الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
للإقامة فيخرج) فهذا نص صريح في مشروعية الاضطجاع بعد سنة الفجر لكل أحد المتهجد وغيره وهو الحق. قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود والترمذي وأحمد، وقال في "تحفة الأشراف": انفرد به ابن ماجه، وهو غير صواب.
فدرجته: أنه صحيح، كما قاله الترمذي، وغرضه: الاستشهاد به.
فائدة
وقد رُوي عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر في بيته .. اضطجع على يمينه)، واستدل بهذه الرواية على استحباب الاضطجاع في البيت دون المسجد، قال الحافظ في "الفتح": ذهب بعض السلف إلى استحبابها -يعني: الضجعة- في البيت دون المسجد، وهو محكي عن ابن عمر وقوّاه بعض شيوخنا بأنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من يفعله في المسجد، أخرجه ابن أبي شيبة. انتهى كلام الحافظ.
قلت: حديث أبي هريرة المذكور في هذا الباب مطلق، فإطلاقه يثبت استحباب الاضطجاع في البيت وفي المسجد، فحيث يصلي سنة الفجر يضطجع هناك، إن صلى في البيت .. فيضطجع في البيت، وإن صلى في المسجد .. فيضطجع فيه، وإنما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله في المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي سنة الفجر في البيت، فكان يضطجع في البيت. انتهى من "تحفة الأحوذي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وللعلماء في هذا الاضطجاع أقوال خمسة:
الأول: أنه مشروع على سبيل الاستحباب، كما حكاه الترمذي عن بعض أهل العلم، وهو قول أبي موسى الأشعري ورافع بن خديج وأنس بن مالك وأبي هريرة، قال الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد": قد ذكر عبد الرزاق في "المصنف" عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن أبا موسى ورافع بن خديج وأنس بن مالك رضي الله عنهم كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر ويأمرون بذلك، وقال العراقي: ممن كان يفعل ذلك أو يُفتي به من الصحابة: أبو موسى الأشعري ورافع بن خديج وأنس بن مالك وأبو هريرة. انتهى كلام ابن القيم، وممن قال به من التابعين: محمد بن سيرين وعروة بن الزبير، كما في "شرح المنتقى".
وقال أبو محمد علي بن حزم في "المحلى": وذكر عبد الرحمن بن زيد في كتاب السبعة؛ يعني بهم: سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعروة بن الزبير وأبا بكر هو ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار .. أنهم كانوا يضطجعون على أيمانهم بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح. انتهى كلام ابن حزم. وممن قال به من الأئمة: الشافعي وأصحابه، قال العيني في "عمدة القاري": ذهب الشافعي وأصحابه إلى أنه سنة. انتهى كلام العيني.
والثاني: أن هذا الاضطجاع واجب لا بد من الإتيان به؛ وهو قول أبي محمد علي بن حزم الظاهري، كما قال في "المحلى": كل من ركع ركعتي الفجر لم يجز له صلاة الصبح إلا بأن يضطجع على جنبه الأيمن بين سلامه من ركعتي الفجر وبين تكبيره لصلاة الصبح، فإن لم يصل ركعتي الفجر .. لم يلزمه أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يضطجع، فإن عجز عن الضجعة على اليمين لخوف أو مرض أو غير ذلك .. أشار إلى ذلك حسب طاقته، ثم قال بُعيد هذا: قال علي بن حزم: قد أوضحنا أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كله على الفرض حتى يأتي نص آخر أو إجماع متيقن على أنه ندب فنقف عنده، وإذا تنازع الصحابة رضي الله عنهم .. فالرد إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام علي بن حزم.
قلت: قد عرفت أن الأمر في حديث أبي هريرة في رواية الترمذي: (إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر .. فليضطجع على يمينه) .. محمول على الاستحباب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على الاضطجاع، فلا يكون واجبًا فضلًا عن أن يكون شرطًا لصحة صلاة الصبح، وقد مال العلامة الشوكاني إلى الوجوب حيث قال في آخر بحث الاضطجاع: وعلمت بما أسلفنا لك من أن تركه صلى الله عليه وسلم لا يُعارض الأمر للأمة الخاص بهم، ولاح لك قوة القول بالوجوب.
والقول الثالث: إن هذا الاضطجاع بدعة ومكروه، وممن قال به من الصحابة: ابن مسعود وابن عمر على اختلاف فيه.
والقول الرابع: إنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
والقول الخامس: التفرقة بين من يقوم بالليل فيستحب له ذلك للاستراحة، وبين غيره فلا يُشرع له، واختاره ابن العربي، وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل فيضطجع استجمامًا لصلاة الصبح فلا باس، ويشهد لهذا ما رواه الطبراني وعبد الرزاق عن عائشة أنها كانت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
تقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم يضطجع لسنة، ولكنه كان يدأب ليلة فيستريح)، وهذا لا تقوم به حجة.
والقول الراجح المعوّل عليه هو أن الاضطجاع بعد سنة الفجر مشروع على طريق الاستحباب. انتهى من "تحفة الأحوذي".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم