المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْفَصْل الأول لَيست النَّصَارَى على شَيْء اعْلَم أَيهَا الْعَاقِل وفقك الله أَن - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌صدر الْكتاب

- ‌فصل

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الأقانيم وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌أقانيم الْقُدْرَة وَالْعلم والحياة

- ‌دَلِيل التَّثْلِيث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام السَّائِل وَ‌‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْجَوَاب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌وَالْجَوَاب عَن قَوْله

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌قَالُوا

- ‌الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

- ‌فِي بَيَان مذاهبهم فِي الإتحاد والحلول وَإِبْطَال قَوْلهم فِيهَا

- ‌معنى الإتحاد

- ‌تجسد الْوَاسِطَة

- ‌مَذْهَب أغشتين إِذْ هُوَ زعيم القسيسين

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي حِكَايَة كَلَام هَذَا السَّائِل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَام السَّائِل

- ‌الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكره

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْجَواب عَن كَلَامهم

- ‌ف {هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين}

- ‌مِنْهَا

- ‌وَنور بعد ذَلِك إلزامات لَهُم

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر يظْهر تناقضهم

- ‌ثمَّ نقُول تَحْقِيقا لالزام الْجَمِيع

- ‌إِلْزَام آخر وَطَلَبه

- ‌مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌‌‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌إِلْزَام آخر

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌نُكْتَة أُخْرَى

- ‌كمل الْبَاب الثَّانِي وبكماله كمل الْجُزْء الأول الحمدلله حق حَمده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم يتلوه الثَّانِي

- ‌الْإِعْلَام

- ‌فِي النبوات وَذكر كَلَامهم

- ‌الْقسم الأول

- ‌احتجاج أَصْحَاب الْملَل

- ‌الْجَواب عَن كَلَامه يَا هَذَا أسهبت وأطنبت وبحبة خَرْدَل مَا أتيت كثر كلامك فَكثر غلطك وَقلت فَائِدَته فَظهر قصورك وسقطك وَمن كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كَانَت النَّار أولى بِهِ أعميت لجهلك بلحنه وَلم تتفطن لتثبيجه ولحنه فَلَقَد استسمنت ذَا ورم ونفخت فِي غير ضرم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌فَافْهَم الْجَواب عَنهُ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌فصل

- ‌فَأول دَلِيل

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْإِنْجِيل لَيْسَ بمتواتر وَبَيَان بعض مَا وَقع فِيهِ من الْخلَل

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌من حِكَايَة كَلَامه أَيْضا

- ‌الْجَواب عَمَّا ذكر

- ‌‌‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌وَأما قَوْلك

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فَأَما المعجزة

- ‌وَأما وَجه دلالتها

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌وَمِمَّا يدل على أَنهم من كِتَابهمْ وشرعهم على غير علم

- ‌ من ذَلِك

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌الْجُزْء الثَّالِث

- ‌أَنْوَاع الْقسم الثَّانِي

- ‌نقُول

- ‌النَّوْع الأول

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَمن ذَلِك

- ‌وَفِي التَّوْرَاة

- ‌وَمن ذَلِك مَا جَاءَ فِي الزبُور

- ‌أخبرونا

- ‌‌‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِي الزبُور أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَقد تقدم قَول دَاوُود

- ‌وَفِي الزبُور

- ‌وَفِيه أَيْضا عَن يوحنا

- ‌‌‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌وَفِيه أَيْضا

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌وَفِي الْإِنْجِيل أَيْضا

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ أشعياء

- ‌وَفِي صحف حبقوق النَّبِي الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ

- ‌‌‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِيقَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء النَّبِي

- ‌وَفِي صحفه أَيْضا

- ‌وَفِي الصُّحُف المنسوبة للإثنى عشر نَبيا

- ‌وَفِي صحف حزقيال النَّبِي

- ‌وَقَالَ دانيال النَّبِي

- ‌وَفِي نفس النَّص

- ‌ثمَّ قَالَ

- ‌وَفِي صحف أشعياء

- ‌وَقَول أشعياء

- ‌وَقَالَ أَيْضا عَن الله

- ‌وَقَالَ على أثر ذَلِك

- ‌وَقَالَ أشعياء أَيْضا عَن الله

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌وَمن أوضح ذَلِك وأبينه

- ‌وَيَنْبَغِي الْآن أَن يعرف الجاحد وَالْجَاهِل بعض مَا خص بِهِ من صِفَات الْكَمَال والفضائل

- ‌اعْلَم أَنا

- ‌فَمن ذَلِك

- ‌قَالَ ناعته

- ‌يَقُول ناعته

- ‌وَأما فصاحة لِسَانه

- ‌وَأما نسبه

- ‌وَأما عزة قومه

- ‌أما سفساف الْأَخْلَاق ودنيها

- ‌وَأما قُوَّة عقله وَعلمه

- ‌أما الْأُمُور المصلحية

- ‌فأصول الشَّرِيعَة وَإِن تعدّدت صورها فَهِيَ رَاجِعَة إِلَى هَذِه الْخَمْسَة

- ‌وَأما الدِّمَاء

- ‌وَأما الْأَمْوَال

- ‌وَأما الْعُقُول

- ‌وَأما حفظ الْأَنْسَاب وصيانة إختلاط الْمِيَاه فِي الْأَرْحَام

- ‌وَأما الْمُحَافظَة على الْأَدْيَان وصيانتها

- ‌وَأما صبره وحلمه

- ‌وَأما تواضعه

- ‌وَأما عدله وَصدقه صلى الله عليه وسلم وأمانته وَصدق لهجته

- ‌وَأما زهده

- ‌وَأما كَثْرَة جوده وَكَرمه

- ‌وَأما وفاؤه بالعهد

- ‌يَا هَذَا تَأمل بعقلك

- ‌وَأما حسن سمته وتؤدته وَكثير حيائه ومروءته

- ‌وَمِمَّا يدلك على عَظِيم شجاعته

- ‌وَأما خَوفه من الله تَعَالَى وإجتهاده فِي عِبَادَته

- ‌خَاتِمَة جَامِعَة فِي صِفَاته وشواهد صدقه وعلاماته

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن

- ‌الْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب

- ‌فَإِن قيل

- ‌الْجَواب

- ‌معَارض

- ‌فَإِن قيل

- ‌فَالْجَوَاب

- ‌الْوَجْه الأول

- ‌أَن لِسَان الْعَرَب مباين للسان غَيرهم

- ‌الْوَجْه الثَّانِي

- ‌الْوَجْه الثَّالِث

- ‌الْوَجْه الرَّابِع

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْفَصْل الأول فِي إنشقاق الْقَمَر

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي حبس الشَّمْس آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّالِث نبع المَاء وتكثيره معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع تَكْثِير الطَّعَام معْجزَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي كَلَام الشّجر وَكثير من الجمادات وشهادتها لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي كَلَام ضروب من الْحَيَوَان وتسخيرهم آيَة لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌النَّوْع الأول

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي إحْيَاء الْمَوْتَى وَكَلَام الصّبيان والمراضع وشهادتهم لَهُ بِالنُّبُوَّةِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي إِبْرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم المرضى وَذَوي العاهات

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي إِجَابَة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي ذكر جمل من بركاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي مَا أخبر بِهِ مِمَّا أطلعه الله من الْغَيْب صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي عصمَة الله لَهُ مِمَّن أَرَادَ كَيده

- ‌فَإِن قَالَ قَائِل من النَّصَارَى والمخالفين لنا

- ‌قُلْنَا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي مَا ظهر على أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم من الكرامات الخارقة للعادات

- ‌أَحدهمَا أَن نبين أَن مَا ظهر على أَصْحَابه وعَلى أهل دينه من الكرامات هُوَ آيَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الْآيَات وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِذا أكْرم وَاحِدًا مِنْهُم بِأَن خرق لَهُ عَادَة فَإِن ذَلِك يدل على أَنه على الْحق وَأَن دينه حق إِذْ لَو كَانَ مُبْطلًا فِي دينه مُتبعا لمبطل فِي

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌من ذَلِك مَا علمنَا من أَحْوَالهم على الْقطع

- ‌وَأما التابعون

- ‌وَبعد هَذَا

- ‌انْتهى الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويليه الْجُزْء الرَّابِع بِإِذن الله وأوله الْبَاب الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم وَأَنَّهُمْ لَا مُسْتَند لَهُم فِي

- ‌الْإِعْلَام بِمَا فِي دين النَّصَارَى من الْفساد والأوهام وَإِظْهَار محَاسِن دين الْإِسْلَام وَإِثْبَات نبوة نَبينَا مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام

- ‌تَقْدِيم وَتَحْقِيق وَتَعْلِيق الدكتور أَحْمد حجازي السقا

- ‌فِي بَيَان أَن النَّصَارَى متحكمون فِي أديانهم

- ‌الصَّدْر وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌قَالَ ذَلِك الْجَاهِل بعد ذكر الْمُحرمَات

- ‌الْفَنّ الأول

- ‌مَسْأَلَة فِي المعمودية

- ‌مَسْأَلَة فِي غفران الأساقفة والقسيسين ذنُوب المذنبين وإختراعهم الْكَفَّارَة للعاصين

- ‌مِثَال الْقسم الأول العابثون بالصبيان

- ‌وَمِثَال الثَّانِي نِكَاح الْقرَابَات

- ‌وَأما الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة

- ‌مِثَال مَا يغرمون فِيهِ الْأَمْوَال

- ‌وَقد حكمُوا على قَاتل عَبده

- ‌وَأما قَاتل الْخَطَأ

- ‌وعَلى الْجُمْلَة

- ‌مُطَالبَة وَهِي أَنا نقُول لَهُم

- ‌مَسْأَلَة فِي الصلوبية وَقَوْلهمْ فِيهَا

- ‌قَالُوا

- ‌ مِنْهَا

- ‌‌‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌وَمِنْهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تَركهم الْخِتَان

- ‌فأولها

- ‌وَثَانِيها

- ‌وَثَالِثهَا

- ‌وَرَابِعهَا

- ‌وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

- ‌مَسْأَلَة فِي أعيادهم المصانة

- ‌مَسْأَلَة فِي قُرْبَانهمْ

- ‌أَحدهَا

- ‌مَسْأَلَة فِي تقديسهم دُورهمْ وَبُيُوتهمْ بالملح

- ‌مَسْأَلَة فِي تصليبهم على وُجُوههم فِي صلَاتهم

- ‌مَسْأَلَة فِي قَوْلهم فِي النَّعيم وَالْعَذَاب الأخراوين

- ‌الْفَنّ الثَّانِي

- ‌تمهيد

- ‌أَحدهمَا

- ‌وَالْغَرَض الثَّانِي

- ‌وَفِي هَذَا الْفَنّ فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌مُلْحق

- ‌المبحث الثَّالِث

- ‌أَولا النبوءات

- ‌يَوْم الرب

- ‌ثَانِيًا تَغْيِير التَّوْرَاة

- ‌عالمية الْملَّة النَّصْرَانِيَّة

الفصل: ‌ ‌الْفَصْل الأول لَيست النَّصَارَى على شَيْء اعْلَم أَيهَا الْعَاقِل وفقك الله أَن

‌الْفَصْل الأول

لَيست النَّصَارَى على شَيْء

اعْلَم أَيهَا الْعَاقِل وفقك الله أَن النَّصَارَى أَضْعَف النَّاس عقولا وَأَقلهمْ فطنة وتحصيلا فهم لذَلِك يَعْتَقِدُونَ فِي الله المحالات وَيُنْكِرُونَ الضروريات ويستندون فِي أحكامهم إِلَى الخرافات فَتَارَة يسندون قضاياهم إِلَى منامة رأوها أَو خرافة سمعوها وَمَا وعوها وَأُخْرَى تحكم فيهم متقسس جَاهِل بمحض الْجَهْل والهوى والأباطل من غير أَن يسْتَدلّ على جَوَاز شَيْء مِمَّا يُرِيد أَن يفعل من الأفاعيل لَا بتوراة وَلَا بإنجيل بل قد يعرض عَن نُصُوص الْكِتَابَيْنِ ويتأولهما تَأْوِيل منسلخ عَن الملين وَرُبمَا تنزل بهم عِظَام النَّوَازِل فيجتمعون لَهَا فِي المحافل فيتحكمون بأهوائهم وَيَقُولُونَ فِيهَا بآرائهم فيحلون مَا حرم الله ويحرمون مَا أحل الله {افتراء على الله قد ضلوا وَمَا كَانُوا مهتدين}

وَنحن نبين ذَلِك ونستدل عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى على طَريقَة الْإِنْصَاف من غير اعتساف فَأَما كَونهم يَعْتَقِدُونَ فِي الله المحالات وَيُنْكِرُونَ الضروريات فقد بَيناهُ فِيمَا تقدم فَمن أَرَادَ أَن يعرف ذَلِك فليعد نظرا هُنَالك

وَأما كَونهم يستندون فِي أحكامهم إِلَى الترهات والمنامات فَيدل عَلَيْهِ مَا حكيناه فِيمَا تقدم من خبر بولش فَإِنَّهُ احتال عَلَيْهِم حَتَّى صرفهم عَن دين الْمَسِيح وَقَوْلهمْ من الْمذَاهب والآراء كل قَبِيح فصرفهم عَن قبلتهم وَأحل لَهُم مَا حرم عَلَيْهِم وَفرق جَمَاعَتهمْ وشتت كلمتهم فتم لَهُ كل مكر على كل غبي غمر وَقد قدمت حَدِيثه فِي بَاب النبوات على الْوَفَاء وَكَذَلِكَ خبر قسطنطين

ص: 393

ابْن هيلانة فَإِنَّهُ لما رأى ملكه يخْتل ونظامه لَا يَسْتَقِيم وَلَا يتَحَصَّل بإختلاف رَعيته عَلَيْهِ وَقلة إنقيادهم إِلَيْهِ جمع وزراؤه وشاورهم فَاجْتمع رَأْيهمْ أَن يتعبد الْقَوْم بِطَلَب دم وَأَن يشرع لَهُم شَرِيعَة ينسبها للمسيح فَكتب لَهُم مَا بِأَيْدِيهِم من الْإِنْجِيل أَو أَكْثَره وتعبدهم بالصلوبية وَشرع لَهُم ترك الْخِتَان وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام الَّتِي وافقته وَجَاءَت على اخْتِيَاره وأكد ذَلِك بمنامة رَآهَا ذكر فها أَمر الصَّلِيب فتم لَهُ مُرَاده فيهم وَخَبره مَعْرُوف عِنْدهم وَعند غَيرهم وَقد قدمت بعضه فِي بَاب النبوات أَيْضا

وَأما كَونهم يحكمون بآرائهم وأهوائهم فَيدل على ذَلِك مَا أودعوه كتب محافلهم وَمَا عَلَيْهِ الْآن مُعظم عَمَلهم وَمن طالع تِلْكَ الْكتب قضى من جهلهم وجرأتهم على الله كل عجب فَإِن قَالُوا إِنَّمَا نحكم بالمصالح وَهِي عندنَا أصل رَاجِح قُلْنَا لَهُم إِن كَانَت الْمصَالح عنْدكُمْ أصلا تعولون عَلَيْهِ وتسندون أحكامكم إِلَيْهِ فَمن الَّذِي أَصْلهَا لكم فَإِن كُنْتُم أصلتموها لأنفسكم فقد تحكمتم فِي الأَصْل وَالْفرع ثمَّ يلزمكم من هَذَا القَوْل الإستغناء عَن الشَّرَائِع وَأَن مَا شرع الله من الْأَحْكَام فِي التَّوْرَاة عَبث لَا معنى لَهُ وَلَا فَائِدَة إِذا فِي النّظر فِي الْمصَالح غنى عَنْهَا

وَإِن كَانَ الْأَنْبِيَاء شرعوا لكم أصل الْمصَالح فَلَا بُد من الإستدلال على ذَلِك من كَلَامهم وَإِذا لم تستدلوا على ذَلِك فدعواكم بَاطِلَة وحجتكم داحضة

ثمَّ نقُول لَهُم هَب أَن الْأَنْبِيَاء شرعوا لكم أصل الْمصَالح فَهَل شرعوا الْعَمَل بالمصالح كَيفَ مَا كَانَت الْمصلحَة مُطلقًا أَو عينوا لكم نوعا من الْمصَالح فَإِن كَانُوا قد عينوا فَيَنْبَغِي لكم أَلا تتعدوا مَا عين لكم الْأَنْبِيَاء فَمَا بالكم تسترسلون استرسال من يحكم بهواه وَلَا يخَاف الله وَلَا يخشاه وَإِن كَانُوا أطْلقُوا لكم القَوْل بالمصالح وَقَالُوا لكم مهما ظَهرت لكم مصلحَة كائنة مَا كَانَت فاعملوا بمقتضاها فَكَانَ يلْزم على هَذَا اسقاط كثير من أَحْكَام التَّوْرَاة بالمصالح والرأي كَمَا فعل بولش حَيْثُ قَالَ لَهُم هَل رَأَيْتُمْ سارحة تسرح من عِنْد رَبهَا وَلَا تخرج إِلَّا من حَيْثُ تُؤمر بِهِ قَالَ فَإِنِّي رَأَيْت الصُّبْح وَاللَّيْل وَالشَّمْس وَالْقَمَر والبروج إِنَّمَا تَجِيء من هَا هُنَا يَعْنِي الشرق وَمَا أوجب ذَلِك

ص: 394

إِلَّا وَهُوَ أَحَق الْوُجُوه أَن يصلى إِلَيْهِ قَالُوا لَهُ صدقت

فردهم عَن اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس إِلَى اسْتِقْبَال جِهَة الشرق لهَذَا الهذيان ثمَّ قَالَ لَهُم بعد زمَان رَأَيْت رَأيا فَلَو قَالُوا هَات قَالَ لَهُم ألستم تَزْعُمُونَ أَن الرجل إِذا أهْدى إِلَى الرجل هَدِيَّة وأكرمه بالكرامة فَردهَا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ وَأَن الله سخر لكم مَا فِي الأَرْض وَجعل مَا فِي السَّمَاء لكم كَرَامَة فَالله أَحَق أَلا ترد عَلَيْهِ كرامته فَمَا بَال بعض الْأَشْيَاء حرَام وَبَعضهَا حَلَال مَا بَين البقة إِلَى الْفِيل حَلَال قَالُوا صدقت

وَهَذَا مَحْض الجراءة على الله والإفتراء على شرائع الله وَلم يصر قطّ أحد من المتشرعين إِلَى مثله وَيلْزم عَلَيْهِ أَن يكون كل من أَرَادَ أَن يشرع شرعا شَرعه فَيكون الْعُقَلَاء كلهم شارعين ويستغنى عَن رسل رب الْعَالمين وَهَذَا غَايَة الْكفْر والضلال وَهُوَ لَازم على مَذْهَب أُولَئِكَ الْجُهَّال فقد ظهر من هَذَا الْفَصْل أَنهم لَا يستندون إِلَى شَيْء وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا على شَيْء {أَلا إِنَّهُم هم الْكَاذِبُونَ}

ص: 395