الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(56) - (687) - بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا
(116)
- 2100 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ
===
(56)
- (687) - (باب من نذر أن يحج ماشيًا)
(116)
- 2100 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أبي سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله بن زحر) -بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة- الضمري مولاهم، الإفريقي، صدوق يخطئ، من السادسة. يروي عنه:(عم).
وقال الآجري عن أبي داوود: سمعت أحمد -يعني: ابن صالح- يقول: عبيد الله بن زحر ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق لا بأس به، وقال النسائي: ليس به بأس، ونقل الترمذي في "العلل" عن البخاري عن أنه وثقه، وبالجملة: الاختلاف فيه لا يقدح في السند، راجع "التهذيب".
(عن أبي سعيد الرعيني) القِتْبَانِي -بكسر القاف وسكون المثناة بعدها موحدة- المصري، اسمه جُعْثُل -بضم الجيم المثلثة بينهما مهملة ساكنة- ابنُ هاعان -بتقديم الهاء المفتوحة ثم عين مهملة- ابن عَمرو المصري، روى عن
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ
===
أبي تميم الجيشاني، ويروي عنه: عبيد الله بن زحر الإفريقي، له عندهم حديث واحد في النذر، حسنه الترمذي، وكان تابعيًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق فقيه، من الرابعة. يروي عنه:(عم)، وكان أحد القراء الفقهاء، وتوفي قريبًا من سنة مئة وخمس عشرة (115 هـ).
(أن عبد الله بن مالك) بن أبي الأَسحَم أبي تميم الجيشاني -بجيم وياء ساكنة بعدها معجمة- مشهور بكنيته المصري، ثقة، مخضرم من الثانية، مات سنة سبع وسبعين (77 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
(أخبره) أي: أخبر عبد الله بن مالك أبا سعيد الرعيني (أن عقبة بن عامر) الجهني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وكان فقيهًا فاضلًا، مات في قرب الستين (60 هـ). يروي عنه:(ع).
(أخبره) أي: أخبر لعبد الله بن مالك.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عبد الله بن زحر، وهو مختلف فيه، وباقي رجال السند ثقات.
(أن أخته) أي: أخت عقبة بن عامر، اسمها أُمُّ حِبَّان -بكسر الحاء المهملة بعدها باء موحدة مشددة- بنت عامر، أسلمت وبايعت، قاله الحافظ. انتهى من "العون" (نذرت أن تمشي) أي: نذرت أن تحج ماشية برجلها (حافية) أي: غير لابسة في رجلها شيئًا من خف ولا نعل (غير مختمرة) -بضم الميم الأولى وكسر الثانية- أي: غير مغطية رأسها بخمارها، قال في "المُغْرِب": الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، ويقال: قد اختمرت وتخمرت؛ إذا لبست الخمار (وأنه) أي: وأن عقبة بن عامر (قد ذكر ذلك) أي: نذرها أن تحج ماشية حافية
لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيِّامٍ".
===
غير مختمرة (لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر: (مرها) أي: مر أختك بالركوب (فلتركب، و) مرها بالاختمار فـ (لتختمر، و) مرها بالصيام، فـ (لتصم ثلاثة أيام) كفارة لنذرها.
فأمرها بالاختمار؛ لأن تركه معصية، فلا نذر فيه، وأما المشي حافيًا .. فيصح النذر فيه، فلعلها عجزت عن المشي، واللازم حينئذ الهدي؛ كما جاء في بعض الأحاديث، فلعله تركه الراوي اختصارًا، وأما الأمر بالصوم .. فمبني على أن كفارة النذر بمعصية كفارة اليمين، وقيل: عجزت عن الهدي، فأمرها بالصوم لذلك، أو عجزت عن أنواع كفارة اليمين؛ من الإعتاق، والإطعام، والكسوة، قاله القاري.
قال في "السبل": ولعل الأمر بصيام ثلاثة أيام لأجل النذر بعدم الاختمار؛ فإنه نذر بمعصية، فوجبت كفارة يمين، وهو من أدلة من يوجب الكفارة في النذر بمعصية، إلا أنه ذكر البيهقي أنه في إسناده اختلاف.
قوله: "ولتصم ثلاثة أيام" أي: متوالية إن كان عن كفارة اليمين، وإلا .. فكيف شاءت.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في المعصية، والترمذي في كتاب الأيمان والنذور، باب رقم (16)، قال: وفي الباب عن ابن عباس، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، والنسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر أن يمشي لبيت الله.
(117)
- 2101 - (2) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْأَعْرَج،
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وإن كان سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا؛ لأن له شاهدًا من حديث ابن عباس أخرجه البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي، فالحديث: صحيح بغيره، وإن كان سنده حسنًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عقبة بن عامر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(117)
- 2101 - (2)(حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب) المدني نزيل مكة، صدوق ربما وهم، من العاشرة، مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني مولاهم المدني، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ.
قال النسائي: حديثه عن عبيد الله بن عمر العمري منكر، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن أبي عمرو) ميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن أبي عثمان، ثقة ربما وهم، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: "مَا شَأْنُ هَذَا؟ "، فَقَالَ ابْنَاهُ: نَذْر يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ؛ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ".
===
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم أي: أبصر (شيخًا يمشي بين ابنيه) أي: يُهادَى بينهما؛ يتوكأ بعضديه عليهما (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للابنين: (ما شأن هذا) الشيخ؟ أي: ما باله يهادى بينكما ويعتمد بعضديه عليكما؟ ولم أر من ذكر اسم الشيخ واسم الابنين، وهل هو الشيخ الذي في حديث أنس أم لا؟ والظاهر أنه هو؛ لاتحاد الواقعة؛ وهو في حجة الوداع.
(فقال ابناه): هو؛ أي: مَشْيُهُ بيننَا (نذرٌ) نذَرَه على نفسه (يا رسول الله) فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (اركبِ) الراحلةَ (أيُّها الشيخ؛ فإن الله) سبحانه (غني عنك) أي: عن عبادتك (وعن نذرك) أي: وعن مشيك الذي لا تستطيعه، لا أنَّ أصْلَ النذرِ يَسْقُطُ عنه؛ فإنه قد أمره بالركوب، وخُرِّجَتْ هذه العبارةُ على ما تعارفناه بيننا؛ من أن من استغنى عن شيء .. لم يلتفت إليه ولم يعبأ به، وكيف لا، والله هو الغني الحميد، وكل الموجودات مفتقرة إليه افتقارَ ضعفاءِ العبيد؟ !
وظاهر حديث هذا الشيخ: أنه كان قد عجز عن المشي في الحال وفيما يأتي بعد، ولذلك لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم ما قال لأخت عقبة:"مرها فلتمش ولتركب" فإنها كانت ممن يقدر على بعض المشي، فأمرها أن تركب ما عجزت عنه، وتمشي ما قدرت عليه، وهذا هو المناسب لقواعد الشريعة،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولم يذكر لواحد منهما وجوب دم عليه، ولا ذكر لأخت عقبة وجوب الرجوع لتمشي ما ركبته.
فأما من يئس عن المشي .. فلا رجوع عليه قولًا واحدًا، ولا يلزمه دم؛ إذ لم يخاطب بالمشي، فيكون الدم بدله، وإنما هو استحباب عند مالك، وأما من خوطب بالمشي فركب لموجب مرض أو عجز .. فيجب عليه الهدي عند الجمهور.
وقال الشافعي: لا يجب عليه الهدي، ويختار له الهدي، وروي عن ابن الزبير أنه لم يجعل عليه هديًا متمسكًا بما قررناه من الظاهر، وقد تمسك الجمهور بزيادة زادها أبو داوود والطحاوي في حديث عقبة، وهذا لَفْظُه:(قال عقبة بن عامر: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "مرها فلتركب، ولتختمر، ولتهد هديًا").
وعند أبي داوود: (بدنة) وليس فيه: (ناشرة شعرها)، وزيادة الهدي قد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم مع عقبة بن عامر ابن عباس، ورواها عنهما الثقات، فلا سبيل إلى ردها، وليس سكوت من سكت عنها حجة على من نطق بها، وقد عمل بها الجماهير من السلف وغيرهم.
ثم هل يجب عليه مع الهدي الرجوع فيمشي ما ركبه أم لا؟ اختلف فيه: فقيل: لا يجب عليه مطلقًا، وإليه ذهب الشافعي وأهل الكوفة، وهذا أحد قولي ابن عمر، وقيل: يرجع إليه، وإليه ذهب سلف أهل المدينة، وابن الزبير، وهو القول الآخر عن ابن عمر.
وفرق مالك فقال: إن كان المشي يسيرًا .. لم يرجع، ويرجع في الكثير ما لم يرجع لبلده البعيدة، فيكفيه الدم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: والتمسك بحديث عقبة في ترك إيجاب الرجوع .. ظاهر، وعمل سلف أهل المدينة .. ظاهر. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم؛ أخرجه في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول منهما للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم