبَلت تخد الأَرْض حَتَّى وقفت بَين يَدَيْهِ فاستشهدها ثَلَاثًا فَشَهِدت أَنه كَمَا قَالَ ثمَّ رجعت إِلَى مَكَانهَا
وَقد روى هَذَا الحَدِيث عَن بُرَيْدَة وَزَاد قَالَ فمالت الشَّجَرَة عَن يَمِينهَا وشمالها وَبَين يَديهَا وَخَلفهَا فتقطعت عروقها ثمَّ جَاءَت تجر عروقها مغبرة حَتَّى وقفت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَقَالَ الْأَعرَابِي مرها فَلْتَرْجِعْ إِلَى هيئتها فَأمرهَا فَرَجَعت فدلت عروقها حَيْثُ كَانَت واستوت فَآمن الْأَعرَابِي وَقَالَ ائْذَنْ لي اسجد لَك فَقَالَ لَهُ عليه السلام لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لبعلها قَالَ فائذن لي أَن أقبل يَديك ورجليك فَأذن لَهُ
وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه ظَهرت على يَدَيْهِ مثل هَذِه المعجزة مَرَّات وطرقها صِحَاح بل مِنْهَا مَا هُوَ متواتر على مَا حَكَاهُ أهل النَّقْل فقد روى أَنه طافت بِهِ شَجَرَة ثمَّ رجعت إِلَى منبتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا اسْتَأْذَنت أَن تسلم
وَكَذَلِكَ سَأَلَ ربه أَن يَجْعَل لَهُ آيَة فَقَالَ انظلق إِلَى مَوضِع كَذَا فَإِن بِهِ شَجَرَة فَادع مِنْهَا غصنا فَإِنَّهُ يَأْتِيك فَفعل فجَاء يخط الأَرْض حَتَّى انتصب بَين يَدَيْهِ فحبسه مَا شَاءَ الله أَن يحْبسهُ ثمَّ قَالَ لَهُ ارْجع كَمَا كنت فَرجع
وَكَذَلِكَ روى عَنهُ من طرق صِحَاح أَنه خرج يَوْمًا ليقضى حَاجته فَلم يجد بِمَا يسْتَتر وَإِذا بشجرتين بشاطئ الْوَادي فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا وَقَالَ لَهَا انقادي على بِإِذن الله فانقادت مَعَه كالبعير الْمُذَلل ثمَّ فعل بِالْأُخْرَى مثل ذَلِك وَقَالَ التئما على فالتئما فَلَمَّا قضى حَاجته قَالَ جَابر فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مقبل والشجرتان قد افترقتا فَقَامَتْ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على سَاقهَا