الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(29) - (660) - بَابُ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ
(58)
- 2042 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَد، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ بَرِيرَةَ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ حُرٌّ.
===
(29)
- (660) - (باب خيار الأمة إذا أعتقت)
(58)
- 2042 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي القاضي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة فقيه مخضرم، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذ السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنها) أي: أن عائشة (أعتقت بريرة) بعدما أَدَّتْ نجومَ الكتابة عنها (فخيَّرها) أي: خَيَّر بريرةَ (رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين المُقام مع زوجها وبين فراقِه، فاختارت فراقَه (وكان لها زوج حر) وكان الحديث بهذا اللفظ شاذًا، والمحفوظ:(وكان زوجُها عبدًا) كما في الحديثين التاليين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال السندي: قوله: (وكان لها زوج حر) أي: حينَ أُعْتِقَتْ، قيل: حديث عائشة قد اختلف فيه؛ كما سيأتي، وحديث ابن عباس لا اختلاف فيه بأنه كان عبدًا، فالأَخْذُ به أحسن، وقيل: كان في الأصل عبدًا، ثم أُعتق وكان حرًّا، فلعلَّ مَنْ قال: عبدًا .. لم يطلع على إعتاقه، فاعتمد على الأصل، فقال:(وكان عبدًا) بخلافِ مَنْ قال: إنه مُعْتَقٌ، فمعَهُ زيادةُ علم، ولعل عائشة اطلعت على ذلك بعد الاختلاف في خبَرِها، فالتوفيقُ ممكن بهذا الوجه، فالأَخْذُ به أحسنُ. انتهى منه.
قوله: (وكان لها زوج حر) استدلَّ به أبو حنيفة على أن للأمة المعتقة الخيار إذا كان زوجها حرًّا، ولكن في كونِ قوله:(كان حرًّا) موصولًا كلام.
قال المنذري: وقوله: (كان حرًّا) هو من كلام الأسود بن يزيد، جاء ذلك مفسرًا، وإنما وقع مدرجًا في الحديث، وقال البخاري: قول الأسود: (كان حرًّا) منقطع، وقول ابن عباس:(رأيته عبدًا) أصحُّ، هذا آخر كلامه.
وقد روي عن الأسود عن عائشة أن زوجها كان عبدًا، فاختلفت الرواية عن الأسود، ولم تختلِف عن ابن عباس وغيرِه ممن قال:(كان عبدًا)، وقد جاء عن بعضهم أنه قولُ إبراهيم النخعي، وعن بعضهم أنه من قول الحكم بن عتيبة، قال البخاري: وقولُ الحكم مرسل، هذا آخر كلامه.
وروى القاسم بن محمد وعروة بن الزبير عن عائشة ومجاهد وعمرة بنت عبد الرحمن كلهم عن عائشة أن زوجَ بريرة كان عبدًا، والقاسمُ هو ابن أخي عائشة، وعروة هو ابن أختها، وكانا يَدْخُلان عليها بلا حِجاب، وعمرةُ كانت في حجر عائشة، وهؤلاء أَخصُّ الناسِ بها.
وأيضًا فإن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تَذْهَبُ إلى خلافِ ما رُوي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عنها، وكان رَأْيُها: لا يثبتُ لها الخيارُ تَحْتَ الحر، وروى نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبدًا، قال البيهقي: إسناده صحيح، وقال إبراهيم بن أبي طالب: خالفَ الأسودُ بن يزيد الناسَ في زوجِ بريرة، فقال: إنه حر، وقال الناسُ: إنه عبد. انتهى كلام المنذري.
قال الحافظ في "الفتح": وحاول بعض الحنفية ترجيح رواية من قال: (كان حرًّا) على رواية من قال: (كان عبدًا)، فقال: الرق تعقبه الحرية بلا عكس، وهو كما قال.
لكن محل طريق الجمع إذا تساوت الروايات في القوة، أما مع التفرد في مقابلة الاجتماع .. فتكون الرواية المنفردة شاذة، والشاذ مردود، ولهذا لم يعتبر الجمهور طريق الجمع بين الروايتين مع قولهم: إنه لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع، والذي يظهر من كلام محققيهم - وقد أكثر منه الشافعي ومن تبعه - أن محل الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين، ومنهم من شرط التساوي في القوة. انتهى، انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطلاق، باب من قال: كان حرًّا، والترمذي في كتاب الرضاع، باب المرأة تُعتق ولها زوج.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، هكذا روى هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان زوج بريرة عبدًا، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: رأيت زوج بريرة عبدًا، وكان يقال له: مغيث، وهكذا روي عن ابن عمر، والعمل على هذا عند أهل العلم، وقالوا: إذا كانت الأمة تحت الحر وأُعتقت .. فلا خيار لها، وإنما يكون لها الخيار إذا أُعتقت وكانت تحت عبد، وهو قول الشافعي
(59)
-2043 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
===
وأحمد وإسحاق، وأخرجه النسائي في كتاب الزكاة، باب إذا تحولت الصدقة وفي كتاب الطلاق، باب خيار الأمة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(59)
-2043 - (2)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(ومحمد بن خلاد) بن كثير (الباهلي) أبو بكر البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(قالا: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا خالد) بن مهران أبو المنازل -بفتح الميم، وقيل: بضمها وكسر الزاي- البصري (الحذاء)، ثقة، من الخامسة، ولكنه يرسل، مات سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن عكرمة) البربري الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس، ثقة، عالم بالتفسير والعلم، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا وَيَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّه، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ:"يَا عَبَّاسُ؛ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَريرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا"، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ رَاجَعْتِيهِ؛ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ تَأْمُرُنِي،
===
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عباس: (كان زوج بريرة عبدًا، يقال له: مغيث) -بضم أوله وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة ثم مثلثة- اسم زوج بريرة مولاة عائشة رضي الله تعالى عنهما، وعند الترمذي من طريق أيوب وقتادة عن عكرمة عن ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبدًا أسود لبني المغيرة يوم أعتقت بريرة، وهذا يرد قول من قال: كان عبدًا قبل العتق حرًّا بعده.
قال ابن عباس: (كأني أنظر إليه) الآن وهو (يطوف) ويمشي (خلفها) أي: وراءها (ويبكي) لفراقها (و) الحال أن (دموعه تسيل) وتجري (على خده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس) بن عبد المطلب: (يا عباس؛ ألا تعجب من حب مغيث) زوجته (بريرة ومن بغض بريرة) زوجها (مغيثًا؟ ! ) قيل: إنما كان التعجب؛ لأن الغالب في العادة، أن المحب لا يكونُ إلَّا مَحْبُوبًا، وفي رواية أبي داوود زيادة:(فقال) مغيث: (اشفع لي إليها) أي: إلى بريرة؛ لترجع إلى عصمتي (فقَالَ لها) أي: لبريرة (النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لو راجعتيه) أي: لو رجعتي إلى مغيث، ولم تفارقيه (فإنه) أي: فإن مغيثًا (أبو ولدك).
(قالت) بريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ تأمرني)
قَالَ: "إِنَّمَا أَشْفَعُ"، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
(60)
- 2044 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ،
===
بالرجوع إليه أمرًا من عند الله ومن عندك؛ أي: أتأمرني بالرجوع إليه على سبيل الحتم، وعند ابن مسعود من مرسل ابن سيرين بسند صحيح: فقالت: يا رسول الله؛ أشيء واجب عليَّ؟ قال: "لا" فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا؛ أي: لا آمرك حتمًا، قال الخطابي: في قول بريرة: (أتأمرني بذلك يا رسول الله؟ ) دليل على أنَّ أصل أمره صلى الله عليه وسلم على الحتم والوجوب (إنما أشفع) له إليكِ؛ أي: أقول ذالكِ على سبيل الشفاعة لا على سبيل الحتم عليك.
فـ (قالت) بريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني إذًا (لا حاجة لي فيه) أي: في الرجوع إليه؛ فإنه ليس كفؤًا لي؛ لأنه عبد، وأنا رُزِقْتُ الحريةَ من عند الله تعالى، وفيه: أنه لا إِثْمَ في رَدِّ شفاعةِ الصالحين.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في المملوكة تعتق، وهي تحت حر أو عبد، والنسائي في كتاب آداب القاضي، باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل فصل الحكم.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:
(60)
- 2044 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَضَى فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ؛ خُيِّرَتْ حِينَ أُعْتِقَتْ، وَكَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا، وَكَانُوا يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهَا، فَتُهْدِي
===
الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح.
(عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبي زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (مَضَى) وتَمَّ وثبَتَ وشُرِعَ (في بريرة) مولاتي (ثلاثُ سُنَنٍ) من السنن الشرعية؛ أي: ثلاثُ قضايا، وفي حديث ابن عباس عند أبي داوود وأحمد:(قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أربع قضيات)، وذكر نحو حديث عائشة، وزاد:(وأمرها أن تعتد عدة الحرة)، وهذه الزيادة أخرجها الدارقطني. انتهى "تكملة فتح الملهم".
أحدها: أنها (خيرت) أي: خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المقام مع زوجها العبد وبين مفارقته (حين أعتقت) فاختارت نفسها.
(و) ثانيها: أنه (كان زوجها) عبدًا (مملوكًا) للناس فلا ينفق عليها (وكانوا) أي: كان الناس (يتصدقون عليها) أي: على بريرة (فتهدي) من
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: "هُوَ عَلَيْهَا صدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ"، وَقَالَ:"الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ".
===
تلك الصدقة (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول) أي: النبي صلى الله عليه وسلم: (هو) أي: ذلك اللحم الذي أهدته لنا (عليها) أي: على بريرة (صدقة) وَصَلَتْ إلى محلها (وهو) أي: وهذا اللحم (لنا) أي: لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (هدية) مقبولة أهدَتْها لنا بريرةُ.
(و) ثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم (قال) لعائشة في شأن بريرة حين أبَى أهلُها أن يبيعوا لها إلا بشرط أن يكون ولاؤها لهم، فقال لعائشة: اشتر منهم بذلك الشرط الذي طلبوه منك، فلا يمنعك ذلك الشرط من شرائها وعتقها؛ فإنما (الولاء) أي: فائدته وثمرته (لمن أعتق) أي: من باشر العتق، لا من شرطه لنفسه بلا مباشرة للعتق؛ فإنه شرط باطل خالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال السندي: قوله: "وهي لنا هدية" فبين أن العين الواحدة تختلف حكما باختلاف جهات الملك. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النكاح، باب الحرة تحت العبد، وفي كتاب الطلاق، باب لا يكون بيع الأمة طلاقًا، ومسلم في كتاب العتق، باب الولاء من أعتق.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة الأول بحديث آخر لها رضي الله تعالى عنها، فقال:
(61)
- 2045 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَد، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُمِرَتْ بَرِيرَةُ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.
===
(61)
- 2045 - (4)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه (ع).
(عن الأسود) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (أمرت بريرة) أي: أمرها النبي صلى الله عليه وسلم (أن تعتد) من فراقها (بـ) عدة الحرة الأصلية (ثلاث حيض) أي: بثلاثة أقراء.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
(62)
- 2046 - (5) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّام، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ بَرِيرَةَ.
===
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث عائشة الأول بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(62)
- 2046 - (5)(حدثنا إسماعيل بن توبة) بن سليمان بن زيد الثقفي أبو سليمان الرازي، أصله من الطائف ثم نزل قزوين، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عباد بن العوام) بن عمر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي، ثقة، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي مولاهم البصري النحوي، صدوق، ربما أخطأ، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع)، وعباد بن العوام.
وروى هو: (عن عبد الرحمن بن أذينة) - بنون مصغرًا - العبدي الكوفي قاضي البصرة ثقة، من الثالثة، وَهِمَ مَنْ ذَكَره في الصحابة، مات سنة خمس وتسعين تقريبًا. يروي عنه:(ق).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بريرة) بين المقام مع زوجها العبد وبين فراقه، فاختارت فراقه، وأن تعتد لفراقه بعدة الحرة، وفي رواية زيادة:(إن قَرُبَكِ) أي: جامعكِ قريبًا .. (فلا خيار لك).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله ثقات، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وهذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في هذا الباب باختلاف طرقها .. فيها أبواب من الفقه؛ فمنها: جواز إظهار الرجل محبة زوجته، وجواز التذلل والرغبة والبكاء بسبب ذلك، إذ لم يُنْكِر النبيُّ صلى الله عليه وسلم على مغيث شيئًا من ذلك ولا نَبَّهَهُ عليه، وفيه جواز عرض الاستشفاع والتلطف فيه، وتَنَزُّلُ الرجلِ الكبير للمشفوع عنده وإن كان نازل القدر، وفيه ما يدل على فقه بريرة، حيث فرقت بين الأمر والاستشفاع، وأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان محمولًا عندهم على الوجوب؛ بحيث لا يرد ولا يخالف.
وفيه النصوص على أن الزوج كان عبدًا، وفيه ما يدل على أن تمكين المخيرة من نفسها طائعة .. يبطل خيارها، ويفهم منه أن كل من له الخيار في شيء فتصرف فيه تصرف الملاك مختارًا .. أن تصرفه فيه يسقط حق الخيار فيه، وفيه جواز تصريح المرأة بكراهة الزوج، وفيه ما يدل على أن نفس اختيارها لنفسها كان بمنزلة وقوع الطلاق إذا لم يُصرِّح زوجها بلفظ طلاقٍ ولا غيره، لكن الحال دَلَّ على ذلك، فاكتُفي به، ووقع الطلاق عليها من زوجها، ولذلك أمرها أن تعتد عدةَ الحرة. انتهى من "المفهم".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم