المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(27) - (658) - باب اللعان - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌(1) - (632) - بَابُ الطَّلَاقِ

- ‌(2) - (633) - بَابُ طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(3) - (634) - بَابُ الْحَامِلِ كَيْفَ تُطَلَّقُ

- ‌(4) - (635) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ

- ‌(5) - (636) - بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌(6) - (637) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ إِذَا وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بَانَتْ

- ‌(7) - (638) - بَابُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا وَضَعَتْ .. حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ

- ‌(8) - (639) - بَاب: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(9) - (640) - بَابٌ: هَلْ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا

- ‌(10) - (641) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا هَلْ لَهَا سُكْنَى وَنَفَقَةٌ

- ‌(11) - (642) - بَابُ مُتْعَةِ الطَّلَاقِ

- ‌(12) - (643) - بَابُ الرَّجُلِ يَجْحَدُ الطَّلَاقَ

- ‌(13) - (644) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ رَاجَعَ لَاعِبًا

- ‌(14) - (645) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ

- ‌(15) - (646) - بَابُ طَلَاقِ الْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ وَالنَّائِمِ

- ‌(16) - (647) - بَابُ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي

- ‌(17) - (648) - بَابٌ: لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(18) - (649) - بَابُ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنَ الْكَلَامِ

- ‌(19) - (650) - بَابُ طَلَاقِ الْبَتَّةِ

- ‌(20) - (651) - بَابٌ: الرَّجُلُ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ

- ‌(21) - (652) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْخُلْعِ لِلْمَرْأَةِ

- ‌(22) - (653) - بَابُ الْمُخْتَلِعَةِ يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهَا

- ‌(23) - (654) - بَابُ عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ

- ‌(24) - (655) - بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌(25) - (656) - بَابُ الظِّهَارِ

- ‌(26) - (657) - بَابٌ: الْمُظَاهِرُ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ

- ‌(27) - (658) - بَابُ اللِّعَانِ

- ‌(28) - (659) - بَابُ الْحَرَامِ

- ‌(29) - (660) - بَابُ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ

- ‌(30) - (661) - بَابٌ: فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ وَعِدَّتِهَا

- ‌(31) - (662) - بَابُ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(32) - (663) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَمَةً تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا

- ‌(33) - (664) - بَابُ عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(34) - (665) - بَابُ كرَاهِيَةِ الزِّينَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(35) - (666) - بَابٌ: هَلْ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا

- ‌(36) - (667) - بَابُ الرَّجُلِ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ

- ‌كتابُ الكفّارات

- ‌(37) - (668) - بَابُ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَحْلِفُ بِهَا

- ‌(38) - (669) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ

- ‌مبحث في اللات والعزى وتاريخهما

- ‌(39) - (670) - بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ

- ‌(40) - (671) - بَابٌ: مِنْ حُلِفَ لَهُ بِاللهِ فَلْيَرْضَ

- ‌(41) - (672) - بَابُ الْيَمِينِ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ

- ‌(42) - (673) - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌(43) - (674) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا

- ‌(44) - (675) - بَابُ مَنْ قَالَ: كفَّارَتُهَا تَرْكُهَا

- ‌(45) - (676) - بَابٌ: كَمْ يُطْعِمُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(46) - (677) - بَابٌ: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ

- ‌(47) - (678) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَسْتَلِجَّ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ وَلَا يُكَفِّرَ

- ‌(48) - (679) - بَابُ إِبْرَارِ الْمُقْسِمِ

- ‌(49) - (680) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ

- ‌تتمة

- ‌(50) - (681) - بَابُ مَنْ وَرَّى فِي يَمِينِهِ

- ‌فائدة

- ‌(51) - (682) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ

- ‌(52) - (683) - بَابُ النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ

- ‌(53) - (684) - بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ

- ‌(54) - (685) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ

- ‌(55) - (686) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌(56) - (687) - بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا

- ‌(57) - (688) - بَابُ مَنْ خَلَطَ فِي نَذْرِهِ طَاعَةً بِمَعْصِيَةٍ

- ‌كتاب التّجارات

- ‌(58) - (689) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ

- ‌(59) - (690) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ

- ‌(60) - (691) - بَابُ التَّوَقِّي فِي التِّجَارَةِ

- ‌(61) - (692) - بَابٌ: إِذَا قُسِمَ لِلرَّجُلِ رِزْقٌ مِنْ وَجْهٍ .. فَلْيَلْزَمْهُ

- ‌(62) - (693) - بَابُ الصِّنَاعَاتِ

- ‌(63) - (694) - بَابُ الْحُكْرَةِ وَالْجَلَبِ

- ‌(64) - (695) - بَابُ أَجْرِ الرِّاقِي

- ‌(65) - (696) - بَابُ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ

- ‌(66) - (697) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌(67) - (698) - بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌(68) - (699) - بَابُ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ

- ‌تتمة

- ‌(69) - (700) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ

- ‌(70) - (701) - بَابٌ: لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ

- ‌(71) - (702) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ

- ‌(72) - (703) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

- ‌تتمة

- ‌(73) - (704) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ

- ‌(74) - (705) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقا

- ‌فائدة

- ‌(75) - (706) - بَابُ بَيْعِ الْخِيَارِ

- ‌(76) - (707) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ يَخْتَلِفَانِ

- ‌(77) - (708) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ

- ‌(78) - (709) - بَابٌ: إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ .. فَهُوَ لِلْأَوَّلِ

- ‌(79) - (710) - بَابُ بَيْعِ الْعُرْبَانِ

الفصل: ‌(27) - (658) - باب اللعان

(27) - (658) - بَابُ اللِّعَانِ

===

(27)

- (658) - (باب اللعان)

وهو موضوع لحفظ الأنساب، ودفع المضرة عن الأزواج، واللعان لغةً: مصدر لاعن يلاعن لعانًا وملاعنةً؛ كما قال ابن مالك: (لفاعل الفعال والمفاعلة).

وشرعًا: ألفاظ مخصوصة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به.

وتلك الألفاظ هي الكلمات الخمس المعلومة في اللعان، وسميت تلك الكلمات لعانًا؛ لقول الرجل فيها: وعليه لعنة الله إن كان من الكاذبين، وهو من باب التغليب؛ لأن اللعن لم يذكر إلا في الخامسة؛ فهو من باب تغليب الأقل على الأكثر.

ولم ينظر للفظ الغضب مع وجوده في اللعان؛ لقول المرأة: وعليها غضب الله إن كان من الصادقين؛ لأن اللعن متقدم في الآية على الغضب، ولأن لعانه قد ينفك عن لعانها ولا ينعكس، ولأنه من جانب الزوج، وذاك من جانب الزوجة.

ومعنى كون الكلمات الأربع حجة للمضطر: لأن كل كلمة منها بمنزلة شاهد، فالكلمات الأربع بمنزلة الشهود الأربعة الذين هم حجة في الزنا ونحوه.

والحاصل: أن الزوج يبتلى بقذف امرأته؛ لدفع العار الذي ألحقته به والنسب الفاسد إن كان هناك ولد ينفيه، وقد يتعذر عليه إقامة البينة على زناها، فجعل اللعان بينة له، وإن تيسرت له البينة؛ لأن الغالب ألا يجد بينة. انتهى "بيجوري على ابن قاسم".

وشرع اللعان في السنة التاسعة من الهجرة في شعبان، قاله الطبري وابن

ص: 147

(50)

- 2034 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ

===

أبي حاتم، وجزم به غير واحد من المتأخرين، واستظهر الحافظ ابن حجر أنه في شعبان سنة عشر لا تسع، راجع "الفتح"(9/ 397).

* * *

(50)

- 2034 - (1)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد الأموي (العثماني) المدني نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري؛ أي: المدني، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي (الساعدي) أبي العباس المدني رضي الله تعالى عنه.

يقال: كان اسمه أولًا حزنًا، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى سهل، حكاه ابن حبان، مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، مات سنة إحدى وتسعين (91 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) سهل: (جاء عويمر) - مصغر عامر - ابن الحارث بن زيد بن الجعد بن عجلان (إلى عاصم بن عدي) الأنصاري، وهو ابن عم والد عويمر وسيد بني عجلان، وذكر أن امرأة عويمر خولة بنت قيس، وذكر ابن مردويه

ص: 148

فَقَالَ: سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَعَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ،

===

أنها بنت أخي عاصم أو بنت عاصم، وعاش عاصم مئة وعشرين (120) سنة، وقيل: مئة وخمس عشرة، ومات سنة خمس وأربعين (45 هـ)، رضي الله تعالى عنه.

(فقال) عويمر لعاصم: (سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له: (أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا) يزني بها (فقتله) أي: فقتل زوج المرأة ذلك الزاني على امرأته (أيقتل) أي: هل يقتل زوج المرأة (به؟ ) أي: بسبب قتل ذلك الزاني بامرأته (أم كيف يصنع) زوج المرأة بذلك الزاني؟ أي: أي شيء يفعل زوج المرأة بذلك الزاني؟

فـ (كيف) مفعول مقدم لـ (يصنع) أي: أيقتله فتقتلونه قصاصًا أم يصبر على ما به من المضض والتألم؟

وإنما خص عويمر عاصمًا بالسؤال؛ لأنه كبير قومه وسيدهم وصهره على ابنته أو ابنة أخيه، ولعله كان اطلع على مخايل ما سأله عنه لكن لم يتحققه، فلذلك لم يفصح به، أو اطلع على حقيقته، لكن خشي إذا صرح به من عقوبة القذف، أشار إلى ذلك ابن العربي.

(فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) الأمر الذي أمره عويمر بالسؤال عنه (فعاب) أي: كره (رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل) أي: كثرة مسائل الناس عليه التي سألوه عنها من غير ضرورة إليها.

قال النووي: المراد: كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها، لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو مسلمة، أو فيه إشاعة فاحشة، وإنما كان سؤال عاصم

ص: 149

ثُمَّ لَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَا صنَعْتَ؟ فَقَالَ: صَنَعْتُ أَنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَابَ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ؛ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَأَسْأَلَنَّهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا

===

في هذا الحديث عن قصة لم تقع بعد ولم يحتج إليها، وفيه شناعة على المسلمين والمسلمات، وتسليط اليهود والمنافقين ونحوهم على الكلام في أعراض المسلمين.

(ثم لقيه) أي: لقي عاصمًا (عويمر) العجلاني (فسأله) أي: فسأل عويمر عاصمأ (فقال) عويمر لعاصم: (ما صنعْتَ؟ ) أي: أي شيء صنعت فيما أمرتك به من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن حاجتي التي أشكلت عليَّ؟ (فقال) عاصم: نعم (صنعت) ما أمرتني به من سؤاله صلى الله عليه وسلم ولكن (أنك لم تأتني) ولم تأمرني (بخير) فإني (سألت رسول الله عملى الله عليه وسلم) عن ذلك (فعاب) أي: فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسائل) أي: مسائل الناس؛ لكثرتها عليه فيما لا حاجة إليه.

(فقال عويمر) لعاصم: (والله) لا أنتهي ولا أترك السؤال عنها؛ (لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأسألنه) عنها؛ كما في رواية مسلم، وإنما عزم عويمر على ذلك بعدما سمع من كراهية النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال: لأنه كان يعلم علة الكراهية؛ وهي المسألة من غير حاجة، ولما كان متيقنًا بأن له إليها حاجة لم ير بالرجوع إليه صلى الله عليه وسلم بأسًا.

(فأتى) عويمر (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده) صلى الله عليه وسلم والحال أنه صلى الله عليه وسلم (قد أنزل عليه) الوحي (فيهما) أي:

ص: 150

فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَالله، لَئِنِ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللهِ .. لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْن،

===

في شأن عويمر وفي شأن امرأته، والذي أنزل عليه قولهُ تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ

} (1) إلى آخر الآيات، فلما كشف عنه الوحي .. سأله عويمر.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قد نزل فيك وفي صاحبتك الوحي، فأت بها"، فذهب عويمر فأتى بها، فسأله فقذفها، وسألها فأنكرت الزنا، وأصر كل واحد منهما على قوله (فلاعن بينهما) أي: أمر باللعان بينهما، فتلاعنا يوم الجمعة بعد العصر في المسجد النبوي، قال سهل: فتلَاعَنا وأنا في ذلك المجلِس مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلَّما فرغا مِن تلاعنهما .. (قال عويمر: والله؛ لئن انطلقت) وذهبت ورجعت (بها) أي: بهذه المرأة التي لاعنتُها إلى بيتي وأبقيتُها عندي زوجةً (يا رسول الله لقد كذبت عليها) فيما قلت لها.

(قال) سهل: (ففارقها) أي: طلقها عويمر في ذلك المجلس (قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلاقها (قال ابن شهاب) بالسند السابق -كما في رواية مسلم-: (فصارت) أي: الفرقة بينهما (سنة) أي: طريقةً شرعيةً (في) من بعدهما من (المتلاعنين) فلا يجتمعان بعد الملاعنة أبدًا، فيحرم عليه بمجرد اللعان نكاحها تحريمًا مؤبدًا ظاهرًا وباطنًا، سواء صدقت أو صدق، ووطؤها بملك اليمين لو كانت أمة فيملكها؛ لحديث البيهقي:"المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا".

(1) سورة النور: (6).

ص: 151

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوهَا؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ .. أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ .. فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا"، قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ.

===

(ثم) بعد فراغهما من التلاعن (قال النبي صلى الله عليه وسلم للحاضرين (انظروها) أي: انتظروا هذه الملاعنة، وقد كانت حاملًا؛ أي: انتظروا ولادتها (فإن جاءت به) أي: بحملها، أي: فإن ولدته حالة كونه (أسحم) أي: أسود الجسم (أدعج العينين) أي: شديد سواد العينين من الدعج - بالتحريك - وهي شدة سواد العين، وقيل: سعتها (عظيم الأليتين) تثنية الألية؛ وهي العجيزة .. (فلا أراه) أي: فلا أظن الرجل الملاعن لها (إلا قد صدق عليها) فيما يدعيه عليها.

(وإن جاءت به) أي: بالولد حالة كونه (أحيمر) - تصغير أحمر - أي: قليل الحمرة (كأنه وحرة) في قلة حمرته، والوحرة: دويبة حمراء تلصق بالأرض سريعة في جريها؛ كأن لونها مائل إلى الغبرة .. (فلا أراه) أي: فلا أظن هذا الملاعن (إلا كاذبًا) عليها فيما يدعي عليها، (قال) سهل:(فجاءت) المرأة (به) أي: بذلك الولد حالة كونه كائنًا (على النعت المكروه) لها وللناس؛ وهو كونه أسحم أدعج العينين؛ كأنه وصف الزاني بها.

قوله: (لئن انطلقت بها) أي: لئن رجعتُ بها إلى بيتي وأبقيتُها عندي زوجةً؛ يريد: أن مقتضى ما جرى من اللعان ألا أمسكها إن كنت صادقًا فيما قلت لها، فإن أمسكتها .. كنت كاذبًا عليها فيما قلت، فلا يليق الإمساك.

وظاهره: أنه لا يقع التفريق بمجرد اللعان، بل يلزم أن يفرق الحاكم بينهما أو الزوج يفرق بنفسه، ومن يقول بخلافه .. يعتذر بأنه ما كان عالمًا بالحكم، وفيه

ص: 152

(51)

- 2035 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ،

===

أنه لو كان عن جهل كيف قرره النبي صلى الله عليه وسلم؟ ! انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطلاق، باب اللعان ومن طلق بعد اللعان، ومسلم في كتاب الطلاق، باب اللعان، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في اللعان، والنسائي في كتاب الطلاق، باب الرخصة في ذلك.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث سهل بن سعد بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(51)

- 2035 - (2)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) وقد ينسب إلى جده، وقيل: هو إبراهيم، أبو عمر البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال: أنبأنا هشام بن حسان) الأزدي القردوسي - بالقاف وضم الدال - أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عكرمة) البربري الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس أبو عبد الله

ص: 153

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، فَقَالَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالْحَقِّ؛ إِنِّي لَصَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ

} حتى بلغ: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ، فَانْصَرَفَ

===

المكي، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن هلال بن أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء (قذف امرأته) أي: نسبها إلى الزنا (عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء) بفتح أوله، (فقال) له (النبي صلى الله عليه وسلم: البينة) بالنصب؛ أي: أقم البينة على زناها (أو) يقع (حد في ظهرك) أي: على ظهرك؛ يعني: حد قذفها، (فقال هلال بن أمية) للنبي صلى الله عليه وسلم:(والذي بعثك بالحق؛ إني لصادق) فيما قلت لها (ولينزلن) بفتح اللام وضم التحتية وسكون النون وكسر الزاي المخففة آخره نون مشددة (في أمري) أي: في شأني (ما يبرئ) بتشديد الراء وتخفيفها (ظهري) عن الحد ويدفعه عنه.

(قال) ابن عباس؛ (فنزلت) آية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} أي: يقذفون أزواجهم ({وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ

} حتى بلغ) المُنزَّلُ من القرآن قوله تعالى: ({وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (1)، فانصرف) أي:

(1) سورة النور: (6 - 9).

ص: 154

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَجَاءَا، فَقَامَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ "، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .. قَالُوا لَهَا:

===

فرغ (النبي صلى الله عليه وسلم مما كان مشغولًا به من الوحي.

(فأرسل) النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ عنده (إليهما) أي: إلى هلال بن أمية وامرأته (فجاءا) - بألف التثنية - أي: جاء كل منهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم (ؤ) لما جاءا .. (قام هلال بن أمية، فشهد) أي: لاعن (والنبي) أي: والحال أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول) لكل منهما: (إن الله) عز وجل (يعلم أن أحدكما كاذب، فهل) منكما (من تائب؟ ).

قال عياض: ظاهره أنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان، فيؤخذ منه: عرض التوبة على المذنب ولو بطريق الإجمال، وأنه يلزمُ مَنْ كذَبَه التوبةُ من ذلك، وقال الداوودي: قال ذلك قبل اللعان تحذيرًا لهما منه، والأول أظهر وأولى بسياق الكلام، قال الحافظ: والذي قاله الداوودي أولى من جهة أخرى؛ وهو مشروعية الموعظة قبل الوقوع في المعصية، بل هو أحرى مما بعد الوقوع. انتهى.

قلت: وسياق هذا الحديث ظاهر فيما قاله الداوودي. انتهى من "العون".

(ثم) بعدما فرغ هلال من لعانه (قامت) المرأة (فشهدت) أي: لاعنت (فلما كان) لعا نها (عند) الشهادة (الخامسة) وفي رواية الترمذي: (فلما كانت) أي: المرأة (عند الخامسة) يعني الراوي بالخامسة: قوله تعالى: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (1) .. قالوا) أي: قال الحاضرون (لها) أي:

(1) سورة النور: (9).

ص: 155

إِنَّهَا الْمُوجِبَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا سَتَرْجِعُ فَقَالَتْ: وَاللهِ؛ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوهَا؛

===

للمرأة (إنها) أي: إن هذه الخامسة (الموجبة) أي: للعذاب الأليم إن كانت كاذبة، جعل الغضب في جانبها؛ لأن النساء يستعملن اللعن كثيرًا؛ كما ورد الحديث بذلك، فربما يجترئن على الإقدام؛ لكثرة جري اللعن علي ألسنتهن وسقوط وقوعه عن قلوبهن، فذكر الغضب في جانبهن؛ ليكون رادعًا لهن. انتهى من "التحفة".

(قال ابن عباس: فـ) لما قالوا ذلك .. (تلكأت) - بتشديد الكاف - أي: توقفت المرأة عن المضي في كلامها، يقال: تلكأ في الأمر إذا تبطأ عنه وتوقف فيه (ونكصت) أي: تأخرت ورجعت، وفي القرآن:{نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} (1).

والمعنى: أنها سكتت بعد الكلمة الرابعة، وفي رواية الترمذي:(ونكست) - بالسين المهملة - أي: خفضت رأسها وطأطأت إلى الأرض، وفي رواية البخاري:(نكصت) - بالصاد المهملة - أي: رجعت وتأخرت، والمعنى: أنها سكتت بعد الكلمة الرابعة (حتى ظننا أنها سترجع) عن لعانها ومقالها في تكذيب الزوج ودعوى البراءة عما رماها به (فقالت) المرأة: (والله؛ لا أفضح قومي سائر اليوم) وباقيه؛ أي: في جميع الأيام وأبد الدهر، والمراد: مدة عمرهم أو فيما بقي من الأيام بالإِعراض عن اللعان والرجوع إلى تصديق الزوج، وأريد باليوم: الجنس، ولذلك أجراه مجرى العام، والسائر كما يطلق للباقي يطلق للجميع. انتهى من "التحفة" و"العون".

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحاضرين: (انظروها) أي: انتظروا

(1) سورة الأنفال: (48).

ص: 156

فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ .. فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ"، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل .. لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ".

===

هذه الملاعنة، وكانت حاملًا؛ أي: انظروا وتأملوا فيما تأتي به من ولدها (فإن جاءت به) أي: بولدها حالة كونه (أكحل العينين) وهو الذي يعلو جفون عينيه سواد مثل الكحل من غير اكتحال، وحالة كونه (سابغ الأليتين) أي: تامهما وعظيمهما؛ من سبوغ النعمة والثوب؛ تثنية الألية -بفتح الهمزة وسكون اللام- وهي العجيزة، أو ما ركب العجز من شحم أو لحم (خَدَلَّج الساقَين) أي: سمينهما - بمعجمة ومهملة ولام مشددة مفتوحات وبالجيم - أي: عظيمهما .. (فهو) أي: فذلك الولد الشريك بن سحماء، فجاءت) المرأة (به) أي: بالولد (كذلك) أي: حالة كونه كائنًا كذلك؛ أي: موصوفًا بالوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.

(فـ) لما جاءت به كذلك .. (قال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل فـ (من) بيان لـ (ما) أي: لولا ما سبق من حكم كتاب الله تعالى بدرء الحد من المرأة بلعانها .. (لكان لي ولها) أي: لهذه المرأة (شأن) عظيم بإقامة الحد عليها، أو المعنى: لولا أن القرآن حكم بعدم الحد عَلَى المتلاعِنَين، وعدمِ التعزير لهما .. لفعلت بها ما يكون عبرة للناظرين وتذكرة للسامعين.

قال الطيبي: وفي إتيان الولد على الوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هنا وفي قصة عويمر بأحد الوصفين المذكورين مع جواز أن يكون على خلاف ذلك .. معجزة وإخبار بالغيب.

فإن قلت: الحديثُ الأول من الباب يدل على أن عويمرًا هو الملاعِنُ، والآيةُ

ص: 157

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

نزلت فيه، والولدُ شَابَهَهُ، وهذا الحديث يدل على أنَّ هلالًا هو الملاعِنُ، والآية نزلَتْ فيه، والولدُ شابَهَه.

ويجاب: بأن النووي قال: اختلفوا في نزول آية اللعان؛ هل هو بسبب عويمر أم بسبب هلال؟ وقال الأكثرون: إنما نزلت في هلال، وأما قوله صلى الله عليه وسلم لعويمر:"إن الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك" .. فقالوا: معناه: الإشارة إلى ما نزل في قصة هلال؛ لأن ذلك حكم عام لجميع الناس.

ويحتمل: أنها نزلت فيهما جميعًا، فلعلهما سألا في وقتين متقاربين، فنزلت الآية فيهما، وسبق هلال باللعان. انتهى، كذا في "القسطلاني". انتهى من "العون".

قال الحافظ: قد اختلف الأئمة في هذا الموضع: فمنهم مَنْ رجَّح أنها نزلت في شأن عويمر، ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال، ومنهم من جَمَع بينهما؛ بأن أول من وقع له السؤال .. هلال، وصادف مجيء عويمر أيضًا، فنزلت في شأنهما معًا في وقت واحد، وقد جنح النووي إلى هذا، وسبقه الخطيب، فقال: لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد، ولا مانع من أن تتعدد القصصُ ويتحد النزولُ.

ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر، ولم يكن علم بما وقع لهلال .. أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم، ولهذا قال في قصة هلال:(فنزل جبريل)، وفي قصة عويمر:(قد أنزل فيك)، فيؤول قوله:"قد أنزل الله فيك" أي: وفيمن كان مثلك، وبهذا أجاب ابن الصباغ في "الشامل"، وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين، قال: وهذه الاحتمالات وإن

ص: 158

(52)

-2036 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ،

===

بعدت .. أولى من تغليط الرواة الحفاظ. انتهى كلام الحافظ ملخصًا. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الشهادات، باب إذا قذف أو ادعى .. فله أن يلتمس البينة، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في اللعان، والترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة النور، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث هشام بن حسان.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث سهل بن سعد.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث سهل بن سعد بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(52)

-2036 - (3)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب) بن الشهيد الحبيبي أبو يعقوب البصري الشهيدي، ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ت س ق).

(قالا: حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

ص: 159

عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ رَجُلٌ:

===

(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبي عمران الكوفي، ثقة إلا أنه يرسل ويدلس، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن علقمة) بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين. يروي عنه: (ع).

(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عبد الله: (كنا) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسين (في المسجد) النبوي (ليلة الجمعة)، وفي رواية أبي عوانة عند أحمد:(كنا جلوسًا عشية الجمعة في المسجد)، وفي رواية:(إذ جاء رجل من الأنصار)(فقال) ذلك الـ (رجل) كذا وقع مبهمأ في جميع الروايات، واستظهر صاحب "البذل" أنه عويمر العجلاني، والأظهر عندي أنه هلال بن أمية؛ لأن سياق هذا الحديث يناسب سياق قصة هلال؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم؛ افتح "إنما روي في قصة هلال، ولم يروفي قصة عويمر مثل ذلك، وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قد نزل فيك وفي صاحبتك

" إلى آخره؛ كما سبق في حديث سهل بن سعد.

ثم زاد أحمد من طريق أبي عوانة في آخر الحديث: (قال: فكان الرجل أول من ابتلي به)، وهذا عين ما ذكروه في قصة هلال؛ كما مر في حديث

ص: 160

لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ .. قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ .. جَلَدْتُمُوهُ، وَاللهِ؛ لَأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل آيَاتِ اللِّعَان، ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ، فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا وَقَالَ: "عَسَى

===

ابن عباس، فقال الرجل الأنصاري لنا معاشر الجالسين:(لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا) أجنبيًا يزني بها (فقتله) أي: فقتل زوج المرأة الرجل الذي رأى مع امرأته .. (قتلتموه) قصاصًا، وهذا خطاب للمسلمين (وإن تكلم) فيها بكلام قذف .. (جلدتموه) أي: ضربتموه جلد الحد؛ لقذفه إياها (أو سكت) عنها (سكت على غيظ) وغضب؛ كما في رواية مسلم (والله؛ لأذكرن ذلك) الرجل (للنبي صلى الله عليه وسلم وأسألنه عن حكمه (فذكره) أي: فذكر ذلك الواجد على امرأته رجلًا أجنبيًا الموجود على امرأته (للنبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن حكمه أيقتله عليها أو يتركه؟

وفي رواية مسلم زيادة: (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم؛ افتح) أي: بين لنا الحكم في هذا الأمر المسؤول عنه (فأنزل الله عز وجل آيات اللعان) يعني قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ

} الآيات (1)(ثم جاء الرجل) الذي وجد على امرأته رجلًا؛ يعني: زوج المرأة (بعد ذلك) أي: بعدما أنزلت آيات اللعان حالة كونه (يقذف امرأته) أي: يرميها بالزنا (فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم باللعان (بينهما) أي: بين ذلك الرجل وامرأته.

(وقال) النبي صلى الله عليه وسلم بعد اللعان بينهما: (عسى) أي: أرجو

(1) سورة النور: (6).

ص: 161

أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ"، فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا.

(53)

-2037 - (4) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ،

===

وأظن (أن تجيء) وتلد (به) أي: بالولد؛ أي: أرجو مجيئها بالولد حالة كونه (أسود) أي: متصفًا بالسواد (جعدًا) كما في رواية مسلم؛ أي: قططًا؛ أي: متصفأ بالجعودة؛ وهي التواء الشعر وانقباضه؛ كشعر السودان، قال الراوي:(فجاءت) المرأة (به) أي: بذلك الولد حالة كونه (أسود جعدًا) مثل ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الخطابي في "معالم السنن": قوله: "عسى أن تجيء به

" إلى آخره، دليل على أن المرأة كانت حاملًا، وأن اللعان وقع على الحمل، وممن رأى اللعان على نفي الحمل مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا تلاعن بالحمل؛ لأنه لا يدرى لعله ريح. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الطلاق، باب اللعان، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب في اللعان.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث سهل بن سعد بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(53)

-2037 - (4)(حدثنا أحمد بن سنان) بن أسد بن حبان - بكسر المهملة بعدها موحدة - أبو جعفر القطان الواسطي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين (259 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(خ م د ق).

ص: 162

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ.

===

(حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني إمام حجة فقيه، من السابعة، مات

سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه: (ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر.

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رجلًا) هو عويمر العجلاني الاعن امرأته) أي: زوجته خولة بنت عاصم بن عدي أو بنت أخيه على الخلاف المار (وانتفى) ذلك الرجل الملاعن؛ أي: أظهر انتفاءه (من ولدها) أي: قال في لعانه: إن ولدها ليس مني (ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما) أي: بين هذين المتلاعنين؛ تنفيذًا لما أوجب الله تعالى بينهما من المباعدة بنفس الملاعنة، وتمسك بظاهره الحنفية، فقالوا: إنما يكون التفريق من الحاكِمِ (وألحق) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولد بالمرأة) الملاعنة؛ لتحقق كونه منها، فترثه ويرثها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الطلاق، باب يلحق الولد بالملاعنة، ومسلم في كتاب الطلاق، باب ما يتبع اللعان من الأحكام؛ كالتفريق بينهما، وإلحاق الولد بالمرأة، وأبو داوود في كتاب

ص: 163

(54)

- 2038 - (5) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: ذَكَرَ

===

الطلاق، باب في اللعان، والترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة النور، والنسائي في كتاب الطلاق.

وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث سهل بن سعد بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(54)

-2038 - (5)(حدثنا علي بن سلمة) بن عقبة القرشيُّ اللَّبَقِيُ -بفتح اللام والموحدة ثم قاف- (النيسابوري) صدوق، من كبار الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(خ ق)، وهو في البخاري على الاحتمال.

(حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري المدني، ثقة فاضل، من صغار التاسعة، مات سنة ثمان ومئتين (208 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة حجة، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) محمد (بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني، صدوق يدلس، بل هو ثقة إمام؛ كما في "التهذيب"، من الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

وهنا صرح بصيغة السماع بقوله: (قال) ابن إسحاق: (ذكر) لنا

ص: 164

طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ امْرَأَةً مِنْ بَلْعِجْلَانَ، فَدَخَلَ بِهَا فَبَاتَ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ .. قَالَ: مَا وَجَدْتُهَا عَذْرَاءَ، فَرُفِعَ شَأْنُهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا الْجَارِيَةَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: بَلَى، قَدْ كُنْتُ عَذْرَاءَ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَتَلَاعَنَا وَأَعْطَاهَا الْمَهْرَ.

===

(طلحة بن نافع) فلا يتهم بالتدليس؛ أي: حدثنا طلحة بن نافع الواسطي أبو سفيان الإسكاف، نزل مكة، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(قال) ابن عباس: (تزوج رجل من الأنصار) لم أر من ذكر اسمه (امرأةً مِنْ بَلْعِجْلانَ).

قال السندي: أصله: من بني عجلان، اسم قبيلة معروفة، لعلها من الحضارمة (فدخل) ذلك الرجل (بها) أي: بتلك المرأة؛ أي: وطئها (فبات عندها) ليلةً (فلما أصبح) الرجل؛ أي: دخل في الصباح .. (قال) للناس: (ما وجدتها) أي: ما وجدت هذه المرأة (عذراء) أي: بكرًا؛ لأنها ثيب، والحال أنه تزوجها ظانًا أنها بكر.

(فرفع شأنها) أي: أَمْرَها (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا) النبي صلى الله عليه وسلم (الجارية) أي: تلك المرأة (فسألها) عن بكارتها (فقالت) الجارية: (بلى) أي: لست أنا كما قال الرجل، بل (قد كنت عذراء) أي: بكرًا (فأمر) النبي صلى الله عليه وسلم (بهما) أي: بتلاعنهما (فتلاعنا، وأعطاها المهر) أي: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء المهر

ص: 165

(55)

- 2039 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيه،

===

كله لها؛ لأنه دخل بها، قال السندي: ومقتضى الحديث: أنه إذا قذف زوجته بالزنا السابق على الزواج .. فالحكم هو اللعان. انتهى.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(55)

-2039 - (6)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا حيوة بن شريح) بن يزيد (الحضرمي) أبو العباس الحمصي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومئتين (224 هـ). يروي عنه:(خ د ت ق).

(عن ضمرة بن ربيعة) الفلسطيني أبي عبد الله، أصله دمشقي، صدوق يهم قليلًا، من التاسعة، مات سنة اثنتين ومئتين (202 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن) عثمان (بن عطاء) بن أبي مسلم الخراساني أبي مسعود المقدسي، ضعيف، من السابعة، مات سنة خمس وخمسين ومئة (155 هـ)، وقيل: سنة إحدى وخمسين. يروي عنه: (ق).

(عن أبيه) عطاء بن أبي مسلم أبي عثمان الخراساني، واسم أبيه: ميسرة، وقيل: عبد الله، صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه (م عم).

ص: 166

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَرْبَع مِنَ النِّسَاءِ لَا مُلَاعَنَةَ بَيْنَهُنَّ: النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِم، وَالْيَهُودِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِم، وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْمَمْلُوك، وَالْمَمْلُوكَةُ تَحْتَ الْحُرِّ".

===

(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة. يروي عنه:(عم).

(عن جده) أي: روى شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي أبي محمد الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عثمان بن عطاء، وهو متفق على ضعفه.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من النساء لا ملاعنة بينهن) وبين أزواجهن: (النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر).

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (4)(223)؛ لضعف سنده، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والأخير للاستئناس، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 167