المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(73) - (704) - باب النهي عن تلقي الجلب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌(1) - (632) - بَابُ الطَّلَاقِ

- ‌(2) - (633) - بَابُ طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(3) - (634) - بَابُ الْحَامِلِ كَيْفَ تُطَلَّقُ

- ‌(4) - (635) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ

- ‌(5) - (636) - بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌(6) - (637) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ إِذَا وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بَانَتْ

- ‌(7) - (638) - بَابُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا وَضَعَتْ .. حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ

- ‌(8) - (639) - بَاب: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(9) - (640) - بَابٌ: هَلْ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا

- ‌(10) - (641) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا هَلْ لَهَا سُكْنَى وَنَفَقَةٌ

- ‌(11) - (642) - بَابُ مُتْعَةِ الطَّلَاقِ

- ‌(12) - (643) - بَابُ الرَّجُلِ يَجْحَدُ الطَّلَاقَ

- ‌(13) - (644) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ رَاجَعَ لَاعِبًا

- ‌(14) - (645) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ

- ‌(15) - (646) - بَابُ طَلَاقِ الْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ وَالنَّائِمِ

- ‌(16) - (647) - بَابُ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي

- ‌(17) - (648) - بَابٌ: لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(18) - (649) - بَابُ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنَ الْكَلَامِ

- ‌(19) - (650) - بَابُ طَلَاقِ الْبَتَّةِ

- ‌(20) - (651) - بَابٌ: الرَّجُلُ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ

- ‌(21) - (652) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْخُلْعِ لِلْمَرْأَةِ

- ‌(22) - (653) - بَابُ الْمُخْتَلِعَةِ يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهَا

- ‌(23) - (654) - بَابُ عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ

- ‌(24) - (655) - بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌(25) - (656) - بَابُ الظِّهَارِ

- ‌(26) - (657) - بَابٌ: الْمُظَاهِرُ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ

- ‌(27) - (658) - بَابُ اللِّعَانِ

- ‌(28) - (659) - بَابُ الْحَرَامِ

- ‌(29) - (660) - بَابُ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ

- ‌(30) - (661) - بَابٌ: فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ وَعِدَّتِهَا

- ‌(31) - (662) - بَابُ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(32) - (663) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَمَةً تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا

- ‌(33) - (664) - بَابُ عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(34) - (665) - بَابُ كرَاهِيَةِ الزِّينَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(35) - (666) - بَابٌ: هَلْ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا

- ‌(36) - (667) - بَابُ الرَّجُلِ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ

- ‌كتابُ الكفّارات

- ‌(37) - (668) - بَابُ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَحْلِفُ بِهَا

- ‌(38) - (669) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ

- ‌مبحث في اللات والعزى وتاريخهما

- ‌(39) - (670) - بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ

- ‌(40) - (671) - بَابٌ: مِنْ حُلِفَ لَهُ بِاللهِ فَلْيَرْضَ

- ‌(41) - (672) - بَابُ الْيَمِينِ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ

- ‌(42) - (673) - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌(43) - (674) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا

- ‌(44) - (675) - بَابُ مَنْ قَالَ: كفَّارَتُهَا تَرْكُهَا

- ‌(45) - (676) - بَابٌ: كَمْ يُطْعِمُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(46) - (677) - بَابٌ: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ

- ‌(47) - (678) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَسْتَلِجَّ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ وَلَا يُكَفِّرَ

- ‌(48) - (679) - بَابُ إِبْرَارِ الْمُقْسِمِ

- ‌(49) - (680) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ

- ‌تتمة

- ‌(50) - (681) - بَابُ مَنْ وَرَّى فِي يَمِينِهِ

- ‌فائدة

- ‌(51) - (682) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ

- ‌(52) - (683) - بَابُ النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ

- ‌(53) - (684) - بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ

- ‌(54) - (685) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ

- ‌(55) - (686) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌(56) - (687) - بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا

- ‌(57) - (688) - بَابُ مَنْ خَلَطَ فِي نَذْرِهِ طَاعَةً بِمَعْصِيَةٍ

- ‌كتاب التّجارات

- ‌(58) - (689) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ

- ‌(59) - (690) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ

- ‌(60) - (691) - بَابُ التَّوَقِّي فِي التِّجَارَةِ

- ‌(61) - (692) - بَابٌ: إِذَا قُسِمَ لِلرَّجُلِ رِزْقٌ مِنْ وَجْهٍ .. فَلْيَلْزَمْهُ

- ‌(62) - (693) - بَابُ الصِّنَاعَاتِ

- ‌(63) - (694) - بَابُ الْحُكْرَةِ وَالْجَلَبِ

- ‌(64) - (695) - بَابُ أَجْرِ الرِّاقِي

- ‌(65) - (696) - بَابُ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ

- ‌(66) - (697) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌(67) - (698) - بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌(68) - (699) - بَابُ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ

- ‌تتمة

- ‌(69) - (700) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ

- ‌(70) - (701) - بَابٌ: لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ

- ‌(71) - (702) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ

- ‌(72) - (703) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

- ‌تتمة

- ‌(73) - (704) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ

- ‌(74) - (705) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقا

- ‌فائدة

- ‌(75) - (706) - بَابُ بَيْعِ الْخِيَارِ

- ‌(76) - (707) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ يَخْتَلِفَانِ

- ‌(77) - (708) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ

- ‌(78) - (709) - بَابٌ: إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ .. فَهُوَ لِلْأَوَّلِ

- ‌(79) - (710) - بَابُ بَيْعِ الْعُرْبَانِ

الفصل: ‌(73) - (704) - باب النهي عن تلقي الجلب

(73) - (704) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ

(160)

- 2144 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَن هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَلَقَّوُا

===

(73)

- (704) - (باب النهي عن تلقي الجلب)

(160)

- 2144 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة خمس وثلائين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن هشام بن حسان) الأزدي القردوسي أبي عبد الله البصري، ثقة أثبت الناس في ابن سيرين، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن سيرين) الأنصاري البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تلقوا) بحذف إحدى التاءين؛ من

ص: 460

الْأَجْلَابَ؛ فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَى .. فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ".

===

التلقي؛ وهو الاستقبال للقادم إلى البلد؛ أي: لا تستقبلوا (الأجلاب) بصيغة الجمع؛ أي: الأمتعة المجلوبة إلى البلد.

قال السندي: الأجلاب جمع جلب؛ أريد بها: الأمتعة المجلوبة التي يأتي بها الركبان إلى البلدة؛ ليبيعوا فيها، وتلقيها: استقبالها قبل دخولها البلدة، وفي استقبالها تضييق على أهل السوق. انتهى.

وفي رواية: "لا تلقوا الركبان" أي: لا تلقوا الركبان أصحاب البضائع؛ وهم قافلة التاجرين الذين يجلبون الأرزاق والمتاجر والبضائع إلى البلدة (فمن تلقى) واستقبل (منه شيئًا) أي: من الجلب، والأوضحُ تعلُّقُ الجار والمجرور بقوله:(فاشترى) أي: فمن تلقى الأجلاب فاشترى شيئًا منها قليلًا كان أو كثيرًا بثمن المثل أو بدونه .. (فصاحبه) أي: فصاحب ذلك الجلب؛ وهو جالبها من الركبان ملتبس (بالخيار) بين إمضاء ذلك البيع وفسخه (إذا أتى السوق) ودخلها فعرف غبن المشتري منه إياه في ذلك الشراء.

قال القرطبي: واختلف في علة النهي عن ذلك: فقيل: ذلك لحق الله تعالى، وعلى هذا فيفسخ البيع أبدًا، وقال به بعض أصحابنا، وهذا إنما يليق بأصول أهل الظاهر، والجمهورُ على أنَّهُ لحقِّ الآدميِّ؛ لِما يدخل عليه من الضرر.

ثم اختلفوا فيمن يرجع إليه هذا الضرر: فقال الشافعي: هو البائع، فيدخل عليه ضرر الغبن، وعلى هذا فلو وقع .. لم يفسخ، ويكون صاحبه بالخيار، وعلى هذا يدل ظاهر الحديث؛ فإنه قال فيه:"فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق".

وقال مالك: بل هم أهل السوق بما يدخل عليهم من غلاء السلع، ومقصود الشرع: الرفق بأهل الحاضرة؛ كما قال: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من

ص: 461

(161)

- 2145 - (2) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،

===

بعض"، وكأن مالكًا لم تبلغه هذه الزيادة، أو لم يثبت عنده أنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى قول مالك فلا يفسخ، ولكن يخير أهل السوق، فإن لم يكن سوق .. فأهل المصر بالخيار.

وهل يدخل المتلقي معهم أو لا؟ قولان. سبب المنع عقوبته بنقيض قصده، وقد أجاز أبو حنيفة والأوزاعي التلقي إلا أن يضر بالناس فيكره، وهذه الأحاديث حجة عليهما. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم؛ أخرجه في كتاب البيوع، باب تحريم تلقي الجلب، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في التلقي، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد كره قوم من أهل العلم تلقى البيوع، وهو ضرب من الخديعة، وهو قول الشافعي وغيره من أصحابنا. والنسائي في كتاب البيوع، باب التلقي، والدارمي في كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي البيوع، وأحمد.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(161)

-2145 - (2)(حدثنا عثمان) بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة. مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

ص: 462

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ.

===

(حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل: بعدها. يروي عنه: (ع).

(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين. يروي عنه:(ع).

(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب) أي: البضاعة المجلوبة؛ ليشتريها قبل هبوطها إلى البلدة بثمن رخيص، وقيل: الجلب جمع جالب؛ كخدم وخادم، والمراد به: مَن جلب الأموال إلى البلد.

قال ابن الملك: اعلم: أن تلقي الجلب والشراء منهم بأرخص الثمن .. حرام عند الشافعي ومالك وأحمد، ومكروه عند أبي حنيفة وأصحابه إذا كان مضرًّا لأهل البلد ولبَّسَ فيه السعرَ على التُّجَّار، ثم لو تلقاهم رجل واشترى منهم شيئًا .. لم يقل أحد بفساد بيعه، لكن الشافعي أثبت الخيار للبائع عند قدومه ومعرفته تلبيس السعر عليه؛ لظاهر الحديث.

وقالت الحنفية: لا خيار له؛ لأن لحوق الضرر كان لتقصير من جهته؛ حيث اعتمد على خبر المشتري الذي كان كُلَّ همتِه تنقيصُ الثمن، وأما الحديث .. فمتروك الظاهر؛ لأن الشراء إذا كان بسعر البلد أو أكثر لا يثبت الخيار للبائع في أصح قولي الشافعي، فلا ينهض أن الحديث حجة. انتهى.

أما ابن الملك .. فلم يأت بالجواب عن هذا الحديث بشيء؛ لأن مجرد قوله: (إن الحديث متروك الظاهر) لا يقبل منه حتى يأتي له بمَحملٍ صحيحٍ،

ص: 463

(162)

- 2146 - (3) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ،

===

ولم يأت به، والقول بثبوت الخيار أوفق لهذا الحديث الصحيح الذي لم نجد ما يعارضه فيما بحثنا ونظرنا، والله أعلم. انتهى.

قال القرطبي: وقد اختلف أصحابنا في مسافة منع ذلك: فقيل: يومان، وقيل: ستة أميال، وقيل: قرب المصر.

قلت: هذه التحديدات متعارضة لا معنى لها؛ إذ لا توقيف فيه، وإنما محل المنع أن ينفرد المتلقي بالقادم خارج السوق؛ بحيث لا يعرف ذلك أهل السوق غالبًا، وعلى هذا، فيكون ذلك في القريب والبعيد حتى يصح قول بعض أصحابنا: لو تلقى الجلب في أطراف البلد أو أقاصيه .. لكان تلقيًّا منهيًّا منه، وهو الصحيح؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى عن تلقي السلع حتى تورد الأسواق، فلو لم تكن للسلعة سوق .. فلا يخرج إليها؛ لأنه التلقي المنهي عنه، غير أنه يجوز أن يشتري في أطراف البلد؛ لأن البلد كله سوقها. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب البيوع، باب تحريم تلقى الجلب، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، والترمذي في كتاب البيوع، باب كراهية تلقي البيوع.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(162)

- 2146 - (3)(حدثنا يحيى بن حكيم) المقومي البصري، ثقة

ص: 464

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيد، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ

===

حافظ عابد مصنف، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي القطان البصري، ثقة إمام، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(وحماد بن مَسعدة) التميمي أبو سعيد البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة اثنتين ومئتين (202 هـ). يروي عنه:(ع).

كلاهما رويا (عن سليمان) بن طرخان (التيمي) أبي المعتمر البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد) الحبيبي أبو يعقوب البصري الشهيدي، ثقة، من العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(ت س ق).

(حدثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري، ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال) معتمر: (سمعت أبي) سليمان بن طرخان.

(قال) أبي: (حدثنا أبو عثمان النهدي) عبد الرحمن بن مل -بتثليث الميم وتشديد اللام- مشهور بكنيته، ثقة مخضرم، من كبار الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ)، وقيل بعدها، وعاش مئة وثلاثين، وقيل: أكثر. يروي عنه: (ع).

(عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله تعالى عنه.

ص: 465

قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ.

===

وهذان السندان من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

(قال) عبد الله بن مسعود: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع) أي: عن استقبال المبيعات المجلوبة من خارج البلد؛ أي: نهى عن استقبال أصحابها لشرائها منهم برخص قبل دخول البلدة، والبيوع جمع بيع؛ بمعنى: مبيع؛ أي: عن تلقي البضاعة المجلوبة للبيع.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي الركبان، ومسلم في كتاب البيوع، باب تحريم تلقي الجلب، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية تلقي البيوع، قال: وفي الباب عن علي وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد ورجل من أصحاب النبي.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 466