الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(66) - (697) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ
(141)
- 2125 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن،
===
(66)
- (697) - (باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفعل)
(141)
-2125 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(ومحمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة مئتين وأربعين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(قالا: حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي ثم المكي، ثقة إمام، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني، ثقة إمام، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني، قيل: اسمه محمد، وقيل: المغيرة، وقيل: أبو بكر اسمه، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: اسمه كنيته، راهب قريش، ثقة فقيه عابد، من الثالثة، مات قبل المئة سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ
===
(عن أبي مسعود) الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه، اسمه عقبة بن عمرو.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى) وزجر (عن) أكل (ثمن الكلب) مطلقًا؛ أي: معلمةً كانت أم لا، وفي حديث آخر:(وثمن الكلب خبيث)، وهو ظاهر في تحريم بيع الكلاب كلها، ولا شك في تناول هذا العموم لغير المأذون فيه منها؛ لأنها إما مضرة، فيحرم اقتناؤها وبيعها، وإما غير مضرة، فلا منفعة فيها.
وأما المأذون في اتخاذها .. فهل يتناولها عموم هذا النهي أم لا؟ فيه خلاف؛ فذهب الشافعي والأوزاعي وأحمد إلى تناوله لها، فقالوا: إن بيعها محرم، فيفسخ إن وقع ولا قيمة لما يقتل منها، واعتمد الشافعي بأنها نجسة عنده.
ورأى أبو حنيفة أنه لا يتناولها؛ لأن فيها منافع مباحة يجوز اتخاذها لأجلها، فتجوز المعاوضة عليها ويجوز بيعها؛ لأنها غير نجسة عنده.
وجُلُّ مذهب مالك على جوازِ الاتخاذ وكراهيةِ البيع، ولا يفسخ إن وقع، وقد قيل عنه مثلُ قولِ الشافعي، وقال ابن القاسم: يكره للبائع، ويجوز للمشتري؛ للضرورة، وكأن مالكًا رحمه الله تعالى في المشهور عنه لما لم يكن الكلب عنده نجسًا وكان مأذونًا في اتخاذه لمنافعه الجائزة .. كان حكمه عنده حكم جميع المبيعات، لكن نهى الشرع عن بيعه تنزيها؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق.
فإن قيل: سوَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين ثمن الكلب وبين مهر البغي وحلوان الكاهن في النهي عنها، والمهرُ والحلوانُ محرمان بالإجماع، فليكن ثمنُ الكلب كذلك؟
وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.
===
فالجوابُ: إنَّا نقولُ كذلك، لكنه محمول على الكلب الغير المأذون فيه، ولئن سلمنا أنه متناول للكل، لكن هذا النهي ها هنا قصد به القدر المشترك الذي بين التحريم والكراهية؛ إذ كل واحد منهما منهي عنه، ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر؛ كما قد اتفق ها هنا؛ فإنه إنما علمنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن بالإجماع لا بمجرد النهي، سلمنا ذلك، لكنا لا نسلم أنه يلزم من الاشتراك في مجرد العطف الاشتراك في جميع الوجوه؛ إذ قد يعطف الأمر على النهي، والإيجاب على النفي، وإنما ذلك في محل مخصوص؛ كما بيناه في أصول الفقه. انتهى من "المفهم".
(و) نهى عن (مهر البغي) أي: عن العوض الذي تأخذه على زناها، وسماه مهرًا؛ لأنه معاوضة عن الفرج، والبغي -بفتح الباء وكسر الغين وتشديد الياء- كالقوي: الزانية، والبغي - بسكون الغين -: الزنا، وكذلك البغاء بمعنى الزنا تجمع على البغايا، وأصله: بَغُوي؛ كرَكُوب وحلوب، ومهر البغي: هو ما تأخذه الزانية على زناها من الأجرة، وإطلاق المهر عليه مجاز، وما وقع في بعض الروايات من النهي عن كسب الإماء .. فالمراد منه: هو هذا، والله أعلم. انتهى من "عمدة القاري".
(و) نهى عن (حلوان الكاهن) والحلوان: أجرةُ الكاهن، يقال: حلَوْتُ الكاهنَ حُلْوانًا؛ إذا أعطيتَ أجرتَه، قال الحافظ في "الفتح": أصله: من الحلاوة، شبه بالشيء الحلو من حيث إنه يأخذه سهلًا بلا كلفة ولا مشقة، يقال: حلوته؛ إذا أطعمته الحلو، والحلوان أيضًا: الرشوة، والحلوان أيضًا: أخذ الرجل مهر ابنته لنفسه.
وأما الكاهن .. فكان يطلق عند العرب على كل من يدعي الإخبار عن الغيب،
(142)
- 2126 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
===
والفرق بين الكاهن والعرَّاف - على ما ذكره النووي والأبي -: أن الكاهن هو الذي يخبر عن المستقبل، والعراف هو الذي يخبر بالمستور الموجود؛ كالمسروق والضالة، وقد يطلق على العراف اسم الكاهن أيضًا، وقد دل الحديث على حرمة حلوان الكاهن، وهو حكم قد أجمع عليه الفقهاء.
وفي معناه: التنجيم، والضرب بالحصى، وغير ذلك؛ كالعد بالمسبحة مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب، والله أعلم. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، وفي كتاب الإمارة، ومسلم في كتاب المساقاة، باب ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي، وأبو داوود في كتاب الإجارة، باب حلوان الكاهن، باب في عسب الفعل، والترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء في كراهية مهر البغي، قال: وفي الباب عن رافع بن خديج وأبي جحيفة وأبي هريرة وابن عباس، قال أبو عيسى: حديث أبي مسعود حديث حسن صحيح. والنسائي في كتاب الصيد، باب النهي عن ثمن الكلب.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استدل المؤلف على حرمة عسب الفعل بحديث أبي هريرة مع الاستشهاد به على حرمة ثمن الكلب لحديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(142)
- 2126 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).
وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ.
===
(ومحمد بن طريف) بن خليفة البجلي أبو جعفر الكوفي، من صغار العاشرة، صدوق، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(م د ت ق).
(قالا: حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا) سليمان بن مهران (الأعمش) الأسدي الكاهلي الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع، لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) أكل (ثمن الكلب) مطلقًا (و) عن أخذ أجرة (عسب) وطروق (الفعل) وركوبه على الأنثى للإحبال؛ أي: نهى عن أجرة ضرابه، فاستئجاره لذلك باطل عند الشافعي وأبي حنيفة للغَرَرِ والجهالةِ. انتهى "مناوي".
والفحل في العرف: ذكر الإبل؛ وهو المسمى بالجمل، والمراد هنا: ما يعم
(143)
- 2127 - (3) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،
===
فحول كل الحيوان، قال ابن الأثير في "جامع الأصول" (1/ 490): يقال: ضرب الفحل الأنثى، إذا ركبها للوقاع وعَلَا عليها.
والمراد من بيع ضراب الجمل: إجارة الفحل من أي حيوان للضراب، وقد ورد النهي عن أخذ الأجرة عليه في غير ما حديث، وبه أخذ الحنفية والجمهور، وروي عن مالك وبعض العلماء إجازته، وحمل الحديث على التنزيه. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، ومسلم في كتاب المساقاة، وأبو داوود في البيوع والإجارات، والترمذي في كتاب البيوع، باب كراهية عسب الفعل عن ابن عمر، قال: وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وأبي سعيد، قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، وقد رخص بعضهم في قبول الكرامة على ذلك، والنسائي في كتاب البيوع، والدارمي، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند".
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به في ثمن الكلب، والاستدلال به في عسب الفحل.
* * *
ثم استطرد المؤلف للترجمة بحديث جابر رضي الله تعالى عنه، فقال:
(143)
-2127 - (3)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي عالمها، ثقة مدلس، من
أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ.
===
الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(أنبأنا) عبد الله (بن لهيعة) بن عقبة الحضرمي المصري قاضيها، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ثقة فيما روى عنه العبادلة، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ). يروي عنه (م د ت ق).
(عن أبي الزبير) المكي الأسدي مولاهم محمد بن مسلم بن تدرس، صدوق مدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو مخلط، وفيه أبو الزبير، وهو مدلس.
(قال) جابر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) أكل (ثمن السنور) قيل: هي الهرة بعد أن توحشت، وقيل: حيوان بري يشبه النمر، يباع لأجل زباده؛ وهو بزاقه؛ لأنها عطرة، في الأرميا:(مورءى)، قيل: يحمل النهي على التنزيه.
وفي إسناد المؤلف ابن لهيعة، لكن الحديث رواه أبو داوود وغيره بإسناد آخر، وقال البيهقي: الإسناد صحيح على شرط مسلم.
قلت: بل أخرجه مسلم برواية أبي الزبير، قال: سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسنور، قال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
قال القرطبي: لفظ: (زجر) كما في رواية مسلم يشعر بتخفيف النهي عنها، وأنه ليس على التحريم، بل على التنزيه عن ثمنها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقد كره بيع السنور - أي: الهرة الأهلية - أبو هريرة ومجاهد وغيرهما؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث، ومنهم من علله بأنه لا يثبت في البيوت ولا يمكن انضباطه، وهذا ليس بشيء، وهذا مناكرة للحس؛ فإنها تنضبط في البيوت آمادًا طويلة، وتسلُّمُه ممكن حالة البيع؛ فقد كملت فيها شروط صحة البيع، ثم إن شاء مشتريه .. ضبَطَه، وإن شاء .. سَيَّبَهُ.
وأحسن من هذا التعليل: أن بيعه وبيع الكلب ليس من مكارم الأخلاق، ولا من عادة أهل الفضل، والشرع ينهى عما يناقض ذلك أو يباعده؛ كما قلنا في طرق الفحل، وكذلك في كسب الحجام؛ لأنه عمل خسيس لا يتعاطاه إلا أهل الخسة والدناءة؛ كالعبيد ومن جرى مجراهم. انتهى من "المفهم".
قوله: (عن ثمن السنور) استدل بهذا الحديث من قال بحرمة بيع السنور، وروي ذلك عن أبي هريرة ومجاهد وطاووس وجابر بن زيد، وبه أخذ ابن حزم في "المحلى"(9/ 13) واتفق الأئمة الأربعة وجمهور من سواهم على جواز بيعه، وحملوا النهي في حديث الباب على التنزيه، وهو أصح ما قيل فيه. انتهى من "التكملة".
قلت: والمراد بالسنور هنا: الهرة الأهلية الإنسية، لا الهرة الوحشية المعروفة بالسنور؛ فإنه يجوز بيعها لغرض الزباد؛ وهو بزاقه؛ لأنه يخلط بالطيب؛ كما هو مبسوط في كتب الفروع. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساقاة، وأبو داوود في كتاب البيوع، باب ثمن السنور، والترمذي في كتاب البيوع، باب ثمن الكلب والسنور، لكن رَوَوْهُ بسندٍ صحيح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وإن كان سند المؤلف ضعيفًا؛ لأن له سندًا صحيحًا، وغرضه بسوقه: الاستطراد للترجمة، وسنده ضعيف؛ كما عرفت.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد، والثالث للاستطراد.
والله سبحانه وتعالى أعلم