الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَكِن بطرس وبولس وَيَعْقُوب وأتباعهم غيروا كَلَام الْمَسِيح نَفسه وَجعلُوا النَّصْرَانِيَّة دينا عالميا لَا على كَلَام الْمَسِيح السَّابِق ذكره بل على أَن عِيسَى هُوَ كَانَ النَّبِي المنتظر وَمَا عرفُوا أَنه هُوَ إِلَّا بعد قَتله وصلبه كَمَا يَزْعمُونَ وعَلى أَن الْإِنْجِيل شَرِيعَة يجب التَّعَبُّد على أَحْكَامهَا وعَلى أَن عِيسَى خَاتم النبييين وَلَا نَبِي من بعده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَغير خَافَ مِمَّا قدمنَا على ذِي بَصِيرَة أَنهم اتَّفقُوا لكراهيتم للْعَرَب أَبنَاء إِسْمَاعِيل عليه السلام أَن يخضعوا لأحكامهم وَأَن لَا يكون لَهُم فضل فِي دولتهم وَإِلَّا لما تفادوا مَجِيء النَّبِي الْآتِي مِنْهُم من قبل مَجِيئه وطبقوا النبواءات على وَاحِد من بني إِسْرَائِيل لقد فكر الْيَهُود فِي عالمية الدعْوَة ثَانِيًا فِي شكل النَّصْرَانِيَّة ليكسبوا أنصارا جددا يقاومون بهم الْعَرَب إِذا ظهر النَّبِي مِنْهُم وانضم حوله الأتباع من كل جنس وَلِأَنَّهُم يخزون إِذا رجعُوا إِلَى الأَصْل تظاهر مِنْهُم من تظاهر بالإخلاص للمسيح وَعمِلُوا العالمية فِي شخصه لِأَنَّهُ مِنْهُم وَأَتْبَاعه بِالضَّرُورَةِ سيكونون للْيَهُود {بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} الْمَائِدَة 51 لِأَن الأناجيل مَبْنِيَّة على كتاب التَّوْرَاة وأسفار الْأَنْبِيَاء
ولنبين الْأَمريْنِ هُنَا فَنَقُول
أَولا النبوءات
يحْكى هَذَا السّفر أَن بطرس تلميذ عِيسَى عليه السلام الَّذِي لما نصحه بِعَدَمِ دُخُول أورشليم خوفًا عَلَيْهِ من الْيَهُود الْتفت وَقَالَ لبطرس اذْهَبْ عني يَا شَيْطَان أَنْت معثرة لي لِأَنَّك لَا تهتم بِمَا لله لَكِن بِمَا للنَّاس بطرس هَذَا هُوَ أول من خطب فِي النَّصَارَى وَكَانَ عدتهمْ يَوْمئِذٍ نَحْو مئة وَعشْرين مُبينًا أَن نبوءات التَّوْرَاة وأسفار الْأَنْبِيَاء يجب أَن تطبق على عِيسَى عليه السلام حَتَّى لَا ينْتَظر النَّاس نَبيا من بعده سَوَاء كَانَ آيتا من الْيَهُود كَمَا يدعى الْيَهُود أَو كَانَ آتِيَا من بني إِسْمَاعِيل كَمَا يَقُول الْعَرَب وَعِيسَى ابْن مَرْيَم نَفسه
وَفِي الْخطْبَة الثَّانِيَة لبطرس وَهِي فِي الإصحاح الثَّانِي من هَذَا السّفر يواجه الْيَهُود بِأَن دَاوُود عليه السلام قَالَ فِي سفر الزبُور عَن النَّبِي المنتظر إِن الله سيضع أعداءه تَحت قَدَمَيْهِ وَنحن نعلم أَن
عِيسَى لم يضع أعداءه تَحت قَدَمَيْهِ فَكيف نطبق هَذِه النُّبُوَّة عَلَيْهِ قَالَ بطرس لنقل أَن عِيسَى لم يمت لنقل أَنه وَإِن رفع مَا يزَال حَيا ولسوف يرجع ليحارب أعداءه وينتصر عَلَيْهِم ويضعهم تَحت قَدَمَيْهِ وَالدَّلِيل على أَنه حَيّ أَنه لما قتل وَوضع فِي الْقَبْر ردَّتْ إِلَيْهِ الرّوح وانتصر على الْمَوْت وَصعد إِلَى السَّمَوَات الْعلي وَمن كَانَ شَأْنه هَكَذَا فَلَا يستبعد مِنْهُ الرُّجُوع ثَانِيَة إِلَى الدُّنْيَا ليدين الْأَحْيَاء والأموات وَمَا يزَال النَّصَارَى إِلَى الْيَوْم يَعْتَقِدُونَ فِي نزُول الْمَسِيح لينتصر على أعدائه ويزعمون أَنه فِي غيبَة وَالْملك لَهُ سيرجع كَمَا كَانَ ملك دَاوُود وَسليمَان عليهما السلام فِي الزَّمَان الْقَدِيم لقد عقد مُقَارنَة بَين دَاوُود وَعِيسَى فِي أَمريْن إثنين هما 1 الْملك 2 وَالْمَوْت فَقَالَ كَانَ دَاوُود ملكا وَمَات وَقبل مَوته تنبأ عَن عِيسَى الَّذِي سَيكون ملكا قبل مَوته أَي موت عِيسَى وَحَيْثُ أَن عِيسَى مَاتَ من قبل أَن يكون ملكا إِذن هُوَ فِي غيبَة وسيرجع حسب تنبوء دَاوُود نَفسه وَلَقَد كذب بطرس والحاكي عَن بطرس بِشَهَادَة الْمَسِيح نَفسه ذَلِك لِأَن بطرس اسْتدلَّ بقول دَاوُود عَن النَّبِي المنتظر قَالَ الرب لرَبي اجْلِسْ عَن يَمِيني حَتَّى أَضَع أعداءك موطئا لقدميك زاعما أَن دَاوُود يُشِير إِلَى عِيسَى عليه السلام مَعَ أَن عِيسَى عليه السلام كَمَا سبق أَن بَينا قَالَ أَن الَّذِي يُشِير إِلَيْهِ دَاوُود لَيْسَ من الْيَهُود عُمُوما لِأَنَّهُ عبر عَنهُ بسيده والإبن لَا يكون سيدا لِأَبِيهِ وَفِي هَذِه الْخطْبَة جهر بطرس بِأَن عِيسَى عليه السلام رَبًّا ومسيحا من قبل أَن يجْهر بولس وَمن كَلَام بطرس فِي هَذِه الْخطْبَة أَيهَا الرِّجَال الْأُخوة يسوغ أَن يُقَال لكم جهارا عَن رَئِيس الْآبَاء دَاوُود أَنه مَاتَ وَدفن فِي قَبره عندنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْم فَإِذا كَانَ نَبيا وَعلم أَن الله حلف لَهُ بقسم أَنه من ثَمَرَة صلبه يُقيم الْمَسِيح حسب الْجَسَد ليجلس على كرسيه سبق فَرَأى وَتكلم عَن قِيَامَة الْمَسِيح أَنه لم تتْرك نَفسه فِي الهاوية وَلَا رأى جسده فَسَادًا فيسوع هَذَا أَقَامَهُ الله نَحن جَمِيعًا شُهُودًا لذَلِك وَإِذا ارْتَفع بِيَمِين الله وَأخذ موعد الرّوح الْقُدس من الآب سكب هَذَا الَّذِي تبصرونه وتسمعونه لِأَن دَاوُود لم يصعد إِلَى السَّمَوَات وَهُوَ نَفسه يَقُول قَالَ الرب لرَبي اجْلِسْ عَن يَمِيني حَتَّى أَضَع أعداءك موطئا لقدميك فَليعلم يَقِينا جَمِيع بَيت إِسْرَائِيل أَن الله جعل يسوع هَذَا الَّذِي صلبتموه أَنْتُم رَبًّا ومسيحا ألخ
وَفِي الْخطْبَة الثَّالِثَة لبطرس وَهِي فِي الإصحاح الثَّالِث من سفر الْأَعْمَال يطبق كَلَام مُوسَى فِي الْأَسْفَار الْخَمْسَة عَن نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم على عِيسَى عليه السلام يَقُول للْيَهُود لقد قَامَ عِيسَى من الْأَمْوَات وَغَابَ عَن الدُّنْيَا وسيرجع ليملك عَلَيْكُم وعَلى الْعَالم ويؤسس مملكة لن تنقرض أبدا ولماذا لَا يرجع ومُوسَى وعد بِنَبِي على مِثَاله لَيْسَ هُوَ غير يسوع الْمَسِيح وَلَقَد كذب بطرس والحاكي عَن بطرس فَإِن مُوسَى لما وعد بِنَبِي على مِثَاله قَالَ أَيْضا لن يكون مثلي فِي بني إِسْرَائِيل فَكيف يكون المماثل لمُوسَى يسوع الْمَسِيح وَهُوَ من بني إِسْرَائِيل وَمن كَلَام بطرس فِي هَذِه الْخطْبَة والآن أَيهَا الْأُخوة أَنا أعلم أَنكُمْ بِجَهَالَة عملتم كَمَا رؤساؤكم أَيْضا وَأما الله فَمَا سبق وأنبأ بِهِ بأفواه جَمِيع أنبيائه أَن يتألم الْمَسِيح قد تممه هَكَذَا فتوبوا وَارْجِعُوا لتمحي خطاياكم لكَي تَأتي أَوْقَات الْفرج من وَجه الرب وَيُرْسل أَي الله يسوع الْمَسِيح المبشر بِهِ لكم قبل الَّذِي يَنْبَغِي أَن السَّمَاء تقبله إِلَى أزمنة رد كل شَيْء الَّتِي تكلم عَنْهَا الله بِفَم جَمِيع أنبيائه القديسين مُنْذُ الدَّهْر فَإِن مُوسَى قَالَ للآباء أَن نَبيا مثلي سيقيم لكم الرب إِلَهكُم من إخواتكم لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كل مَا يكلمكم بِهِ وَيكون أَن كل نفس لَا تسمع لذَلِك النَّبِي تباد من الشّعب وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء أَيْضا من صموئيل فَمَا بعده جَمِيع الَّذين تكلمُوا سبقوا وأنبأوا بِهَذِهِ الْأَيَّام أَنْتُم أَبنَاء الْأَنْبِيَاء والعهد الَّذِي عَاهَدَ بِهِ الله آبَاءَنَا قَائِلا لابراهيم وبنسلك تتبارك جَمِيع قبائل الأَرْض الخ
لقد تعسف بطرس فِي تَأْوِيل النبوءات تعسفا ممقوتا خرج بِهِ عَن الْوَاقِع الْحَقِيقِيّ فَمن ذَا الَّذِي يصدق أَن عِيسَى بعد قَتله دخل النَّار ثمَّ خرج من النَّار حَيا ليجلس فِي السَّمَاء ومؤرخو الْقرن الأول للميلاد كتبُوا أَن عِيسَى لم يقتل وَلم يصلب لقد تعسف بطرس ليطبق النبوءات على عِيسَى غير مبال بالحقائق التاريخية الثَّابِتَة وَغير مبال بالأوصاف الَّتِي تدل على النَّبِي المنتظر من نَص النبوءات وَغير مبال بسياق الْعبارَات ليربط النبوءة بِمَا قبلهَا وَبِمَا بعْدهَا من التعابير وَأَيْضًا غير مبال بالمحكم والمتشابه فِي نُصُوص التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ولكي يبرر النَّصَارَى خَطؤُهُ الْعمد وغلطه وتناقضه ادعوا أَنه كَانَ من الْعَوام الْأُمِّيين غير الدارسين وَأَنه ماقال بِمَا قَالَ إِلَّا بالهام من الرّوح الْقُدس
فَفِي سفر الْأَعْمَال فَلَمَّا رَأَوْا مجاهرة بطرس ويوحنا ووجدوا أَنَّهُمَا إنسانان عديما الْعلم وعاميان تعجبوا فعرفوهما أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يسوع
وَفِي الْخطْبَة الرَّابِعَة لبطرس وَهِي فِي الإصحاح الرَّابِع من سفر الْأَعْمَال يعمد إِلَى تطبيق نبوءة قَالَهَا دَاوُود عليه السلام عَن نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم يعمد إِلَى تطبيقها على عِيسَى عليه السلام متجاهلا أَن عِيسَى نَفسه كَمَا روى مَتى لم يطبقها على نَفسه بل طبقها على نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم
يحْكى الْكَاتِب أَن بطرس شفى رجلا أعرج وَلما استدعاه رُؤَسَاء الْيَهُود ليسألوه بأية قُوَّة وَبِأَيِّ اسْم صنعت هَذَا قَالَ لَهُم يارؤساء الشّعب وشيوخ إِسْرَائِيل إِن كُنَّا نفحص الْيَوْم عَن إِحْسَان إِلَى إِنْسَان سقيم بِمَاذَا شفى هَذَا فَلْيَكُن مَعْلُوما عِنْد جميعكم وَجَمِيع شعب إِسْرَائِيل أَنه باسم يسوع الْمَسِيح الناصري الَّذِي صلبتموه أَنْتُم الَّذِي أَقَامَهُ الله من الْأَمْوَات بِذَاكَ وقف هَذَا أمامكم صَحِيحا هَذَا هُوَ الْحجر الَّذِي احتقرتموه أَيهَا البناؤون الَّذِي صَار رَأس الزاوية الخ
انْظُر لقد قَالَ لَهُم إِن عِيسَى ابْن مَرْيَم هُوَ الْحجر فَمَا قصَّة هَذَا الْحجر
تبدأ قصَّته من النَّبِي دَاوُود عليه السلام فقد نطق نبوءة عَن النَّبِي المنتظر المماثل لمُوسَى عليه السلام فِي المزمور المئة وَالثَّامِن عشر بَين فِيهَا أَن النَّبِي المنتظر سيتألم من إِعْرَاض النَّاس عَن دَعوته وَلَكِن الله لن يُسلمهُ إِلَى أَيدي أعدائه ليقتلوه وَأَن هَذَا النَّبِي سيرفضه الْيَهُود لِأَنَّهُ من غير جنسهم أَنه من نسل المصرية هَاجر جَارِيَة إِبْرَاهِيم عليه السلام ونسلها لَا قيمَة لَهُ فِي نظر الْيَهُود كالحجر الَّذِي يرفض البناؤون وَضعه فِي الْبناء وَأَن هَذَا النَّبِي سَيكون مُبَارَكًا من قبل الله وَمن عِبَارَات دَاوُود 1 الإحتماء بالرب خير من التَّوَكُّل على إِنْسَان الإحتماء بالرب خير من التَّوَكُّل على الرؤساء كل الْأُمَم أحاطوا بِي باسم الرب أبيدهم أحاطوا بِي واكتنفوني باسم الرب أبيدهم
أحاطوا بِي مثل النَّحْل أنطفأوا كنار الشوك بإسم الرب أبيدهم
2 -
افتحوا لي أَبْوَاب الْبر أَدخل فِيهَا وَأحمد الرب هَذَا الْبَاب للرب الصديقون يدْخلُونَ فِيهِ أحمدك لِأَنَّك استجبت لي وصرت لي خلاصا الْحجر الَّذِي رفضه البناؤون قد صَار رَأس الزاوية من قبل الرب كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيب فِي أعيينا
3 -
مبارك الْآتِي باسم الرب
وَفِي إنجيل مَتى ومرقس ولوقا نجد عِيسَى ابْن مَرْيَم عليه السلام يَقُول لعلماء بني إِسْرَائِيل أَن هَذَا النَّبِي الَّذِي يتحدث عَنهُ دَاوُود سَيَأْتِي من بعدِي وسيتسلم الْملك مِنْكُم والشريعة وَلما اغتاظوا مِنْهُ لذَلِك وَأَرَادُوا قَتله خَافُوا من ثورة الْعَامَّة عَلَيْهِم لأَنهم كَانُوا يحبونَ الْمَسِيح قَالَ الْمَسِيح إِنَّكُم يَا بني إِسْرَائِيل كعمال فِي حقل ائتمنكم صَاحبكُم عَلَيْهِ وَلما أرسل إِلَيْكُم ليحاسبكم قتلتم الْمُرْسلين وأهنتموهم وَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك أَلا أَن تسحب مِنْهُ الثِّقَة إِلَى غَيره ليقوم ذَلِك الْغَيْر بِالْعَمَلِ وَأَدَاء الْحق وَلما قَالَ مَا مَعْنَاهُ هَذَا قَالَ لَهُ الْعلمَاء وَقد فَهموا مغزى كَلَامه حاشا أَي لن يحصل لنا ذَلِك فَنظر إِلَيْهِم وَقَالَ إِذن مَا هُوَ هَذَا الْمَكْتُوب الْحجر الَّذِي رفضه البناؤون هُوَ قد صَار رَأس الزاوية كل من يسْقط على ذَلِك الْحجر يترضض وَمن سقط هُوَ عَلَيْهِ يسحقه فَطلب رُؤَسَاء الكهنة والكتبة أَن يلْقوا الأيادي عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَة وَلَكنهُمْ خَافُوا الشّعب لأَنهم عرفُوا أَنه قَالَ الْمثل عَلَيْهِم
لقد أَشَارَ بالمكتوب إِلَى الزبُور المئة وَالثَّامِن عشر وطبقه حرفيا على نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم وَبَين أَنه لن يقتل كَمَا قَالَ دَاوُود وَأَنه إِذا قصد قوما بِالْحَرْبِ أهلكهم وَإِذا هم قصدوه أهلكم كالحجر القوى من يَنْطَحُهُ لَا يُؤثر فِي الْحجر بل يُؤثر فِي نَفسه هُوَ وَإِذا وَقع الْحجر على شَيْء أثر فِيهِ أما الْحجر نَفسه فَلَا يتأثر وَلم يكن بِهَذِهِ الصّفة عِيسَى عليه السلام
وَفِي إنجيل مَتى ولوقا ايضا نجد الْمَسِيح يَقُول سَيَأْتِي من بعدِي الَّذِي قَالَ عَنهُ دَاوُود مبارك الْآتِي بإسم الرب قَالَ الْمَسِيح لعلماء بني إِسْرَائِيل هُوَ ذَا بَيتكُمْ أَي هيكل سُلَيْمَان فِي الْقُدس يتْرك لكم خرابا وَالْحق أَقُول لكم انكم لَا ترونني حَتَّى يَأْتِي وَقت تَقولُونَ فِيهِ مبارك الْآتِي بإسم الرب
لقد تجاهل بطرس هَذَا كُله وَزعم أَن الْمَقْصُود من كَلَام دَاوُود عليه السلام هُوَ عِيسَى عليه السلام مُخَالفا بذلك كَلَام عِيسَى نَفسه وَمَا تدل عَلَيْهِ النبوءة من الْأَوْصَاف
وَرجع بطرس إِلَى النَّصَارَى الَّذين كَانُوا قد بلغُوا يَوْمئِذٍ نَحْو خَمْسَة آلَاف ليتلو مَعَهم نبوءة أُخْرَى من نبوءات دَاوُود على نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم مفسرين لَهَا تَفْسِيرا لَا تقره اللُّغَة هِيَ نبوءة ابْن الله الَّتِي هِيَ أصل أقنوم الإبن عِنْد النَّصَارَى يَقُول دَاوُود عليه السلام فِي المزمور الثَّانِي لماذا ارتجت الْأُمَم وتفكر الشعوب فِي الْبَاطِل قَامَ مُلُوك الأَرْض وتآمر الرؤساء مَعًا على الرب ومسيحه الخ أَنه يبين فزع الْأُمَم لَا أمة وَاحِدَة سيفكرون مَعًا فِي مقاومة دَعوته وَأَن مُلُوك الأَرْض لَا ملك أَرض وَاحِدَة سيقومون متآمرين عَلَيْهِ لهلاكه وَأَنَّهُمْ بمناوأته يقاومون الله الَّذِي سيرسله وَمن أجل ذَلِك الرب يستهزئ بهم كَمَا يَقُول دَاوُود عليه السلام
هَذَا هُوَ معنى كَلَام دَاوُود بِحَسب اللُّغَة وَلَكِن كَاتب سفر الْأَعْمَال يرْوى التَّفْسِير هَكَذَا أَيهَا السَّيِّد يخاطبون الله أَنْت هُوَ الْإِلَه الصَّانِع السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْبَحْر وكل مَا فِيهَا الْقَائِل بِفَم دَاوُود فتاك لماذا ارتجت الْأُمَم وتفكر الشعوب بِالْبَاطِلِ قَامَت مُلُوك الأَرْض وَاجْتمعَ الرؤساء مَعًا على الرب وعَلى مسيحه لِأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتمع على فتاك القدوس يسوع الَّذِي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مَعَ أُمَم وشعوب إِسْرَائِيل يُرِيد أَن يَقُول أَن هيرودس وبيلاطس الواليان على الْيَهُود هما مُلُوك جَمِيع الأَرْض وهما رُؤَسَاء دوَل الْعَالم فَهَل هَذَا صَحِيح وَيُرِيد أَن يَقُول أَن شعب إِسْرَائِيل كُله هُوَ أُمَم الْعَالم وشعوب الْعَالم فَهَل هَذَا صَحِيح أَن تَفْسِير اشد التواء من هَذَا التَّفْسِير وَمَعَ قَوْله هَذَا لم يسلم لَهُ انتصار النَّبِي المنتظر لِأَن نبوءة دَاوُود توضح أَنه لن يقتل بيد أعدائه وَقد صَرَّحُوا بقتل عِيسَى عليه السلام الَّذين جَعَلُوهُ هدفا للنبوءات وَلَيْسَت لَهُ
وَفِي الْخطْبَة الَّتِي أَلْقَاهَا بطرس فِي مَدِينَة قيصرية أَمَام كرنيليوس وَهِي فِي الإصحاح الْعَاشِر من سفر الْأَعْمَال زعم أَن النَّبِي يحيى عليه السلام كَانَ يبشر بمجيء عِيسَى عليه السلام وَلم يكن يبشر بمجيء مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ يحيى عليه السلام يَأْتِي بعدِي من هُوَ أقوى مني الَّذِي لست أَهلا ان أنحنى وَأحل سيور حذائه أَنا عمدتكم بِالْمَاءِ وَأما هُوَ فسيعمدكم بِالروحِ الْقُدس وَلم يكن عِيسَى من بعده بل كَانَ مَعَه ودعا مَعَه بِنَفس الدعْوَة الَّتِي دَعَا بهَا يوحنا المعمدان النَّبِي يحيى دعوا مَعًا بِصَوْت وَاحِد اقْترب ملكون السَّمَوَات زعم بطرس أَمَام كرنيليوس ان يسوع الْمَسِيح هُوَ الَّذِي قَالَ عَنهُ يوحنا يَأْتِي بعدِي من هُوَ أقوى مني الخ مَعَ أَن الْمَسِيح لم يكن أقوى من يوحنا كَانَا من الدعاة الْفُقَرَاء وَلم يَكُونَا من الْمُلُوك الْأَغْنِيَاء كَانَا من الْأَنْبِيَاء وَلم يَكُونَا من الْأَنْبِيَاء الْمُلُوك كداوود وَسليمَان عليهما السلام
فَفتح بطرس فَاه وَقَالَ بِالْحَقِّ أَنا أجد أَن الله لَا يقبل الْوُجُوه بل فِي كل أمة الَّذِي يتقيه ويصنع الْبر مَقْبُول عِنْده الْكَلِمَة الَّتِي أرسلها إِلَى بني إِسْرَائِيل يبشر بِالسَّلَامِ بيسوع الْمَسِيح هَذَا هُوَ رب الْكل أَنْتُم تعلمُونَ الْأَمر الَّذِي صَار فِي كل الْيَهُودِيَّة مبتدئا من الْجَلِيل بعد المعمودية الَّتِي كرز بهَا يوحنا يسوع الَّذِي من الناصرة كَيفَ مَسحه الله بِالروحِ الْقُدس والقوه الَّذِي جال يصنع خيرا ويشفى جَمِيع المتسلط عَلَيْهِم إِبْلِيس لِأَن الله كَانَ مَعَه وَنحن شُهُود بِكُل مَا فعل فِي كورة الْيَهُودِيَّة وَفِي أورشليم الَّذِي ايضا قَتَلُوهُ معلقين إِيَّاه على خَشَبَة هَذَا أَقَامَهُ الله فِي الْيَوْم الثَّالِث وَأعْطى أَن يصير ظَاهرا لَيْسَ لجَمِيع الشّعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم لنا نَحن الَّذين أكلنَا وشربنا مَعَه بعد قِيَامَته من الْأَمْوَات وأوصانا أَن نكرز للشعب ونشهد بِأَن هَذَا هُوَ الْمعِين من الله ديانا للأحياء والأموات لَهُ يشْهد جَمِيع الْأَنْبِيَاء أَن كل من يُؤمن بِهِ ينَال بإسمه غفران الْخَطَايَا
وَقد اقتفى بولس أثر بطرس فِي تطبيق النبوءات قسرا على الْمَسِيح ابْن مَرْيَم عليه السلام إِذْ أَنه انْطلق إِلَى بِلَاد الْعَرَب من
دمشق ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا ثمَّ بعد ثَلَاث سِنِين صعد إِلَى أوشليم ليتعرف ببطرس وَمكث عِنْده خَمْسَة عشر يَوْمًا وَرَأى يَعْقُوب صديق بطرس وحواري الْمَسِيح وَرَأى أَيْضا يوحنا وبرنابا وَرجع ليردد نفس الأفكار الَّتِي صرح بهَا بطرس لَا يُرَدِّدهَا فِي أوشليم وَحدهَا بل فِي كل مَكَان تطؤه قدماه فَفِي مَدِينَة أنطاكية بيسيدية دخل مجمعا من مجامع الْيَهُود كَمَا فِي الإصحاح الثَّالِث عشر من سفر الْأَعْمَال وَشرح نبوءة يوحنا المعمدان كَمَا شرحها بطرس وَشرح أَيْضا نبوءة المزمور الثَّانِي كَمَا شرح بطرس قَالَ بولس
أَيهَا الرِّجَال الإسرائيليون وَالَّذين يَتَّقُونَ الله اسمعوا إِلَه شعب إِسْرَائِيل هَذَا اخْتَار آبَاءَنَا وَرفع الشّعب فِي الغربة فِي أَرض مصر وبذراع مُرْتَفعَة أخرجهم مِنْهَا وَنَحْو مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة احْتمل عوائدهم فِي الْبَريَّة ثمَّ أهلك سبع أُمَم فِي أَرض كنعان وَقسم لَهُم أَرضهم بِالْقُرْعَةِ وَبعد ذَلِك فِي نَحْو أربعمئة سنة وَخمسين سنة أعطاههم قُضَاة حَتَّى صموئيل النَّبِي وَمن ثمَّ طلبُوا ملكا فَأَعْطَاهُمْ الله شاول ابْن قيس رجلا من سبط بنيامين أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ عَزله وَأقَام لَهُم دَاوُود ملكا الَّذِي شهد لَهُ أَيْضا إِذْ قَالَ وجدت دَاوُود بن يسى رجلا حسب قلبِي الَّذِي سيصنع كل مشيئتي من نسل هَذَا حسب الْوَعْد أَقَامَ الله لإسرائيل مخلصا يسوع إِذْ سبق يوحنا فكرز قبل مَجِيئه بمعمودية التَّوْبَة لجَمِيع شعب إِسْرَائِيل وَلما صَار يوحنا يكمل سَعْيه جعل يَقُول من تظنون أَنِّي أَنا لست أَنا إِيَّاه لَكِن هُوَ ذَا يَأْتِي بعدِي الَّذِي لست مُسْتَحقّا أَن أحل حذاء قَدَمَيْهِ
أَيهَا الرِّجَال الْأُخوة بني جنس إِبْرَاهِيم وَالَّذِي بَيْنكُم يَتَّقُونَ الله إِلَيْكُم أرْسلت كلمة هَذَا الْخَلَاص لِأَن الساكنين فِي أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هَذَا
وأقوال الْأَنْبِيَاء الَّتِي تقْرَأ كل سبت تمموها إِذْ حكمُوا عَلَيْهِ وَمَعَ أَنهم لم يَجدوا عِلّة وَاحِدَة للْمَوْت طلبُوا من بيلاطس أَن يقتل وَلما تمموا كل مَا كتب عَنهُ أنزلوه عَن الْخَشَبَة ووضعوه فِي قَبره وَلَكِن الله أَقَامَهُ من الْأَمْوَات وَظهر أَيَّامًا كَثِيرَة للَّذين صعدوا مَعَه من الْجَلِيل إِلَى أورشليم الَّذين هم شُهُوده عِنْد الشّعب
وَنحن نبشركم بالموعد الَّذِي صَار لآبائنا إِن الله قد أكمل هَذَا لنا نَحن أَوْلَادهم إِذْ أَقَامَ يسوع كَمَا هُوَ مَكْتُوب أَيْضا فِي المزمور الثَّانِي أَنْت إبني أَنا الْيَوْم وَلدتك الخ
وَفِي مَدِينَة دمشق أَيْضا جهر بولس بِأَن يسوع الْمَسِيح هُوَ ابْن الله الَّذِي تنبأ عَنهُ دَاوُود عليه السلام فِي المزمور الثَّانِي وَأَن يسوع الْمَسِيح هُوَ المسيا تَمامًا كَمَا قَالَ بطرس زعم بولس أَنه رأى الْمَسِيح فِي رُؤْيا وَأَن الْمَسِيح زَجره ووبخه على إضطهاده لأتباعه وَصرح لَهُ بِأَن ينْطَلق إِلَى الْأُمَم بالإنجيل وَأَنه كَمَا فِي الإصحاح التَّاسِع من سفر الْأَعْمَال جعل يكرز فِي المجامع بالمسيح أَن هَذَا هُوَ ابْن الله فبهت جَمِيع الَّذين كَانُوا يسمعُونَ وَقَالُوا أَلَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي أهلك فِي أورشليم الَّذين يدعونَ بهذاالإسم وَقد جَاءَ إِلَى هُنَا ليسوقهم مُوثقِينَ إِلَى رُؤَسَاء الكهنه وَأما شاول فَكَانَ يزْدَاد قُوَّة ويحير الْيَهُود الساكنين فِي دمشق محققا أَن هَذَا هُوَ الْمَسِيح
كَانَ تلميذ من تلاميذ الْمَسِيح اسْمه فيلبس من الْقرْيَة الَّتِي مِنْهَا بطرس وَهِي بَيت صيدا قَالَ لصديق لَهُ وجدنَا الَّذِي كتب عَنهُ مُوسَى فِي الناموس والأنبياء يسوع ابْن يُوسُف الَّذِي من الناصرة فَرد عَلَيْهِ بقوله أَمن الناصرة يُمكن أَن يكون شَيْء صَالح ثمَّ قَالَ للمسيح يامعلم أَنْت ابْن الله أَنْت ملك إِسْرَائِيل يوحنا ففيلبس فِي محاولة جر رجل صديقه إِلَى الْإِيمَان بدعوة الْمَسِيح زعم أَن الْمَسِيح هُوَ الَّذِي تحدثت عَنهُ الْأَسْفَار الخسمة وأسفار الْأَنْبِيَاء الَّذين ظَهَرُوا من بعد مُوسَى مَعَ أَن الْأَسْفَار الْخَمْسَة وأسفار الْأَنْبِيَاء لَا تُشِير بِكَلِمَة وَاحِدَة إِلَى يسوع الْمَسِيح لِأَنَّهُ من بني إِسْرَائِيل ومستبعد من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل نسخ شَرِيعَة مُوسَى فلماذا يُنَبه الله على مَجِيء نَبِي من بني إِسْرَائِيل إِن التَّنْبِيه لَازم على من يحِق لَهُ نسخ شَرِيعَة مُوسَى لِأَنَّهَا كَلَام الله فِي الأَصْل وَلَا يتْرك كَلَام الله الَّذِي نشأت عَلَيْهِ أجيال إِلَى من سَيَقُولُ أَن معي كَلَام الله الْمُنَاسب لزماننا هَذَا بسهولة لِأَن التَّصْرِيح بنسخ شَرِيعَة لَيْسَ بِالْأَمر الهين خَاصَّة وَأَن الشَّرِيعَة المنسوخة للْيَهُود وَأَن النَّاسِخ لَيْسَ مِنْهُم بل من جنس آخر هم الْعَرَب أَبنَاء النَّبِي إِسْمَاعِيل عليه السلام وَصديقه يُؤمن على
أساس أَن الْمَسِيح هُوَ ابْن الله الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ دَاوُود بِظهْر الْغَيْب وَبَين فِي أَوْصَافه أَنه سَيكون رَئِيسا مُطَاعًا أَي ملكا والمسيح لم يكن رَئِيسا وَلَا ملكا فقد قَالَ أعْطوا مَا لقيصر لقيصر وَمَا لله لله وَلم يَقع كَاتب الْإِنْجِيل فِي هَذَا الْخَطَأ وَحده وَإِنَّمَا وَقع فِي خطأ آخر وَهُوَ قَوْله وجدنَا الَّذِي كتب عَنهُ مُوسَى فِي الناموس والأنبياء فَإِن مُوسَى تَارِك للناموس وَلَيْسَ هُوَ بتارك لأسفار الْأَنْبِيَاء وَكَيف يتْرك كتبا نسبت لأصحابها من بعد مَوْتهمْ وأصحابها ظَهَرُوا من بعده بسنين
يحْكى لوقا كَاتب سفر أَعمال الرُّسُل كَمَا يَزْعمُونَ فِي بعض الرِّوَايَات أَن فيلبس هَذَا كَانَ من أهل الخطوة كالياس النَّبِي عليه السلام وَقد وجد وزيرا من أهل الْحَبَشَة فَدَعَاهُ إِلَى النَّصْرَانِيَّة فَقبل الدعْوَة وَلما رأى مَاء قَالَ لفيلبس مَاذَا يمْنَع أَن أعْتَمد أَي أستحم بِالْمَاءِ لأدخل فِي الدّين على طَهَارَة فَقَالَ فيلبس إِن كنت تؤمن من كل قَلْبك يجوز فَأجَاب وَقَالَ أَنا أُؤْمِن أَن يسوع الْمَسِيح هُوَ ابْن الله فعمده فيلبس لقَوْله هَذَا وعَلى ذَلِك كَانَ فيلبس شَرِيكا لبطرس وبولس فِي تطبيق نبوءة الإبن على عِيسَى الْمَسِيح عليه السلام
واشترك فِي تطبيق نبوءة المسيا على عِيسَى عليه السلام مَعَهم يَهُودِيّ من يهود الْإسْكَنْدَريَّة إسمه أبلوس فقد جَاءَ عَنهُ فِي الإصحاح الثَّامِن عشر من سفر الْأَعْمَال أَنه كَانَ بإشتداد يفحم الْيَهُود جَهرا مُبينًا بالكتب أَن يسوع هُوَ الْمَسِيح
أما عَن نبوءة ابْن الْإِنْسَان صَاحب ملكوت السَّمَاوَات وَيُسمى أَيْضا ملكوت الله فأشهر من طبقها على عِيسَى عليه السلام رغم أَنفه استفانوس وبولس
وأصل نبوءة ابْن الْإِنْسَان من التَّوْرَاة من سفر النَّبِي الْمُعظم دانيال كَانَ دانيال فِي مَدِينَة بابل فِي عهد الْملك نبوخذناصر وَرَأى الْملك هَذَا أحلاما أطارت عَنهُ النّوم وَلما طلب من الْحُكَمَاء تَعْبِير الْحلم لم يستطيعوا التَّعْبِير لِأَن الله عز وجل مَا ألهم التَّعْبِير لغير النَّبِي دانيال الَّذِي سبح الله ومجده بقوله ليكن إسم الله
مُبَارَكًا من الْأَزَل وَإِلَى الْأَبَد لِأَن لَهُ الْحِكْمَة والجبروت وَهُوَ يُغير الْأَوْقَات والأزمنة يعْزل ملوكا وَينصب ملوكا يعْطى الْحُكَمَاء حِكْمَة وَيعلم العارفين فهما هُوَ يكْشف العمائق والأسرار يعلم مَا هُوَ فِي الظلمَة وَعِنْده يسكن النُّور وَقَالَ دانيال للْملك رَأَيْت فِي حلم تمثالا 1 رَأسه من ذهب جيد 2 صَدره وذراعاه من فضَّة 3 بَطْنه وفخذاه من نُحَاس 4 ساقاه من حَدِيد 5 قدماه بعضهما من حَدِيد وَالْبَعْض من خزف
ب وَرَأَيْت حجرا هوى بِقُوَّة شَدِيدَة على التمثال فَضرب قَدَمَيْهِ فَوَقع على الأَرْض مهشما وَصَارَ الْحجر جبلا كَبِيرا بعد مَا حطم التمثال وهشمه هَذَا هُوَ الْحلم أَيهَا الْملك وَإِلَيْك تَعْبِيره
1 -
رَأس التمثال مملكة بابل 2 صدر التمثال وذراعاه مملكة أُخْرَى هِيَ مملكة فَارس 3 بطن التمثال وفخذاه مملكه ثَانِيَة هِيَ مملكة اليونان 4 ساقا التمثال مملكة رَابِعَة هِيَ مملكة الرومان ومملكة الرومان تكون منقسمة على ذَاتهَا إِلَى شرقية وغربية وَفِي أَيَّام مُلُوك الرومان بعد الإنقسام يُقيم إِلَه السَّمَوَات مملكة لن تنقرض أبدا وملكها لَا يتْرك لشعب آخر وتسحق وتفنى كل هَذِه الممالك وَهِي تثبت إِلَى الْأَبَد
وَهَذَا الْحلم الَّذِي رَآهُ الْملك نبوخذ نَاصِر رَآهُ أَيْضا بعد ذَلِك دانيال نَفسه بأيام لَكِن بِصُورَة غير الصُّورَة الَّتِي رَآهَا الْملك أما التَّعْبِير فَغير مُخْتَلف عَن تَعْبِير رُؤْيا الْملك رأى دانيال فِي حلم اللَّيْل
أأربع ريَاح السَّمَاء هجمت على الْبَحْر الْكَبِير الْأَبْيَض الْمُتَوَسّط ب وَصعد من الْبَحْر أَرْبَعَة حيوانات عَظِيمَة
1 -
أَسد 2 دب 3 نمر 4 حَيَوَان هائل وقوى وشديد جدا ثمَّ رأى عقب الْحَيَوَان الرَّابِع الهائل وَالْقَوِي والشديد جدا ابْن إِنْسَان أعطَاهُ الله عز وجل ملكا عَظِيما قَالَ عَنهُ دانيال مَا نَصه كنت أرى فِي رؤى اللَّيْل وَإِذا مَعَ سحب السَّمَاء مثل ابْن إِنْسَان أَتَى وَجَاء إِلَى الْقَدِيم الْأَيَّام فقربوه قدامه فَأعْطى سُلْطَانا ومجدا وملكوتا لتتعبد لَهُ كل الشعوب والأمم والألسنة سُلْطَانه سُلْطَان أبدي مَا لن يَزُول وملكوته مَا لاينقرض
ثمَّ نطق دانيال بتعبير الْحلم فَقَالَ مَا نَصه
هَؤُلَاءِ الْحَيَوَانَات الْعَظِيمَة الَّتِي هِيَ أَرْبَعَة هِيَ أَرْبَعَة مُلُوك يقومُونَ على الأَرْض أما قديسو العلى فَيَأْخُذُونَ المملكة ويمتلكون المملكة إِلَى الْأَبَد وَإِلَى أَبَد الآبدين
هَذِه أصل نبوءة ابْن الْإِنْسَان صَاحب ملكوت السَّمَوَات وَلَقَد فسر هَذِه النبوءة الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم عليه السلام فَقَالَ إِن ابْن الْإِنْسَان هُوَ نَبِي الْإِسْلَام صلى الله عليه وسلم وَأَن الله عز وجل سيعطيه ملكا عَظِيما وَنسب الْملك إِلَى السَّمَوَات لِأَنَّهَا جِهَة الْعُلُوّ فِي نظر النَّاس وَأَن النَّاس سيتعبدون بِشَرِيعَتِهِ أَي يخضعون لله عز وجل على وفْق مَا فِيهَا من بَيِّنَات
لقد حكى كتاب الأناجيل وَالرِّوَايَة هُنَا لمتى مَا نَصه وَفِي تِلْكَ الْأَيَّام جَاءَ يوحنا المعمدان يكرز فِي بَريَّة الْيَهُودِيَّة قَائِلا تُوبُوا لِأَنَّهُ قد اقْترب ملكوت السَّمَوَات من ذَلِك الزَّمَان ابْتَدَأَ يسوع يكرز وَيَقُول تُوبُوا لِأَنَّهُ قد اقْترب ملكوت السَّمَوَات أَي أَن المعمدان ويسوع دعوا مَعًا بِصَوْت وَاحِد إِلَى إقتراب ملكوت السَّمَوَات الَّذِي تنبأ عَنهُ النَّبِي الْمُعظم دانيال فِي الإصحاح الثَّانِي وَالسَّابِع من سَفَره
وَضرب الْمَسِيح ابْن مَرْيَم الْأَمْثَال الْكَثِيرَة لكيفية إنتشار هَذَا الملكوت وَمن أمثلته هَذَا الْمِثَال يشبه ملكوت السَّمَوَات حَبَّة خَرْدَل أَخذهَا إِنْسَان وزرعها فِي حقله وَهِي أَصْغَر جَمِيع البزور وَلَكِن مَتى نمت فَهِيَ أكبر الْبُقُول وَتصير شَجَرَة حَتَّى أَن طيور السَّمَاء تَأتي وتتآوى فِي أَغْصَانهَا أَي أَن الْمُسلمين فِي بَدْء الْإِسْلَام يكونُونَ قلَّة ثمَّ يكثرون رويدا رويدا حَتَّى يملأوا الأَرْض وَهَذَا هُوَ مثل الْمُسلمين الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن الْكَرِيم فِي سُورَة الْفَتْح يَقُول تَعَالَى {وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه} وَلم يرد فِي إنجيل مَتى فَقَط بل ورد فِي مرقس ولوقا أَيْضا قَالَ الْمَسِيح فِي رِوَايَة مرقس بِمَاذَا نشبه ملكوت الله أَو بِأَيّ مثل نمثله مثل حَبَّة خَرْدَل مَتى زرعت فِي الأَرْض فَهِيَ أَصْغَر جَمِيع البزور الَّتِي على الأَرْض وَلَكِن مَتى زرعت تطلع وَتصير