الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(65) - (696) - بَابُ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ
(139)
-2123 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ،
===
(65)
- (696) - (باب الأجر على تعليم القرآن)
(139)
-2123 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(ومحمد بن إسماعيل) بن سمرة الأحمسي - بمهملتين - أبو جعفر السراج، ثقة، من العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ت س ق).
(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا مغيرة بن زياد) البجلي أبو هشام (الموصلي) صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئة (152 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن عبادة بن نسي) -بضم النون وفتح المهملة الخفيفة - الكندي أبي عمر الشامي قاضي طبرية، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن الأسود بن ثعلبة) الكندي الشامي، ثقة، من الثالثة، وثقه ابن حبان، وأخرج له الحاكم في "المستدرك" هذا الحديث، وقال: إنه شامي معروف، ووثقه وكيع وابن معين، وتكلم فيه جماعة. يروي عنه:(د ق).
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ، فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا، فَقُلْتُ: لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ الله، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ: "إِنْ سَرَّكَ
===
(عن عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني أحد النقباء ليلة العقبة، بدري مشهور، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. يروي عنه: (ع)، قال سعيد بن عفير: وكان طوله عشرة أشبار رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عبادة بن الصامت: (علَّمت ناسًا) من التعليم؛ أي: علمت جماعة (من أهل) أي: من سكان (الصفة) والصفة: موضع مظلل خلف المسجد النبوي يسكنها الفقراء والغرباء؛ أي: علمتهم (القرآن) الكريم (والكتابة) أي: الخط، قال عبادة:(فأهدى إليَّ رجل منهم) أي: ممن علمته منهم (قوسًا) وهي آلة يرمى بها السهام؛ أي: أعطانيها هدية، وقد عَدَّ ابن الحاجب القوس في قصيدته مما لا بد من تأنيثه؛ لأنها مؤنث معنوي.
قال عبادة: (فقلت) في نفسي: اليست) هذه القوس تُعَدُّ (بمال) عظيم في العرف؛ لأنها آلة يجاهد بها في سبيل الله؛ أي: قلت في نفسي: لم يعهد في العرف عدُّ القوس من الأجرة؛ فأخذُها لا يضرُّ؛ أي: لا يبطل أَجْرَ تعليمي؛ لأني أُجاهِدُ بها (وأَرْمي) السهامَ (عنها في سبيل الله) أي: في طاعة الله تعالى؛ لإعلاء كلمته وإذلالِ كلمة البهتان، ولكن توقَّفْتُ في حكمها (فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها) أي: عن حكم تلك القوس؛ هل يبطل أخذها أجر تعليمي أم لا؟
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: (إن سرك)
أَنْ تُطَوَّقَ بِهَا طَوْقًا مِنْ نَارٍ .. فَاقْبَلْهَا".
===
وبشرك وأحببت (أن تطوق) وتلبس في عنقك (بها) أي: بسبب أخذها وقبول هديتها (طوقًا من نار) في الآخرة .. (فاقبلها) أي: فاقبل هدية تلك القوس ممن أهدى لك، وإلا .. فردها على صاحبها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"هدايا العمال سحت".
وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "إن سرك
…
" إلى آخره .. دليل لمن يحرم أخذ الأجر على القرآن ويكرهه، وهو مذهب أبي حنيفة، ورخص فيه المتأخرون من أهل مذهبه، كذا قيل، والأقرب أنه هدية وليس بأجرة مشروطة في التعليم، فهو مباح عند الكل، وحرمته لا تستقيم على أي مذهب، ولا يتم قول من يقول: إنه دليل لأبي حنيفة رحمه الله تعالى.
قال السيوطي في "حاشيته": الأولى أن يدعى أن الحديث منسوخ بحديث الرقية الذي قبله، وبحديث:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله تعالى".
وأيضًا في سنده الأسود بن ثعلبة، وهو لا نعرفه، قاله ابن المديني؛ كما في "الميزان" للذهبي. انتهى.
قلت: دعوى النسخ يحتاج إلى علم التاريخ.
وقال في "حاشية أبي داوود": أخذ بظاهره قوم، وتأوله آخرون، وقال: هو معارض بحديث: "زوجتكها على ما معك من القرآن"، وحديث ابن عباس:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله".
وقال البيهقي: رجاله كلهم معروفون إلا الأسود بن ثعلبة؛ فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث، وهو حديث مختلف فيه على عبادة، وحديث ابن عباس وحديث أبي سعيد .. أصح إسنادًا منه. انتهى.
قلت: المشهور عند المعارضة تقدم المحرم، ولعلهم يقولون ذلك عند
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
التساوي، لكن كلام أبي داوود يشير إلى دفع المعارضة؛ بأن حديث ابن عباس وغيره في الطب، وحديث عبادة في التعليم، فيجوز أن يكون أخذ الأجرة جائزًا في الطب دون التعليم.
وأجاب آخرون بأن عبادة كان متبرعًا بالتعليم حسبةً لله تعالى، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضيع أجره ويبطل حسبته بما يأخذ به، وذلك لا يمنع أن تقصد به الأجرة ابتداءًا ويشترط عليه.
وقيل: هذا تهديد على فوات العزيمة والإخلاص، وحديث ابن عباس كان لبيان الرخصة، كذا قالوا.
قلت: لفظ الحديث لا يوافق شيئًا من ذلك عند التأمل، أو الأقرب أن يقال: إن الخلاف في الأجرة، وأما الهدية .. فلا خلاف لأحد في جوازها، فالحديث متروك بالإجماع، لكن ظاهر كلام أبي داوود أنه معمول به على ظن أنه في الأجرة. انتهى من "السندي".
قال الخطابي: اختلف قوم من العلماء في معنى هذا الحديث وتأويله: فذهب بعضهم إلى ظاهره؛ فرأوا أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن غير مباح، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه، وقال طائفة: لا بأس به ما لم يشترط، وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي.
وأباح ذلك آخرون، وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور، واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهرًا:"زوجتكها على ما معك من القرآن"، وتأولوا حديث عبادة على أنه كان تبرع به ونوى الاحتساب فيه، ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع، فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه.
(140)
- 2124 - (2) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ،
===
وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة لرجل، أو استخرج له متاعًا غرق في بحر تبرعًا وحسبةً؛ فليس له أن يأخذ عليه عوضًا، ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة .. كان ذلك جائزًا.
وأهل الصفة: قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس، فأخذ المال منهم مكروه، ودفعه إليهم مستحب.
وقال بعض العلماء: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات؛ فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به .. حل له أخذ الأجرة عليه؛ لأن فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره .. لم تحل له الأجرة، وعلى هذا يؤول اختلاف الأخبار فيه. انتهى. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الإجارة، باب في كسب المعلم، وأحمد، والبيهقي.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
ويجمع التعارض بينه وبين حديث أبي سعيد الخدري بأن ذلك في الطب، وهذا في تعليم القرآن، ولذاك أفرد المؤلف كلًّا منهما بالترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عبادة بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(140)
- 2124 - (2)(حدثنا سهل بن أبي سهل) زنجلة بن أبي الصغدي الرازي الخياط الحافظ، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: عَلَّمْتُ رَجُلًا
===
(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ثور بن يزيد) الحمصي، ثقة ثبت، من السابعة إلا أنه يرى القدر، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، وقيل: ثلاث أو خمس وخمسين ومئة. يروي عنه: (خ عم).
(حدثنا خالد بن معدان) الكلاعي -بفتح الكاف- الحمصي، ثقة عابد يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(حدثني عبد الرحمن بن سلم) -بفتح المهملة وسكون اللام- شامي مجهول، من السادسة. يروي عنه:(ق).
(عن عطية) بن قيس (الكلاعي) -بفتح الكاف مع العين المهملة- وقيل: الكلابي - بكسر الكاف مع الموحدة - أبي يحيى الشامي، ثقة مقرئ، من الثالثة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أُبيِّ بن كعب) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه ثلاث علل:
1 -
الانقطاع بين عطية بن قيس الكلاعي وأبي بن كعب.
2 -
والجهالة؛ لأن عبد الرحمن بن سلم مجهول.
3 -
والاضطراب، قاله الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن سلم.
(قال) أبي بن كعب: (علَّمتُ رجلًا) من المسلمين، لم أر من ذكر اسمه
الْقُرْآنَ فَأَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"إِنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْتَ قَوْسًا مِنْ نَارٍ"، فَرَدَدْتُهَا.
===
(القرآن، فأهدى إلي قوسًا) يُرمى بها السهامُ (فذكرت ذلك) أي: إهداء ذلك الرجل إلي قوسًا (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: ما ترى في ذلك يا رسول الله؛ هل أقبلها من الرجل أم لا؟ (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخذتها) أي: إن أخذت تلك القوس من الرجل الذي أهدى لك .. فقد (أخذت قوسًا من نار) أي: فكأنما أخذت من النار الأخروية قوسًا تعذب بها فيها.
قال أبي: (فرددتها) أي: فرددت تلك القوس على الرجل الذي أهدى إلي؛ لأن ذكر هذا الوعيد يدل على أن أخذها في مقابلة تعليم القرآن حرام.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه البيهقي في "سننه الكبرى" من طريق محمد بن أبي بكر عن يحيى بن سعيد به، وأخرج البيهقي أيضًا في "سننه" عن أبي الدرداء:"من أخذ على تعليم القرآن قوسًا .. قلده الله مكانها قوسًا من نار جهنم يوم القيامة"، قال البيهقي: والحديث ضعيف، وأخرج أبو نعيم في "الحلية" عن أبي هريرة مرفوعًا:"من أخذ على القرآن أجرًا .. فذاك حظه من القرآن"، قال المناوي: في إسناده كذاب.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله؛ وهو حديث عبادة بن الصامت؛ لأنه رواه أبو داوود وابن ماجه في "سننيهما"، وسنده ضعيف؛ لما قد علمت من أن فيه ثلاث علل، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث عبادة بن الصامت.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم