المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) - (281) - باب: في فضل الجمعة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتابُ الأذان (2)

- ‌(1) - (278) - بَابُ كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ

- ‌(2) - (279) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌فصل

- ‌(3) - (280) - بَابٌ: فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ

- ‌(4) - (281) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ

- ‌(5) - (282) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(6) - (283) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(7) - (284) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ

- ‌(8) - (285) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الزِّينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(9) - (286) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌(10) - (287) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(11) - (288) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِمَاعِ لِلْخُطْبَةِ وَالْإِنْصَاتِ لَهَا

- ‌(12) - (289) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(13) - (290) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَخَطِّي النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (291) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ عَنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(15) - (292) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(16) - (293) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌(17) - (294) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ

- ‌(18) - (295) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ

- ‌(19) - (296) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ

- ‌(20) - (297) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌(21) - (298) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(22) - (299) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (300) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ وَهُوَ يَخْطُبُ

- ‌(24) - (301) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ

- ‌(25) - (302) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ

- ‌(26) - (303) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

- ‌(27) - (304) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

- ‌(28) - (305) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ .. فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(29) - (306) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَتَى يَقْضِيهِمَا

- ‌فائدة

- ‌(30) - (307) - بَابٌ: فِي الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ الظُّهْرِ

- ‌(31) - (308) - بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ

- ‌(32) - (309) - بَابٌ: فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ

- ‌(33) - (310) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا

- ‌(34) - (311) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ

- ‌(35) - (312) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌(36) - (313) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(37) - (314) - بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(38) - (315) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّتِّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(39) - (316) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ

- ‌(40) - (317) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ

- ‌(41) - (318) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِرَكعَةٍ

- ‌(42) - (319) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌(43) - (320) - بَابُ مَنْ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ

- ‌(44) - (321) - بَابُ مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ

- ‌(45) - (322) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ

- ‌فائدة

- ‌(46) - (323) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ آخِرَ اللَّيْلِ

- ‌(47) - (324) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ

- ‌(48) - (325) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ

- ‌(49) - (326) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ

- ‌(50) - (327) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا

- ‌(51) - (328) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّجْعَةِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (329) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(53) - (330) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ

- ‌(54) - (331) - بَابُ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(55) - (332) - بَابُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَهُوَ سَاهٍ

- ‌(56) - (333) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا

- ‌(57) - (334) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ

- ‌(58) - (335) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَتَحَرَّى الصَّوَابَ

- ‌(59) - (336) - بَابٌ: فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ سَاهِيًا

- ‌(60) - (337) - بَابُ مَا جَاءَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ

- ‌(61) - (338) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ

- ‌(62) - (339) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ

- ‌(63) - (340) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَنْصَرِفُ

- ‌(64) - (341) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌(65) - (342) - بَابٌ: فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ قَاعِدًا

- ‌(66) - (343) - بَابُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ

- ‌(67) - (344) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ

- ‌(68) - (345) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ

- ‌(69) - (346) - بَابُ مَا جَاءَ فِي "إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ

- ‌(70) - (347) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(71) - (348) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(72) - (349) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(73) - (350) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(74) - (351) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ فِي كلِّ وَقْتٍ

- ‌(75) - (352) - بَابُ مَا جَاءَ إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا

الفصل: ‌(4) - (281) - باب: في فضل الجمعة

(4) - (281) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ

(11)

- 1059 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ

===

(4)

- (281) - (باب: في فضل الجمعة)

(11)

- 1059 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن أبي بكير) واسم أبي بكير نسر -بفتح النون وسكون المهملة- كوفي الأصل، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان أو تسع ومئتين. يروي عنه:(ع).

(حدثنا زهير بن محمد) أبي المنذر التميمي الخراساني، ثقة، قال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه، من السابعة، مات سنة اثنتين وستين ومئة (162 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن محمد بن عقيل) -مكبرًا- بن أبي طالب الهاشمي أبي محمد المدني، صدوق في حديثه لين، من الرابعة، مات بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(د ت ق).

(عن عبد الرحمن بن يزيد) بن جارية (الأنصاري) أبي محمد المدني أخي عاصم بن عمر لأمه، يقال: وُلد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين"، مات سنة ثلاث وتسعين (93 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(عن أبي لبابة) الأنصاري بشير (بن عبد المنذر) المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه، وكان أحد النقباء، وعاش إلى خلافة على، ويروي عنه:(خ م د ق).

ص: 44

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ، فِيهِ خَمْسُ خِلَالٍ: خَلَقَ اللهُ فِيهِ آدَمَ، وَأَهْبَطَ اللهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللهُ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا،

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو لين الحديث.

(قال) أبو لبابة: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن يوم الجمعة سيد الأيام) وخيرها؛ لأنه خلق فيه آدم، وفيه تقوم الساعة، (وأعظمها) عملًا وأجرًا (عند الله) سبحانه وتعالى، (وهو) أي: يوم الجمعة (أعظم) وأفضل (عند الله) تعالى (من يوم) عيد (الأضحى ويوم) عيد (الفطر، فيه) أي: في يوم الجمعة (خمس خلال) أي: خمس خصال لم تكن في غيره من أيام الأسبوع، (خلق الله فيه آدم) عليه السلام، (وأهبط الله فيه) أي: في يوم الجمعة (آدم إلى الأرض) أي: أنزله إليها، فإن قيل: هذه القضايا ليست لذكرها فضيلة (قلت): فيها فضيلة؛ لأن إخراج آدم من الجنة وإماتته وقيام الساعة لا تعد فضيلة، قيل: بل جميعها فضائل؛ فإن خروج آدم من الجنة سبب لوجود ذريته التي منهم الرسل والأنبياء والأولياء والصالحون، والساعة سبب لتعجيل جزاء الصالحين، وموت آدم سبب لنيل ما أعد الله له من الكرامات.

(وفيه) أي: في يوم الجمعة (توفى الله آدم) أي: أماته (وفيه) أي: وفي يوم الجمعة (ساعة لا يسأل الله فيها) أي: في تلك الساعة (العبد شيئًا) من حوائجه سواء كانت دفع مضرة أو جلب مسرة .. (إلا أعطاه) الله تعالى ذلك العبد حوائجه (ما لم يسأل حرامًا) كالتمكين له من الزنا، أو شرب

ص: 45

وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رِيَاحٍ وَلَا جِبَالٍ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ".

===

الخمر، أو السرقة، (وفيه) أي: وفي يوم الجمعة (تقوم الساعة) بنفخة الصعق.

(ما من ملك مقرب) من ملائكة الله تعالى، (ولا سماء) من السماوات السبع، (ولا أرض) من الأرضين السبع، (ولا رياح) من أنواع الرياح، (ولا جبال) من صنوف الجبال، (ولا بحر) من أنواع البحور (إلا وهن) أي: هذه المذكورات (يشفقن) أي: يخفن (من بوم الجمعة) لأجل قيام الساعة فيه، من الإشفاق وهو الخوف، وفي الحديث: أن سائر المخلوقات تعلم الأيام بعينها، وأنها تعلم أن القيامة تقوم يوم الجمعة، ولا تعلم الوقائع التي بينها وبين القيامة، أو ما تعلم أن تلك الوقائع وجدت إلى الآن، لكن هذا بالنظر إلى الملك المقرب لا يخلو عن خفاء، والأقرب أن غلبة الخوف والخشية تنسيهم ذلك.

قوله: "وفيه خُلق آدم" الذي هو مبنى العالم "وفيه أُهبط" أي: أُنزل من الجنة إلى الأرض؛ لعدم تعظيمه يوم الجمعة بما وقع له من الزلة؛ ليتداركه بعد النزول في الطاعة والعبادة، فيرتقي إلى أعلى درجات الجنة، وليعلم قدر النعمة؛ لأن المنحة تتبين عند المحنة، والظاهر أن أُهبط هنا بمعنى أُخرج، وفي رواية لمسلم:(فيه أدخل الجنة، وفيه أُخرج منها)، قيل: كان الإخراج من الجنة إلى السماء والإهباط منها إلى الأرض، فيفيد أن كلًّا منهما كان يوم الجمعة، إما في يوم واحد، وإما في يومين، والله أعلم. انتهى من "العون".

واعلم: أن كون يوم الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها، وإنما يفضل بعضها بعضًا بما فيه من أمر زائد على

ص: 46

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

نفسه، ويوم الجمعة قد خص من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس وتتفق هممهم ودواعيهم ودعواتهم فيها، ويكون حالهم فيها كحالهم في يوم عرفة، فيستجاب لبعضهم في بعض، ويُغفر لبعضهم ببعض، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"الجمع حج المساكين"، ذكره في "كشف الخفا"(1076)، وقال: رواه القضاعي عن ابن عباس، ولكن في سنده مقاتل وهو ضعيف، أي: يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة، والله أعلم.

ثم إن الملائكة يشهدونهم ويكتبون ثوابهم، ولذلك سُمي هذا اليوم اليوم المشهود، ثم تخطر فيه لقلوب العارفين من الألطاف والزيادات بحسب ما يدركونه من ذلك، ولذلك سُمي بيوم المزيد، ثم إن الله تعالى قد خصه بالساعة التي فيه على ما يأتي ذكرها، ثم إن الله تعالى قد خصه بأن أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي: خَلق آدم الذي هو أصل البشر، ومن ولده الأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون، ومنها: إخراجه من الجنة الذي حصل عنده إظهار معرفة الله وعبادته في هذا النوع الإنساني، ومنها: توبة الله عليه بها ظهر لطفه تعالى عليه ورحمته لهذا النوع الآدمي مع اجترامه ومخالفته، ومنها: موته الذي بعده وُفي أجره ووصل إلى مامنه ورجع إلى المستقر الذي خرج منه، ومن فهم هذه المعاني .. فهم فضيلة هذا اليوم وخصوصيته بذلك، فحافظ عليه وبادر إليه. انتهى من "المفهم".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الإمام أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنديهما" هكذا، وروى أبو داوود والنسائي والترمذي بعضه من حديث أبي هريرة، وقال: حسن صحيح، قال: وفي الباب عن أبي لبابة انفرد به ابن ماجه.

ص: 47

(12)

- 1060 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ

===

فدرجته: أنه حسن الإسناد، صحيح المتن؛ لأن له شواهد، كما ذكرناها آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد له بحديث شداد بن أوس رضي الله عنه، فقال:

(12)

- 1060 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الحسين بن علي) بن الوليد الجعفي مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة ثلاث، أو أربع ومئتين (204 هـ)، وله أربع أو خمس وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) الأزدي أبي عتبة الدمشقي، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الأشعث) شراحيل بن آدة - بالمد والتخفيف - (الصنعاني)

صنعاء دمشق، وقيل: اليمن، ثقة، من الثانية. يروي عنه:(م عم).

(عن شداد بن أوس) بن ثابت الأنصاري النجاري أبي يعلى المدني ابن أخي حسان بن ثابت، له خمسون حديثًا، انفرد له (خ) بواحد، و (م) بآخر، قال عبادة بن الصامت: شداد من الذين أوتوا العلم والحلم رضي الله عنه، مات بالشام ببيت المقدس سنة ثمان وخمسين (58 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(قال) شداد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم)

ص: 48

يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"،

===

أيها المؤمنون (يوم الجمعة) قال علي القاري: وفيه إشارة إلى أن يوم عرفة أفضل منه أو مساوٍ؛ (فيه خُلق آدم) أي: طينته، (وفيه النفخة) أي: النفخة الثانية التي توصل الأبرار إلى النعم الباقية، قال الطيبي - وتبعه ابن حجر المكي -: أي: النفخة الأولى؛ فإنها مبدأ قيام الساعة ومقدم النشأة الثانية، ولا منع من الجمع، كذا في "المرقاة"، (وفيه الصعقة) أي: الصيحة؛ والمراد بها: الصوت الهائل الذي يموت الإنسان من هوله؛ وهي النفخة الأولى، فالتكرار باعتبار تغاير الوصفين، والأولى ما اخترناه من التغاير الحقيقي.

(فأكثروا عليّ من الصلاة فيه) أي: في يوم الجمعة، فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها؛ لاختصاصها بتضاعف الحسنات إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام، فيُصرف في خدمة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، والفاء في قوله:"فأكثروا" تفريع على كون الجمعة سيد الأيام.

والفاء في قوله: (فإن صلاتكم معروضة عليّ) تعليل للتفريع المذكور؛ أي: هي معروضة عليّ كعرض الهدايا على من أهديت إليه، فهي من الأعمال الفاضلة ومقربة لكم إليّ؛ كما تُقرّب الهدية المهدي إلى المهدى إليه، وإذا كانت بهذه المثابة .. فينبغي إكثارها في الأوقات الفاضلة؛ فإن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت، وعلى هذا لا حاجة إلى تقييد العرض بيوم الجمعة، كما قيل. انتهى من "السندي".

وفي "العون": قوله: "فإن صلاتكم معروضة عليّ" يعني: على وجه القبول فيه، وإلا .. فهي دائمًا تُعرض عليه بواسطة الملائكة إلا عند روضته فيسمعها

ص: 49

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - يَعْنِي: بَلِيتَ - فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ".

===

بحضرته، وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة يوم الجمعة وليلتها وفضيلة الإكثار منها على سيد الأبرار. انتهى من "العون".

(فقال رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسم هذا الرجل: (يا رسول الله؛ كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ ) -بفتح الراء وسكون الميم وفتح التاء المخففة على وزن ضربت - جملة حالية، ويُروى بكسر الراء، وفسره الراوي بقوله:(يعني) الرجل السائل بقوله: وقد أرمت بمعنى: (بليت) -بفتح الباء وكسر اللام وسكون الياء وفتح التاء الفوقانية - أي: صرت باليًا قديمًا، ويُروى بكسر الراء؛ أي: بليت، وقيل: على البناء للمفعول من الأرم وهو الأكل؛ أي: صرت مأكولًا للأرض.

(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: (إن الله) عز وجل (حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) أي: منعها من أن تأكلها؛ فإن الأنبياء في قبورهم أحياء، قال ابن حجر المكي: وما أفاده من ثبوت حياة الأنبياء حياة بها يتعبدون ويصلون في قبورهم مع استغنائهم عن الطعام والشراب كالملائكة .. أمر لا مرية فيه، وقد صنف البيهقي في ذلك جزءًا.

وفي "النيل" بعد سرد الأحاديث في هذا الباب ما نصه: وهذه الأحاديث فيها مشروعية الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وأنها تُعرض عليه صلى الله عليه وسلم، وأنه حي في قبره، وقد أخرج ابن ماجه بإسناد جيد أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء:"إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، وفي رواية الطبراني:"وليس من عبد يصلي عليّ إلا بلغني صلاته" قلنا: وبعد وفاتك؛ قال: "وبعد وفاتي؛

ص: 50

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، وقد ذهب جماعة من المحققين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته، وأنه يسر بطاعات أمته، وأن الأنبياء لا يبلون مع أن مطلق الإدراك كالعلم والسماع ثابت لسائر الموتى.

وقد صح عن ابن عباس مرفوعًا: "وما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن"، وفي رواية:"بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلّم عليه .. إلا عرفه ورد عليه"، ولابن أبي الدنيا:"إذا مر الرجل بقبر يعرفه فيُسلِّم عليه .. رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه .. رد عليه السلام"، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويُسلِّم عليهم، وورد النص في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون، وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد، فكيف بالأنبياء والمرسلين؟ ! وقد ثبت في الحديث:"الأنبياء أحياء في قبورهم" رواه المنذري، وصححه البيهقي، وفي "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مررت بموسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره". انتهى، انتهى من "العون".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وكذا رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث الحسين بن علي الجعفي عن أوس بن أوس.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وله شاهد من الحديث الذي أخرجه أبو داوود ومن ذكرنا بعده آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي لبابة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال:

ص: 51

(13)

- 1061 - (3) حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ".

===

(13)

- 1061 - (3)(حدثثا محرز) بصيغة اسم الفاعل (بن سلمة العدني) ثم المكي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المدني، صدوق فقيه، من الثامنة، مات سنة أربع وثمانين ومئة (184 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي أبي شبل المدني، صدوق، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومئة (133 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة إلى الجمعة كفارة ما بينهما ما لم تغش) ولم ترتكب (الكبائر) جمع كبيرة؛ وهي ما شُرعت فيه الحدود؛ كالزنا والسرقة، أو ما ورد فيه وعيد شديد؛ كالغيبة والكذب والرياء والسمعة؛ والمراد: تكون كفارة لما بينهما من الصغائر؛ لأن الكبائر لا تُكفر إلا بالتوبة، أو بمحض فضل الله تعالى.

ص: 52

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه أحمد في" المسند" عن أبي هريرة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 53