الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) - (633) - بَابُ طَلَاقِ السُّنَّةِ
(4)
- 1988 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي
===
(2)
- (633) - (باب طلاق السنة)
وطلاق السنة: هو الطلاق الجائز؛ وهو أن يوقع الزوج الطلاق في طهر غير مجامع فيه، فخرج به طلاق البدعة، وهو الطلاق الحرام؛ وهو أن يوقع الزوج الطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه؛ كما هو مبسوط في كتب الفروع. انتهى من "الكوكب".
* * *
(4)
- 1988 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي -بسكون الواو- أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة اثنتين وتسعين ومئة (192 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (طلقت امرأتي) أي: زوجتي، قال النووي في "تهذيب الأسماء": إن اسمها آمنة بنت غفار -بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء-
وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا
===
وقيل: آمنة بنت عمار -بالعين المهملة- ووقع في "مسند أحمد" بسند على شرط الشيخين أن عبد الله طلق امرأتَه النوَّارَ.
ويمكن الجمع بينهما بأن يكون اسمها آمنة؛ ولقبها النوار، هذا ملخص ما في "فتح الباري" و"تلخيص الحبير". انتهى من "الكوكب".
(وهي حائض) أي: طلقتها والحال أنها حائض (فذكر ذلك) أي: طلاقي إياها في الحيض والدي (عمر) بن الخطاب (لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي: سأله عن طلاقي إياها في الحيض هل هو جائز أم لا؟ وهل هو واقع أم لا؟ أي: سأله عن حكمه.
والمعنى: أنه طلق امرأته تطليقةً؛ كما صرح به مسلم في بعض روايته، فذكر ابن عمر ذلك لوالده عمر، فذكر عمر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مره) أي: مر ولدك عبد الله بأن يراجعها إلى نكاحه (فليراجعها) إلى نكاحه وفي الرواية الأخرى لمسلم: (أن أباه لما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم .. تغيظ، ثم أمره بمراجعتها) ففيه دليل على أن الطلاق في الحيض يحرم؛ فإنه أنكره بتغيظه عليه مع أن ابن عمر لم يكن عرف تحريم ذلك عليه، فتغيظ بسبب ذلك، وأمره بالمراجعة، وهو مذهب الجمهور. انتهى من "المفهم".
قوله: (فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن العربي: سؤال عمر لرسول الله عن ذلك يحتمل وجوهًا؛ منها: أنهم لم يروا قبل هذه النازلة مثلها، فأراد السؤال؛ ليعلموا الجواب، ويحتمل أن يكون ذلك معلومًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عنده بالقرآن؛ وهو قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1)، وقوله:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (2)، وقد علم أن هذا ليس بقرء، فافتقر إلى معرفة كيفية الحكم فيه، ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهي، فجاء ليسأل عن الحكم بعد ذلك، كذا في "عارضة الأحوذي"(5/ 126).
قال القرطبي: واختلف في منع الطلاق في الحيض: فقيل: هو تعبدي غير معقول المعنى؛ وقيل: هو معلل بتطويل العدة، وهذا على أصلنا في أن الأقراء هي الأطهار، وينبني على هذا الخلاف الخلاف في المطلقة قبل الدخول، والحامل في الحيض، فإذا قلنا: هو تعبدي .. لم يجز أن يطلقا وهما حائضتان؛ وإذا قيل: للتطويل .. جاز ذلك؛ لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، ولأن عدة الحامل وضع حملها.
وقيل: إن علة ذلك خوف الإسراع إلى الطلاق والتساهل فيه؛ بسبب أنه لا يَتَلذَّذُ الزوجُ بوطئها؛ لأجل الحيض، بل تَنفرُ نفسُه منها ويَهُون عليه أمرها غالبًا؛ فقد تحمله تلك الحالةُ على الإسراع إِلى الطلاق والتساهلِ فيه، "والطلاق أبغض الحلال إلى الله" كما قاله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داوود وابن ماجه؛ لأنه نقيض الألفة المطلوبة شرعًا، وإنما شرع الطلاق؛ تخلصًا من الضرر اللاحق بالزوج، ولذلك كرِه الطلاق من غير سبب، وإلى هذا الإشارةُ بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يَفْرُكْ مؤمنٌ مؤمنةً"، وبقوله:"والمرأة خُلقت من ضلعٍ أَعْوَج". انتهى من "المفهم". وقوله: "مره" أصله: اُأْمُرْهُ بهمزتين أولاهما للوصل مضمومةً تبعًا للعين؛
(1) سورة الطلاق: (1).
(2)
سورة البقرة: (228).
حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا؛ فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ".
===
مثل اقتل، والثانية فاء الكلمة ساكنة تبدل تخفيفًا من جنس حركة سابقتها، فتقول: أومر، فإذا وصل الفعل بما قبله .. زالت همزة الوصل وسكنت الهمزة الأصلية؛ كما في قوله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} (1)، لكن استعملها العرب بلا همزةٍ، فقالوا: مر لكثرة الدوران على الألسنة، ولأنهم حذفوا أولًا الهمزة الثانية تخفيفًا، ثم حذفوا الوصل استغناءً عنها؛ لتحرك ما بعدها، وكذا حكم أأخذ وأأكل؛ كما بسطنا الكلام على ذلك في شرحنا "مناهل الرجال على لامية الأفعال"، فراجعه إن شئت.
قوله: "فليراجعها" ظاهره: وجوب الرجعة على من طلق امرأته وهي حائض طلاقًا رجعيًا، وهو قول مالك، وداوود الظاهري، وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو المختار عند الحنفية، وقال الشافعي: لا تجب الرجعة، وإنما هي مستحبة، وهو المختار عند الحنابلة؛ كما في "المغني".
"ثم ليتركها" كما في رواية مسلم؛ أي: ثم ليمسكها (حتى تطهر) من الحيضة التي طلقها فيها (ثم تحيض) حيضةً أخرى (ثم تطهر) من الحيضة الثانية (ثم) بعدما طهرت من الحيضة الثانية (إن شاء) تطليقها .. (طلقها) في الطهر الثاني (قبل أن يجامعها، وإن شاء) إمساكها في نكاحه .. (أمسكها) في نكاحه (فإنها) أي: فإن تلك الحالة التي هي الطهر الثاني (العدة) أي: زمن الشروع في العدة (التي أمر الله) تعالى أن تطلق النساء فيها بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (2).
(1) سورة طه: (132).
(2)
سورة الطلاق: (1).
(5)
- 1989 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري، ومسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في طلاق السنة، والنسائي في كتاب الطلاق، باب الرجعة.
ودرجته: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم بالصواب.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(5)
- 1989 - (2)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري الملقب ببندار، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي البصري، ثقة إمام، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سفيان) بن سعيد الثوري، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي إسحاق) الهمداني السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة -بفتح النون وسكون المعجمة- الجشمي -بضم الجيم وفتح المعجمة- الكوفي مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، قتل قبل المئة في ولاية الحجاج على العراق. يروي عنه:(م عم).
عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ.
(6)
- 1990 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَش،
===
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله: (طلاق السنة: أن يطلقها) أي: أن يطلق المرأة حالة كونها (طاهرًا) عن حيض (من غير جماع) أي: من غير جماع لها في ذلك الطهر الذي طلق فيه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الطلاق، باب طلاق السنة.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث آخر لعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(6)
- 1990 - (3)(حدثنا علي بن ميمون الرقي) العطار، ثقة، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا حفص بن غياث) -بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة- ابن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي القاضي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر، من الثامنة، مات سنة أربع، أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة فقيه قارئ، من
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَص، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ يُطَلِّقُهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً، فَإِذَا طَهُرَتِ الثَّالِثَةَ .. طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضَةٌ.
===
الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، ثقة مدلس، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي، من الثالثة، قُتل قبل المئة في ولاية الحجاج. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله (في) بيان (طلاق السنة): هو أن (يطلقها) الزوج (عند كل طهر) أي: في كل طهر من أطهارها (تطليقة، فإذا طهرت) المرة (الثالثة .. طلقها) آخر الطلقات الثلاث (وعليها) أي: وعلى تلك المطلقة (بعد ذلك) أي: بعد التطليقة الثالثة (حيضة) واحدة لتمام عدتها؛ والمراد: أنه إذا أراد التثليث .. فعل ذلك، وعليها بعد التثليث حيضة واحدة، وهذا صريح في أن العدة تكون بالحيض لا بالأطهار. انتهى "سندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عمر بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(7)
- 1991 - (4) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي غَلَّابٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ:
===
(7)
- 1991 - (4)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا هشام) بن حسان الأزدي القردوسي أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد) بن سيرين الأنصاري أبي بكر البصري، ثقة ثبت عابد، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يونس بن جبير) الباهلي (أبي غلاب) -بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام- البصري، ثقة، من الثالثة، مات قبل المئة بعد التسعين، وأوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك. يروي عنه:(ع).
(قال) يونس: (سألت) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وهذ السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن رجل طلق امرأته وهي) أي: والحال أنها (حائض) أيقع ذلك الطلاق أم لا؟ وهل يجوز طلاقها في الحيض أم لا؟ (فقال) لي ابن عمر في
تَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا قُلْتُ: أَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ.
===
جواب سؤالي: أ (تعرف) يا يونس أن (عبد الله بن عمر طلق زوجته وهي حائض؟ ) ففيه: التفات من التكلم إلى الغيبة، ومقتضى الحال أن يقال: ألم تعرف أني طلقت امرأتي وهي حائض؟ (فأتى) والدي (عمر) بن الخطاب (النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الطلاق في الحيض (فأمره) أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بأن يأمرني برجعتها، فقال له: مر ولدك بـ (أن يراجعها) أي: بأن يراجع زوجته إلى نكاحه.
قال يونس بن جبير: فـ (قلت) لابن عمر: (أيعتد) ويحسب على ابن عمر (بتلك) التطليقة الواقعة في الحيض من الثلاث؟ ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، فـ (قال) لي ابن عمر:(أرأيت) أي: أخبرني (إن عجز) ابن عمر وغفل عن إيقاع الطلاق على وجهه الذي يجوز فيه؛ يعني: في حالة الطهر (واستحمق) أي: وفعل فعل الأحمق بتطليقه في حالة الحيض؛ أي: لا يعذر بعجزه عن إيقاع الطلاق في الطهر، وباستحماقه بإيقاعه في الحيض، فلا بد من وقوع الطلاق عليه، هكذا فسره أكثر شراح الأمهات.
وقال الحافظ: أي: إن عجز عن فرضٍ فلم يُقِمْهُ؛ وهو الطلاق في الطهر، واستحمق فلم يأت به في الطهر .. أيكون ذلك عذرًا له؟ انتهى.
وقال الخطابي: في الكلام حذف؛ أي: أرأيت إن عجز واستحمق أيسقط عنه الطلاق حُمْقُه، أو يُبْطِلُه عَجْزُه -فالاستفهام إنكاري- أي: لا يُسقطه، وحذف الجواب؛ لدلالة الكلام عليه. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها: في كتاب الطلاق، باب تفسير أول سورة الطلاق، ومسلم في كتاب الطلاق، باب في تحريم طلاق الحائض، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في طلاق السنة، والترمذي في كتاب الطلاق، باب ما جاء في طلاق السنة، والنسائي في كتاب الطلاق، باب وقت الطلاق للعدة التي أمر الله أن تطلق النساء لها، وفي غيره، والدارمي في كتاب الطلاق، وأحمد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم