المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(42) - (673) - باب الاستثناء في اليمين - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الطَّلاق

- ‌(1) - (632) - بَابُ الطَّلَاقِ

- ‌(2) - (633) - بَابُ طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(3) - (634) - بَابُ الْحَامِلِ كَيْفَ تُطَلَّقُ

- ‌(4) - (635) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ

- ‌(5) - (636) - بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌(6) - (637) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ إِذَا وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا بَانَتْ

- ‌(7) - (638) - بَابُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا وَضَعَتْ .. حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ

- ‌(8) - (639) - بَاب: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(9) - (640) - بَابٌ: هَلْ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا

- ‌(10) - (641) - بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا هَلْ لَهَا سُكْنَى وَنَفَقَةٌ

- ‌(11) - (642) - بَابُ مُتْعَةِ الطَّلَاقِ

- ‌(12) - (643) - بَابُ الرَّجُلِ يَجْحَدُ الطَّلَاقَ

- ‌(13) - (644) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ رَاجَعَ لَاعِبًا

- ‌(14) - (645) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ

- ‌(15) - (646) - بَابُ طَلَاقِ الْمَعْتُوهِ وَالصَّغِيرِ وَالنَّائِمِ

- ‌(16) - (647) - بَابُ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي

- ‌(17) - (648) - بَابٌ: لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(18) - (649) - بَابُ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنَ الْكَلَامِ

- ‌(19) - (650) - بَابُ طَلَاقِ الْبَتَّةِ

- ‌(20) - (651) - بَابٌ: الرَّجُلُ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ

- ‌(21) - (652) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْخُلْعِ لِلْمَرْأَةِ

- ‌(22) - (653) - بَابُ الْمُخْتَلِعَةِ يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهَا

- ‌(23) - (654) - بَابُ عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ

- ‌(24) - (655) - بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌(25) - (656) - بَابُ الظِّهَارِ

- ‌(26) - (657) - بَابٌ: الْمُظَاهِرُ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ

- ‌(27) - (658) - بَابُ اللِّعَانِ

- ‌(28) - (659) - بَابُ الْحَرَامِ

- ‌(29) - (660) - بَابُ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ

- ‌(30) - (661) - بَابٌ: فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ وَعِدَّتِهَا

- ‌(31) - (662) - بَابُ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(32) - (663) - بَابُ مَنْ طَلَّقَ أَمَةً تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا

- ‌(33) - (664) - بَابُ عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(34) - (665) - بَابُ كرَاهِيَةِ الزِّينَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(35) - (666) - بَابٌ: هَلْ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا

- ‌(36) - (667) - بَابُ الرَّجُلِ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ

- ‌كتابُ الكفّارات

- ‌(37) - (668) - بَابُ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَحْلِفُ بِهَا

- ‌(38) - (669) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ

- ‌مبحث في اللات والعزى وتاريخهما

- ‌(39) - (670) - بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ

- ‌(40) - (671) - بَابٌ: مِنْ حُلِفَ لَهُ بِاللهِ فَلْيَرْضَ

- ‌(41) - (672) - بَابُ الْيَمِينِ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ

- ‌(42) - (673) - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌(43) - (674) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا

- ‌(44) - (675) - بَابُ مَنْ قَالَ: كفَّارَتُهَا تَرْكُهَا

- ‌(45) - (676) - بَابٌ: كَمْ يُطْعِمُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(46) - (677) - بَابٌ: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ

- ‌(47) - (678) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَسْتَلِجَّ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ وَلَا يُكَفِّرَ

- ‌(48) - (679) - بَابُ إِبْرَارِ الْمُقْسِمِ

- ‌(49) - (680) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ

- ‌تتمة

- ‌(50) - (681) - بَابُ مَنْ وَرَّى فِي يَمِينِهِ

- ‌فائدة

- ‌(51) - (682) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ

- ‌(52) - (683) - بَابُ النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ

- ‌(53) - (684) - بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ

- ‌(54) - (685) - بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ

- ‌(55) - (686) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌(56) - (687) - بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا

- ‌(57) - (688) - بَابُ مَنْ خَلَطَ فِي نَذْرِهِ طَاعَةً بِمَعْصِيَةٍ

- ‌كتاب التّجارات

- ‌(58) - (689) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْمَكَاسِبِ

- ‌(59) - (690) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ

- ‌(60) - (691) - بَابُ التَّوَقِّي فِي التِّجَارَةِ

- ‌(61) - (692) - بَابٌ: إِذَا قُسِمَ لِلرَّجُلِ رِزْقٌ مِنْ وَجْهٍ .. فَلْيَلْزَمْهُ

- ‌(62) - (693) - بَابُ الصِّنَاعَاتِ

- ‌(63) - (694) - بَابُ الْحُكْرَةِ وَالْجَلَبِ

- ‌(64) - (695) - بَابُ أَجْرِ الرِّاقِي

- ‌(65) - (696) - بَابُ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ

- ‌(66) - (697) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَعَسْبِ الْفَحْلِ

- ‌(67) - (698) - بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌(68) - (699) - بَابُ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ

- ‌تتمة

- ‌(69) - (700) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ

- ‌(70) - (701) - بَابٌ: لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ

- ‌(71) - (702) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ

- ‌(72) - (703) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

- ‌تتمة

- ‌(73) - (704) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ

- ‌(74) - (705) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقا

- ‌فائدة

- ‌(75) - (706) - بَابُ بَيْعِ الْخِيَارِ

- ‌(76) - (707) - بَابٌ: الْبَيِّعَانِ يَخْتَلِفَانِ

- ‌(77) - (708) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ

- ‌(78) - (709) - بَابٌ: إِذَا بَاعَ الْمُجِيزَانِ .. فَهُوَ لِلْأَوَّلِ

- ‌(79) - (710) - بَابُ بَيْعِ الْعُرْبَانِ

الفصل: ‌(42) - (673) - باب الاستثناء في اليمين

(42) - (673) - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

(87)

- 2071 - (1) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ:

===

(42)

- (673) - (بابُ الاستثناءِ في اليمين)

(87)

- 2071 - (1)(حدثنا العبَّاسُ بن عبد العظيم) بن إسماعيل (العنبريُّ) أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من كِبار الحاديةَ عشرةَ، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا عَبْدُ الرزاق) بن همام الصنعاني، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنبأنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن طاووس) بن كيسان أبي محمد اليماني، ثقة عابد فاضل، من السادسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) طاووس بن كيسان اليماني أبي عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي، يقال: اسمه ذكوان، ولقبه طاووس، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهدا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال)

ص: 255

إِنْ شَاءَ اللهُ .. فَلَهُ ثُنْيَاهُ".

===

في حلفه: (إن شاء الله) متصلًا بيمينه .. (فله ثنياه) أي: فله الإتيان بإن شاء الله في حلفه؛ كأن يقول: والله؛ لا أدخل هذه الدار إن شاء الله، فإذا دخل .. فلا كفارة عليه؛ لأن يمينه لم تنعقد عليه؛ لتعليقه بمشيئة الله تعالى، ومشيئةُ اللهِ وعدمُها مُغيَّبةٌ.

قوله: "فله ثنياه" والثُنْيَا -بوزن الدنيا-: اسم مصدر؛ مِن اسْتَثْنَى الخماسي، فهو بمعنى الاستثناء؛ أي: إِن الاستثناء يَنْفَعُه حيثُ لا حِنْثَ ولا كفارةَ عليه، سواءٌ أَتَى بالمحلوف عليه أم لا. انتهى "سندي".

قال الحافظ: الاستثناءُ في الاصطلاح: إخراجُ بعضِ ما يتنَاوَله اللفظُ، وأَدَاتُهُ: إِلَّا وأخواتُها، وتُطلق أيضًا على التعليقِ؛ ومنها: التعليقُ على المشيئة، وهو المرادُ في هذه الترجمة، فإِذا قال: لأفعلن كذا إن شاء الله تعالى .. فقَدِ اسْتَثْنَى، وكذا إذا قال: لا أفعلُ كذا إن شاء الله تعالى. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين، والترمذي في كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، قال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق حيث اختصره من حديث معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن سليمان بن داوود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة

إلى آخره، والنسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 256

(88)

- 2072 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى إِنْ شَاءَ .. رَجَعَ، وَإنْ شَاءَ .. تَرَكَ غَيْرُ حَانِثٍ".

===

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(88)

- 2072 - (2)(حدثنا محمد بن زياد) بن عبيد الله الزيادي أبو عبد الله البصري، لقبه يُؤْيُؤْ -بتحتانيتين مضمومتين- صدوق يخطئ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(خ ق).

(حدثنا عبد الوارث بن سعيد) بن ذكوان العنبري مولاهم أبو عُبيدة التَنُّورِيُّ، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة ثمانين ومئة (180 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أيوب) بن أبي تميمة العنزي السختياني، ثقة، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَف) على يَمينٍ -كما في رواية أبي داوود- أي: على مَحْلُوفٍ عليه؛ مِنْ فِعْلِ شيءٍ أو تَرْكِهِ (واستثنى) عن يمينه، فقال في استثنائه: إن شاء الله تعالى متصلًا بيمينه؛ كأن قال: لأفعلَنَّ كذا إن شاء الله تعالى، أو لا أفعلَنَّ كذا إن شاء الله (إن شاء .. رجع) عن يمينه، فيَتْركُ المحلوفَ على فعلهِ مثلًا (وإن شاء .. تَركَ) يمينَه على حاله، فيفعلُ المحلوفَ على فعله حالةَ كونه (غَيْرَ حانثٍ) يمينَه في تركِ المحلوف عليه أو في فِعْلِه؛ أي: فلا حِنْثَ عليه تَرْكًا ولا فِعلًا.

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: (مَنْ حَلفَ واسْتَثْنَى

) إلى آخره، قال الخطابي: معناه: أن يستثني بلسانه نطقًا دون أن يستثني بقلبه؛ لأنَّ في هذا الحديث مِنْ غير رواية أبي داوود: "مَنْ حَلفَ، فقال: إن شاء الله"، فعَلَّق بالقول، وقد دخَلَ في هذا كلُّ يمين كانَتْ؛ بطلاق، أو عِتاق، أو غيرهما؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم عَمَّ ولم يَخُصَّ، ولم يختلف الناسُ في أنه لو حَلفَ بالله لَيَفْعلَنَّ كذا، أو لا أفعلن كذا واستثنى، أَنَّ الحِنْث عنه ساقط.

فأما إذا حلف بطلاف أو عتاق، واستثنى .. فإن مالك بن أنس والأوزاعي ذهبا إلى أن الاستثناء لا يغني عنه شيئًا؛ فالطلاق والعتاق واقعان، وعِلَّةُ أصحابِ مالك في هذا أن كُلَّ يمين تدخلُها الكفارةُ .. فإن الاستثناءَ يُعْمَل فيها، وما لا تَدْخلهُ الكفارة .. فالاستثناء فيه باطل، قال مالك: إذا حلف بالمشي إلى بيت الله الحرام، واستثنى .. فإن استثناءه ساقط والحنث فيه لازم. انتهى.

قال الحافظ: قال ابن المنذر: واختلفوا في وقت الاستثناء: فالأكثر على أنه يشترط أن يتصل بالحلف، قال مالك: إذا سكت أو قطع كلامه .. فلا ثُنْيَا، وقال الشافعي: يُشترطُ وَصْلُ الاستثناءِ بالكلام الأوَّل، ووَصْلُه: أن يكون نَسَقًا -أي: متصلًا-، فإن كان بينهما سكوت .. انقطع إلا إن كانت سكتةَ تذكُّرٍ، أو تنفُّسٍ أو عِيٍّ أو انقطاعِ صوت، وكذا يقطعُه الأَخذُ في كلام آخر.

ولَخَّصَهُ ابنُ الحاجب فقال: شرطُه الاتصالُ لفظًا، أو فيما في حُكْمِه؛ كقَطْعِه لتنفُّسٍ، أو سُعالٍ، ونحوه مما لا يمنعُ الاتصالَ عرفًا، ومن الأدلة على اشتراط اتصال الاستثناء بالكلام قوله تعالى لأيوب:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (1)؛ فإنه لو كان الاستثناءُ يُفِيدُ بَعْدَ قطعِ الكلام .. لَقال: استثنِ؛ لأنه

(1) سورة ص: (44).

ص: 258

(88)

- 2072 - (م) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ،

===

أسهلُ من التحيُّلِ؛ لِحلِّ اليمين بالضرب، وللَزِمَ منه بطلانُ الإِقراراتِ والطلاقِ والعتق، فيَسْتَثْنِي من أقرَّ أو طلَّق أو عتَقَ بعد زمان، ويرتفُع حكم ذلك. انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين، والنسائي في كتاب الأيمان، باب إذا حلف فقال له رجل: إن شاء الله هل له استثناء، وأحمد في "المسند"، والترمذي في كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، قال: وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث ابن عمر قد رواه عُبَيْدُ الله بن عُمر وغيره عن نافع عن ابن عمر، وهكذا روي عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما موقوفًا، ولا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني.

وقال إسماعيل بن إبراهيم: وكان أيوب أحيانًا يرفعه وأحيانًا لا يرفعه، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن الاستثناء إذا كان موصولًا باليمين .. فلا حنث عليه، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(88)

- 2072 - (م)(حدثنا عبد الله بن محمد) بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة (الزهري) المخرمي البصري، صدوق، من صغار العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 259

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً قَالَ:"مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى .. فَلَنْ يَحْنَثْ".

===

(حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب) السختياني.

(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، وغرضه بسوقه: بيان متابعة سفيان بن عيينة لعبد الوارث بن سعيد في رواية هذا الحديث عن أيوب.

وقوله: (رواية) أي: روى ابن عمر هذا الحديث رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ورفعًا إليه لا وقفًا على نفسه.

قال ابن عمر: (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف) يمينًا (واستثنى) أي: قال: إن شاء الله متصلًا بيمينه .. (فلن يحنث) بترك ما حلف على فعله، وبفعل ما حلف على تركه؛ أي: لا كفارة عليه بمخالفة ما حلف عليه تركًا كان أو فعلًا.

والفاء في قوله: "فلن يحنث" رابطة للجواب بالشرط وجوبًا؛ لاقترانه بلن؛ كما هو مقرر في محله.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا ثلاثة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والثاني للاستشهاد، والثالث للمتابعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 260