الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(43) - (674) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا
(89)
- 2073 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبيهِ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ،
===
(43)
- (674) - (باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها)
(89)
- 2073 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة رُمِيَ بالنَصْب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا غيلان بن جرير) المِعْوَلي الأزدي البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو موسى: (أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في رهط) أي: مع جماعة (من الأشعريين) وذلك في غزوة تبوك؛ كما هو مصرَّح في بعض روايات مسلم، حالة كوننا (نستحمله) أي: نطلب منه ما يحملنا ويحمل أثقالنا من الإبل. انتهى "نووي" أي: نطلب منه أن يحملنا على ناقة أو بعير،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ؛ مَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ"، قَالَ: فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِإِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ
===
يقال: استحملْتُ الإنسانَ؛ إذا طلَبْتَ منه شيئًا تركبه أو تحمل عليه متاعَك، كذا في "جامع الأصول" لابن الأثير.
(فقال) لنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله؛ لا أحملكم) أي: لا أعطي لكم الحَمُولة (وما عندي ما أحملكم عليه) وفي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب: (وجاء نفَرٌ كُلُّهم مُعْسِروُن يستحملُونه لا يحبون التخلُّفَ عنه، فقال: "لا أجد"، قال: ومِن هؤلاء نفرٌ من الأنصار ومن بني مُزَينة).
وفي "مغازي ابن إسحاق": إِن البَكَّائين سبعةُ نفر: سالم بن عمير، وأبو ليلى بن كعب، وعمرو بن الحِمَام، وعبد الله بن مغفل، وقيل: ابن غُنْمَةَ، وعُليَّةُ بن زيد، وهَرميُّ بن عبد الله، وعِرْباضُ بن سارية، وسَلَمة بن صخر، كذا في "فتح الباري"(8/ 85).
قال أبو بردة: (قال) لنا أبو موسى: (فلبثنا) معاشر المستحملين منه؛ أي: مكثنا بعد ذلك الوقت (ما شاء الله) تعالى من الزمن (ثم) بعدما لبثنا سُوَيعة (أُتي) بالبناء للمجهول؛ أي: جيء النبي صلى الله عليه وسلم (بإبل) أي: بِنَهْبِ إبل؛ أي: بغنيمتها، والنَّهْبُ: الغنيمة، وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه إذا أَوْتَر من أولِ الليل .. قال: أحرزتُ نَهْبِي؛ أي: غنيمَتي. انتهى من "المفهم".
وفي بعض روايات مسلم: أنه ابْتاعَهن من سعد بن عُبادة، فلا معارضة؛ لاحتمالِ أن يكون بعضُها مِن نهب، وبعضُها اشتراه من سعد (فأمر لنا) بلالًا (بِـ) أَنْ يُعْطِينَا (ثلاثَة ذَود) من الإبل، والذَّوْدُ من الإبل: ما بين الثلاث إلى
غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا .. قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَلَّا يَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلَنَا،
===
العشر، فهو من إضافة الشيء إلى نفسه، والمرادُ: ثلاث من الذود لا ثلاثة أذواد، وفي بعض رواية مسلم أنها كانت ستةَ أبعرة، ولكنها لما كانت كل اثنتين منها مشدودةً بعضُها ببعض .. أَطْلَق على كل زوج منها أنها ذَوْدٌ واحدةٌ، فصارت ثلاث ذود؛ أي: ثلاثَ أزواج، ووقَعَ في رواية عند البخاري ذِكْرهُ بخمس ذود، وذلك لا يُنافي كونَها ستة؛ لأنَّ الأقلَّ يَدْخُلُ في الأكثر.
وقال السندي في "حاشيته على صحيح مسلم"(ص 64): والأقربُ أنَّ مِثْلَ هذا لنسيانِ بعضِ الرواة بعضَ العدد، والاعتماد في مِثْلِه على أكثر العددين أو الأعداد، والله أعلم.
(غُرِّ الذُرى) أي: بِيضِ الأَسْنِمَة، بالجر صفة لذود، فالغر: جمع الأغر؛ وهو الأبيض، والذرى جمع ذروة؛ وذروة كل شيء: أعلاه، يجوز في ذاله الضم والكسر، ويتبعه في ذلك جَمْعُه، قال ابن حجر: ولعل أسنمتها كانت بيضاء حقيقة، أو أراد وصفها بأنها لا عِلَّةَ فيها ولا دَبَر. انتهى، والمرادُ بغر الذرى: أي: تلك الإبلُ كانت بِيضَ الأَسنِمةَ، وقد روي (بُقَعِ الذُّرى) أي: في أسنمتِها لُمَعٌ بيْضٌ وسود، والبُقَعُ: -بضم الباء وفتح القاف- جمع أبقع؛ وهو ما فيه بياض وسواد، ومنه الغُراب الأَبْقَعُ، والشاةُ البَقْعَاءُ؛ إذا كانتا كذلك.
(فلمَّا) أخذْناهَا و (انطلَقْنَا) أي: ذهبنا مِن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال بعضنا لبعض): لا يُباركِ الله لنا (أتَيْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (نَستحمِلُه، فحَلفَ ألا يحملنا) أي: على ألا يعطينا الحَمولَة (ثم حَملَنا) أي: أعطانا الحمولةَ، فلَعلَّنَا أَغْفَلْنَاهُ يمينَه وشغَلْنَاهُ عن تذكُرِها
ارْجِعُوا بِنَا فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا أَتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ فَحَلَفْتَ أَلَا تَحْمِلَنَا ثُمَّ حَمَلْتَنَا فَقَالَ: "وَاللهِ؛ مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللهُ حَمَلَكُمْ،
===
(ارجعوا بنا) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنُذكِّرَهُ يمينَه (فأتيناه) أي: فرجعنا إليه (فقلنا) له: (يا رسول الله؛ إنَا أتَيْنَاك نستحملُك) أي: نطلب منك الحَمولة (فحلَفْتَ) أوَّلَ مرة على (ألا تحملنا) على شيء (ثم حملْتَنا) أي: أَعْطَيْتَنَا الحمولةَ، فهل نسيتَ يمينك يا رسول الله؟
(فقال) لنا: ما نسيت يميني، ولكن (واللهِ؛ ما أنا حملْتكُم، بل اللهُ) عز وجل (حملكم) أي: أعطاكم الحمولة، وهذا كلام سِيقَ لنفي ما توهَمُوه؛ أن هذا الفعل وقع نسيانًا منه، فأخبرهم بأنه لم يفعله نسيانًا، وإنما فعَلَه بأمر الله تعالى.
قال في "الفتح": وهذا الكلام يحتمل معنيين؛ الأول: أن يكون المراد منه: نفي حنثه صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حلف على أنه لا يحملهم على بعير مملوك له، ثم حملهم من بيت المال؛ وهو مال الله، فلم يقع منه الحنث؛ لأجل ذلك، وعليه فيكون قوله: "لا أحلف على يمين، ثم أرى غيرها خيرًا منها .. إلا كَفَّرْتُ
…
) إلى آخره .. فائدة مبتدأة مستقلة لا علاقة لها بقصة الباب، فكأنه قال: إني لم أحنث بحملكم على هذه النوق، ولو كنت أحنث بذلك .. لما كان ذلك مانعًا من حملكم عليها؛ لأني إذا حلفت بشيء ثم رأيت ترك ما حلفت عليه خيرًا منه .. لَأُحَنِّثُ نفسي وكفَّرتُ عن يميني، وهذا الاحتمال اختاره ابن المنير، وهو الأظهر من صَنِيعِ البخاري؛ حيث ترجم عليه (اليمينُ فيما لا يملك).
والاحتمال الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لم ينف كونه حانثًا بحملهم على النوق، وإنما أخبرهم بأن الذي فعله خير مما حلف عليه، وأنه إذا حلف
إِنِّي وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ -أَوْ قَالَ-: أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي".
===
فرأى خيرًا من يمينه .. فعل الذي حلف ألا يفعله وكفر عن يمينه، وأما قوله:"ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم" .. فلا علاقة له بمسألة الكفارة والحنث، وإنما أصدر كلامه به؛ لنفي ما توهموه أن هذا الفعل وقع منه نسيانًا، فأخبرهم بأنه لم يفعله نسيانًا، وإنما فعله بأمر الله تعالى، راجع "فتح الباري"(8/ 490 - 491).
و(إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين) أي: على محلوف عليه؛ من الفعل أو الترك المحلوف عليه يمينًا لتلبسه باليمين. انتهى "مرقاة"، (فأرى خيرًا منها) أي: من تلك اليمين؛ أي: فأرى خيرًا من المحلوف عليه الذي حلفت منه تركًا كان أو فعلًا، أنث الضمير نظرًا إلى لفظة اليمين، وإلا .. فالمحلوف عليه مذكر .. (إلا كفرت عن يميني) أي: إلا أعطيت كفارة يميني بعد حنثها.
والواو في قوله: (وأتيت الذي هو خير) منها لمطلق الجمع؛ كما في "المرقاة"، قال: وفيه ندب الحنث إذا كان خيرًا؛ كما إذا حلف ألا يكلم والده أو ولده؛ فإن فيه قطع الرحم. انتهى، والحديث دليل على أن من حلف على معصية، أو مكروه، أو ما هو خلاف الأولى؛ فإنه يجوز له أن يحنث في يمينه ذلك، بل يجب ذلك إذا كان الشيء المحلوف عليه معصية، وتجب عليه الكفارة.
(أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم -بالشك من الراوي-: (أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني) بعدما فعلت المحلوف عليه، ولا دلالة في كل من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الروايتين على تقديم الكفارة على الحنث، ولا على تأخيرها؛ إذ الواو لا تدل على الترتيب؛ كما نقلناه عن "المرقاة" آنفًا، فلذالك جاءت الرواية بالوجهين.
نعم؛ قد يقال: الأمر في الرواية الآتية لا دلالة فيه على وجوب تقديم الحنث؛ كما لا دلالة له على وجوب تقديم الكفارة، ومقتضى هذا الإطلاق: أن المأمور به فعل المجموع كيفما اتفق، وهذا الإطلاق دليل على جواز الوجهين، فقول من أوجب تقديم الحنث .. مخالف لهذا الإطلاق، فلا بد له من دليل يعارض هذا الإطلاق ويرجح عليه؛ حتى يستقيم الأخذ به وترك هذا الإطلاق، والله أعلم. انتهى من "السندي".
وهذا الذي ذكرناه من وجوب الكفارة عليه متفق عليه بين جميع الفقهاء، ثم اختلفوا هل يجوز أن يكفر قبل أن يحنث؟ فقال أبو حنيفة: لا تجزئ الكفارة قبل الحنث، وإنما يجب عليه أن يحنث أولًا ثم يكفر بعد الحنث، وهو قول أشهب من المالكية وداوود الظاهري؛ كما في "فتح الباري"(11/ 526).
وقال الشافعي ومالك وأحمد: إن الكفارة تجزئ قبل الحنث، وهو قول ربيعة والأوزاعي والليث بن سعد والثوري وابن المبارك وإسحاق وأبي عبيد وأبي خيثمة وسليمان بن داوود والحسن وابن سيرين، غير أن الشافعي استثنى الصيام، فقال: إن الصيام لا يجوز إلا بعد الحنث؛ لأنه عبادة بدنية، فلم يجز فعلها قبل وجوبها لغير ضرورة؛ كالصلاة. كذا في "المغني" لابن قدامة (11/ 223).
وقد روي عن مالك أنه استثنى الصدقة والعتق، فقال: إنهما لا يجزئان إلا بعد الحنث، حكاه الحافظ في "الفتح".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأيمان والنذور،
(90)
- 2074 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ،
===
باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
…
} الآية (1)، ومسلم في كتاب الأيمان والنذور، باب ندب من حلف يمينًا، فرأى غيرها خيرًا منها .. أن يأتي الذي هو خير، وأبو داوود في كتاب الأيمان والنذور، باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، والنسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الكفارة قبل الحنث.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي موسى الأشعري بحديث عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(90)
- 2074 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(ق).
(وعبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم أبو محمد الكوفي، صدوق، من العاشرة. يروي عنه:(م د ق)، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ).
كلاهما (قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش) بن سالم الأسدي الكوفي الحناط، مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، وقيل: اسمه محمد، أو عبد الله، أو سالم، أو شعبة، أو غير ذلك، ثقة عابد، من السابعة. يروي عنه:(من عم)، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ)، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين.
(1) سورة البقرة: (225).
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا .. فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ".
===
(عن عبد العزيز بن رفيع) -مصغرًا- الأسدي المكي نزيل الكوفة، ثقة، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن تميم بن طرفة) -بفتحتات- الطائي المسلي -بضم الميم وسكون المهملة- ثقة، من الثالثة، مات دون المئة سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(عن عدي بن حاتم) بن عبد الله بن سعد أبي طريف الطائي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة ثمان وستين (68 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عدي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين) أي: على محلوف عليه، ويحتمل كون (على) زائدة، وكون (يمين) مفعولًا مطلقًا معنويًا؛ أي: من حلف يمينًا (فرأى غيرها) أي: غير تلك اليمين (خيرًا منها) أي: أحسن من إبرارها؛ كأن حلف على ألا يحسن إلى رَحِمِهِ أو إلى جَارهِ .. (فليأت) أي: فليفعل الأمر (الذي هو خير) منها؛ كصلةِ الرحم، والإحسانِ إلى الجار في المثال السابق؛ أي: فليَحْنَثْ (وليكفر عن يمينه) أي: عن حِنثها.
ففي هذا الحديث دليل على جواز تقديم الحنث بفعل المحلوف عليه أو تركه على التكفير، والخيريةُ المفهومةُ من الحديث تارة تكون من جهة الثواب وكثرتِه؛ كما في المثال المذكور، وتارةً من جهة المصلحةِ الراجحةِ الدُّنْيويَّةِ
(91)
- 2075 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ عَمْرُو بْنُ عَمْرٍ وعَنْ عَمِّهِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ
===
التي تَطرأُ عليه بسببِ تركها حَرجٌ ومشقةٌ؛ يعني: أن استمراره على مقتضى يمينه إذا أفضى به إلى الحرج -وهو المشقة- قد يفضي به إلى أن يأثم؛ كأن حلف على ألا يكلم والده، فالأولى به أن يفعل ما شرع الله له من تحنيثه نفسه وفعل الكفارة. انتهى من "المفهم" بتصرف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينًا، ورأى غيرها خيرًا منها .. أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، والنسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الكفارة بعد الحنث، وأحمد.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي موسى الأشعري بحديث مالك بن نضلة، رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(91)
- 2075 - (3)(حدثنا محمد) بن يحيى (بن أبي عمر العدني) نشأةً، المكي نزولًا، وقيل: إن أبا عمر كنية يحيى، صدوق صنف "المسند"، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم: فيه غفلة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا أبو الزعراء) -بفتح الزاي وسكون المهملة- الصغير (عمرو بن عمرو) أو ابن عامر بن مالك بن نضلة الجشمي -بضم الجيم وفتح المعجمة- الكوفي، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(د س ق).
(عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك) بن نضلة -بفتح النون وسكون
الْجُشَمِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ يَأْتِينِي ابْنُ عَمِّي فَأَحْلِفُ أَلَا أُعْطِيَهُ وَلَا أَصِلَهُ قَالَ: "كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ".
===
المعجمة- (الجشمي) الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، قتل قبل المئة في ولاية الحجاج على العراق. يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) مالك بن نضلة الجشمي والد أبي الأحوص، الصحابي المشهور، قليل الحديث، رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) مالك: (قلت) يومًا: (يا رسول الله؛ يأتيني ابن عمي) لطلب المعروف والجائزة (فأحلف ألا أعطيه) شيئًا من مالي (ولا أصله) أي: لا أعطيه صلةً وجائزةً، فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كفر عن يمينك) كفارة، وأعطه صلة وجائزة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الكفارة بعد الموت، وأحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير" مطولًا، والحميدي في "مسنده".
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم