الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8)
- كِتَابُ الطَّلَاقِ
(1) - (632) - بَابُ الطَّلَاقِ
===
(8)
- (كتاب الطلاق)
(1)
- (632) - (باب الطلاق)
والطلاق لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره؛ وهو لغةً: حل القيد؛ أي: فكه، سواء كان ذلك القيد حسيًا؛ كقيد البهيمة، أو معنويًا؛ كعصمة النكاح، فلذلك كان المعنى اللغوي أعم من المعنى الشرعي؛ لأن القيد فيه معنوي فقط؛ كما هو القاعدة الغالبة.
ومن المعنى اللغوي: قولهم: ناقة طالقة؛ أي: محلول قيدها؛ إذا كانت مرسلة بلا قيد، ومنه: ما في قول الإمام مالك رحمه الله تعالى:
العلم صيد والكتابة قيده
…
قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالةً
…
وتفكها بين الخلائق طالقة
وشرعًا: حل قيد النكاح المنعقد بين الأزواج بألفاظ مخصوصة؛ كطلاق ونحوه، فخرج بقولنا:(بألفاظ مخصوصة) الفسخ؛ وهو إزالة ما يتوهم انعقاده؛ لموجِبٍ يمنع العقدَ؛ كعيب من عيوب النكاح، فلا يُسمَّى طلاقًا، وقد يطلق الفسخُ ويراد به: الطلاق. انتهى من "المفهم".
وأركانه خمسة: صيغة؛ وهي قسمان: صريح وكناية؛ فالصريح: كل لفظ لا يحتمل غير الطلاق، وهي ثلاثة ألفاظ: الطلاق والفراق والسراح؛ أي: ما اشتق منها؛ كطلقتك، وأنت طالق، وفارقتك، وأنت مفارقة، وسرحتك، وأنت مسرحة، ومن الصريح: الخلع إذا ذُكِرَ المالُ معه، ولا يفتقر صريح الطلاق إلى النية.
(1)
- 1985 - (1) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ وَمَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ،
===
والكناية: كل لفظ احتمل الطلاق وغيره، ولا يقع به الطلاق إلا إذا نوى به الطلاق؛ كقولك: إلحقي بأهلك، وأنت برية.
ومحَلٌّ؛ وهي الزوجةُ، ووِلايةٌ عليه، وقَصْدٌ، ومُطلِّقٌ. انتهى من "البيجوري على متن أبي شجاع".
* * *
(1)
- 1985 - (1)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني -بفتحتين وبالمثلثة- أبو محمد الأنباري، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).
(وعبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم أبو محمد الكوفي، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبعٍ وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(م د ق).
(ومسروق بن المَرْزُبَان) -بسكون الراء وضم الزاي بعدها موحدة- الكندي أبو سعيد الكوفي، صدوق له أوهام، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ق).
(قالوا: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني أبو سعيد الكوفي، ثقة متقن، من كبار التاسعة، مات سنة ثلاث، أو أربع وثمانين ومئة (184 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن صالح بن صالح بن حي) وقد ينسب إلى جده، فيقال: صالح ابن حي،
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا.
===
قال أحمد: ثقة ثقة، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سلمة بن كهيل) الحضرمي، أبي يحيى الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ)، ولم يكمل الخمسين. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، ومن لطائفه: أن فيه رواية صحابي عن صحابي.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة) بنت عمر، رضي الله تعالى عنها (ثم راجعها) إلى نكاحه.
قال الشيخ الدهلوي في "المدارج": إن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصةَ واحدةً، فلما بلغ هذا الخبر عمر رضي الله تعالى عنه .. اهتم له، فأوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم: راجع حفصة؛ فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة، كذا في "إنجاح الحاجة".
قال السندي: قوله: (طلق حفصة) فيه جواز التطليق، وأنه لا ينافي الكمال إذا كان لمصلحة. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطلاق، باب في المراجعة، والنسائي في كتاب الطلاق، باب الرجعة.
(2)
-1986 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عمر بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(2)
- 1986 - (2)(حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل) -بوزن محمد بهمزة- ابن إسماعيل البصري أبو عبد الرحمن، نزيل مكة، صدوق سيئ الحفظ، من صغار التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ت س ق).
(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي بردة) عامر وقيل: الحارث بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة خمسين، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة أو الحسن؛ لأن فيه مؤمل بن إسماعيل؛ فقد اختلف فيه: فقيل: ثقة، وقيل: كثير الخطأ، وقيل: منكر الحديث.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللهِ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: قَدْ طَلَّقْتُك، قَدْ رَاجَعْتُك، قَدْ طَلَّقْتُكِ".
(3)
-1987 - (3) حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ،
===
(قال) أبو موسى: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام) وحالهم (يلعبون بحدود الله) وأحكام شرعه؛ أي: لا يبالون بها؛ إذ الطلاق مبغوض عند الله، فما شرع إلا لحاجة الناس إليه إذا حصل الشقاق بينهما، ولم يمكن الإصلاح بينهما، فحَدَّه تعالى، وحكمه: ألا يأتي الإنسانُ به إلا عند الضرورة والحاجة إليه، فالإكثار منه بلا حاجة من قلة المبالاة بحده؛ فإنه (يقول أحدهم) لامرأته:(قد طلقتك) ثم يقول ثانيًا: (قد راجعتك) إلى نكاحي، ثم يقول ثالثًا:(قد طلقتك) فهذا تلاعب بالطلاق الذي شرعه الله تعالى لحاجة.
وقوله: "يقول أحدهم": كذا وكذا؛ يعني: أنه يكثر الطلاق من غير حاجة إليه، بل مع الحاجة إلى زوجته حتى يُكْثِرُوا الرجعة لذلك. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عمر بن الخطاب.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عمر بن الخطاب بحديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(3)
-1987 - (3)(حدثنا كثير بن عبيد) بن نمير المذحجي أبو الحسن (الحمصي) الحذاء المقرئ، ثقة، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(د س ق).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيّ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللهِ الطَّلَاقُ".
===
(حدثنا محمد بن خالد) بن محمد، ويقال: ابن موسى الوهبي أبو يحيى الحمصي، صدوق، من التاسعة.
قال الآجري عن أبي داوود: لا بأس به، ووثقه ابن حبان، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(عن عبيد الله بن الوليد الوصافي) -بفتح الواو وتشديد المهملة- أبي إسماعيل الكوفي العجلي، ضعيف، من السادسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن محارب بن دثار) -بكسر المهملة وتخفيف المثلثة- السدوسي الكوفي القاضي، ثقة إمام زاهد، من الرابعة، مات سنة ست عشرة ومئة (116 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبيد الله بن الوليد، وهو ضعيف.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق").
وفي الحديث دليل على أن ليس كل حلال محبوبًا، بل ينقسم إلى ما هو محبوب، وإلى ما هو مبغوض.
قال الخطابي في "المعالم": معنى الكراهية فيه منصرف إلى السبب الجالب للطلاق؛ وهو سوء العشرة، وقلة الموافقة الداعية إلى الطلاق لا إلى نفس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الطلاق؛ فقد أباح الله تعالى الطلاق، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه طلق بعض نسائه ثم راجعها، وكانت لابن عمر امرأة يحبها، وكان عمر يكره صحبته إياها، فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا به، فقال:"يا عبد الله؛ طلق امرأتك"، فطلقها، وهو صلى الله عليه وسلم لا يأمر بأمر يكرهه تعالى. انتهى.
واستشكل: بأن كون الطلاق مبغوضًا منافٍ لكونه حلالًا؛ فإن كونه مبغوضًا يقتضي رجحان تركه على فعله، وكونه حلالًا يقتضي مساواة تركه وفعله.
وأجيب عنه: بأن المراد بالحلال ما ليس تركه لازمًا، الشاملُ للمباح والواجب والمندوب والمكروه، وقد يقال: الطلاق حلال لذاته، والأبغضية بالنظر إلى ما يترتب عليه؛ من انجراره إلى المعصية. انتهى من "العون".
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه، والمشهور فيه المرسل، وهو غريب.
قال السندي: قوله: "أبغض الحلال
…
" إلى آخره؛ أي: أنه تعالى شرع ووضع عنه الإثم لمصالح الناس، وإن كان في ذاته أبغض؛ لما فيه من قطع الوصلة وإيقاع العداوة، وربما يفضي إلى وقوع الطرفين في الحرام، ولذلك هو أحب الأشياء إلى الشيطان، فينبغي للإنسان ترك الإكثار منه، والاقتصار على قدر حاجته، والله تعالى أعلم. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطلاق، باب كراهية الطلاق. انتهى "تحفة الأشراف".
قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد روى الدارقطني من حديث معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق"، وفيه حميد بن مالك، وهو ضعيف، وفي "مسند
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
البزار": من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطلق النساء إلا من ريبة؛ إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات". انتهى.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بغيره، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شواهد من الأحاديث المرفوعة والمرسلة، وإن كانت ضعافًا مرسلة؛ لأنها لكثرتها يعضد بعضها بعضًا، فتصل إلى درجة الصحة، وغرضه: الاستشهاد به، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم