الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(75) - (706) - بَابُ بَيْعِ الْخِيَارِ
(166)
- 2150 - (1) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيَّانِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ
===
(75)
- (706) - (باب بيع الخيار)
(166)
- 2150 - (1)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي المصري.
(وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بابن التستري، صدوق، تُكلِّمَ في بعض سماعاته، قال الخطيب: بلا حجة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(خ م س ق).
وقوله: (المصريان) صفة للراويين؛ كما بيناه في حلنا.
كلاهما (قالا: حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال: أخبرني) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزبير) الأسدي المكي صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) جابر: (اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب)
حِمْلَ خَبَطٍ، فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ .. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اخْتَرْ"، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: عَمَّرَكَ اللهُ بَيِّعًا.
===
أي: من سكان البوادي، لم أر من ذكر اسمه (حمل خبط) والحمل -بكسر المهملة وسكون الميم-: ما كان على ظهر أو رأس من الحمولة.
و(الخبط) -بفتحتين-: اسم من الخبط -بفتح فسكون- وهو ضرب الشجر بالعصا؛ ليتناثر ورقها على الأرض، واسم الورق الساقط يسمى: الخبط -بفتحتين- وهو من علف الإبل (فلما وجب البيع) أي: تمَّ العقد بالإيجاب والقبول .. (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي صاحب الخبط: (اختر) أيها الأعرابي بين إمضاء البيع وفسخه.
قال الطيبي: ظاهره يدل على مذهب أبي حنيفة؛ لأنه لو كان خيار المجلس ثابتًا بالعقد .. كان التخيير عبثًا، والجواب بأن هذا الحديث مطلق يحمل على المقيد؛ وهو حديث ابن عمر السابق في الباب قبل هذا الباب؛ وهو قوله:"المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار".
(فقال الأعرابي) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمرك الله) -بتشديد الميم- من التعمير؛ أي: طول الله عمرك، أو أصلح الله حالك وحياتك (بيعًا) أي: من جهة كونك بيعًا أي: حسن البيع؛ والبيع -بفتح الموحدة وكسر ياء مشددة- تمييز من المفعول؛ أعني: كاف المخاطب، فكأنه رضي بقول النبي صلى الله عليه وسلم له:"اختر"، فمدحه بأنه خير بيع، وأنه يستحق أن يدعى له بأنه خير بيع، وأنه يستحق أن يدعى له بالتعمير. انتهى "سندي" بشيء من تصرف وزيادة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي مختصرًا، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقال صاحب "المشكاة" بعد ذكر هذا الحديث: رواه
(167)
- 2151 - (2) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ دَاوُودَ بْنِ صَالِحٍ الْمَدَنِيِّ،
===
الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال القاري: وحسن غير موجود في بعض النسخ. انتهى من "التحفة".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث جابر بن عبد الله بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(167)
- 2151 - (2)(حدثنا العباس بن الوليد) بن صبح -بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة- الخلال -بالمعجمة وتشديد اللام- السلمي (الدمشقي) صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا مروان بن محمد) بن حسان الأسدي الدمشقي الطاطري -بمهملتين مفتوحتين- ثقة، من التاسعة، مات سنة عشر ومئتين (210 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني مولاهم المدني، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه (ع).
(عن داوود بن صالح) بن دينار التمار (المدني) مولى الأنصار، صدوق، من الخامسة. يروي عنه:(دق).
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ".
===
(عن أبيه) صالح بن دينار المدني التمار مولى الأنصار، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ق).
(قال) صالح بن دينار: (سمعت أبا سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراضٍ") وهذا بظاهره يدل على عدم جواز بيع المكره؛ لعدم التراضي. انتهى "سندي" أي: إنما صحة البيع وتمامه ما صدر عن تراضٍ من المتبايعين.
قال القاري: المراد بالحديث -والله تعالى أعلم-: أنهما لا يتفرقان إلا عن تراضٍ بينهما فيما يتعلق بإعطاء الثمن وقبض المبيع، وإلا .. فقد يحصل الضرر، وهو منهي عنه في الشرع، أو المراد منه: أن يشاور مريد الفراق صاحبه: ألك رغبة في المبيع؟ فإن أراد الإقالة .. أقاله، قال الأشرف: وفيه دليل على ثبوت خيار المجلس لهما، وإلا .. فلا معنى لهذا القول. انتهى، انتهى من "التحفة".
وفي هذا الحديث إشارة إلى أنواع شتى من الفوائد؛ منها: أن مدار حل البيوع وما في معناها على تراضي المتبايعين؛ فالغش والكذب والتدليس فيها من المحرمات.
ومنها: أن جميع ما في الدنيا من البيوع وما في معناها من قبيل الباطل الذي لا بقاء له ولا ثبات، فلا ينبغي أن يشتغل العاقل بها عن الاستعداد للآخرة التي هي خير وأبقى.
ومنها: الإشارة إلى أن معظم أنواع البيوع يدخل فيها الأكل بالباطل؛ فإن تحديد قيمة الشيء، وجعل ثمنه على قدره بالقسطاس المستقيم .. يكاد يكون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مستحيلًا، ومن ثم يجري التسامح فيها إذا كان أحد العوضين أكبر من الآخر، أو إذا كان سبب الزيادة براعة التاجر في تزيين سلعته وترويجها بزخرف القول من غير غش ولا خداع؛ فكثيرًا ما يشتري الإنسان الشيء وهو يعلم أنه يمكنه شراؤه من موضع آخر بثمن أقل، وما نشأ هذا إلا من خلابة التاجر وكياسته في تجارته، فيكون هذا من باطل التجارة والبيوع الحاصلة بالتراضي، فيكون حلالًا.
والحكمة في إباحة ذلك: الترغيب في التجارة؛ لشدة حاجة الناس إليها، والتنبيه إلى استعمال ما أوتوا من الذكاء والفطنة في اختيار الأشياء، والتدقيق في المعاملة؛ حفظًا للأموال حتى لا يذهب شيء منها بالباطل بدون منفعة تقابلها، فإذا ما وجد في التجارة الربح الكثير بلا غش ولا تغرير، بل بتراضٍ من الطرفين .. لم يكن في هذا حرج، ولولا ذلك .. ما رغب أحد في التجارة ولا اشتغل بها أحد من أهل الدين على شدة حاجة العمران إليها وعدم الاستغناء عنها. انتهى من "الحدائق".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم